(ص469) م والعرق معتبر بالسور ش لان السور مخلوط باللعاب او الطهورية لفظي لان من قال الشك في طهوريته اراد ان الطاهر لا يتنجس ويجب الجمع بينه وبين التراب لا ان ليس في طهارته شك اصلا وبهذا التقرير علم ضعف ما في فتاوى قاضيخان تفريعا على كون الشك في طهارته انه لو وقع في الماء القليل افد لا لانه لا افساد بالشك انتهى وفيه اما لبن الاتان فاختار في الهداية انه طاهر ولا يوكل وصححه في المنية وبه اندفع ما في النهاية انه لم يرجحه احد وعن البزدوي انه يعتبر فيه الكثير الفاحش وصححه التمرتاشي وصحح بعضهم انه نجس نجاسة غليظة وفي المحيط انه نجس في ظاهر الرواية ومقتضى القول بطهارته القول بحل اكله وشربه انتهى ولعلك تفطنت من ههنا ضعف بعض الفروع التي نقلناها سابقا فليتنبه له قال والعرق بالفتح ما يترشح من مسامات الحيوان عند الحرارة وغيرها قال معتمر بالسوارى مقيس به من قولهم اعتبرت الشي اذا نظرت اليه وراعيت احواله وكذا يقال للقياس الذي هو احد الحجج الاربعة الاعتبار ذكر في المنية وشرحها الغنية مما كان سوره طاهرا فقرقه طاهر ومما سوره نجس فعرقه نجس وما سوره مكروه فعرقه مكروه الا ان عرق الحمار أي كذا البغل طاهر عند ابي حنيفة في الروايات المشهورة كذا ذكره القدوري وقال شمس الايمة الحلواني نجس الا انه جعل عفوا في الثوب والبدن للضرورة وهو روية عن ابي حنيفة ايضا فانه روى عنه فيه ثلث روايات انه نجس نجاسة غليظة وانه نجس نجاسة خفيفة والرواية المشهورة الصحيحة انه طاهر كما ان الصحيح ان سروها طاهر انما الشك في طهوريته ولا يتاتى ذلك في العرق لان جميع انواعه غير طهور انتهى وفي الغنية ايضا هذا الاستثناء أي بقوله الا ان عرق الحمار الخ انما يصح القول بان الشك وفي الطهارة فاذا قيل ان سوره مشكوك في طهارته ونجاسته وعرق كل شيء معتبر بسوره صح ان يقال الا ان عرق المار طاهر أي من غير شك انتهى وفي الدر المختار عرق الحمار اذا وقع في الماء صار مشكلا على المذهب كما في المستصفى انتهى ولعلك تفطنت من ههنا ان اللام الداخلة في كلام المصنف عوض عن المضاف اليه كانه قال وعرق كل شيء معتبر بسوره ولا حاجة الى استثناء وعرق الحمار والبغل على الصحيح من المذهب نعم يستثنى منه عرق مدمن الخمر على رأي من قال بنجاسته لكن قد مر ما فيه في بحث نواقض الوضوء وعرق الجلالة بقرا كنت او ابلا ذكر في شرح الوهبانية وغيره عن البقالي انه حكم بنجاسته وقد مر ذكره ايضا قوله لان السور تعليل لكون حكم العرق كحكم السور وحاصله ان نجاسة الور وكراهته وطهارته انما هو بخلط للعاب به وحكم اللعاب والعرق واحد لكون كل منهمامتولدا من اللحم فما كان لعابه مكروها يكون عرقه ايضا كذلك وكذلك الطهارة والنجاسة وهذه العبارة اولى مما قال كثير منهم ان العرق كسور لكون كل منهما متولدا من اللحم فانه لا خفاء في ان المتولد من اللحم هو اللعاب لا السور الا انه اطلق عليه للمجاورة وههنا ابحاث ذكرها في هداية الفقه مع جواب بعضها الاول ان سور الحمار مشكوك وعرقه طاهر واجيب عنه بان طهارة عرقه قد ثبتت بالسنة على خلاف القياس اقول قد عرفت ان الايراد لا ورود له على المذاهب المعتمد الثاني ان سور الدجاجة المخلاة وعرقها مكروهان مع ان اللحم طاهر فلا يستقيم الدليل اقول لا يضر كون اللحم طاهرا فيما نحن فيه فانه ليس الغرض من قوله لان كلا منهما متولد من اللحم الا بيان مساواتهما في الحكم سواء كان ذلك بسبب نجاسة اللحم او طهارته او لشيء اخر ففي المخلاة لما كان لحمها طاهرا كان اللعاب والعرق كلاهما طاهرين وانما جاءت الكراهة في اللعاب من وجه اخر وهو موجود في العرق ايضا فحصلت المساواة الثالث ان اللازم من قوله لان كلا منهما يتولد من اللحم ان معرفته يتوقف على اللحم لا على السور وجوابه ان حكم السور لما كان جليا مشهورا قد ثبت بالدليل القطعي وحكم العرق كان خفيا فقيس حكمه عليه بواسطة الدليل حكم العرق واللعاب واحد لان كل منهما متولد من اللحم فان قيل يجب ان لا يكون بين سور ماكول اللحم وغير ماكول اللحم فرق لانه ان اعتبر لذكور في الشرح الرابع انه كان الواجب ان يقول وسور كل شيء معتبر بعرقه لان الكلام في السور لا في العرق وجوابه ان لو قال سور لشيء معتبر بعرقه لوجب ان يقول بعده وعرق الادمي كذا وعرق الكلب كذا الى غير ذلك فكان الفصل اذن للعرق والسور قول هذا الايراد ماخوذ من حواشي الهداية كالنهاية وغية البيان وغيره فان صاحب الهداية عنون الفصل بقوله فصل في الاساور وغيرها وقال فيه وعرق كل شيء معتبر بسوره لانهما متولدان من اللحم فاخذ احدهما حكم صاحبه ثم ذكر حكم الاسار مفصلا نحو ما ذكره في المتن فاوردوا عليه ما اوردوا واجابوا بما اجابوا والحق انه لا ورود له على صاحب الهداية لا على المصنف اما على صاحب الهداية فلان مقصوده كان ذكر الاسار مفصلا وذكر حكم العرق مجملا اقتداء بالمشائخ لتقدمين كان حكم العرق مقيسا على السور فنبه اولا على ان حكم العرق والسور واحد ثم ذكر حكم السور مفصل ولو عكس لزم عليه ان يبين حالي العرق والسور مفصلا وهو خلاف ما ظنوا ان الفصل معقود لبيان الاسار مع انه ليس بصحيح ايضا فان صاحب الهداية زاد لفظ غيرها ايضا في عنوان الفصل فكان معقود للبيان السور والعرق وغيرهما لا لبيان السور فقط وزيادة تفصيل هذا البحث في البناية واما على المصنف فلان المصنف لم يعقد الفصل لبيان السور او العرق فقط بل عقده لمسائل متعلقة بالبير بوقوع النجس فيه وغيرها من مسائل السور والعرق وغيرها وذكر حكم السور مفصلا اقتداء بصاحب الهداية غيرهم ثم اراد ان يبين حم العرق فلزم عليه ان يجعل العرق مقيسا على السور ويحيل معرفة حكمه على ذكره سابقا ولا يمكنه بع قدم ذكر السور ان يقول وسور كل شيء معتبر بالعرق فما احسن صنيع المصنف حيث لخص ما في الهداية مع تغيير حسن ندفع به الايراد من اصله وما اقبح صنيع هذا المورد حيث اورد عليه ما اوردوا على صاحب الهداية وتكفل للجواب عنه لم يتنبه لنكتة اختاره المصنف