عرب او فارس تر منځ اړیکې
الصلات بين العرب والفرس وآدابهما في الجاهلية والإسلام
ژانرونه
وحسبنا شاهنامة الفردوسي التي حاكاها شعراء كثيرون فنظمت شاهنامات أخرى لم تنل ما نالته من القبول والصيت. ومن القصص المنظومة رواية خسرو وكل، وبلبل نامه لفريد الدين العطار وسلامان وأبسال لمولانا جامي، وغيرها مما لا يتسع المقال لتعديده.
وأما الشعر الصوفي فقد بدأه أبو سعيد بن أبي الخير من بلدة منها في خراسان وأبو عبد الله الأنصاري من هراة، نظمها فيه قطعا ورباعيات، ولكن لم يكثر فيه التأليف إلا بعد نصف قرن إذ نبغ طليعة فرسانه ستأتي الغزنوي ثم قفاه العطار ثم تلاه إمام الصوفية مولانا جلال الدين الرومي صاحب المثنوي الذي يسمى القرآن في اللغة الفارسية، ويقال لمؤلفه: لم يكن نبيا ولكن أوتي كتابا. ومن بعد غارات التتار نبغ لسان الغيب شمس الدين حافظ الشيرازي والشيخ عبد الرحمن الجامي الذي يعد آخر شعراء الفرس العظام.
والحق أن اللغة الفارسية تبز سائر لغات العالم بهذا النوع من الشعر النفسي الإنساني الفلسفي الذي يرتفع عن جدال المذاهب وعصبيات الآراء، وينفذ إلى بواطن الأشياء فيصف النفس الإنسانية في أسمى منازعها، ويرى الحقائق الإلهية في أجلى مظاهرها.
وأما ألفاظ الشعر ففيها كثير من الألفاظ العربية وعليها طابع عربي في تركيبها، ولكن أثر العربية في الشعر أقل منه في النثر، وأما قوافيه وأوزانه فلا يمكن تفصيلها في هذا المقال، وحسبنا أن نقول: إن الفرس يكثرون من الشعر المزدوج الذي يسمونه المثنوي وهو شعر القصص كلها.
وأكثروا كذلك من الدوبيت أو الرباعي، وعندهم ما يسمونه تركيب بند، أو ترجيع بند، وهو قريب من الموشحات العربية، وعندهم الشعر المردف وهو الذي تكرر في آخر أبياته كلمة واحدة ويعتبر الروي والقافية ما قبل هذه الكلمة. وجملة القول أنهم لم يسهلوا القوافي العربية وإن اخترعوا ضروبا فيها.
وأما الوزن فجدير بالتدقيق جدا، فإن الفرس حاكوا العرب في أوزانهم أول الأمر ولكنهم سرعان ما نبذوا أشهر الأوزان العربية، فالطويل والمديد والبسيط والوافر والكامل، وهي أسير الأوزان في الشعر العربي، ولم ينظم فيها الفرس إلا جماعة من المتقدمين أرادوا إظهار براعتهم كما يقول شمس قيس. ونظموا في الرمل والرجز والخفيف والمضارع والمجتث والمتقارب (وهو وزن الشاهنامة) وأولعوا بالهزج ولعا شديدا حتى جعلوه أصلا فرعوا منه أصناف الرباعي وخرجوا به عن أصله العربي.
ويلاحظ أنهم لم يقفوا بالبحور عند المقادير العربية، فالرمل قد يأتي مثمنا والرجز كذلك، ما جاءا كذلك في شعر العرب قط، والهزج - مثلا - الذي هو سداسي الأصل عند العرب ومجزوء وجوبا ينظم منه الفرس مثمنا. ثم تصرف الفرس في الزحاف والعلل تصرفا كثيرا جدا، واشتقوا من الدوائر العربية بحورا أخرى قريبة من البحور الأصلية مثل الغريب والمشاكل والقريب.
وقد أراد بعض المستشرقين أن يعلل الخلاف بين الأوزان العربية والفارسية بما بين طبائع الأمتين من اختلاف ويقول شمس قيس: إن سبب ثقل الطويل والمديد والبسيط أن أجزاءها غير متناسبة في حركاتها وسكناتها ويطيل في بيان ذلك. ولا يمكن الفصل في هذه المسألة إلا بعد بحث مفصل في أوزان الشعر العربي وعلاقتها باللغة العربية، وفي تطور الأوزان العربية في الشعر الفارسي وتبيين ما بين هذا التطور ولغة الفرس من صلة.
وينبغي أن يذكر هنا أن وزن الرباعي نقل إلى العربية وسمي الدوبيت ومهما يقال في علاقته بالهزج يمكن أن يعد وزنا فارسيا استعارته العربية.
وأما النثر الفارسي فأثر العربية عليه أبين: الألفاظ العربية فيه أكثر، والتركيب قريب من التركيب العربي، ولكن لا بد من الفرق بين النثر الأدبي - نثر الرسائل والمقامات - وبين نثر الكتب، فأما الأول فقريب من الشعر، وأما الكتب فمع اشتراكها كلها في كثرة الألفاظ العربية ينبغي أن يفرق فيها بين كتب التاريخ التي هي قصص يستعمل فيها الكلام المعتاد غالبا، وبين المؤلفات العلمية مثل كتب الفقه والتوحيد والبلاغة والطب وهلم جرا. فهذا الصنف الأخير لا يكاد يكتب بألفاظ عربية، وتستعار فيه كلا الاصطلاحات العربية، فاصطلاحات البلاغة وضروب البديع واصطلاحات العروض أخذت برمتها، وما زادوه فيها اشتقوه من العربية أيضا. ثم المؤلفات كلها علميها وأدبيها يتخللها كثير من المقتبسات العربية، ففي كتب الدين الآيات والأحاديث، وفي كتب الأدب والتاريخ كثير من الأبيات والأمثال والمأثورات. وقد نجد من ذلك أسطرا متوالية.
ناپیژندل شوی مخ