EDITOR|
صفات الشيعة تأليف أبي محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشهور بالصدوق المتوفى سنة 381 هجري
مخ ۱
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله الطاهرين قال جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مؤلف هذا الكتاب رحمة الله عليه
قال حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار الكوفي عن أبيه عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن زيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال قال الصادق (ع) شيعتنا أهل الورع وا لاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة أصحاب إحدى وخمسين ركعه في اليوم والليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم
مخ ۲
حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (ع) قال شيعتنا المسلمون لامرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن يكن كذلك فليس منا
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال حدثنا الحسين بن بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد أبى عمير عن أبان بن عثمان عن الصادق جعفر بن محمد (ع) أنه قال لا دين لمن لا تقيه له ولا إيمان لمن لاورع له
حدثنا محمد بن ماجيلويه رحمة الله عليه، قال حدثني عمى محمد أبى القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن بن سنان عن المفضل بن عمر قال قال الصادق (ع) كذب من زعم أنه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا
أبى رحمه الله قال حدثني عبد الله بن جعفر عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران، قال سمعت أبا الحسن (ع) يقول: من عادى شيعتنا فقد عادانا ومن والاهم فقد والانا لأنهم منا خلقوا من طينتنا من أحبهم فهو منا ومن
مخ ۳
أبغضهم فليس منا، شيعتنا ينظرون بنور الله ويتقلبون في رحمه الله ويفوزون بكرامة الله ما من أحد شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه ولا اغتم إلا اغتممنا لغمه، ولا يفرح إلا فرحنا لفرحه ولا يغيب عنا أحد من شيعتنا أين كان في شرق الأرض أو غربها ومن ترك من شيعتنا دينا فهو علينا، ومن ترك منهم مالا فهو لورثته، شيعتنا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت الحرام، ويصومون شهر رمضان ويوالون أهل البيت ويتبرؤون من أعدائهم، (من أعدائنا - خ ل) أولئك أهل الايمان والتقى، وأهل الورع والتقوى، ومن رد عليهم فقد رد على الله، ومن طعن عليهم فقد طعن على لأنهم عباد الله حقا وأولياؤه صدقا، والله ان أحدهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر فيشفعه الله تعالى فيهم لكرامته الله عز وجل
مخ ۴
حدثنا أبي رحمه الله، قال حدثنا سعد بن الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن عمران عن أبي عبد الله (ع) قال من لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة، واخلاصه بها ان يحجبه (أن يحجزه خ ل) لا اله إلا الله عما حرم الله تعالى.
حدثنا أبي رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد والحسن بن علي الكوفي وإبراهيم بن هاشم، كلهم عن الحسين بن يوسف عن سليمان بن عمرو عن مهاجر بن الحسين عن زيد بن أرقم عن النبي (ص) قال من لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة واخلاصه بها أن يحجزه لا اله إلا الله عما حرم الله
مخ ۵
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال حدثنا محمد بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد على عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيده الحذاء قال سمعت أبا عبد (ع) يقول لما فتح رسول الله (ص) مكة قام الصفا فقال يا بني هاشم يا بنى عبد المطلب إني رسول الله إليكم وانى شفيق عليكم لا تقولوا إن محمدا منا فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون، ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدينا على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة، إلا وانى قد أعذرت فيما بيني وبينكم وفيما بين الله عز وجل وبينكم، وان لي عملي ولكم عملكم.
مخ ۶
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أبيه عن جده (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومجالسة الأخيار تلحق الأشرار بالأخيار، ومجالسة الفجار للأبرار تلحق الفجار بالأبرار فمن اشتبه عليكم امره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه فان كانوا أهل دين الله فهو على دين الله وان كانوا على غير دين الله فلا حظ له في دين الله إن رسول الله (ص) كان يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤاخين كافرا ولا يخالطن فاجرا ومن آخى كافرا أو خالط فاجرا كان كافرا فاجرا
حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد ابن فضال قال سمعت الرضا (ع) يقول: من واصل لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو مدح لنا عايبا أو أكرم لنا مخالفا فليس منا ولسنا منه
حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الرضا (ع) أنه قال: من والى أعداء الله فقد عادى أولياء ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى، وحق على الله عز وجل أن يدخله في نار جهنم.
حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله عن أحمد بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) يقول: والله ما شيعه على صلوا الله عليه الا من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه
مخ ۷
أبى رحمه الله، قال حدثني محمد بن أحمد عن علي بن الصلت عن محمد بن عجلان قال كنت مع أبي عبد الله (ع) فدخل رجل فسلم فسأله كيف خلفت من إخوانك فأحسن الثناء وزكى وأطرى له كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم قال قليله قال كيف مواصله أغنيائهم لفقرائهم ذات أيديهم فقال إنك تذكر أخلاقا ما هي فيمن عندنا، قال فكيف يزعم هؤلاء انهم لنا شيعة
حدثنا محمد بن موسى المتوكل عن الحسن بن علي الخزاز قال سمعت الرضا (ع) يقول: ان ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد لعنه على شيعتنا من الدجال فقلت له يا بن رسول الله بما ذا قال بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الامر فلم يعرف مؤمن من منافق
مخ ۸
حدثنا أبي رحمه الله عن العلاء بن الفضيل عن الصادق (ع) قال من أحب كافرا فقدا بغض الله ومن أبغض كافرا فقد أحب الله ثم قال (ع) صديق عدو الله عدو الله
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال حدثني غير واحد من أصحابنا عن جعفر بن محمد (ع) قال من جالس أهل الريب فهو مريب
حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثني عمى عن المعلى بن خنيس، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول انا أبغض محمدا وآل ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتوالونا وتتبرؤون من أعدائنا وقال (ع): من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا
مخ ۹
أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال ان شيعة على صلوات الله عليه كانوا خمص البطون ذبل الشفاه وأهل رأفة وعلم وحلم يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد
حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد البرقي عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله عمرو ابن أبي المقدام عن أبيه عن أبي جعفر (ع) أنه قال: يا أبا المقدام إنما شيعة على صلوات الله عليه الشاحبون الناحلون الذابلون ذابلة شفاههم من القيام خميصة بطونهم مصفرة ألوانهم متغيرة وجوههم إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشا واستقبلوها بجباههم باكية عيونهم، كثيرة دموعهم، صلاتهم كثيرة، ودعاؤهم كثير، تلاوتهم كتاب الله، يفرحون الناس وهم يحزنون
مخ ۱۰
أبى رحمه الله، قال حدثني محمد بن أحمد بن علي بن الصلت عن أحمد بن محمد عن السندي بن محمد قال: قوم تبع أمير المؤمنين (ع) فالتفت إليهم قال ما أنتم عليه قالوا شيعتك أمير المؤمنين قال مالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة، قالوا وما سيماء الشيعة قال صفر الوجوه السهر، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء عليهم غبرة الخاشعين
حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي عن المفضل، قال قال أبو عبد الله (ع) إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر
أبى رحمه الله قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن جابر الجعفي قال قال أبو جعفر (ع) يا جابر يكتفى من اتخذ التشيع يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا
مخ ۱۱
يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة وكثره ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن الناس إلا من خير وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء قال جابر: يا بن رسول الله ما نعرف أحدا بهذه الصفة فقال لي يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب أن يقول أحب عليا صلوات الله عليه وأتولاه فلو قال إني أحب رسول الله (ص) ورسول الله خير من على ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة أحب العباد إلى الله وأكرمهم اتقاهم له وأعملهم بطاعته يا جابر ما يتقرب العبد إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، ما معنا براءة النار ولا
مخ ۱۲
على الله لأحد منكم حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولى ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ولا تنال ولايتنا بالعمل والورع
حدثني محمد بن الحسن أحمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن ظريف بن ناصح رفعه إلى محمد بن علي (ع) قال إنما شيعة علي (ع) المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا المتزاورون لاحياء أمرنا، ان غضبوا لم يظلموا، وان رضوا لم يسرفوا، بركة لمن جاوروا، وسلم لمن خالطوا
أبى رحمه الله قال: حدثني سعد بن عبد الله قال حدثني محمد بن عيسى عن عمرو ابن أبي المقدام عن أبيه، قال قال لي أبو جعفر عليه السلام أنه قال شيعة علي (ع) الشاحبون الناحلون الذابلون، ذبلة شفاههم خميصة بطونهم، متغيرة ألوانهم
وبهذا الاسناد قال قال أبو جعفر (ع) لجابر
مخ ۱۳
يا جابر نما شيعة علي (ع) من لا يعدو صوته سمعه ولا شحناؤه بدنه، لا يمدح لنا قاليا، ولا يواصل لنا مبغضا ولا يجالس لنا عائبا شيعة علي (ع) من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمح الغراب، ولا يسأل الناس وان مات جوعا، أولئك الخفيفة عيشتهم، المنتقلة ديارهم ان شهدوا لم يعرفوا، وان غابوا لم يفتقدوا وان مرضوا يعادوا، وان ماتوا لم يشهدوا، في قبورهم يتزاورون قلت، وأين أطلب هؤلاء قال في أطراف الأرض بين الأسواق، وهو قول الله تعالى عز وجل أذلة على المؤمنين أعزه على الكافرين
