بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت الحمد لله الكريم المقصود العظيم الموجود، الذي أدار أفلاك السعد بسعد من أيده في الوجود، وفضل جواهر العقول بنظم العقود فمن نثر الدر على الاسماع أصبح بلسان المحامد محمود، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب المقام المحمود، والحوض المورود واللواء المعقود، وعلى آله وأصحابه الذين سادوا به وحق لمن والاه أن يسود، وشادوا معالم الإيمان بوثباتهم وثباتهم كالأسود، وتجافت جنوبها عن المضاجع خوفا وطمعا في الخلود، ودليل صفاتهم الصافية سيماهم في وجوههم من أثر السدود، صلاة دائمة إلى اليوم الموعود، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فقد تقدم أهل السلوك، بامتداح الملوك، وما زال المدح في حسن الصفات، لمن مضى ومن هو آت، وحق الناس بالشكر ملك أشار إليه بنان البيان، وقلد باسمه القريض فزان الأوان، فقلت وبالله المستعان: مدحت شيخ الملك لما حمى بلاده حا بال منكر فاستمعوا يا سادتي مدحه أحلا من السكر والمسكر والواجب على كل عالم امتداح من نصر المظلوم وقهر الظالم وعمر المساجد، وأزال المفاسد، ونشر لواء العدل والإنصاف، واتصف بأحسن الأوصاف، مولانا السلطان المالك الملك العالم العادل الغازي المجاهد المرابط الناصر المنصور المظفر المؤيد أبو النصر شيخ خلد الله ملكه، وجعل الأرض كلها ملكه، ليص المعارك، مدبر الممالك، ومسلك المسالك للسالك، فهو الأمين المؤمون برأيه الرشيد، وما برح عليا وكاد حلمه على معاوية يزيد، فقلت: ملك الزمان بسيره وبسيرته وعلا الملوك بسره وسريرته هذا هو لشيخ الذي فاق الورى بذكائه وبحكمه وبفطنته الله أيده ونور قلبه وهداه للحق المبين بحكمته وأقامه الرحمن ظلا شاملا لعباده فرعى حقوق رعيته حتى تكن في المملك حاكما بسياسة فحباه منه بنعمته وسقى أعاديه كؤوس حمامها وأناله الملك الشريف بنيته وشكر المنعم واجب، وقام بذلك دليل اتفق عليه اجماع أئمة المذاهب، فلما صح ذلك على التحقيق، فقلت وبالله التوفيق: بالمدح في الملك المؤيد أقبلت درر المديح بنظمها وبنثرها وتزينت ببيانها وبديعها وبسحرها وبطيها وبنشرها وبزهرها وبزهرها ودعائها وثنائها وبحمدها وبشكرها فلأشكرنك حييت وإن أمت فلتشكرنك أعظمي في قبرها فاقتديت بما نقل عن الرشيد، وأنت بيت القصيد، واهتديتإلى أقوال الظرفاء، في مدائح الخلفاء، وسمعت ما قاله أبو الطيب المتنبي في قديم الزمان، وما ناله من سيف الدولة بن حمدان، وبلغني ما بلغ ابن النبيه من المطلوب، بمدحه الملك الأشرف شاهر من بن أيوب، وغربلت درر النحور، في مدائح الملك المنصور، وأتتني مراسلات ابن الأثير، فاقتنصت شواردها في تقديم والتأخير، والتقطت زهرات البهاء زهير، فالتحظت نورها لا غير، وجنيت من جنين البديع ما يدهش النظام، ويقصر عنه الفاضل وينقض أبو التمام، وهب علي نسيم الصبا، فصبوت إلى شيخ أذكرني نسيم الصبا،وشممت نفائس نفس الوردي، فبحت بما عندي، وتصفحت أوراق شعراء المشرق والمغرب، واقتنصت ثمرات المرقص والمطرب، وتحليت بالقطر النباتي، فتكررت نباتي، واستحقيت الحقائق، واسترقيت الرقائق، ونثرت جواهر الفرائد، ونظمت قلائد الفوائد، وأهديها إلى مالك زمام المملكة الإسلامية وصاحب عقدها وحله، ووضعت الأشياء في محلها، وزنت القوافي بمثلها، فإنه أحق بها وأجل أهلها، وقلت: إذا كان مدح المادحين جميعهم أعان مديحي بالثنا لك من سعدي وما بلغ المعشار من حسن وصفكم فكيف أوفي بالمديح لكم وحدي ونمقتها مديحا أبدعت