الاحتياط كذا قيل وخدشه صاحب العناية بان هذا المعنى موجود في العشرين فلم يتعين ثلثون للوجوب ودفعه العيني بانهم اختاروا الوسط الذي هو خير الامور ولم يرو عن احد ستون دلوا حتى يتعين الثلثون وذكر صاحب العناية في التعليل وقال انه الاولى أن السنة جاءت في رواية انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في الفارة إذا وقعت فماتت فيها انه ينزح منها عشرون دلوا أو ثلثون هكذا رواه أبو علي الحافظ السمر قندي أو لأحد الشيئين فكان الاقل ثابتا بيقين وهو معنى الوجوب والاكثر يوتي به لئلا يترك اللفظ المروي وان كان مستغنى عنه في العمل وهو معنى الاستحباب وتعقبه العيني بأن سنده في ما قاله الحديث المذكور وهو غير ثابت ولا هو موجود عند أهله فمن اين ياتي الاولوية تنبيه قسم الواقع في البير الغير المنتفخ جمهور الفقهاء على ثلثة اقسام وتبعهم المصنف وروى الحسن عن أبي حنيفة انه على خمس مراتب ففي الحكمة أي القرد العظيم وولد الفار ونحوها عشرة دلاء وفي الفارة والعصفور ونحوها عشرون وفي الحمامة والفاخنة ونحوهما ثلثون وفي الدجاجة والسنور ونحوهما اربعون وفي الادمي والشاة ونحوهما ماء البير كله ذكره في المبسوط والمحيط والينابيع وعن محمد وابي يوسف انهما جعلاها على ثلث مراتب كذا ذكر العيني في البناية ثم قال فان قلت قد قلتم أن مبنى مسائل الابار على الآثار دون القياس والرأي وما ذكرتم لا يخلو عن رأي قلت المقادير بالرأي إنما تمنع في الذي تثبت لحق الله تعالى دون المقادير التي ترددت بين القليل والكثير فان المقادير في الحدود والعبادات لا مدخل للرأي فيها أصلا وكذا ما يكون بتلك الصفة فأما الذي يكون من باب الفرق بين القليل والكثير في ما يحتاج إليه فللرأي في مدخل ولما عرف من آثار الصحابة حلم طهارة البير في الفصول كلها مع اختلاف الأقوال عنهم وعن غيرهم من التابعين في القليل والكثير من النزح دخل فيه الرأي لاختيار عدد دون عدد انتهى قلت فيه نظر أما أو لا فلان المقادير في الأحكام مطلقا سواء كانت من قبيل الحدود والعبادات أو غيرهما لا مجال للرأي فيها إلا بنص من اشارع أو من يكون قوله إلا على نص الشارع فان العقل لا يهتدي إلى هذا المقدار لو نزح يطهر ولو نزح اقل منه لا يطهر إلا إذا ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة إنما يدخل الرأي فيه لاختيار عدد دون عدد من الأعداد المنقولة عنهم لا في أحداث عدد على وفق أحدا لهم كيف فان قولهم منسوب إلى الشارع وليس لغير هو هذه المرتبة فنزح عشرة دلاء في الحلمة وأمثالها لما لم ينقل عن صحابي كيف يجترئ عليه وأما ثالثا فلان قول الصحابي في ما لا يعقل وان كان له حلم الرفع لكن قول التابعي ليس كذلك فيلزم أن يؤخذ بما نقل عن الصحابة حتما ولا يلزم الأخذ بما نقل عن غيرهم وأما رابعا فلان ما نقل عن الصحابة والتابعين ليس نصا على تنجس البير بوقوع حيوان وتوقف طهارته على نزح المقدار المعين بل هو محتمل احتمالا قويا أن يكون لدفع الكراهة الطبعية ولذلك اختلفت الأقوال عنهم في المقادير هذا وانا إلى هذه الغاية لم يتضح لي سر اكثر المسائل المنقولة عن أصحابنا ولا ظهر مستند أكثرها لكنا نحسن الظن بهم ونسير بهم حيث ساروا ونذكر بعض ما ذكروا فروع بيضة سقطت من الدجاجة في مرقة أو ماء لا تفسد الماء وكذا السخلة إذا سقطت من امها ووقعت في الماء مبتلة لا تفسد وان وقعت في البير حلمة ومات فيها ينزح دلاء في رواية عشرون وفي رواية أن نزح اقل من عشرة جاز وإذا وقع في البير سام ابرص مات فيها ينزح عشرون دلوا في ظاهر الرواية والصعوة بمنزلة الفارة لاستوائهما في الجثة والبط والأوزان كان صغيرا فهو كالدجاجة ينزح منها