قوله واحد أي حكما لا حقيقة وذاتا قوله متولد من اللحم قال البرجندي لان اللعاب متولد من لحم عددي تحت اللسان والعرق رطوبة مائية وصفراء يختلطان بالدم لتنفيذه في العروق ويفترقان منه الى طاهر الجلد عند صيرورته كما قوله فان قيل ايراد على ما فهم من قوله لان كلا منهما متولد من اللحم وهو وان كان محل ورده طاهر السور لكن لما كان العرق مقيسا عليه اخذ حكمه وصار محل الورود ايضا وبهذا اندفع ما يورد في هذا المقام انه كان على الشارح ان يقدم هذا السوال والجواب لى ذكر العرق ووجه الاندفاع ان تقديمه انما يتستحسن لو كان واردا في بحث السور فق وليس كذلك فانه وارد في الفرق في العرق ايضا فلا بد ان يؤخر عن ذكرهما فان قلت فح كان عليه ان يذكر العرق ايضا في تقرير الايراد كما ذكر السور قلت لما كان العرق مقيسا عليه وكان حكمه حكمه استغنى بذكره عن كره لا يقال لم يذكر سابقا الا كون العرق واللعاب متولدا من اللحم فينبغي ان يذكر في تقرير الايراد عليه اللعاب لا السور لانه ليس بمتولد عن اللحم لانا نقول لما كان حكمهما واحد اكتفى بذكر السور المقصود ذكره ذكره او نقول ان الغرض الايراد على الفرق الذي ذكره في السور بعد ما مهد ان حكم السور ماخوذ من خلط اللعاب واللعاب يتولد من اللحم فينبغي ان لا يكون بين سور ماكول اللحم وغير ماكول اللحم فرق في الطهارة بان يكون سور ماكول اللحم طاهرا وغيره نجسا او مكروها قال الفاضل الاسفرائيني لا يخفى ان السوال لا يختص بالفرق بين ماكول اللحم وغير ماكول اللحم بل ؟؟ على الفرق بين افراد غير ماكول اللحم ايضا كالفرق بين الادمي والفرس وبين سباح البهائم وبين الهرة وبين الحمار والبغل اللحم فلحم كل واحد منهما طاهر الا ترى ان غير ماكول اللحم اذا لم يكن نجس العين اذا ذكى يكون لحمه طاهرا وان اعتبر ان لحمه مخلوط بالدم فماكول اللحم وغيره في ذلك سواء قلنا الحرمة اذا لم تكن للكرامة فانها اية النجاسة لكن فيه شبهة ان النجاسة لاختلاط الدم باللحم فالعبارة الوافية فان قيل يجب ان لا يكون بين ما سوى الخنزير فرق الخ انتهى اقول المراد بالفرق في قوله لا يكون ماكول اللحم وغير ماكول اللحم فرق اعم من الفرق بالطهارة والنجاسة ومن الفرق بالطهارة من غير كراهة والطهارة مع الكراهة قوله فلحم كل واجد منهما طاهر يعني انه ان اعتبر اللحم من حيث طهارته ونجاسته فلحم كل من ماكول اللحم وغير ماكول اللحم طاهر لانه ما دام في معدنه وان كان مخلوطا بالنجاسات يعطي حكم الطاهر ويعد التذكية أي الذبح اذا لم يكن نجس العين كالخنزير لحم كل منهما طاهر كما مر بحثه سابقا واللعاب متولد من اللحم والمتولد من الطاهر طاهر فيجب ان يكون سور كل من ماكول اللحم وغير ماكول اللحم غير نجس العين متساويين في الطهارة قوله الا ترى تنوير للممدعي وسند لحكم طهارة لحمهما قوله اذا لم يكن نجس العين فان نجس العين نجس بجميع اجزائه حيا وميتا قوله اذا ذكى بصيغة المجهول من التذكية أي ذبح بالذبح الشرعي على ما مر بحثه مفصلا اثر بحث الدباغة قوله يكون لحمه طاهرا لزوال النجاسة المختلطة الدموية وغيرها وما على اللحم من الدم الغير المسفوح ليس بنجس كما مر بحثه في بحث نواقض الوضوء قوله لحمه مخلوط بالدم أي بالمسفوح النجس فيكون اللحم نجسا فيكون اللعاب المتولد مه نجسا قوله قلنا الخ خلاصة الجواب ان الفرق بين سور ماكول اللحم وغيره مبني على امرين احدهما ان الحرمة اذا لم تكن للكرامة فهي دليل النجاسة والثاني شبهة النجاسة لاختلاط الدم لانه ليس بنجس العين ومجرد اختلاط الدم لا يكفي للنجاسة لانه بمجرد علة ضعيفة لا يعطي حكم النجاسة بل انما يوجب النجاسة اذا اختلط بالحرمة اذا عرفت هذا فنقول كل من ماكول اللحم وغير ماكول اللحم لا يخلو اما ان يكون حيا او مذبوحا او ميتة فالحي الغير الماكول توجد فيه العلتان حرمة اللحم واختلاط الدم فيكون لحمه نجسا لا محالة فيكون اللعاب المتولد منه والسور المخلوط به ايضا نجسا وكذا العرق والحي الماكول لا يوجد فيه الا احدهما وهو الاختلاط الغير الموجب بانفراده للنجاسة فلم يوجب نجاسة اللعاب والسور والميتة سواء كان ماكولا او غير ماكول توجد فيه الامران حرمة اللحم لحرمة الميتة مطلقا والاختلاط فيكون لحمه ولعابه نجسا والمذكى الماكول لم يوجد فيه شيء منهما فلا يكون لحمه نجسا وغير الماكول وان وجد فيه الحرمة لكنها بنفسها ليست بكافية لثبوت النجاسة بدون الاختلاط ولم يوجد هو فلا يكون لحمه ايضا نجسا فظهر الفرق بين الاكول وغير الماكول في حال الحيوة واستواؤهما في حال الموت مع الذبح او بدونه هذا غاية تلخيص المرام وفيه ابحاث اكثرها من سوانح الخاطر ستطلع عليه ان شاء الله تعالى قوله اذا لم تكن للكرامة فانها اية النجاسة أي علامتها ودليلها وانما قيد بقوله اذا لم تكن للكرامة ليخرج حرمة اكل لحم الانسان وجميع اجزائه فانها ليست للنجاسة لان الانسان طاهر وان كان كافرا بل للكرامة والشرف فمثل هذه الحرمة لا تكون اية على النجاسة وبه ظهر انه ليس ان كل حرام نجس نعم كل نجس حرام وفيه بحث وهو ان الحرمة قد تكون للنجاسة كما في شرب الخمر ولحم الخنزير ونحوهما وقد تكون للكرامة كما في الانسان وقد تكون للمضرة والخباثة كحرمة اكل الطين والذياب والضفدع ونحوهما كما مر منا تحقيق كل ذلك في بحث نواقض الوضوء عند قوله وما ليس بحدث ليس بنجس فلا يصح قوله الحرمة اذا لم تكن للكرامة فانها اية النجاسة والصواب ان يقول اذا لم تكن للكرامة والمضرة والخباثة قوله لكن فيه أي في الحيوان المحرم هو ان لم يكن مذكورا سابقا في تقرير الجواب لكنه مفهوم منه ويمكن ان يقال في هذا المقام قوله شبهة ان النجاسة أي نجاسة اللحم قوله لاختلاط الدم باللحم فان الدم نجس فاختلاطه باللحم يصيره نجسا وفيه بحث وهو انه قد ذكر الشارح في شرح قول المصنف ما ليس بحدث ليس بنجس اذ لولا ذلك بل يكون نجاسته لذاته لكان نجس العين وليس كذلك فغير ماكول اللحم ان كان حيا فلعابه متولد من اللحم الحرام المخلوط بالدم فيكون نجسا لاجتماع الامرين وهما الحرمة والاختلاط بالدم واما في ماكول اللحم فلم يوجد الا احدهما وهو الاختلاط بالدم فلم يوجب نجاسة الور لان هذه العلة بانفرادها ضعيفة اذ الدم المستقر في موضعه لم يعط له حكم النجاسة في ؟؟ ان النجس انما هو الدم المسفوح الذي في العروق واما الدم المسفوح الذي في العروق واما الدم الغير المسفوح فليس بنجس وحرمة غير المسفوح في الادمي للكرامة لا للنجاسة وبين للفرق بينهما حكمة غامضة وقد مر منا تفصيله اذا علمت هذا فنقول المراد بالدم ههنا المسفوح او غير المسفوح فان كان المسفوح فهو وان كان اختلاطه موجبا للنجاسة لكنه ليس مختلطا باللحم انما المختلط به الدم المستعد للعضوية وهو غير المسفوح فلا اثر لشبهة كون النجاسة لاختلاط الدم وان كان غير المسفوح فهو وان كان مختلطا لكنه طاهر فلا يوجب اختلاطه شبهة فان قلت يختار الشق الثاني ونجعله مبينا على مذهب بعض المشائخ من ان غير المسفوح ايضا نجس قلت هوو قول غير معتبر عند اكثر الحنفية وعند الشارح ايضا فلا وجه لبناء الكلام عليه قوله اذ لولا ذل أي لو لم تكن نجاسة اللحم لاختلاط الدم بل تكون نجاسته لذاته مع قطع النظر عن اختلاط شيء نجس لكان ذلك الحيوان نجس العين يقتضي ذاته النجاسة كالخنزير فيكون نجسا بجميع اجزائه ولا يطهر جلده بالدباغة ولا لحمه بالذبح ولا اكله بحال من الاحوال وليس كذلك فان ماكول اللحم يحل أكله بعد الذبح ويطهر لحمه المذبوح ويطهر جلد ميتة بالدباغة وفيه بحث فان عدم كون اللحم نجسا للاختلاط وكونه نجسا لذاته لا يقتضي ان يكون الحيوان نجس العين الذي حكمه انه يحرم استعماله جميع اجزائه حيا وميتا ولا يطهر شيء منه فان معنى كونه نجسا لذاته ليس ان نجاسته مقتضى لذاته لا ينفك عنه بل معناه ان الشارع جعل عينه وذاته نجسا ولا يقدح فيه طهارته وحله بعد الذبح فانه يمكن ان يقال ان الذبح الشرعي صورة لتحليله وتطهير فافهم فان الامر مما يعرف وينكر قوله فغير ماكول اللحم شروع في حاصل الجواب ببيان الفرق بعد التمهيد يعني اذا عرفت ان الحرمة اية للنجاسة وفيه شبهة انها الاختلاط الدم فغير ماكول اللحم أي الذي حرم اكله شرعا ان كان حيا فلحمه حرام ومخلوط بالدم فيكون نجسا لاجتماع سببي النجاسة فيكون اللعاب المتولد منه كذلك وفي بحث وهو انه يقتضي نجاسة سور الهرة وسواكن البيوت مع انه مكروه تنزيها على الاصح او تحريما غير نجس وجوابه هب مقتضى الدليل كذلك لكن الحديث نص على عدم نجاسة الهرة بعلة الطواف الموجودة في جميع سواكن البيوت فاشار الى ان النجاسة سقت لعلة الطواف دفعا للحرج وتسهيلا للامر والضرورة بمثلها موجودة في سباع الطير بل اشد منها فكذلك حكم بكراهة سورها لا بنجاستها واما غيرها مما لا يوكل لحمه فلم يوجد فيه امر صارف عن القياس فبقى حكم نجاسته قوله وهما الحرمة أي حرمة اللحم واختلاطه بالدم قوله واما في ماكول اللحم الاولى ان يقال واما ماكول اللحم فلم يوجد فيه الخ قوله الا احدهما أي الاختلاط بالدم اذ الحرمة ليست بموجودة فانه مما يوكل قوله نجاسة السوارى نجاسة اللعاب الموجبة لنجاسة السور قوله لان هذه العلة أي الاختلاط بالدم قوله بانفرادهما أي بدون وجود العلة الثانية وهي الحرمة قوله اذ الدم الخ يعني ان الدم المستقر في معدنه من العروق وغيرها لم يعط له حكم النجاسة في الحيوان الخ وكهذا لو صلى احد حاملا للصبي او لحيوان ما بعد طهارة ظاهرة جازت صلاته مع كونه حاملا للدم وغيره ولو برز الدم على راس الجرح ولم يخرج من موضعه لا ينتقض الوضوء وعلى الصحيح من المذهب وبهذا اظهر وجه زيادة لفظ الشبهة في قوله السابق وفيه بحث وهو ان كلامه يشهد بان اللحم موضع الدم ومعدنه فان اراد به غير المسفوح فهو وان كان صحيحا لكنه واذا لم يكن مذكى كان لحمه نجسا سواء كان ماكول اللحم او غيره لانه صار بالموت حراما فالحرمة موجودة مع اختلاط الدم فيكون نجسا وان كان مذكى كان طاهرا اما في ماكول اللحم فلانه لم توجد الحرمة ولا الاختلاط بالدم واما في غير ماكول اللحم فلانه لم يوجد الاختلاط بالدم والحرمة المجردة غير كافية في النجاسة على ما مر من انها تثبت باجتماع الامرين م فان عدم الماء الا نبيذ التمر قال ابو حنيفة بالوضوء فقط ليس بنجس مطلقا لا في حال كونه في معدنه ولا في حال كونه في غير معدنه لا في الحي ولا في الميت المذبوح وان اراد به المسفوح فهو غير صحيح ومناف لما مر منه سابق قوله واذا لم يكن حيا عطف على قوله ان كان حيا على ما يقتضيه الظاهر لكنه ح يلوح اثر الاهمال في قوله سواء كان ماكول اللحم او غيره والاولى ان يقال هذه الجملة معطوفة على جملة فغير ماكول اللحم ان كان حيا الخ والضمير في قوله لم يكن خيا راجع الى مطلق الحيوان لا الى غير الماكول قوله مذكى أي مذبوحا بذبح شرعي فان المذبوح بالذبح الغير الشرعي والميتة حكمهما سواء قوله لانه أي ماكول اللحم وغيره صار حراما بالموت حتف انفه من غير ذبح شرعي فوجدت فيه الحرمة مع اختلاط الدم فيكون نجسا لاجتماع علتي النجاسة قوله اما في ماكول اللحم الاولى ان يحذف فيه حرمة اللحم ولا الاختلاط بالدم لان الدم قد خرج بالذبح وفيه ما فيه فان الخراج بالذبح انما هو الدم المسفوح والمختلط به هو غير المسفوح قوله فلانه لم يوجد الاختلاط بالدم أي لخروجه بالذبح ولهذا يطهر لحمه على ما مر تفصيله في بحث الدباغة قوله والحرمة المجردة يعني حرمة اللحم المجردة عن اختلاط الدم غير كافية لاثبات نجاسة اللحم قوله على ما مر يعني انه قد مر سابقا ان النجاسة تثبت باجتماع الامرين حرمة اللحم واختلاط الدم واحدهما منفردا عن الاخر كاف لاثبات النجاسة وفيه ان كون اختلاط الدم موجبا للنجاسة غير صحيح كما مر ذكره غير مرة فلم تبق الا الحرمة اذا كانت لا للكرامة والخباثة فتكون هي كافية في اثبات النجاسة قال فان عدم الماء الا نبيذ التمر اشارة الى انه لا يجوز التوضي به اتفاقا مع وجود غيره مما يجوز الوضوء به والتيمم ولهذا اورد حرف الفاء