فيه غرائب التدبيج فاهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج وشاهدت ما أثبته عياني، ونطق به لساني وبينه بياني، ووضعه بناني، من أيام الملك الأشرف شعبان، إلى أيام الملك الأشرف أبو النصر شيخ سيد ملوك الزمان، فما رأيت مثل هذا الممدوح، فعملت عمل الروح للروح، وقلت: تهت في عشقي ومعشوقي أنا وفؤادي بحبيبي في هنا سكن القلب وروحي روحه صحت وجدا يا أنا كيف أنا وما شاهدت أحسن وجها منه ولا أكثر من خيره، وما اتفق له لم يتفق لغيره، فضله عام على الغني الصعلوك، وحصل له العناية على من تقدم من الملوك، فبان شرفه على الأشرف وكماله على الكامل، وظهرت همته على الظاهر وعدله على العادل ما في ملوك الورى مثل الذي ظهرت أوصافه بمعاني الحسن واشتهرت شيخ الملوك وسلطان الأنام ومن بسيف نقمته الأعداء قد انقهرت له جيوش شبيه الأسد ضارية تسد سهلا ووعرا حيث ما أمرت وفيه سر مصون من خصائصه في طي أعلامه نشر متى نشرت فوجهه البدر وهو البحر وانتظمت كواكب الفكر درا فيه انتشرت وأشرقت بضياء النور وابتهجت وكل مطربة في مدحه رقصت وقصرت فكرتي في مدحه فله جبر يجود على الأفكار إن قصرت وكم له من يد بالخير قد سبقت فضلا وكم مسجدا لله قد عمرت وفي المدارس أيضا خير مدرسة بالذكر والعلم والقرآن قد عمرت الله بنصره الله يحرسه فإنه ملك إنعامه غمرت وبرزت الأوامر الشريفة بوضع هذه السيرة العجيبة الغربية، فلم يك للملوك بذلك استطاعة، ولم يكن الجواب بغير السمع والطاعة، فتأدبت من أهل الأدب واستضأت بأنوار بدورها، فأمدتني بوافر كمالها فانبسطت في بحورها، وطفت بكعبتها وتمسكت بركنها التقي، فقال ابن حجة: اغتنم جواهر البر والبحر وانتقي، انسرحت منشرحا بما حصلته من صدور الصدور، وأخذت فألي فقال المنجم: أبشر بأعظم الأجور، فتجردت من قوتي ومن حولي، وقلت: رب اشرح لي قلبي ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، وغصت في بحر كرمه الزاخر، مستحليا جمال ذاته فظفرت بالجواهر، وقلت ظهرت صفات محاسن النجم الذي فاق الملوك بعدله وبيانه لم ألق ما اهدي له مني سوى أجلو محاسنه على إحسانه ولولا أنواره ما اهديت فمنه أخذت وله هديت، وقلت لئن غاص فكري في معاني بيانه وجاد بأنواع الجواهر والدر فجوهره من بحر من نور وجهه يضئ من الأشواق كالكواكب الدري وانبهرت فاختصرت، وما وصلت إلى آخر، واندهشت فاقتصرت، ونثرت هاذ الدر الفاخر في البحر الزاخر، وقلت: جواهر البحر لا تحصى عجائبها وهكذا مدح شيخ الملك بالأدب فإنه بحر فضل زاخر أبدا والنظم والنثر فيه غاية الأرب نثرت عنه عليه الدر لا عجب وجوهر النظم للأفكار فيه حبي فشاهدوا وجهه ثم اسمعوا أدبي ووافقوني تفوزوا منه بالطلب وقلت: يا أدباء العصر بشراكم بمستحق مدحكم فأطنبوا وصدقوا ما قلت في حقه فالناظر النحرير لا يكذب إن قلت قاضي الحكم لا تنكروا أو قلت ليث الحرب لا تعجبوا ومن يكن هذا وذا وصفه فإنه للمدح مستوجب فشاهدوا الممدوح ثم انظموا واستشهدوا في مدحه واكتبوا وقرظوا الدر على شيخه وناسبوه وإليه انسبوا وقلت نثرت على شيخ الملوك جواهرا بنظم ونثر بالفقيري على قدري فما أحسن الأوصاف تجلي على الفتى وغالب هذا الدر يهدى إلى البحر وقلت نثرت على العزيز نظام در بمدح في المحاسن والصفات تكرر حلوه فازداد حسنا وفاق حلاوة القطر النباتي ورتبتها ترتيب الفرائد في العقود ومزجت المرقصات بالمطربات فيها مزج الحمرة بالبياض في الخدود، ليرق على مائيتها ريحان القلوب، ويعطيها السمع بخط المحب إلى المحبوب.