حدثني محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه عن المفضل بن قيس أبى عبد الله (ع)، قال: كم شيعتنا بالكوفة قال قلت خمسون ألفا قال: فما زال يقول حتى قال: ترجو أن يكونوا عشرين ثم قال (ع)
مخ ۱۴
والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلا يعرفون أمرنا الذي نحن عليه ولا يقولون علينا إلا بالحق حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله عن أبي عبد الله (ع) قال قال له أبو الدوانيقي بالحيرة أيام أبى العباس: يا أبا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه فقال (ع): ذلك بحلاوة الايمان في صدورهم من حلاوته يبدونه تبديا أبى رحمه الله قال حدثني أحمد بن إدريس قال حدثني محمد بن أحمد عن ابن أبي عمير، يرفعه إلى أحدهم (ع) أنه قال بعضكم أكثر صلاه من بعض، وبعضكم أكثر حجا من بعض وبعضكم أكثر صدقه من بعض وبعضكم أكثر صياما من بعض وأفضلكم أفضل معرفه حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثني محمد بن يحيى العطار قال حدثني المفضل بن زياد العبدي عن أبي عبد الله (ع)
مخ ۱۵
قال انا أهل بيت صادقون همكم معالم دينكم وهو عدوكم بكم، واشرب قلوبهم لكم بغضا، يحرفون ما يسمعون منكم كله، ويجعلون لكم أندادا، ثم يرمونكم به بهتانا، فحسبهم بذلك عند الله معصية حدثني أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن يحيى بن سدير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كان يوم القيامة دعى الخلايق بأمهاتهم ما خلانا وشيعتنا فانا لا سفاح بيننا حدثني الحسن بن أحمد عن أبيه، عن محمد بن أحمد عن عبد الله بن خالد الكناني، قال استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر (ع) وقد علقت سمكة بيدي، قال اقذفها إني لأكره للرجل (السرى خ) ان يحمل الشئ الدنى بنفسه، ثم قال (ع) انكم قوم أعداؤكم كثير يا معشر الشيعة، انكم قوم عاداكم الخلق فتزينوا لهم ما قدرتهم عليه
مخ ۱۶
حدثني محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثني عمى محمد بن أبي قاسم، عن هارون بن مسلم عن مسعدة صدقه، قال سئل أبو عبد الله (ع) عن شيعتهم، فقال شيعتنا من قدم ما استحسن وامسك ما استقبح وأظهر الجميل وسارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منا والينا ومعنا حيث ما كنا حدثني محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثني عبد الله بن جعفر الحميري، عن الأصبغ بن نباتة قال خرج علي (ع) ذات يوم ونحن مجتمعون فقال من أنتم وما اجتماعكم، فقلنا قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال مالي لا أرى سيماء الشيعة، عليكم، فقلنا وما سيماء الشيعة، فقال (ع) صفر الوجوه من صلاه الليل، عمش العيون من مخافة، ذبل الشفاه من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين أبى رحمه الله قال حدثني سعد بن عبد الله عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت جعلت فداك صف لي شيعتك، قال (ع) شيعتنا
مخ ۱۷
من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يطرح كله غيره، ولا يسأل غير إخوانه، ولو مات جوعا، شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب شيعتنا الخفيفة عيشهم المنتقلة ديارهم، شيعتنا الذين في أموالهم حق معلوم ويتوانسون، وعند الموت لا يجزعون وفى قبورهم يتزاورون، قال قلت جعلت فداك فأين أطلبهم قال في أطراف الأرض وبين الأسواق، كما قال الله عز وجل في كتابه (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) حدثني محمد بن الحسن، قال حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن أبيه (ع) قال قام من أصحاب أمير المؤمنين (ع) يقال له همام - وكان عابدا فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني انظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين
مخ ۱۸
صلوات الله عليه في جوابه ثم قال (ع) ويحك يا همام اتق وأحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أكرمك وبما خصك به وحباك وفضلك بما أنالك وأعطاك لما وصفتهم لي فقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه قائما على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على وآله وسلم ثم قال أما بعد فان الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعة إطاعة وقسم بينهم معايشهم ، ووضعهم من الدنيا مواضعهم وإنما اهبط الله آدم وحواء من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما فعصياه، فالمتقون فيها أهل الفضائل منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع: خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت
مخ ۱۹
أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت بهم في الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء ولولا الآجال التي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم، وصغر ما دونه في أعينهم فهم والجنة كمن قدر آها فهم منعمون، وهم والنار كمن قدر آها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة ومؤنتهم من عظيمه، صبروا أياما قليلة قصارا أعقبتهم راحة طويلة بتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم، ارادتهم الدنيا ولم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم ويستبشرون به وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع
مخ ۲۰