156

سيره ابی طیر

سيرة أبي طير

ژانرونه

شعه فقه

كان ذلك يوم الخمس أو الأربعاء لبضع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان سنة سبع وأربعين وستمائة، ثم أقبلت قبائل حمير وقبائل البون وغيره، فلما حضرت الجمعة اجتمع فيها من خلق الله تعالى ما لا يكاد أن يضبط بالعدد، وخرج أمير المؤمنين في أحسن هيئة وأعظم زي قد تحلت رداء السكينة والوقار والذكور لله تعالى والدعاء إليه، وسار بين يديه المسلمون على طبقاتهم من الأشراف والعلماء ومن هو تابع لهم من الناس، حتى إذا قرب من الجبانة وهو الموضع المشرف على جبل تعود ترجل عن فرسه وسار تواضعا لله تعالى واتباعا لسلفه بذكر الله تعالى ويدعوه، فلما دنى من المنبر صلى ما شاء الله أن يصلي ثم صعد المنبر فخطب الناس ووعظهم وذكرهم بالله تعالى وجرى على السنن المألوف من الأئمة، ثم نزل عن المنبر وصلى بالناس صلاة الجمعة، ثم قعد في موضعه بعد صلاة الجمعة واجتمع اليه عيون العلماء وسادات الفضلاء فراجعهم وكرر الشكوى عليهم مما فعله الأمراء الحمزيون في بلاد المسلمين من هتك المحارم وقتل النفوس المحرمة وخراب القرى وأخذ الأموال وأسر من أسر من رؤساء العرب، فقالوا: يا أمير المؤمنين نحن نسمع ونطيع لما تراه، فقال عليه السلام في معنى كلامه: لا يسعني عند الله إلا محاربتهم، فهم اليوم أضر على المسلمين من الغز لقرب دارهم ومعرفتهم بالبلاد، هذا مع أنه قد صح عندي أن حكمهم اليوم وحكم الغز واحد لما قد ظهر من الخلف المشهور على أعيان الخلق بالدار السلطانية بصنعاء وكتب المناشيد وكتاب الأمير شمس الدين الذي كتبه إلى السلطان عمرو بن علي الذي يقول فيه:

إذا أيقضتك صعاب الأمور .... فنبه لها عمرا ثم نم

فتى لا ينام على دمنة .... ولا يشرب الماء إلا بدم

ثم قال فيه: ياعمراه ياعمراه ياعمراه، مستغيثا علينا إلى حيث انتهى إلى قوله:

رقدت وطاب النوم لي وكفيتني ... وكل فتى يكفى الهموم ينام

هذا وأشباهه، وأقل من هذا يوجب الموالاة.

مخ ۱۶۲