وملال العموم، وقلة الاهتمام بمعرفة الأحكام، وصد الأعلام عن الاستعلام، وكانت كتب المذهب إما مطولًا بغير الغرض، أو مختصرًا يخل بالمفترض، أو متوسطًا غير مُرضٍ، مع خلو معظمها عن خلاصة التحقيق والتدقيق، وحسن التلفيق والتنميق، وتحرير الأدلة والمآخذ بعيدة عن عرف العلماء في هذا الزمان كثيرة الاختلاف قليلة الائتلاف، وتأخر إتمام "الجامع المنضد" و"الحاوي" و"النهاية" لطولها واتساعها، وامتداد باعها، أحببت أن أجمع كتابًا وسطًا كاملًا شاملًا جامعًا لأكثر المذهب خاصة حكمًا وتعليلًا .... ذلك إجمالًا وتفصيلًا، حاويًا لما خلت منه بقية الكتب وعزبت عنه، مقررًا قواعده، مكثرًا فوائده، منبهًا على ... الفقه وأسراره، مزيلًا لإشكاله، وأستاره وعواره وأغواره، ملخصًا ألفاظه ومعانيه، ملخصًا مسائله ومبانيه، مع إيجاز أدلته وتقريرها، وتقريبها وتهذيبها، وافيًا بمراد المفتي والمقلد، سالكًا به طريقًا مرغوبًا، وأسلوبًا محبوبًا، ومقصدًا مطلوبًا، وأجعل ذلك شرحًا لكتاب "الرعاية" الذي جمعته لحاجته إلى بيان وإيضاح، وعزو وإفصاح، وتقرير التحرير والتذكير، بعلمه الغزير الكثير، ومحله العالي الكبير، لكثرة إحكامه وأحكامه، وبعد مرماه ومرامه، وغرابة مغزاه وإفهامه، فمن أراد البسط أكثر من هذا والإسهاب والاستيعاب والإطناب، والبيان دون الإغراب، ففي "النهاية" و"الحاوي" و"الجامع المنضد" غاية الأمل والمقصد، وربما جمعنا في هذا الكتاب أكثر ما في "المغني" و"الكافي " و"المستوعب" و"الإقناع" و"المبهج" و"فصول" الآمدي و"المجرد" و"فصول" ابن عقيل و"الجامع الكبير" وما أقدر عليه من الكتب المذهبية، والمسائل الفروعية، فمن أراد التلخيص الجامع والنجاز ففي "كتاب الرعاية" و"زبدة الهداية" و"الإيجاز".
1 / 56