وأشهر الروايات في تخلف علي وبني هاشم وأكثرها ذيوعا ما أورده ابن قتيبة في الإمامة والسياسة وما شاكله من روايات من عاصره أو تأخر عنه، وهي تجري بأن عمر بن الخطاب ذهب في عصابة إلى بني هاشم بعد أن تمت البيعة لأبي بكر، وطلب إليهم أن يخرجوا فيبايعوا كما بايع الناس، وكان بنو هاشم في بيت علي، وقد أبوا وأبى من كان معهم أن يجيبوا دعوة عمر، بل خرج الزبير بن العوام إلى عمر وأصحابه بالسيف، فقال عمر لأصحابه: عليكم بالرجل فخذوه، فأخذوا السيف من يده، فانطلق فبايع، وقيل لعلي بن أبي طالب: بايع أبا بكر، فقال: «لا أبايعكم وأنا أحق بهذا الأمر منكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي
صلى الله عليه وسلم ، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم، فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة! فإذن أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيا وميتا، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون.»
قال عمر: «إنك لست متروكا حتى تبايع!»
وأجاب علي في حرارة وقوة: «احلب حلبا بك شطره، وشد له اليوم يردده عليك غدا، والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه.»
وخشي أبو بكر أن يبلغ الحوار بهما إلى العنف، فتدخل بين الرجلين وقال: «فإن لم تبايع فلا أكرهك.»
وتوجه أبو عبيدة بن الجراح إلى علي متلطفا فقال: «يا بن عم، إنك حديث السن، وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك وأشد احتمالا واستطلاعا، فسلم لأبي بكر هذا الأمر؛ فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.»
هنا ثار ثائر علي وقال: «الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم وتدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله، يا معشر المهاجرين، لنحن أحق الناس به لأننا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، الدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعدا.»
وكان بشير بن سعد حاضرا هذا القول فيما يروي رواته، فلما سمعه قال: «لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك.»
خرج علي محنقا غاضبا، فذهب إلى فاطمة فخرج بها من دارها فحملها على دابة ليلا فأخذ يطوف بها مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: «يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.»
ويجيبهم علي وقد زاده هذا الجواب غضبا: «أفكنت أدع رسول الله
ناپیژندل شوی مخ