والنبيذ فعيل بمعنى مفعول من نبذت الشيء اذا طرحته وهو الماء الذي ينبذ فيه تمرات لتخرج حلاوتها في الماء وانما خص نبيذ التمر بالذكر لانه محل الخلاف المشهور على القول المشهور واما سائر الانبذة كنبيذ التين والعنب والحنطة والذرة والارز وغيرها فلا يجوز التوضي بها عند عامة العلماء جريا على وفق القياس فان القياس يقتضي ان لا يجوز استعمال النبيذ مطلقا في ازالة الاحداث لكنه جوز نبيذ التمر لورود الاثر فيقتصر على مورده كذا في الهداية وكثير من شروحها وقال في غاية البيان كما نقله في البحر واقره انه أي عدم جواز التوضي بسائر الانبذة الصحيح لكن قال العيني في البناية ينبغي ان يجوز التوضي بشائر الانبذة كما قاله الاوزاعي اما بدلالة نص نبيذ التمر واما لانه عليه السلام نبه على العلة حيث قال تمرة طيبة وماء طهور وهذا المعنى موجود في نبيذ الزبيب وغيره انتهى قال بالوضوء به فقط هذه احدى الروايات عن ابي حنيفة ولا نص عنه في الاغتسال فجوزه بعضهم اعتبارا بالوضوء ومنعه بعضهم جريا على القياس قال في التاتارخانية م أي المحيط اما التوضي بالانبذة فقد اتفقوا على انه لا يجوز حال وجود الماء واما حال عدم الماء فقد قال ابو حنيفة يجوز التوضي بنبيذ التمر وقد ذكر في الجامع عنه في المسافر اذا لم يجد الا نبيذ التمر انه يتوضأ به ولا يتيمم اجزاه وروى وابو يوسف بالتيمم فحسب ومحمد بهما ح في الجامع عنه انه رجع عن ذلك وقال لا يتوضأ به ويتيمم وهو قول ابي يوسف ومالك والشافعي وقال محمد بالجمع بينهما احيتاطا وقال في السغناقي وثمرة الاختلاف تظهر فيما اذا شرع في الصلوة بالتيمم ثم وجد النبيذ فعند محمد يمضي فيها فاذا ؟؟ يتوضأ ويعيدها وعند ابي يوسف يمضي فيها ولا يعيدها وعند ابي حنيفة يقطعها وفي وجود سور الحمار فيها جواب كل كفول محمد وفي المحيط حكى عن ابي طاهر الدباس انه يقول انما اختلفت الاجوبة عنه في نبيذ التمر لاختلاف ؟؟ كان سئل مرة عن التوضي بنبيذ التمر اذا كان الماء غالبا على الحلاوة فاجاب يتوضأ ولا يتيمم وسئل مرة اخرى عن التوضي بنبيذ التمر اذا كانت الحلاوة غالبة قال يتيمم ولا يتوضأ وسئل مرة اخرى اذا كانا سواء فقال يتوضأ ويتيمم على هذا يرتفع الخلاف وقال القدوري في كتابه وكان اصحابنا يقولون ان الوضوء بالنبيذ على اصولهم يجب ان لا يصح بالية كالتيمم لانه بدل عن الماء ولهذا لا يجوز التوضي به حال وجود الماء ولا نص عن ابي حنيفة في الاغتسال واختلف المشائخ فيه فقال بعضهم لا يجوز وفي الجامع الصغير الحسامي وهو الاصح وفي الكافي يجوز في الاصح انتهى وفي البناية يقول ابو حنيفة قال عكرمة والاوزاعي والحسن بن يحيى واسحق فانهم ذهبوا الى جواز التوضي بنبيذ التمر عند عدم الماء المطلق روى عن علي انه كان لاي رى به باسا وبه قال الحسن انتهى وفيه ايضا قال ابو بكر الرازي في كتابه احكام القران عن ابي حنيفة ثلث روايات وجواز التوضي به هو الرواية المشهورة قال قاضيخان وهو قوله الاول وهو قول زفر روى عنه الجمع كسور الحمار قال محمد وروى عنه نوح بن ابي مريم واسد بن عمر والحسن انه يتيمم ولا يتوضأ قال قاضيخان هو الصحيح وهو قوله الاخير ورجع اليه وهو اختيار الطحاوي وبه قال الشافعي ومالك واحمد وعامة العلماء وروى الحسن والمعلى عن ابي يوسف ؟؟ بينهما انتهى بقى ذكر الادلة على المذاهب المختلفة فاعلم ان من لم يجوز التوضي به استند بانه ليس بماء مطلق وصير عند فقده الى التيمم كما مر تفصيله في بحث ما يجوز الوضوء وما لا يجوز الوضوء به ومن امر بالجمع اخذنا بالاحتياط اما من اجاز التوضي من دون ضم التيمم فاستند بحديث توضي النبي صلى الله عليه وسلم به وقد ورد ذل بطرق عديدة فاخرج احمد في مسنده عن يحيى بن اسحق نا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عباس عن عبد الله بن مسعود انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سولم يا عبد الله شراب ؟؟ واخرج ايضا من طريق اسرائيل عن ابي فزرارة عن ابي زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة لقى الجن فقال امعك ماء فقلت لا فقال ما هذا في الاداوة فقلت نبيذ فقال ارينها تمرة به وماء طهرو فتوضأ منها فصلى بنا واخرج ايضا من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن ابي رافع عن ابن مسعود رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خط حوله ليلة الجن فكان يجيء احدهم مثل سواد النخل وقال لا تبرح ؟؟ فاقرأهم كتاب الله فلما رأى الزط قال كانهم هؤلاء وقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امعك ماء فقلت لا قال امعك نبيذ قلت نعم فتوضأ به واخرج ايضا من طريق ابن اسحق عن عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود عن ابي فزراة عن ابي زيد عن ابن مسعود قال بينهما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بمكة وهو في نفر من اصحابه اذ قال ليقم معي رجل منكم ولا يقومن معي رجل في قلبه مثقال ذرة من الغش فقمت معه واخذت اداوة ولا احسبها الا ماء فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى اذا كنا يا على مكة راينا اسودة مجتمعة فخط لي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خطا ثم قال قم ههنا حتى اتيك فقمت ومضى اليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرأيتم يتثورون اليه قال فسمر معهم ليلا طويلا حتى جاءني مع الفجر فقال لي ما زلت قائما يا ابن مسعود فقتلت يا رسول الله والله لقد اخذت الاداوة ولا احسبها الا ماء فاذا هو نبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تمرة طيبة وماء طهور قال ثم توضأ منها فلما قام يصلي ادركه شخصان منهم قالا انا نحب ان تؤمنا في صلاتنا فصفهما خلفه ثم صلى بنا فلما انصرف قلت له من هؤلاء قال هؤلاء جن نصيبين جاؤوا يختصمون الي في امور بينهم وسألوني الزاد فزودتهم فقلت وهل عندك يا رسول الله من شيء تزودهم اياه قال فقال قد زودتهم الرجعة وما وجدوا من