أخبرني من يوثق به أن الخيل تخرج لابسة من مدينة صنعاء ترعى الغنم فإذا كان في النهار يخرج السلطان بنفسه وحشد جنوده وعقد بنوده وحرك طبوله وأرعد وأرجف، وأشعر الناس الرجفة إلى سناع فإذا ترائى الجمعان أرهقهم الغرق وجاشت عليهم جنود الحق فأرووا فيهم السيوف، وخضبوا اللهاذم نجيعا وردوهم من حيث جاءوا فما يرجعون إلى صنعاء إلا مكسورين مغلوبين، فقتل من أعداء الله وأتباعهم عدة كثيرة غاب عني حصرهم، ومع ذلك فليسوا بالقليل.
ولما رأى أهل المخلاف المحيط بصنعاء من سنحان وبني بهلول وقبائل الأعروش وغيرهم ما شمل الغز من الذل والفشل لم تبق قبيلة حتى وصل منها من يطلب الأمان وتسليم الحقوق الواجبة وخلف عن الطاعة واعتذر عن الجهد بذلك حتى يفرج الله سبحانه، وكان المجاهدون يسرون السرايا ويتابعون الغزوات إلى أعداء الله وحيثما كانو فيأخذوهم قتلا وأسرا ونهبا وسلبا[44أ-أ] فالحمد لله رب العالمين، وأمير المؤمنين يجهز الكتائب كتيبة بعد أخرى مادة للأمير بدر الدين، فكان ممن جهز إليه أخاه الأمير الهمام نور الدين محمد بن الحسن بن حمزة في جيش وافر، فازداد المسلمون بوصوله وحمد الله تعالى، كما جمع بينه وبين أخيه؛ إذ هما في ذلك الأوان سيفان من سيوف الحق لا ينبوان عن الضرائب ولا يهابان مقابلة الكتائب، وكان أمير المؤمنين يعطر بذكرهما المجالس، ويمدحهما للغادي والرائح بما لا يمدح به أحد سواهما ولا يستحقه إلا هما، ويكتب القصائد الفصيحة شحذا لهمتهما وتثبيتا لعزتهما، ومن القصائد التي أمر بها قوله:
.................. وغابت عند التعليق.
مخ ۱۳۷