فأما الفقيه الإمام العلامة أبو عبد الله حميد بن أحمد المحلي فلم يطلب شيئا من ذلك ولا رغب فيه بل كان من أشد الناس عناية فيما يعين به أمير المؤمنين لما رآه من كثرة الإنفاق وهلع أكثر أهل الوقت ورغبتهم في الحطام ونزل كل من العلماء الفضلاء في منزلته وكانوا خلصائه وسمرائه وكان يحضر مجلسه الكريم عدة منهم للقراءة في درس العلم، ولما استقر أمير المؤمنين بصنعاء تنكر عليه السلاطين آل حاتم وجرى [61ب-أ] منهم ما يسوء أمير المؤمنين فاستوحشوا لذلك ونهضوا إلى حصن ذمرمر وقد اجتمع فيه كبار الباطنية القرامطة كبيرهم والذين يرجعون إليه حسين بن علي بن الأنف وهو عندهم في المحل الأعلى والقدر الأسنى يتطأطأون له بالرؤوس ويبذلون دونه النفس والمنفوس على أنه قد استهوى شطرا منهم وخدع أكثر نسوانهم وجهالهم، ولما رحلوا عن صنعاء سرى كيدهم إلى صاحب براش أسد الدين واختلفوا إليه وأعلموه المكيدة.
وبلغني أن الأمراء الحمزيين كان بعضهم يغدوا إلى أسد الدين في الليل ويدل على عورات عسكر أمير المؤمنين ويزهد في أمره، فكان لذلك إذا وقع القتال لم يكد الباقون من عسكر الإمام يركنون إلى الأمراء الحمزيين خيفة لمكرهم، وكانت الأمور هكذا فوقع بين عسكر الإمام وبين أسد الدين وعسكره وقعات أبان فيها الأمراء الحمزيون ظاهر، وأمر أمير المؤمنين بالولاة في البلاد، وأمرهم بالعدل في الرعية، وسلوك السيرة المرضية، وخوفهم بالله تعالى، وكتب لهم العهود الأكيدة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ورتب الحفظة والمحتسبين على قوانين صنعاء، وكان أهل صنعاء يتناوبون حفظ الدار السلطانية مكيدة أعداء الله يأتي منهم في أكثر الليالي الرجال الأنجاد بالسلاح والعدة ولم يزل تأتي منهم الصلات والمعادن في سبيل الله تعالى وهم على الجملة أهل محبة لأهل البيت عليهم السلام.
مخ ۱۹۷