والمعتبر الدلو الوسط أربعون أو خمسون وان كان كبيرا ينزح جميع الماء ولو ماتت فارة في إناء فصب ماؤه في البير ينزح الأكثر فيه ومن عشرين دلوا وعند أبي يوسف ينزح المصبوب وعشرون دلوا ولو ماتت فارة في بير ونزح منها دلوا وصب في بير طاهر كان حكم الثانية ما كان حكم الأولى قبل نزح هذا الدلو أن كان المصبوب هو الدلو الأول ينزح من البير الثانية عشرون وان صب الدلو الثاني ينزح من الثانية تسعة عشر وان صب الدلو العاشر ينزح من الثانية احد عشر دلوا وهو الصحيح لان الأولى كانت تطهير قبل نزح هذا الدلو بأحد عشر دلوا فكذا الثانية هذا كله في فتاوى قاضيان ولو حفروا بير بالوعة فجعلوها بيرا فان حفروها مقدار ما وصلت إليه النجاسة فالماء طاهر وجوانبها نجسة وان حفروها أوسع من الأول جاز وطهر الماء والبير كله وقال العتابي يرجع في هذا إلى اهل البصيرة لان ذلك تختلف بصلابة الأرض ورخاوته ولو تعذر نزح الفارة لا ينفع نزح الماء قبل اخراجها هذا كله في خزانة الفتاوى بير تنجس ماؤها فغار ثم عاد بعد ذلك الصحيح انه طاهر ويكون ذلك بمنزلة النزح حتى لو صلى في قعرها حالة الجفاف يجوز وكذلك بير وجب نزح عشرين فنزح عشر دلاء فلم يبق الماء ثم عاد الماء لا ينزح منه شيء وما نزح من الماء النجس لا يطين به المسجد احتياطا ولا يرش فيه هذا ما في مختارات النوازل الهرة إذا كانت هاربة عن الكلب والفارة إذا كانت هاربة عن الهرة فوقعت في البير وخرجت حية ينزح كله لأنها تبول غالبا وقيل بخلافه وعليه الفتوى ونصف الفارة مثل الفارة روى ذلك عن أبي يوسف وعن أبي حنيفة الأولى والسخلة والجدري كالدجاج وعنه كالشاة وعن أبي حنيفة السنوران كالدجاجة والثلث كالشاة وعن أبي يوسف في السنور ينزح الكل ولو كانت ابار وقعت في كل واحد منها فارة فصب من الأول دلو في الثانية ثم من الثانية إلى الثالثة هكذا إلى العاشرة ينزح من الأربعة الأول عشرون ثم إلى التاسعة تسعة وثلثون وينزح كل العاشرة هذا ما في المجتبى وان وقعت فارة وسنور في بير فان اخرجا حيين ينزح دلاء وان ماتت الفارة واخرج السنور حيا وجب نزح عشرين إلى ثلثين وان مات السنور فحسب ينزح أربعون إلى ستين وان ماتا جميعا ينزح أربعون وقيل ينزح ستون أربعون لأجل السنور وعشرون لاجل الفارة وهذا كله إذا ماتت في البير وليس بها جراحة فان كانت بها جراحة وهربت الفارة من الهرة والهرة من الكلب ينزح الجميع سواء أخرجت حية أو ميتة وما كان بين الفارة والدجاجة فهو بمنزلة الفارة وما كان بين الدجاجة والشاة فهو بمنزلة الدجاجة وهذا ظاهر الرواية وفي العتابية لو وقع في البير مخاط أو بزاق كره ونزح دلاء ولو وقع فيه الورد وماء التمر لا ينزح شيء وفي النسيمة سئل الخجندي عن ركية وجد فيها خف خلق لا يدري متى وقع فيها وليس عليه اثر النجاسة قال لا يحكم بنجاسة الماء وفي الأصل ادنى ما ينبغي أن يكون بين بير بالوعة وبير الماء خمسة اذرع في رواية سليمان وفي رواية أبي حفص سبعة اذرع وقال الحلواني هذا ليس بتقدير بل الشرط أن يكون بينهما برزخ يمنع خلوص طعم البالوعة أو ريحها إلى البير وذكر في الظهيرية بير الماء إذا كانت بقرب البير النجسة فهي طاهرة ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه هذا ما في التاتارخانية وإذا وجب نزح الماء كله فعجن من ذلك الماء لا يطعم ذلك بني آدم ولا باس باطعامه للكلاب وعن أبي حنيفة في الكلب والسنور إذا وقع في الماء وخرج حيا فاعتجنوا به لا باس به وقال أبو عصمة إذا أصاب فم الكلب الماء لا خير فيه وعن أبي يوسف في رجل جنب استقى دلوا فصبه على رأسه ثم استقى آخر فتقاطر شيء في البير انه لا باس بذلك للضرورة هذا ما في الذخيرة قال