[1] شرح حال الشام وقدومه إليها أول مرة وعمارتها كانت دمشق على المدائن جنة ولحسنها أهل التنزه يقصدوا جارت عليها حادثات زماننا حتى الذي قد كان يدنو يبعد وتحرقت وتقلقت أبوابها شبه الجحيم ونارها يتوقد فتشفعوا ساداتها بمحمد وتعبدوا لمليكهم وتهجدوا نظر الكريم لها بعين عناية وأغاثها بالشيخ مولا يحمد ملك عليه جلالة بمهابة من ذي الجلال مظفر ومؤيد واستبشرت سكانها بقدومه والقادمين لها بذلك يشهدوا وأتى بلاد الشام خصبا زائدا وبلابل الأفراح شكرا غردوا فأقام جامعها وعمر سورها متطوعا لجلال رب يعبد وبنى بدار العدل كرسي ملكه فارتاح سكانها وأضحى ينشد وإذا تأملت البقاع وجدتها تشقي كما تشقي الرجال وتسعد وأشرقت بساحتها أنوار وجهه السعيد، آخر أيام التشريق بعد العيد، رابع عشر الحجة الحرام سنة أربع وثمانمائة، وفي تلك الليلة المباركة نقلت الشمس ألى برج الأسد، فحل بها محل الروح في الجسد، فابتهجت برؤيته النواظر، وانشرحت بمقدمه القلوب والخواطر، وكثرت الأفراح وزالت الأنزاح، ورد الأمر إلى أهله، وجلب الخير بخيله ورجله، وأقبل السرور، وولت الشرور، وجمع الله شتات الأمور، وألف بالأنس كل نفور، وأقبلت الأمراء والحجاب، بالتهنئة وتقبيل الاعتاب، فرفق بالرعية، وأكثر من البر إلى البرية، وبسط بساط المعدله، وساروى بين الخصمين في المنزلة، وكبت الحاسد، وأصلح الفاسد، وألجأ الحائر، وأرشد السائر، ونصر المظلوم، وأجاب السائل المحروم، وبادر إلى فعل الخيرات، وظهر بالمغروف والصدقات، واشتهر بالمكارم والحسنات، وتأنس بتلاوة القرآن في الخلوات: قرأنا عندك القرآن حتى حفظناه وعاد كما بدانا وجدت لنا بمال منك حتى أزال الله عنا ما كرهنا وفي الدنيا وفي الأخرى سعدنا بما قلناه فيك وما شهدنا وما لك عندنا إلا دعاء مدى الأيام غبنا أو حضرنا [2] عمارة جامع تنكز. أول ما استغاث به جامع تنكز، ورفع قصة شكواه فأجابه وقال: إني لما تروم منجز، وقال: وقفي كثير وحيطاني قد انهدمت ونظرة منك يا مولاي تجبرني فاسأل الله أن يجزيك صالحة يا من بهمته العليا يعمرني فسمع دعواه وأزال بلواه، ونظر بعين العناية إليه، وعلق ناظره برجليه، وأصبح بالعمارة مجمل، ونظر إليه ثانية فتكمل.
عمارة دار السعادة. ولحظ دار السعادة، طلبا للحسنى والزيادة، فظهرت سعودها، وعاش بعد العدم وجودها.
