ووجم الحاج دياب وهو يسأل في شبه استنكار: كيف؟
وتنبه مراد إلى تعجله وأراد أن يصلح ما أوشك أن يفسد. - مصالحنا في المديرية بل في الدولة كلها، هل يستطيع أحد أن يقف ضدنا، وغير هذا كثير مما ستعرفه حين تصبح عضو نواب يا ابا.
وأطرق الحاج دياب قليلا: طيب والعمودية؟ - مالها؟ - من يتولاها؟ أنت لم تصل إلى السن القانونية. - عضو النواب يعين من يريد. - وتخرج من دار طلبة؟ - بل تبقى. - هل تقترح أحدا؟ - عندي ألف، فقط توكل أنت على الله. - توكلنا على الله. •••
وبدأ الحاج دياب يعمل بنصائح مراد الذي كان يعد للأمر منذ زمن بعيد، وقد بدأ حملته بإقامة دعوة غداء واسعة كل السعة بمناسبة ميلاد دياب الصغير، وانتقال مراد وأسرته إلى بيتهم الجديد.
ولم يقصر مراد ودياب دعوتهما على العمد، بل دعوا كل ذي مكانة أو أكرومة في بلده.
ولم يخل الأمر من إلقاء الشيخ سليم الديب المدرس الإلزامي بالميمونة قصيدة شعر مهما تكن هشة بعيدة عن الرصانة، إلا أنها أدت الغرض منها، واستقبلها شهود الحفل بالتصفيق والتهليل.
وتبارى آخرون في إلقاء خطب المديح والتمنيات الطيبات للمولود الكريم، والتنبؤ له بأن يكون عمدة بعد مراد.
ولم يفت الأذكياء الماكرين من العمد وأعيان البلاد والتجار أن هذه الدعوة تخفي وراءها ما تخفي، وإن لم يستطع ذكاؤهم أن يصل واثقا إلى ما ينتويه العمدة، وإن كان بعضهم لم يستبعد أن يكون عاقدا العزم على ترشيح نفسه في الانتخابات. ومما جعل هذا الأمر معقولا إلى حد ما في ذهن من قام بذهنه أنه لم يدع عمر بك المفتي مع أنه تعود فيما قبل أن يكثر من دعوته.
وهمس خميس الملواني في أذن الحاج دهشان: نسيبك ناوي على ماذا؟ - لم يفاتحني في شيء. - بل فاتحك. - كيف؟ - لقد فاتح الجميع بهذه العزومة الطويلة العريضة التي لا أشك أنها ستتلوها عزائم أخرى. - بأي مناسبة؟ - ومن غير مناسبة وشرفك؟ - دع شرفي في حاله. - وشرفي أنا ولا تزعل. -
لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون . - صدق الله العظيم. لو أنني أعتقد أن هذا النبأ سيتأخر بعض الشيء؟ - ماذا تقصد؟ - ما تعلم. - أتظن ذلك يا خميس؟ - إن غدا لناظره لقريب. - ولكن غدا هذا بعيد بعض الشيء. - إنه يعمل له من بعيد. - آه. ربنا يوفقه. - ويوفقنا. - ماذا تنوي. - وقت الله يعين الله. - على رأيك.
ناپیژندل شوی مخ