والمعتبر الدلو الاوسطاي المعتبر في اخراج الماء الدلو بفتح الدال وسكون اللام الوسط وقد اختلفوا فيه على اقوال الأول المعتبر الدلو الوسط لانه اعدل وما جاوزه احتسب به الثاني دلو تلك البير التي يستقى منها الثالث دلو يسعه خمسة امناء من الماء الرابع دلو يسعه أربعة أمناء الخامس دلو يسعه منوان ذكر هذه الاقوال الزاهدي في المجتبى السادس دلو يسعه صاع ذكره صاحب الهداية وقال هذه رواية الحسن عن أبي حنيفة السابع ما يسعه عشرة أرطال ذكره الزيلعي في تبيين الحقائق واختلفوا في تفسير الدلوا الوسط فذكر صاحب جامع المضمرات والبرجندي والياس زاده كلاهما في شرح النقاية انه ما يسع قدر صاع فعلى هذا يكون القول الأول والسادس متحدين لكن ظاهر التبيين وغيره من الكتب المعتمدة انه غيره وفسره الزاهدي في المجتبى القهساني في جامع الرموز وغيرهما بالدلو المستعمل للابار في البلاد وفسره صاحب البدائع وغيره بالمتوسط الصغير والكبير واليه يشير كلام النسفي في المستصفى حيث قال في تعليل اختيار الوسط لو كان صغيرا ربما يبقى فيه أجزاء النجاسة ولو كان كبيرا يودي إلى الحرج فالوسط اعدل لأنه ذو حظ من الطرفين إذ الكبير أولى من وجه لأنه أدل على عدم بقاء النجاسة والصغير أولى من وجه دفعا للحرج فقلنا بالوسط جمعا بينهما بقدر الإمكان انتهى وفسره الشرنبلالي في مراقي الفلاح بانه المستعمل كثيرا ف يتلك البير وهذا إنما يتعين إذا كان للبير دلاء يستعمل واحد منها كثيرا وأما إذا لم يكن له إلا دلو واحد لا يتعين الوسط بهذا المعنى وفسره الحصكفي في الدر المختار بدلو تلك للبير وهو تفسير مخالف لعامة الكتب فإنها مصرحتان قول الوسط دلو تلك البير مختلفان وعلى هذا التفسير يلزم اتحادهما ثم ما اختاره المصنف من اعتبار الدلو الوسط قد اختاره صاحب الكنز وصاحب الفقه النافع وتحفة الملوك وملتقى الأبحر وتنوير الأبصار وغيرهم واختار صاحب الهداية اعتبار دلو تلك البير وقال صاحب البحر اختاره في المحيط والاختيار والبدائع وغيرهما وهو ظاهر الرواية لأنه مذكور في الكافي للحاكم انتهى وذكره صاحب ملتقى الابحر بلفظة قيل قال شارحه في مجمع الأنهر أورده بصيغة التمريض لانه يلزم من هذا أن يكون نزح قدر من الماء مطهرا في بير غير مطهر في بير آخر مع اتحاد سبب النجاسة لاختلاف دلوهما في المقدار انتهى في الخلاصة المعتبر في كل بير دلوها فان لم يكن لتلك البير دلو ينزح بدلو يسع في الصاع وهو ثمانية ارطال وعن أبي حنيفة خمسة امناء انتهى وظاهره أن الاختلاف الواقع في مقدار الدلو إنما هو إذا لم يكن لتلك البير دلو وأما إذا كان فهو المعتبر واليه يشعر كلام صاحب جامع المضمرات حيث قال الحاصل أن المعتبر هو دلو البير التي وقعت النجاسة فيها وان لم ينزح بذلك الدلو ونزح بدلو آخر فالمعتبر هو الدلو الوسط انتهى وبه صرح صاحب البحر حيث قال الذي يظهر أن البير أما أن يكون لها دلوا ولا فان كان لها دلو اعتبر به والا اتخذ لها دلو يسع صاعا وهو ظاهر ما في الخلاصة.................................... أن ............................ إذا .................................... ........................................................................ ................................................... إلا ................... الواجبة لان عند تكرار النزح ينبع الماء من اسفله ويواخذ من اعلاه فيكون كالجاري وهذا لا يحصل بدلو واحد وان كان عظيما كذا في البدائع ونقله في التبيين والنهاية عن زفر قلنا قد حصل المقصود وهو اخراج القدر الواجب واعتبار معنى الجريان ساقط ولهذا لا يشترط التوالي في النزح كذا في البحر الرائق. (ص 436)
مخ ۴۷۵