يزرع ونحن نقرأ عليه. فبينا نحن كذلك إذ جاءه فرانق من عند السلطان فناوله كتابه ففكه وقرأه، ثم استمده مدة وكتب، ثم طوى الكتاب وسجاه وناوله الفرانق. قال: فسألناه وقلنا له: رأيناك لم تستمد إلا مدة واحدة؟ فقال لنا: كتب إلي يقول: ما خير الخير، وما شر الشر؟ فكتبت إليه: خير الخير الصبر، وشر الشر شرب الخمر.
أحمد بن علي بن مهلب الجبلي المقرىء: من أهل قرطبة، يكنى: أبا العباس.
له رحلة إلى المشرق أخذ فيها عن جماعة منهم: حمزة بن محمد الكناني الحافظ. سمع منه مع أبي القاسم بن الرسان وحضرا معا مجلس حمزة يوم إملائه لحديث السجلات والبطاقة، وحضرا موت الرجل الذي مات عند سماعه للحديث، وذكرا معا القصة بطولها. حدث بها القاضي يونس بن عبد الله، عن أبي العباس المذكور في بعض تواليفه، وحدث عنه أيضا بغير ذلك من روايته.
وقرأت بخطه: أخبرني أبو العباس قال: لما حججت ومررت بالمدينة للزيادة مررت في سفري ذلك بخربة فدخلتها، فبينا أنا مستلق فيها إذ نظرت تلقاء وجهي في حائط القبلة إلى شيء مكتوب فإذا هو:
أنت ذو غفلةٍ وقلبك ساهي ... قد دنا الموت والذنوب كما هي
أحمد بن إبراهيم بن أبي سفيان الغافقي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا عمر.
كان فقيها أديبا عفيفا ذا بيتٍ نبيه ووجاهةٍ بقرطبة. وكان في عداد المفتين بها، وأول من قدمه إلى الشورى المهدي، وكان كثيرا ما يقول: رحم الله مالكا حيث يقول: من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
قال ابن حيان: حكى لي من سمعه يقول: إن طول منار المسجد الجامع بقرطبة
1 / 34