ص370 (إلا إذا كان) أقول إذا نظر إلى الأدلة التي أوردها الإمام الغزالي مال القلب إلى قوة هذا المذهب كيف لا وهو ثابت بالأثر الصحيح وذهب إليه اكثر الصحابة والتابعين كما صرح به الإمام الرازي في تفسيره وحمله على الماء الجاري كما ذكره أصحابنا أن كان لوروده في بير بضاعة وكان ماؤه جاريا فبعد تسليم كونه ؟؟ فيه بان الوارد في بير بضاعة إنما هو الماء طهور لا ينجسه شيء بدون الاستثناء وهو مستند الظاهرية لا المالكية وأما مستندهم وهو الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه مع الاستثناء فلا يظهر في طريق من طرقه وروده في بير بضاعة وان كان ذلك لمعارضته بحديث المستيقظ وبحديث النهي عن البول فقد مر انه غير صحيح وان اعتبر التعارض مع الآثار الواردة في نزح الماء عن الآبار عند موت الحيوانات فيه على ما سيأتي ذكرها أن شاء الله تعالى فبعد تسليم صحتها يناقش في دلالتها على التنجس اذ ليس فيها ما يدل صريحا عليه بل يحتمل التنجس والتنزه كليهما وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال وان اعتبر التعارض بحديث ولوغ الكلب كما اختاره ابن الهمام فلا يلزم منه حمله على الجاري خاصة لا مكان دفع التعارض بطريق آخر وهو أن يحمل هذا الحديث على القلتين وحديث ولوغ الكلب على ما دونه وبالجملة فلا دليل يدل قطعا على حمل هذا الحديث على الماء الجاري خاصة وممن مال إلى قوة هذا المذهب بحر العلوم حيث قال في رسائل الأركان الأشبه عندي من حيث الدليل قول مالك لان حديث الماء طهور لا ينجسه شيء صحيح ثابت بلا ريب ولا يضر جريان بير بضاعة لان العبرة لعموم اللفظ وحديث القلتين بعد تسليم صحته غير معارض له لانه ليس تخصيص العموم إلا باعتبار المفهوم أن سلم فضعيف لا يعارض المنطوق وأما حديث ولوغ الكلب فغير معمول عندنا معشر الحنفية ولا يوجبون غسل الإناء سبع مرات بل يقولون هذا كان في بدء الإسلام تشديدا في تبعيد الكلب فليجز أن يكون نجاسة الماء لذلك ثم الكلاب تقع على الجيف المنتن غالبا فإذا ولغ الكلب من فوره يتغير الريح فما قالوا انه لا يتغير أحد الأوصاف بولوغ الكلب محل تامل ثم بعد هذا كله نقول على التنزل غاية ما لزم معارضة حديث ولوغ الكلب لذلك الحديث في بعض أفراده ففي الباقي الخالي عن المعارضة يعمل بالعام ويطلب في ما فيه المعارضة والترجيح فيعمل بالراجح انتهى قال إلا إذا كان الخ يعني لا يجوز الوضوء بماء راكد وقع فيه نجس إلا إذا كان كثيرا له حكم الجاري وهو العشر في العشر فانه ح لا يتنجس بوقوع النجاسة إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه وايضح المرام أن من عدا الظاهرية والمالكية كلهم اتفقوا على تنجس الماء القليل بوقوع النجاسة وان لم يتغير وعدم تنجس الكثير به إلا بعد التغير واختلفوا في تحديد القليل والكثير على مذاهب فمنهم من جعل الحد القلتين بان قدر القلتين كثير وما دونه قليل ومنهم من اعتبر الحد بالخلوص ومنهم من اعتبر الحد بالمساحة أما الذين جعلوا الفصل بالقلتين فمن الصحابة عبد الله بن عمر واختاره من الايمة الشافعي ومن تبعه واحمد في رواية عنه كما في رحمة الامة واسحق بن راهويه كما حكاه الترمذي مستدلين باحاديث وردت في ذلك فروى ابو داود عن محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي قالوا حدثنا ابو اسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابيه قال سئل النبي عليه الصلوة والسلام عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ثم روى عن موسى بن اسمعيل قال حدثنا حماد عن محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله عن ابيه انه سئل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الماء يكون في الفلاة فقال الحديث ثم روى عن موسى بن اسمعيل عن حماد قال اخبرنا عاصم بن المنذر عن عبيد الله قال حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال إذا كان الماء قلتين فانه لا يتنجس