وبإطرابلس: من أبي جعفر المؤدب أحمد بن الحسين، وبالقيروان: من أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد البكري يعرف بابن الصقلي، وأبي بكر عزرة، وأبي محمد بن أبي زيد الفقيه. وبالمسلية: من أبي القاسم سوار بن كيسان، ثم انصرف إلى طليطلة واستوطنها ورحل الناس إليه بها والتزم في الفهمين منها.
قال ابن مطاهر: وكان من أهل العلم والفهم، راوية للحديث، حافظا لرأى مالك وأصحابه، حسن الفطنة، دقيق الذهن في جميع العلوم، وكانت له أخلاقٌ كريمة، وآدابٌ حسنة.
وكان: يحسن ما يحاوله قولا وعملا، محمودا محبوبا مع الفضل والزهد الفائق والورع، وكان يأخذ بنفسه مأخذ الأبدال، وكان من أهل الخير والطهارة، منقبضا عما ينبسط فيه الناس من طلب الحرمة، مقبلا على طريقة الآخرة، منفردا بلا أهلٍ ولا ولد.
قال: وسمعت جماهر بن عبد الرحمن يقول: إن وقت وقوع النار في أسواق طليطلة واحترقت كانت دار أحمد بن محمد هذا في الفرائين فاحترقت الدار إلا البيت التي كانت فيه كتب أحمد، وكان ذلك الوقت في الرباط، وعجب الناس من ذلك، وكانوا يقصدون البيت وينظرون إليه.
وكان قد جمع من الكتب كثيرا في كل فن، وكانت جلها بخط يده، وكانت منتخبة مضبوطة صحاحا، أمهات لا يدع فيها شبهة مهملة، وقل ما يجوز عليه فيها خطأ ولا وهم، وكان لا يزال يتتبع ما يجده في كتبه من السقط والخلل بزيادة في اللفظ أو نقصان منه فيصلحه حيث ما وجده ويعيده إلى الصواب. وكانت كتبه وكتب صاحبه إبراهيم بن محمد أصح كتب بطليطلة.
وتوفي: يوم الاثنين لثمان بقين من شعبان سنة أربع مائة، ودفن بحومة باب شاقرة
1 / 27