روث وجدوه شعيرا وما وجدوا من عظم وجدوه كاسيا قال وعند ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن ان يستطاب بالروث والعظم واخرج ابو داود من طريق ابي فزراة عن ابي زيد عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن ما في ادواتك قال نبيذ قال تمرة طيبة وماء طهور ثم اخرج من طريق داود عن عامر عن علقمة قال قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان معه منا احد ثم اخرج عن عطاء انه كره الوضوء بالبن والنبيذ وقال ان التيمم اعجب الي منه وعن ابي خلدة سألت ابا العالية عن رجل اصابته جنابة وليس عنده ماء وعنده نبيذا يغتسل به قال لا واخرج الترمذي من طريق ابي فزارة عن ابي زيد عن ابن مسعود سألني النبي صلى الله عليه وسلم ما في ادواتك فقلت نبيذ فقال تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ منه ثم قال ابو زيد رجل مجهول عند اهل الحديث لا نعرف له رواية غير هذا الحديث وقد رأى بعض اهل العلم الوضوء بالنبيذ منهم سفيان الثوري وغيره وقال بعض اهل العلم لا يتوضأ بالنبيذ وهو قول الشافعي واحمد واسحق وقال اسحق ان ابتلى رجل بهذا فتوضا بالنبيذ ويتيمم احب الي وقول من يقول لا يتوضأ بالنبيذ اقرب لان الله تعالى قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا انتهى واخرج ابن ماجة من الطريق المذكور ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن هل عندك طهور قال لا الا شيء من نبيذ في اداوة قال تمرة طيبة وماء طهور فتوضا منه ثم اخرج من طريق لهيعة عن قيس عن حنش عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن امعك ماء قال لا الا نبيذ في سطيحة فقال تمرة طيبة وماء طهور صب علي قال فصببت عليه فتوضأ وظاهره انه من مسانيد ابن عباس وقد مر من مسند احمد من هذا الطريق وفيه عن ابن عباس عن ابن مسعود فجعله من مسانيد ابن مسعود وذكره في مسنده عند ذكر مسانيد ابن مسعود وبالجملة هذا الحديث مخرج في السنن الثلثة ومسند احمد ولم يخرجه النسائي ووهم من نسبه اليه وقد اخرجه غير اصحاب التب المذكورة ايضا بطريق عديدة على ما بسطه العيني في البناية والزيلعي وابن حجر في تخريج احاجيث الهداية منهم البزار والطبراني والدار قطني والطحاوي وابن عدي وغيرهم والايراد من قبل المانعين بوجوه الاول ان الحديث معلول بجهالة ابي زيد كما ذكره الترمذي ونقل الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة ابي فزارة عن ابن حبان انه قال في شانه مستقيم الحديث اذا كان فوقه ودونه ثقة فاما مثل ابي زيد مولى عمرو بن حريث الذي لا يعرفه اهل العلم فلا انتهى ونقل السيوطي في مرقاة الصعود عن ابي احمد الحاكم لا يعرف اسمه ولا نعرف له راويا غير ابي فزارة وعن ابن حبان لا يعرف هو ولا ابوه ولا بلده ولقيه لابن مسعود انتهى والجواب عنه ان ابا بكر بن العربي ذكر في شرح جامع الترمذي ان ابا زيد مولى عمرو بن حريث روى عنه راشد بن كيسان العبسي الكوفي وابو روق وبهذا يخرج عن حد الجهالة ولا يعرف الا بكنية فيجوز ان يكون الترمذي اراد به انه مجهول الاسم ولا يضر ذلك فان جماعة من الرواة لا تعرف اسماؤها وانما عرفوا بالكنى كذا ذكره العيني قلت فيه ان رواية اثنين عنه انما يخرجه عن جهالة الذات لا عن جهالة الوصف على ما عليه الجمهور كما هو محقق في كتب اصول الحديث والاولى في الجواب ان يقال جهالته لا تقدح في ثبوت الحديث بعد ورود المتابعات له فقد تابعه جماعة عن ابن مسعود والطرق عنهم وان كان بعضها ضعيفة لكن بجمعها يحصل نوع من القوة فمن المتابعين ابو رافع اخرج روايته احمد والدار قطني والطحاوي واعلها الدار قطني بان علي بن زيد الراوي عن ابي رافع ضعيف وابو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود وتعقبه ابن دقيق العيد بان بن زيد ادرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره وروى عن ابي بكر وعمر ومن بعدهم ومنهم ابن عباس رض عند احمد وغيره وفي سنده عبد الله بن لهيعة متكلم فيه قال البخاري عن الحميدي كان يحيى بن سعيد لا يراه شيئا وقال ابن المديني عن ابن مهدي لا احمل عنه قليلا ولا كثيرا وقال ابن معين رشدين ليس بشيء وابن لهيعة امثل منه وقال ايضا كان ضعيفا لا يحتج بحديثه وقال ابن خواش كان يكتب حديثه احترقت كتبه فكان من جاء بشيء قراه عليه قال الخطيب فمن ثم كثرت المناكير في رواياته لتساهله وقال احمد بن صالح ابن لهيعة ثقة وما روى عنه من الاحادي فيها تخليط يطرح ذلك التخليط وقال الحاكم لم يقصد الكذب وانما حدث عن حفظه بعد احتراق كتبه فاخطأ وهناك كلمات اخر في حقه مبسوط في تهذيب التهذيب ومنهم عمر والبكالي اخرجه احمد والطحاوي من طريق سليمان التيمي عن ابي تميمة عنه عن ابن مسعود واعله الطحاوي بان البكالي هذا من اهل الشام ولم يرو عنه الا ابو تميمة وليس هو بالهجيمي وانما هو سلمى بصري ليس بالمعروف ومنهم ابو وائل اخرج روايته الدار قطني وفيه الحسين بن عبد الله العجلي وهو كذاب ومنهم ابو عبيدة وابو الاحوص اخرج عنما عنه الدار قطني وفيه الحسن بن قتيبة ضعيف وكذا الراوي عنه ومنهم ابو غيلان الثقفي اخرج الدار قطني من طريق ابي سلام عنه انه سمع ابن مسعود اعله بانه مجهول يقال اسمه عمرو ويقال عبد الله بن عمرو بن غيلان انتهى رواه الطبراني وسماه بعمرو والطبراني فقال عبد الله بن عمرو الايراد الثاني ان ابا فزراة الراوي عن ابي زيد رجل مجهول وكان نباذا بالكوفة روى هذا الحديث لتفق سلعته وجوابه على ما في البناية ان ابا فزراة هذا هو راشد بن كيسان العبسي روى له مسلم وابو داود والترمذي وابن ماجة وقد روى هذا الحديث عنه شريك عند ابي داود والترمذ والجراح عند ابن ماجة واسرائيل عند البيهقي وقيس بن الربيع عند عبد الرزاق فاين الجهالة بعد ذلك وقد صرح ابن عدي والدار قطني بان ابا فزارة في هذا الحديث هو راشد وقال ابن عبد البر هو مشهور ثقة عندهم وقال ابو حاتم صالح وزيادة التفصيل في توثيقه في تهذيب