فقلت: عمرت دار العدل يا مالكا فابتهجت حسنا وجملتها والناس قالوا بعد الدعا أحسنت يا شيخ وبيضتها وقلت مواليا: رنكك وإسمك على دار السعادة قال سعيد مقبل أتى بالنصر والإقبال عملت لله في الأحكام والأموال لا بد تدخل جنان الخلد بالأعمال وقلت في فتح باب النصر مواليا: كم لك من الأجر عند الله وكم لك قصر في جنة الخلد تجلي يا فريد العصر لا زلت تعلو بعزمك العدى في حصر حتى فتحت بسيف العزم باب النصر وقلت في فتح باب الفرج قبل أن يفتح وكان فألا مباركا: وأبشر بباب الفرج بفتح بإقدامك وكل أعداك يبقوا تحت أقدامك فقت الملوك بإنعامك وأقلامك بالسعد تجري أدام الله أيامك وقلت في عمارة جامع بني أمية، عمره الله بذكره أيا ملكا ساد الملوك برأيه وشاد مباني الدين من بعدما انهدم عفيك بتقوى الله في كل حالة ففعلك للتقوى ينجي من العدم حويت معاني الحسن في كل خصلة وسماك رب الخلق شيخا من القدم وما زلت في الأحكام شيخا وقدوة تذوق معاني اللفظ في الحكم والحكم ومن كل فن قد جمعت محاسنا فسبحان من أعطاك يا جامع النعم وفقت على كل الملوك بهيبة وزينتها بعد الشجاعة بالكرم عمرت بلاد الشام بالعدل والتقى وأنقذتها من ظلمة البؤس والنقم فأولها دار السعادة تنجلي محاسنها يا صاحب الكوس والعلم نرجو من الله الكريم يتمها بجامعها المهجور يا عالي الهمم يبقى لك الذكر الجميل مخلدا على الترك والحكام والعرب والعجم فأجاب سؤالي وحقق آمالي، وقصد الخير فيما يريد، وقام عزمه بالعمارة ساعيا من باب النصر إلى باب البريد، فشكر الله سعيه بثناء الخلق عليه، وبلغه مراده وأجرى الخيرات علي يديه، واستبشر بفضل الله تعالى وإرشاده، وقوله إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده فبصفاته الزكية، وهمته العالية، أحيى ذكر بني أمية، ولم لم يكن بماله وهمته مساعد، لكان قيام العمل قاعد، فتتوجت بذكره الخطباء على رؤوس المنابر، ونطقت بشكره ألسنة الأقلام من أفواه المحابر، عمر الله به المساجد بعدما كانت بلاقع، وأصبح النسر طائرا بعدما كان واقع، وأشرقت أنوار المنارة الشرقية، وجبر الله تعالى كسر قلب الغربية، وانشرحت الصدور واطمأنت القلوب والنفوس، ودام له الدعاء في الأسحار من أهل العروس، فلو رآه تنكز لشكره على رأيه السديد، وصدقه على ذك نور الدين الشهيد. فتح طريق الحج وعمارة المفازات وإقامته المحمل الشريف. أما المحل فبك تجمل، وبهمتك تحمل، وسارت بذكرك الركائب، إلى حبيب الحبايب، وأظهر الله بك العجائب والغرائب، وترنمت بذكرك العشاق، من الحجاز إلى الصعيد إلى العراق. وقلت: أقمت ركب الحاج يا من حوى محاسن الإحسان واللطف حاز وفزت بالأجر وطيب الثنا من سائر العشاق نحو الحجاز وكلما تفعله صالحا يا قاعد الضرب مليح وساز وأصبحت حكامنا حلة مرقومة الحسن وأنت طراز وقلت : الشيح أضحى ملكا عادلا وزين الأحكام لما حكم وعمر الجامع من ماله تبرعا لله باري النسم وجمل المحمل في همة لأنه لا زال عالي الهمم وعدل كسرى فاق في حكمه وفاق أيضا حاتما بالكرم وصبح الإسلام من نعمة والذئب يرعى آمنا والغنم وفرج الله تعالى به القلوب الحزينة، لا سيما أهل المكة والمدينة، وأزال عنهم الضرر، بإرسال الصرر، وأدار المحمل وجلاه، وكساه الحرير وبالذهب حلاه، ومهد الأرض بعدله فحصل