سینما او فلسفه

نوین عبد رؤوف d. 1450 AH
106

سینما او فلسفه

السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى

ژانرونه

لا يهدف علم النفس الأخلاقي، كما يمارسه الفلاسفة، إلى وصف العمليات النفسية الكامنة لدى الفاعلين الأخلاقيين فحسب. فتلك في الأصل مهمة علماء النفس حتى وإن كانت تثير اهتماما كبيرا وواضحا لدى الفلاسفة. إن هدف علم النفس الأخلاقي «الفلسفي» هو بحث الأسئلة الفلسفية المثارة حول طبيعتنا كفاعلين أخلاقيين. وتتركز مجموعة من الأسئلة على مفهومي الدافع والمبرر.

5

ما نوع المبررات التي تدفعنا إلى مراعاة الأخلاق في تصرفاتنا؟ عندما تتصادم المبررات القائمة على المصلحة الذاتية مع المبررات القائمة على المتطلبات الأخلاقية، أيهما يعتبر المبرر الأقوى؟ ولماذا؟ يختص هذا البحث الفلسفي بالدور الذي يلعبه العقل في نموذج مثالي بعض الشيء للسلوك البشري. عندما يتصرف الأشخاص على نحو عقلاني واع، فإنهم يستجيبون للمبررات بطريقة محددة؛ فهم يميزون بوجه عام بين المبررات الضعيفة والقوية، ويتصرفون وفقا للمبررات التي تبدو، في المحصلة النهائية، الأقوى. الفكرة الأساسية هنا هي أن السلوك البشري عقلاني في الأساس. وتلك، بالطبع، صورة مثالية. رغم ذلك يرى العديد من الفلاسفة أن تلك الصورة تصف طريقة تصرف الناس في أغلب الأحيان، وكذلك الطريقة التي يدركون بها عادة، عندما يفكرون بوضوح، أن عليهم التصرف. إنها نموذج مثالي عقلاني للسلوك الذي ينبغي للأفراد اتباعه. يثير كل هذا جدلا كبيرا (كما نتوقع بالطبع في الفلسفة). على سبيل المثال يتجادل الفلاسفة حول الشكل النموذجي للفاعل الأخلاقي. هل هو شخص اختار طريقة تصرفه عبر عملية عقلانية بحتة تحدد الأهمية النسبية للمبررات؟ أم يفترض كونه شخصا يولي مشاعره اهتماما ومتفاعلا عاطفيا، شخصا يتصرف، على الأقل جزئيا، بناء على مشاعر؛ تحديدا أنواع المشاعر المفيدة التي تتيح تبصرا بما هو مهم وذو قيمة.

6

في وسعنا استعراض عدد من الرؤى الفلسفية المختلفة عبر التركيز على الدور الأعم الذي تضطلع به المبررات الأخلاقية في نموذجنا المثالي للشخص الأخلاقي، مع مراعاة إعطاء تلك المجادلات الفلسفية حقها من الاهتمام. الفاعل الأخلاقي المثالي هو الشخص الذي يتصرف وفقا للمبررات الأخلاقية المثلى. قد يتصرف وفقا لها على نحو واع ومتعمد، وقد يكون تصرفه غير واع، لكن يعتمد عليه. في أي من الحالتين، الفاعل الأخلاقي المثالي هو فرد يستجيب لأفضل المبررات الأخلاقية وأقواها.

يبدأ السؤال حول الدافع الأخلاقي لدى كثير من الفلاسفة ببحث في المبررات التي تدفع الناس للتصرف. إن السؤال حول السبب الذي يدفعنا لالتزام الأخلاق عندما نرى أن مصلحتنا الذاتية تتعارض مع متطلبات الأخلاق يتحول إلى سؤال حول طبيعة المبررات الأخلاقية. هل الأخلاق تمدنا بمبررات قوية بما يكفي للتغلب على المبررات المتعقلة المتعارضة؟ من جديد هذه صيغة أخرى أدق لسؤالنا. لن نعرض جميع الطرق الممكنة للإجابة عن هذا السؤال، بما فيها الإجابة بالنفي التي تزعم أن الأخلاق لا تقدم لنا ما يكفي من المبررات، وعوضا عن ذلك سنستكشف استراتيجيتين متفائلتين للإجابة عنه. تتمثل الاستراتيجية الأولى في الدفاع عن الأولوية المعيارية للمبررات الأخلاقية: المبررات الأخلاقية دائما ما تتغلب على أشكال الاعتبارات الأخرى؛ ويرجع ذلك إلى الطبيعة الجوهرية للمبررات الأخلاقية. (سوف نستكشف هذه الاستراتيجية في القسم الأخير من الفصل.) أما الاستراتيجية الثانية فتحاول تقليل التعارض بين الأخلاق والمصلحة الذاتية، بل وقد تطمح إلى إنهائه. يوجد سبيلان مختلفان لمحاولة تحقيق هذا، أحدهما هو توضيح أن السلوك الأخلاقي قد يسترشد بمنظومة ردع يضعها المجتمع بحيث يصبح من مصلحة الكل مراعاة الأخلاق في سلوكهم. أما السبيل الآخر لتقليل التعارض بين الأخلاق والمصلحة الذاتية فيركز على قيمة الحياة الأخلاقية من أجل إثبات أن الصلاح الأخلاقي أمر يصب في مصلحة ذاتنا المستنيرة.

هوبز وخيار الردع

قدم لنا الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، الذي عاش في القرن السابع عشر، أحد أوضح النماذج وأكثرها إقناعا للإنفاذ العام لبعض المعايير الأساسية على الأقل من السلوك الأخلاقي. تبدأ حجة هوبز بتجربة افتراضية؛ إذ يتخيل الحياة دون أي شكل من أشكال الحكم المدني؛ أي دون قوانين ودون نظام قضائي لتنفيذها. ويزعم أنه في تلك الحالة سينساق الأفراد إلى التصارع فيما بينهم. وحياة كتلك - حياة نعيشها في حالة الطبيعة على حد تعبيره - ستكون فظيعة. رأى هوبز أن الوضع حينها سيكون حرب الكل ضد الكل. فيما يلي وصف هوبز ذائع الصيت للحياة في حالة الطبيعة:

في تلك الحالة، لا يوجد مكان للصناعة؛ لأن ناتجها يصبح غير أكيد؛ وعليه، فستختفي الحضارة على الأرض، فلن توجد ملاحة أو لن يوجد استخدام للبضائع التي قد تستورد عبر البحر، ولن توجد مبان شاسعة وأدوات لتحريك وإزالة الأشياء التي تتطلب قوة بالغة؛ ستتبدد المعرفة من على وجه البسيطة. لن يوجد حساب للزمن، ولن توجد فنون، ولا أدب، ولا مجتمع، والأسوأ من ذلك كله أننا سنعيش في خوف مستمر معرضين لخطر الموت العنيف، وسيحيا الإنسان حياة قصيرة كريهة يملؤها الفقر والعزلة والبربرية. (هوبز، لوياثان، 89)

لدينا مبررات متعقلة قوية جدا لتجنب العيش في حالة الطبيعة؛ ومن ثم لدينا مبررات متعقلة قوية جدا لفعل ما بوسعنا من أجل إرساء مجتمع مدني حيث تفعل قواعد العدالة والتعامل المنصف أو من أجل الحفاظ على هذا المجتمع حال وجوده.

ناپیژندل شوی مخ