التهديب الايراد الثالث انه ثبت في سنن ابي داود وغيره انه سئل ابن مسعود هل كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة قال ما كان معه منا احد وفي لفظ المسلم عن علقمة قال سألت ابن مسعود هل شهد منكم احد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة الجن قال ما صحبه منا احد ولكن كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذات ليلة فقدناه فالتمسناه في الاودية والشعاب فقلنا استطيرا واغتيل فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما اصبحنا اذا هو جاء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم قال اتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال وانطلق بنا فارانا اثارهم واثار نيرانهم فسألوه الزاد فقال لكم كل عظم لم يذكر اسم الله عليه يقع في ايديكم او في ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة الجن وددت اني كنت معه ورواه الترمذي بطوله كرواية مسلم في تفسير سورة الاحقاف وقال حديث حسن صحيح وكذا رواه الطحاوي عن علقمة فهذه الروايات الصحيحة تدل على ان ابن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم فبطل الاستدلال بالاحاديث السابقة وقد روى الطحاوي اولا حديث الوضوء بالنبيذ من طريق حنش عن ابن عباس عن ابن مسعود ومن طريق ابي رافع عنه على ما ذكره ثم قال القدوري عن ابي عبيدة بن عبد الله ما يدل على ان عبد الله لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلتئذ حدثنا ابن ابي داودنا ابو بكرنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال قلت لابي عبيدة اكان عبد الله بن مسعود مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا امر لا يخفى مثله على مثله بطل بذلك ما رواه غيره ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فعله اذا كان معه فان قال قائل الاثار الاول اولى من هذا لانها متصلة وهذا منقطع لان ابا عبيدة لم يسمع من ابيه شيئا قيل له انما احتججنا به لان مثله على تقدمه في العلم وموضعه من عبد الله لا يخفى عليه مثل هذا من اموره فجعلنا قوله حجة فيما ذكرناه انتهى ملخصا والجواب عنه من وجوه احدها انه ذكر العيني ان اربعة عشر رجلا رووا شركة ابن مسعود مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وذلك كاف للاستدلال وثانيها انه تقرر في الاصول ان خبر الاثبات مقدم على النفي فان مع المثبت زيادة علم ليست للنافي فلا جرم يقدم كلام من اثبت المعية على كلام ابي عبيدة وثالثها ما ذكره الحافظ ابن حجر وغيره في التطبيق بين روايات الاثبات وبين روايات النفي ان ابن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في موضع ملاقاته مع الجن وقراءته القرآن عليهم وانما جلس حيث خط له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى ان اتاه كما مر من مسند احمد فحيث نفى ابن مسعود او غيره معيته اراد بها المعية الخاصة فلاتنا في ينه وبين رواية المعية في تلك الليلة ورابعها ان وفادة الجن على النبي صلى الله عليه وسلم قد تعددت ويعلم من جميع الروايات الواردة في هذا الباب ان ليلة الجن كانت ست مرات على ما بسطه القاضي بدر الدين محمد بن عبد الله الشلبي الدمشقي في كتابه اكام المرجان في حكام الجان وجلال الدين عبد الرحمن السيوطي في مختصره لقط المرجان في اخبار الجان الاولى هي الليلة التي قيل فيها انه اغتيل او استطير وكانت بمكة ولم يحضر فيها ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم كما مر من رواية مسلم والترمذي وغيرهما والثانية كانت بمكة بالحجون جبل فيها والثالثة كانت باعلى مكة وقد غاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيها ي الجبال والرابعة كانت بالمدينة ببقيع الغرقد وفي هذه الليالي الثلث حضر ابن مسعود معه وخط عليه والخامسة كانت خارج المدينة حضرها الزبير بن العوام والسادسة كانت في بعض اسفاره حضرها بلال بن الحارث فروى البيهقي عن ابن مسعود قال انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى اتى الحجون فخط على خطا ثم تقدم اليهم وازدحموا عليه واخرج ابن جرير وابو نعيم عن عمرو بن غيلان الثقفي قال قلت لاين مسعود حدثت انك كنت مع الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة وفد الجن قال اجل ان اهل الصفة اخذ كل رجل منهم رجل يعشيه وتركت فلم ياخذني احد فبت في المسجد فخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال من هذا فقلت انا ابن مسعود فقال ما اخذك احد يعشيك قلت لا قال فانطلق لعلي اجد لك شيئا فانطلقنا فاتى حجرة ام سلمة فتركني قائما ودخل الى اهله ثم خرجت الجارية فقالت يا ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله ولم لم يجد لك عشاء فارجع الى مضجعك فجمعت المسجد فتوسدته والتففت بثوبي فلم البث حتى جاءت الجارية فقالت اجب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاتبعتها وانا ارجو العشاء حتى اذا بلغت مقامي خرج وفي يده عسيب نخل فعرض به على صدري وقال انطلق معي حيث انطلقت قلت ما شاء الله فاعادها على ثلثا كل ذلك اقول ما شاء الله فانطلق وانطلقت معه حتى اتينا بقيع الغرقد فخط بعصاه خطا ثم قال اجلس فيها ولا تبرح حتى اتيك فانطلق يمشي وانا انظر اليه خلال النخل حتى اذا كان م حيث اواه مثل العجاجة السوداء فتفرقت فقلت الحق برسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاني اظن هذه هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليقتلوه او اسعى الى البيوت فاستغيث الناس فذكرت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ان لا ابرح مكاني الذي انا فيه فسمعته يقرع بعصاه ويقول اجلسوا فجلسوا حتى كاد ينشق عمو الصبح ثم ثاروا وذهبوا فاتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انمت بعدي قلت لا والله ولقد فزعت الفزعة الاولى حتى رأيت ان اتى البيوت فاستغيث حتى سمعتك