السرور بالتمهيد، ورزقه الله السعد والسعادة فقلت: هذا هو الملك السعيد، وقلت، وعن الصواب ما حلت: على المحمل المختار شاهدت خلعة وفرحنا رب السماء بكسوته وجاءت جيوش السحب بالدر رحمة تنقطه بالدر من فوق خلعته وسلطاننا المحفوظ بدر قد انجلى وغطى السحاب الشمس من نور طلعته وأقبلت الفرسان باللبس والقنا وكان له يوم عظيم بهمته وكنا نهارا لا يرى قط مهله وذاك بالتدبير منه وحرمته وزاد علوا حيث زاد تواضعا وزاد دعاء من قلوب رعيته فلا زال في الدنيا يرى ما يسره ويسكنه الرحمن في ظل رحمته فهو الأمين والمأمون برأيه الرشيد، وما برح بالفتوة عليا وكاد حلمه على معاوية يزيد، جوهري العقل دري الابتسام، وكلماته ملوك الكلام، تمتد لرؤيته الأعناق، لأنه حلو من المذاق، هذبته الحقائق، وأدبته الدقائق والرقائق. فقلت: يا جوهري العقل يا من فهمه يدري بيان معاني التحقيق سبحان من أعطاك ما تختاره متمكنا بالنصر والتوفيق فلما أصبح فضله كاملا، وخيره شاملا، أمست أزمة القلوب في يديه، وألقت منها محبة عليه، فقلت: قلب يمل على لسان ناطق ويد تخط رسالة من عاشق ها خطه ونظامه شهدا له من كل جارحة بقلب صادق ولما مالت القلوب والخواطر إليه جاد بإحسانه عليها، وجبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وقلت: لما رأى العبد شيخ الملك أيده رب السماء على أحكامه عشقه وقال في الحال تسبيحا لخالقه سبحان من خلق الإنسان من علقه وغربل الدر أبياتا مرصعة وكل بيت علا في حسنه طبقه وكل مطربة بكر ومرقصة رقيقة حررت طوعا بلا سرقة وكل جارحة حنت له رغبا لما نصبت له أشراكها حلقه كأنها بنت كرم في مواقعها برقة اللحن والألفاظ متفقه عروسة تنجلي في لين خطرتها وتطرب السمع من أنفاسها العقبة قصدي ومطلوب نظمي فيه جوهرة وعين در مديحي فيه مندفقة تزخرفت روضة بالزهر باسمه والطير غنى على أغصانها الرشقة وأيد الله سلطاني فثمرها بمدحه أصبح البستان في ورقة وقلت: محبة قلبي أوجبت فيك مدحتي ولو كنت في وصف المديح مقصر أصبر قلبي لو قتلت بحسنها على حبه وهو القتيل المصبر فيا أيها العذال في وصف حسنها بحق الهوى قولوا معي فيه واعذروا ولا تتركوا الإنصاف بيني وبينكم أما لكم عقل تعيشوا وتنظروا؟
[3] أما شجاعته. فهو الذي إذا هز الرحم ضحك سنه، ولا يقرعه ندامة، ويرى من وثباته وثباته كيف تكون الشهامة، طارت بقوادم أسيافه أجنحة العساكر، ورماهم بسهامه المصيبة فلحقهم منها الداء المخامر، وأم الصفوف فصلى الأعداء نار السعير، وكبر في ابتدائه فسلموا عند ذلك التكبير، وقلت في ذلك: أم الصفوف بعزمه في حربه صلى الأعادي نار حرب تضرم ورآه كبر في البداء دخوله بتحية جاءوا إليه وسلموا فأقامه الرحمن ظلا شاملا لعباده فضلا وقوم نوم حرم المنام بيقظة من ربه أخلى البلاد من الذين تحرموا وأذاقهم تشتيت شمل عادل من بعد ما آذوا الورى وتحكموا لما طغوا وتجبروا في حكمهم عزلوا بشيخ الملك ثم تندموا والطائعين أتوا فنالوا عزة بعد المتاب فأصلحوا وتقدموا فإن ركب جوادا كان من الأبطال لديه، وإن تقلد مهندا أو اعتقل سمهريا رأيت هذا يعتنقه وذا يميل إليه، وكم جر القوس فأصاب عين المطلوب سريعا، ووقع المعاند من الدهش وطار العقل صريعا، وكم قصم ظهر من طعن في غلوه، وقصد بصدر سيفه نحر عدوه.
