رجع الحديث ونهض عليه السلام قافلا إلى صنعاء وعند ذلك اختلفت كلمته في طريقه أين يكون واستصعب الناس طريق وادي حباب وقالوا: إن هذه طريق صعبة المعاطف ولا نأمن مكر أهلها وإن كثيرا من أوديتها لا يمكن الفارس أن يحرف فيه فرسا فلم ير أمير المؤمنين إلا المسير في هذه البلاد ليمض فيها الأحكام فنهض يوم الإثنين وهو الخامس من شهر صفر سنة خمسين وستمائة، فحط بأعلى وادي مأرب في موضع يسمى أدمه في رأس السد المعروف وفرق أمير المؤمنين ما حصل من تلك النواحي على الناس ونهض فحط في وادي حباب وهو وادي أسفله متسع وأعلاه ضيق ونهض في ذلك اليوم فسار العسكر في ذلك الوادي وطوله قريب من المرحلة ولقيه أهل تلك النواحي بالبر فقبض منهم البيعة وأمرهم بالمعروف وامتثال أحكام الله تعالى، وحط آخر النهار في أسفل بلد الأعروش في موضع يسمى بني وديد وكان القوم مجورون لرجل من سنحان يقال له: أسعد بن سعيد محاربا لأمير المؤمنين وهو أحد قتالة الفقيه حسام الدين الطاهر المجاهد أحمد بن يحيى الزيدي الصعدي رحمة الله عليه، وقد تقدمت القصة، فلما حط بتلك الناحية على حين غفلة من أهلها وظن منهم أن أحدا من الملوك لا يقدر على وصولها ولا علم بذلك فيما مضى. والله أعلم.
فوصل كبار القوم يخاطبون في أسعد بن سعيد فلم يسعدهم أمير المؤمنين إلى شيء من ذلك الذي طلبوه وأغلظ عليهم في القول وجرى في خلال ذلك بينهم وبين العسكر خطأ فكان سببا لبوارهم فأقام أمير المؤمنين [85أ-أ] في نواحيهم أربعة أيام فقبض رهائن المشرق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ورأى القوم شيئا لم يعهدوه.
قال الراوي: ولما حط أمير المؤمنين في بني وديد قصر أهل البلاد في مقابلته وعساكره من الضيفة والكرامة كما جرت عادة العرب فقال بعض شعراء أمير المؤمنين وهو الفقيه العلامة اللسان نظام الدين القاسم بن أحمد الشاكري قصيدة في ذلك وهي هذه:
عيدي ما بدى لك أن تعيدي
أقمنا لانتظار قرا سعيد وأورثنا زياد جوى وجوعا
مخ ۲۶۸