151

Silsilat Al-Adab - Al-Munjid

سلسلة الآداب - المنجد

ژانرونه

منزلة الضيف عند أهل الجاهلية
كان لأهل الجاهلية شأن عظيم في إكرام الضيف والذم فيمن لم يكرمه، فجاء الله بهذا الدين الذي رفع شأن هذا الأدب العظيم وهو إكرام الضيف؛ فأقر ما كان عليه أهل الجاهلية من المعروف في هذا وزاد عليه، وأبطل ما كان معروفًا عندهم في هذه الخصلة وغيرها كما كانوا يفعلون من بعث الرجل بأمته إلى ضيفه.
وقد حصل للصحابة رضوان الله عليهم قصة عندما ذهبوا مع أبي سعيد ﵁، وسافروا ونزلوا على حيٍ من أحياء العرب المشركين، فاستضافوهم فأبو أن يضيفوهم حتى لدغ أحدهم فرقاه أبو سعيد ﵁ على قطيع من الغنم.
وكان قيس بن عاصم الصحابي ﵁ سيد قومه وكان جوادًا حليمًا، أخذ الأحنف بن قيس الحلم عنه.
تزوج قيس امرأة فأحضرت له طعامًا فقال لها: أين أكيلي؟ فلم تدر ما يقول لها! فأنشأ يقول:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلًا فإني لست آكله وحدي
أخًا طارقًا أو جار بيتٍ فإنني أخاف ملامات الأحاديث من بعدي
وإني لعبد الضيف من غير ذلة وما في إلا ذاك من شيمة العبد
فسمعه جارٌ له وكان بخيلًا فقال:
لبيني وبين المرء قيس بن عاصم بما قال بون في الفعال بعيد
وإنا لنجفو الضيف من غير قلة مخافة أن يغرى بنا فيعود
وقد أوصى قيس بن خفاف بن عمر بن حنظلة جبيلًا ابنه بقصيدة فيها آداب ومصالح يقول له فيها:
أجبيل إن أباك كارم يومه فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل
أوصيك إيصاء امرئ لك ناصحٍ ظن بغيه الدهر غير معقل
الله تتقه وأوف بنذره وإذا حلفت مماريًا فتحلل
والضيف تكرمه فإن مبيته حقٌ ولا تك لعنة للنزل
واعلم بأن الضيف مخبر أهله بمبيت ليلته وإن لم يسأل

8 / 3