لا ينتظر العساكر، ويدكس بنفسه الشريفة في الأول والآخر، إذا دق دقة واحده، ترى الفرسان بين يديه جائلة حائده، والأعداء جامدة خامدة، يخترق الصفوف، لو كانوا ألوف، إن ركب وإن مشى، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فتأملت تلك الشجاعة، وقلت في تلك الساعة: وما شيخ إلا صارم في قتاله يحل عرى الأبطال بالصارم الهندي وليس له كفوء إا اشتبك القنا ولو جاءه جيش كموج من الأسد فلله شيخ قال في صدق عزمه إذا جاءني جيش أقوم به وحدي وأما الرماية. فهو الذي إذا هم بالانشراح، يفتح باب الأفراح، ويصلح فساد المزاج، ويوضح منهاج الابتهاج، فأن مسك القوس فتعجب لاجتماع الهلال بالقمر، وإن رمى بالبندق فانظر لعقد نجوم الجوزاء كيف انتثر، يخاف مخلب قوسه حتى النسر الطائر إذا رأى الواقع فيعترف أنه إليه صائر، فكم كر خلف كركي فانصرع، وحبرج فما طار حتى وقع، وغرنوق في مائة، مشرف بدمائه، وعقاب، في صيده أحلى من الشراب، لا يخرج عن الواجب، ولا يحجبه عن الخليل حاجب، صادق الكلام، وفي الذمام، يوقر الكبير، ولا يؤاخذ الصغير بالتقصير، ويعتمد حسن الوفاق، من الرفاق، ويعم بالاسعاف والأرزاق، لعلمه أن ما عنده ينفذ وما عند الله باق. بيت: شغل الطيور بحسن منظر وجهه فتوقفت فأصابها بالبندق ولعب بالطيور. فحنت إليه الجوارح، وجال وجاد وصال وصاد، وحصل السابح، واقتنص السائح، وركب في جيشه كالبدر بين الكواكب، ورجع في خدمته طيور السماء ووحوش الأرض مواكب، أما أحكامه، فالعدل إمامه، يسمع دعوى الأخصام، ويحكم بألطف كلام، وينصف بين الكبير والصغير، ولا يفضل الأمير على الفقير [4] حصار زرع. اول ما زرع الهيبة في البلاد، بدأ بأهل زرع لما أكثروا فيها الفساد، واستطالوا بالأذى إلى العباد، فشمر الذيل لهلاك المفسدين، وأثابه الله بالتشمير، وأقام الحدود فأقعدهم بالتوسيط والتسمير، ودخل الغور، فرحل الظلم والجور، وذلك بهمته السريعة، وسيره على الشريعة، وضرب دائرة السوء على العرب، فما نجا منهم إلا من هرب، ولما كثرت المساوي، بين أولاد الغزاوي، أوقعهم الرحمن في يديه، ولكنهم تشفعوا بحلمه إليه، واعترفوا بالخطأ واللوم، فقال: لا تثريب عليكم اليوم، ووفق الملك القاهر، لابن عبد القادر، حتى أتى إليه من شدة الفرح حافيا فقال له: ستجد أيها الحافي بشرى، وأولاده خبرا بعد ما خاف كسرى، وفتح الدروب، وأزال الكروب، وزار القدس الشريف، وسلك من الدروب الخيف، وزار الخليل عليه السلام، وكان عليه أبرك الأعوام.
[5] الغزاة المقبولة. وسمع بمجيء الفرنج إلى السواحل، فأوقف الجنائب في المراحل، فلما حل ركابه الشريف بثغر طرابلس المحروس، أقبل الأمن ورحل البؤس، واطمأنت البلاد، وانشرحت العباد، وفر أهل الكفر والعناد، وقصدوا بيروت وهم له صيدا، وطلبوا منه الصلح وهم يكيدون كيدا، ورموه بالمدفع بعدما أكمنوا، وما علموا أن الله يدفع عن الذين آمنوا، فنجاه مولاه، بمحافظته على الصلاه، وتجاوز كالبرق ولم بتألم، وكان هو المقصود ولكن الله سلم.
