قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: فضاقت الطرق بالعساكر حتى أفاضوا على الحداب والشعاب، ولقد رأيت صيود الوحش تنفر من مراتعها وتروم الهرب فتسد عليها المسالك من يمين وشمال وخلف وقدام كل جهه تنفر إليها تتلقاها طائفة من العسكر فتخطف ما بين ذلك، رأيت غير واحد من صيد ذلك اليوم، وعميت الأنباء عن أهل ذروة ذلك اليوم فما علموا حتى دخلت العساكر بلد يسمى الشظبة من بلاد الصيد على ثلاثه أميال من ذروة أو دون ذلك، فضاقت الدروب من الناس، فباتوا في صوافح الجبال والكهوف كالجراد المنتشر، فلما مضى وهن من الليل بلغ العلم إلى أمير المؤمنين أن الأمراء الحمزيين قد أقبلت عساكرهم إلى ذروة وهموا بطلوع الجبل إلى الأقلاع مويضيع في سفح جبل ذروة ليظاهروا أهل الحصن، فأمر أمير المؤمنين طائفة من العسكر رصدا في جبل فرضة ليمنعوا من يطلع في الليل هنالك، فأما الرجالة من شرقي ذروة ولم يطلع الفجر إلا وقد استقل إلى رأس ذروة قريبا من خمسمائة مقاتل مقدمهم الأمير الكبير عز الدين محمد بن الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصوربالله عليه السلام، والأمير علي بن وهاس بن أبي هاشم، والشيخ أحمد بن جابر بن مقبل مولى أمير المؤمنين، فاغتم أمير المؤمنين لذلك وتصور أن القوم لا يؤخذون قهرا، وحط الأمراء في باقي الرجل والخيل على بركة مذود وكانوا قريبا من مائة فارس فيما روي، وقيل: ثمانون. والله أعلم.
فلما أصبح ذلك اليوم وهو يوم الأحد نهض أمير المؤمنين عند أن ارتفعت الشمس قليلا قاصدا إلى ذروة.
قال الراوي: فكان أول العسكر يحارب القوم في سفح الجبل جبل ذروة وآخره خارجا من وطن الشظبة.
مخ ۱۷۲