سینما او فلسفه
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
ژانرونه
3
ومن ثم تصبح مشاهدة الفيلم، مع أخذ تلك القضايا في الاعتبار، بجانب الأسئلة المطروحة حول نزاهة الشخصيات، منهجا لمعالجة الفيلم من منظور القضايا الأخلاقية والسياسية التي يطرحها. أما الدور الذي يلعبه الحظ الأخلاقي في حياة بعض الشخصيات فيمدنا بمنهج إضافي سوف نركز عليه في معالجتنا. «حياة الآخرين»
المكان: ألمانيا الشرقية؛ الزمان: 1984، قبل خمس سنوات من سقوط حائط برلين. يزداد اهتمام وزير الثقافة (برونو هيمف) بممثلة (زيلاند) ويبدأ في ابتزازها جنسيا، فيخيرها بين «ممارسة الجنس معه أو تدمير مستقبلها المهني». ونتيجة لهذا الانجذاب المشئوم ناحيتها، ورغبة منه في إزاحة حبيبها الكاتب المسرحي (دريمان) من طريقه، يكلف عميل من البوليس السري (الإشتازي)
4
بمراقبة الكاتب المسرحي وحبيبته الممثلة، اللذين تجمعهما علاقة حب طويلة الأمد. العميل هو النقيب جيرد ويسلر، ورمزه السري «إتش جي دبليو إكس إكس/7»، الذي يصبح شخصية الفيلم الرئيسية. يتخذ ويسلر موقعه في المكان العلوي من المبنى الذي يقيم به الحبيبان، ويشرع في التصنت عليهما. وأثناء مهمته يتزايد اهتمامه تدريجيا بحياتهما الشخصية، ولاحقا ينغمس فيها.
يعيش الوزير هيمف في عالم يتيح له تجاهل الآداب الأخلاقية، وأن يطأ بنعليه حقوق الأفراد دون أن يخشى عقابا، وأن يبرر أفعاله عبر إشارات عرضية، تشع نفاقا، لقضايا الأمن الوطني والقيم الاشتراكية.
5
ظاهريا، يبدو هيمف أشر المنافقين خطرا؛ فهو يناصر القيم الاشتراكية كي يتخذها ستارا لرغباته ومطالبه الفاسدة، لكن توجد قراءة أخرى لشخصيته ترى أنه ليس منافقا بقدر كونه شخصا حقيرا منحلا يرهب الآخرين بما يملكه من سلطة. هو ليس منافقا؛ لأنه يملك سلطة فرض إرادته دون حاجة لإبداء غير ما يبطن. ما هو النفاق إذن؟ يقول مكينون (1991: 322):
نعتقد أن المنافق هو من يخفي دوافعه ونواياه، أو يتظاهر بغيرها، في المجالات التي تعامل فيها الدوافع والنوايا بجدية مثل الدين والأخلاق، والسياسة أيضا على الأرجح ... المنافق يدرك بلا شك نواياه الحقيقية، وقراره بإخفائها هو قرار متعمد حتما ... لا بد أنه يرغب في أن يحكم الناس عليه حكما مختلفا أكثر محاباة له، ولا بد أنه يتخيل مسار عمل معين مصمما بحيث تنتج عنه تلك التقييمات ويتولى تنفيذه.
لكن موقف هيمف مختلف؛ فلا حاجة حقيقية لديه لإخفاء دوافعه الحقيقية أو التظاهر بغيرها؛ فالجميع يعرف دوافعه يقينا، ولا أحد ينخدع بكلامه، ربما باستثناء ويسلر في البداية لكنه سرعان ما يرى هيمف على حقيقته. إذن من غير المرجح أن يكون هيمف منافقا بالمعنى الدقيق الذي عبر عنه مكينون. ما نراه هنا هو الواجهة الخارجية للنفاق لا النفاق ذاته، وتلك سمة متغلغلة في الأنظمة الاستبدادية. تلك الواجهة، حيث إظهار الولاء لقيم سياسية أمر إجباري رغم كونه لا يخدع أحدا، سمة لا بد أن تحذرها المؤسسات الديمقراطية. بعبارة أخرى، متشائمة نسبيا على الأرجح، المؤسسات الديمقراطية مصممة بحيث تضمن على أقل تقدير عدم الحاجة إلى النفاق عندما يكذب المسئولون الحكوميون ويخفون دوافعهم الحقيقية ويتظاهرون بغيرها.
ناپیژندل شوی مخ