وقلت: لما أتى الإفرنج ساحل شامنا حتى تجولوا في ابلاد ويسرقوا لم يشعروا إل وأنت عليهم كالليث في الأغنام حين تفرقوا ولوا بكثرتهم على أعقابهم ما بين مقتول وآخر يغرق وأتيت منصورا بقدر قادر وعليك نور بالمهابة مشرق تقبل الله منه الغزوات، وأسعده في جميع الحركات، وقلت متغزلا وهو فأل مبارك وأيده الله على لساني في مواطن كثيرة، شعر: أصبحت يا شيخ لنا قبلة والغير مأموم وأنت الإمام يا ملك العصر كفيت الردي يا حاكما بالعدل بين الأنام عش في نعيم مالكا آمنا ما غرد القمرى وغنى الحمام واقطع بسيف العز رؤوس العدي فالدين بالسيف علا واستقام يا عادل القد وغصن النقا يا كامل الحسن وبدر التمام أخجلت بالميل غصون الربا وفقت بدر الثم بالابتسام وجوهر النظم ومنثوره تناسقا وابتسما في الكلام فزين النظم ومنثوره وزان نثر الدر حسن النظام يا ناصر الحق ومنصوره يا ناظرا فوق العدى يا همام مظفر أنت بما تشتهي ومؤيد بين الورى والسلام وقلت وقد عزم، نصره الله، التنزه في الربوة أيام النرجس: هواك قد شبب بين الربا وصفق النهر وغنى والدف والجنك فقد أطربا ورقصا الأغصان بالانخلاع والروة الفيحاء مشتاقة لملتقى الشيخ المليك المطاع والعين تجري لترى حسنه بدمعها المسفوح بين البقاع وأعين النرجس مفتوحة منتظر الطيبة والاجتماع فطف ولبي ساعيا للصفا لا تخلف الميقات بالامتناع وصل ولا تقطع حبل الهنا ووافق الاجماع بالاتباع واشتر اللذات في سوقها فما حياة العبد إلا متاع (سريع)
قلت: في قبطة الشيخ زمام الورى وشد بالإبهام والخنصر ألبسه الله ثياب العلا فلم تطل عنه ولم تقصر (سريع) ظله ممدود وجوده موجود بسماعة وحماسه وتدبير وسياسة ومعرفة وفراسه، وهيبة ورياسه، وصبر إقدام، وثبات أقدام، وعفو عن الجرائم، وعفة عن الغنائم، وحلم وتقاضي وعفو عن المستقبل والماضي، كما قيل: ويغضي عن الأشياء سرا بعلمه إلى أن يقول الناس ليس بعالم وما ذاك من جهل به غير أنه يجر على الزلات ذيل المكارم (طويل) وقلت: بيضت وجهك عند الله يا أملي أصبحت مشتهرا بالعدل كالعلم جزت الشجاعة مألوفا سميت به والعلم والحلم والإنصاف والكرم (بسيط) وقلت: يا أيها الملك المأمون طائره فكري بمدحكم في غاية الخجل وما عسى تصف الأفكار في ملك بالسعد طالعه كالشمس في الحمل حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت بشدة البأس منه رقة الغزل وحاكم العدل مرفوع بحضرته وحاكم الجور والجبار في وجل وطاعة الله من طاعته وإذا دعا الجبال فتأتيه على عجل وقل لي سائل عنه ليعرفه الشيخ يعطيك شيئا قلت أي وعلي مدحته أرتجي فضلا فقابلني بكل خير وأغناني عن السفل حلو المعاني له فضل ومعرفة وجوده للمرجي غاية الأمل فانظر إلى وجهه واترك سواه وقل في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل واصغ إلى حكم عدل فيه مسايسة واسمع منادمة بالعلم والعمل واسمع معاني مديحي فيه مرتجلا عرائسا تنجلي جاءت على مهل به تحلت وحلت في مواقعها وذوقها بسماع الذائقين حل فشاهد الحسن والإحسان فيه معا وانصف وقولك مقبول علي ولي سل عنه واسمع به وانظر إليه تجد ملأ المسامع والأفواه والمقل (بسيط) ومما حباه الله تعالى به من الألطاف، منعه المتعرضين إلى الأوقاف، وجازى بالصدقات، وأمر بقراءة البخاري في أيام الطاعات، وختمه بالمواعيد والقراآن، ورفع العلماء إلى الغايات، وخلع الخلع السنيات، وسمح بالعطايا والهبات، وأطعم المساكين من الطيبات، وكساهم وستر العورات، فكم أطعم مسكينا، وكسا يتيما، وأطلق أسيرا، وقال: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا فقلت: تصدقت بالأموال سرا وجهرة وأطعمت مسكينا وأكسيت عاريا وعظمت أهل العلم فازددت رفعة وشرفت كتابا وأكرمت قارئا وأجريت فعل الخير لله خالصا وما زال بحر البر عنك جاريا (طويل) [6] خروج نوروز من قلعة الصبيبة. أول إحسانك إلى نوروز أطلعته من سجنه، ومننت عليه بعتق نفسه وأمنه، وقمته بالأموال والرجال، وأنعمت عليه بالخيل والجمال، ورسمت له بالدورة ليقضي بها مأربا، فخان ومان وفر هاربا، وأقبلوا من مصر الأمراء، ولا تسأل ما جرى، فلما دخلوا عليك، وهبتهم ما بين يديك، وكان برسمهم مجعولا، ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
ناپیژندل شوی مخ