تقرعهم بعصاك وكنت اظن هوازن مكروا بروسل الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ال انك خرجت من هذه الحلقة ما امنت عليك ان يخطفك بعضهم فهل رأيت من شيء قلت رأيت رجالا سودا عليهم ثياب بيض فقال اولئك وفد جيء نصيبين فسألون المتاع والمتاع الزاد فمتعتهم بكل عظم او روثة او بعرة قلت وما يغني عنهم ذكل قال انهم لا يجدون عظما الا وجدوا عليه لحما ولا روثة الا وجدوا فيها حبا الذي كان فيها يوم اكلت فلا يستنج احدكم بعظم ولا روثة واخرج الحاكم وصححه ابو نعيم والبيهقي في الدلائل عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لاصحابه وهو بمكة من احب منكم ان يحضر الليلة فليفعل فلم يحضر احد منهم غيري فانطلقنا حتى اذا كنا باعلى مكة خط لي برجله خطا ثم امرني ان اجلس فيه ثم انطلق حتى قام فافتتح القران فغشيته اسود كثيرة وحالت بيني وبينه حتى ما اسمع صوته ثم انطلقوا فطفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين حتى بقى منهم رهط وفرغ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع الفجر فانطلق فتبرز ثم اتاني فقال ما فعل الرهط فقلت هم اولئك فاخذ عظما وروثا فاعطاهم اياه ثم نهى ان يستطب احد بعظم او روث قال البيهقي بعد روايته يحتمل قوله في الحديث الصحيح ما صحبه منا احد اراد به في حال ذهابه للقراءة الا ان ما روى في هذا الحديث من اعلام اصحابه بخروجه اليهم يخالف ما روى في الحديث الصحيح من فقدانهم اياه حتى قيل اغتيل او استطير الا ان يكون المراد بمن فقد غير الذي علم بخروجه انتهى ورده البدر الشبلي بقوله ظاهر كلام ابن مسعود ففقدناه فالتمسناه وبتنا بشر ليلة يدل على انه فقده والتمسه وبات بشر ليلة وفي هذا الحديث قد علم بخروجه وخرج معه وراى الجن ولم يفارق الخطا الذي خط له النبي صلى الله عليه وسلم حتى عاد اليه بعد الفجر فكيف يستقيم قول البيهقي ان يكون المراد بمن فقد غير الذي علم بخروجه واذا قلنا ليلة الجن متعددة صح معنى الحديثين انتهى واخرج البيهقي والطبراني عنه قال استتبعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة الجن فانطلقت معه حتى بلغنا اعلى مكة فخط لي خطا فقال لا تبرح ثم انصاع في الجبال فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤس الجبال حتى حالوا بيني وبينه فلم ازل كذلك حتى اضاء الفجر فجاء وقال اني وعدت ان يومن الى الجن والانس فاما الانس فقد امنت واما الجن فقد رأيت واخرج احمد عنه قال كنت مع النبي صلى اله عليه وسلم ليلة وفد الجن فتنفس فقلت مالك قال نعيت الى نفسي يا ابن مسعود قلت استخلف قال من قلت ابو بكر فسكت عني ساعة ثم تنفس فقال ما شانك بابي وامي يا رسول الله قال نعيت الى نفسي قلت استخلف قال من قلت عمر فسكت ثم مضى هنية ثم تنفس قلت ما شانك قال نعيت الى نفسي يا ابن مسعود قلت استخلف قلت على قال اما والذي نفسي بيده لئن اطاعوه ليدخلن الجنة اكتعين واخرج ابو نعيم عن ابي عبد الله الجدلي عنه استتبعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة الجن فانطلقت معه حتى بلغنا اعلى مكة فخط لي خطا وقال لا تبرح ثم انصاع في الجبال فرأيت رجالا ينحدرون عليه من رؤس الجبال حتى حالوا بيني وبينه فاخترطت سيفي وقلت لاضربن حتى استقذر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم ذكرت قوله لا تبرح قال فلم ازل كذلك على اضاء الفجر فجاء وانا قائم فقال مازلت على حالك قلت لو مكثت شهرا ما برحت حتى تاتيني ثم اخبرته بما اردت ان اصنع فقال لو خرجت ما التقيت انا وانت الى يوم القيامة ثم شبك اصابعه في اصابعي وقال اني وعدت ان تؤمن بي الانس والجن اما الانس فقد امنت بي واما الجن فقد ريت وما اظن اجلي الا قد اقترب قلت يا رسول الله الا تستخلف ابا بكر فاعرض عني فرأيت انه لم يوافقه قلت يا رسول الله الا تستخلف عمر فاعرض عني فرأيت انه لم يوافقه فقلت يا رسول الله الا تستخلف عليا قال والذي لا اله غيره لو بايعتموه واطعتموه ادخلكم الجنة اكتعين واخرج ابو نعيم والبيهقي عنه قال استتبعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان نفرا من الجن خمسة عشر بن اخوة وبني عم ياتوني الليلة فاقرأ عليهم القران فانطلفت معه الى المكان الذي اراد فخط لي خطا واجلسني وقال لا تخرج من هذا فبت فيه حتى اتاني مع السحر وفي يده عظم وروثة وحممة فقال اذا ذهبت الى الخلاء فلا تستنج به فلما اصبحت قلت لا علمن حيث كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذهبت فرأيت مبرك ستين بعيرا واخرج البيهقي عن ابي المليح الهذلي انه كتب الى ابي عبيدة بن عبد الله بن مسعود يسأله اين قرأ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على الجن فكتب اليه انه قرأ عليهم بشعب يقال له الحجون واخرج ابن جرير عن قتادة ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذهب هو وابن مسعود ليلة دعا الجن فخط على ابن مسعود خطا ثم قال لا تخرج منه ثم ذهب الى الجن فقرأ عليهم القران ثم رجع الى ابن مسعود فقال هل رأيت شيئا فقال سمعت لغطا شديدا فقال ان الجن اجتمعوا الي في قتيل كان بينهم فقضى بينهم بالحق وسألوه الزاد فقال كل عظم لكم عرق وكل روثة لكم خضرة واخرج ابو نعيم عن بلال بن الحارث قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بعض اسفاره فخرج لحاجته فاتيته باداوة من ماء فانطلق فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم اسمع مثلها فجاء فقال من فقلت بلال قال امعك ماء قلت نعم قال فاخذه مني فتوضأ فقلت سمعت عندك خصومة رجال قال اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون فاسكنت المسلمين الجلس واسكنت المشركين الغور واخرج ايضا عن الزبير بن العوام قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلوة الصبح في مسجده فلما انصرف قال ايكم يتبعني الى وفد الجن الليلة فسكت القوم فلم يتكلم منهم احد قال كذلك ثلثا فمر بي يمشي فجعلت امشي معه حتى حبست عنا جبال المدينة كلها وانصبنا الى ارض براز فاذا رجال طوال كانهم الرماح فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة فلما دنونا منهم خط لي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بابهام رجله في الارض خطا فقال لي اقعد في وسطه فلما جلست ذهب عني كل شيء كنت اجده من ربة ومضى النبي صلى الله عليه وسلم فتلى قرانا وبقوا حتى طلع الفجر ثم اقبل حتى مر بي فقال لي الحق فجعلت امشي معهم فمضينا غير بعيد فقال لي التفت وانظر هل ترى حيث كان اولئك من احد فقلت ارى سوادا كثيرا فخفض الى الارض فاخذ عظما بروثة ثم رمى بها اليهم وقال اولئك من وفد نصيبين سألوني الزاد فجعلت لهم كل عظم وروثة فهذه الروايات وغيرها مما هو مبسوط في الاكام واللقط وغيرهما تدل دلالة واضحة على تعدد ليلة الجن وتكثر معية ابن مسعود وح يسهل الامر في دفع التعارض بانه حيث ورد عنه او عن غيره نفى الشركة اراد بها بعض الليالي التي لم يحضر فيها وحيث اثبت الشركة اراد بها الليلة الاخرى الايراد الرابع ان ليلة الجن كانت مكية فانهم ذكروا ان وفادة جن نصيبين فكانت قبل الهجرة بثلث سنين فيكون حديث الوضوء بالنبيذ منسوخا باية التيمم التي امر فيها بالمصير الى التراب عند فقد الماء الذي يتبادر منه المطلق فانها مدنية وجوابه على ما في الهداية ان ليلة الجن كانت غير واحدة فلا يصح دعوى النسخ وفيه نظر من وجوه احدها ما ذكره السروجي في شرح الهداية ان هذا يوهم ان ليلة الجن كانت بالمدينة ايضا ولم ينقل ذلك في كتب الحديث وهذا ليس بشيء فان وقوع ليلة الجن بالمدينة قد ثبت في كتب الحديث كما مر بسطه فلا وجه لانكاره وثانيها ان الوارد في اية التيمم فلم تجدوا ماء يفيد ان المصير الى التيمم عند فقد الماء مطلقا لوقوع النكرة تحت النفي فيفيد العموم ولا شك ان النبيذ ماء من وجه فلا يدل الاية على وجوب التيمم عند وجوده حتى تكون ناسخة لحديث النبيذ وهذا ايضا ليس بشيء فان المراد بالماء في الاية الماء المطلق لا مطلق الماء ولو من وجه كما مر بسطه في موضعه وثالثها وهو اقواها ماسنح لي ان تدد ليلة الجن لا يفيد ما لم يثبت ان قصة الوضوء بالنبيذ وقعت في ليلة المدينة الواقعة بعد نزول اية التيمم فن قلت احتمال ذلك كان قلت انما يكفي لابطال قول من يدعي عن النسخ ولا يكفي في مقام التحقيق علا ان رواية احمد صريحة في ان الوضوء بالنبيذ كان في ليلة الجن التي وقعت بمكة وهي ليلة قدوم جن نصيبين كما مر ذكره الايراد الخامس ان الوضوء بالنبيذ مخالف لاية التيمم وعند التعارض يقدم الكتاب واجيب عنه بان الحديث مشهور يزاد بمثله على الكتاب وفيه نظر ذكره شراح الهداية وهو انه ليس مشهور بالشهرة الاصطلاحية الذي تجوز به الزيادة نعم له شهرة عرفية ولغوية وقد يستدل كما ذكره ابو بكر الرازي في احكام القران على جواز الوضوء بالنبيذ بقوله تعالى في اية الوضوء اغسلوا وجوهكم لكونه عاما في جميع المائعات فان كل من يغسل بمائع يسمى غاسلا الا ما قام الدليل على خلافه ونبي التمر لم يقم فيه دليل على عدم جواز الوضوء به فبقى في العموم وفيه نظر سنح لي وهو انه يقتضي ان يجوز الوضوء بسائر الانبذة غير نبيذ التمر مع انه ليس كذلك على المذهب المشهور فان اخذ بعدم كونها ماء مطلقا ورد مثله في نبيذ التمر ايضا وان فرق بورود الحديث فيه دون غيره لم يبق الاستدلال بالكتاب مستقلا وبعد اللتيا والتي اقوى المذاهب في هذا الباب هو الجمع احتياطا بين الوضوء والتيمم عملا بالحديث ش والخلاف في نبيذ هو حلو رقيق يسيل كالماء اما اذا اشتد وصار مسكرا لا يتوضأ به اجماعا والكتاب لانه ليس ادون حالا من سور الحمار والبغل لوجود تعارض الاستدلالات ههنا ايضا كوجوده فيما هنالك فافهم واستقم قوله والخلاف يعني ان الخلاف بين ابي حنيفة وغيره في جواز الوضوء بالنبيذ وعدمه انما هو في نبيذ موصوف بصفة الحلاوة والرقة والسيلان اما اذا لم يكن حلوا بحيث القى في الماء التمرات ولم تخرج حلاوتها فيه بعد فانه يجوز الوضوء به بلا خلاف لانه ماء مطلق ولو لم يكن رقيقا بل صار غليظا خرج عن طبع الماء لا يجوز الوضوء به اتفاقا ايضا ولو طبخ ادنى طبخة بحيث لم يصر غليظا لا يجوز الوضوء به ايضا بلا خلاف كما في لمحيط والمبسوط وغيرهما لما مر في موضعه ان ما يغيره النار لا يبقى ماء مطلقا اذا لم يقصد به المبالغة في التنظيف وذكر صاحب الهداية انه يجوز عند ابي حنيفة الوضوء به ولو صار مسكرا لا يجوز التوضي به ايضا اتفاقا لانه صار حراما وفيه خلاف ايضا ما بسطه شراح الهداية هذا اخر الكلام في هذا المقام ومن الله الفضل والانعام هذه القطعة من السعاية في كشف ما في شرح الوقاية وهي من اول الكتاب الى باب التيمم والغاية خارجة عن المغيا مع شرح الديباجة وزع المقدمة المسماة بدفع الغواية عمن يطالع شرح الوقاية الملقبة بمقدمة السعاية في ليلة يوم الثلثاء الرابع من الشهر المحرم من شهور السنة الثامنة والتسعين بعد الالف والمائتين من الهجرة على صاحبها افضل الصلوة والتحية وقد كان الشروع فيه في جمادي الاولى من شهور السنة السابعة او الثامنة والثمانين فوقعت طفرات في تكميله بسبب وقوع الاسفار الى بلاد الدكن والى الحرمين الشريفين والى الوطن والاشتغال بالتصانيف الاخر في الفنون العديدة وكان اتمام هذا حين اقامتي بالوطن حفظ من شرور الزمن وقد فرغت من شرح باب الاذان وباب شروط الصلوة وباب صفة الصلوة وفصل القراءة وقبل الشروع من كتاب الطهارة وارجو من الله تعالى ان يوفقني لشرح ما بقى وانا اشكر الله شكرا متتاليا واحمده حمدا متواليا على ما وفقني لهذا الامر الجسيم سائلا منه سوال الضارع الخاشع ان يجعل هذا التصنيف وسائر تصانيفي خالصة لوجهه الكريم وينفع بها عباده ويرزقنا بها الحسنى والزيادة واخر كلامنا ان الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على رسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الى يوم الدين (ص481).
مخ ۵۶۳