وروى الترمذي عن هناد قال حدثنا عبدة عن محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله ابن عمر عن ابيه قال سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الارض وما ينوبه من السباع والدواب قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث وروى ابن ماجة عن أبي بكر بن خلاد الباهل حدثنا يزيد بن هارون انبأنا محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله عن ابيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن الماء يكون في الفلاة من الارض وما ينوبه من السباع والدواب فقال إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء ثم روى عن عمرو بن رافع حدثنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله عن ابيه نحوه ثم روى عن علي بن محمد حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله ب عبد الله مرفوعا إذا كان الماء قلتين أو ثلثا لم ينجسه شيء وروى النسائي عن هناد بن المسري والحسين بن حريث عن أبي امامة عن الوليد بن كثير عن محمد ابن جعفر عن عبيد الله عن ابيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث وروى الطحاوي في شرح معاني الاثار عن الحسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله عن ابيه انه سئل النبي عليه الصلوة والسلام عن الحياض التي بالبادية يصيب منها السباع فقال إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا ثم روى عن محمد بن الحجاج حدثنا علي بن معبد حدثنا عباد المهلبي عن محمد بن اسحق يمثله سند أو متنا ثم روى عن موسى بن اسمعيل حدثنا حمدا بن سلمة أن عاصم بن المنذر اخبرهم قال كنا في بستان لنا أو بستان لعبيد الله بن عبد الله بن عمر فحضرت صلوة الظهر فقام إلى البير الذي في البستان فتوضأ وفيه جلد بعير ميت فقلت اتتوضأ منه وهذا فيه فقال عبيد الله اخبرني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم ينجس ورواه احمد بن حنبل في مسنده عن عبدة عن محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال سئل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الماء يكون بارض الفلاة وما ينوبه من الدواب والباع فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث واجاب المالكية والحنفية وغيرهم ممن لم يقل بالقلتين عن هذه الاحاديث بوجوه عديدة تضبطها مسالك ثلثة المسلك الأول مسلك التضعيف وذكروا لذلك وجوها الأول أن في سنده محمد بن اسحق راوي الحديث عن محمد بن جعفر وهو محمد بن اسحق بن بسار المدني ابو بكر صاحب المغازي وهو مجروج قال ابو موسى محمد بن المثنى ما سمعت يحيى القطان يحدث عن ابن اسحق فقلت له ما احسن هذه القصص التي يجيء بها محمد بن اسحق فتبسم الي متعجبا وروى ابن معين عن يحيى القطان انه كان لا يرضى بمحمد بن اسحق ولا يحدث عنه وسأل رجل عبد الله بن احمد بن حنبل عن ابن اسحق فقال كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيرا بالعلو والنزول ويخرجه في المسند فقيل له يحتج بحديثه فقال لم يكن يحتج به في السنن وقيل لاحمد بن حنبل إذا تفرد ابن اسحق بحديث تقبله قال والله اني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا وروى الميموني عن ابن معين انه ضعيف وقال احمد بن زهير سئل يحيى عنه فقال ليس بداك ضعيف وقال النسائي ليس بالقوي وقال علي قلت ليحيى بن سعيد كان ابن اسحق بالكوفة وانت بها قلت نعم تركته متعمدا ولم اتب عنه حديثا قط وروى ابو داود عن حماد قال لولا الاضطرار ما حدثت عن محمد بن اسحق وقال احمد قال مالك انه دجال من الدجاجلة كذا نقل ابن سيد الناس في عيون الاثر والجواب عنه أن المرجح في ابن اسحق التوثيق فقد وثقه جماعة ممن يعتد به فقال ابن أبي خيثمة حدثنا ابن المنذر عن ابن عيينة انه قال ما يقول اصحابك في محمد بن اسحق قلت يقولون انه كذاب قال لا تقل ذلك وقال علي بن المديني سمعت سفيان بن عيينة سئل عن محمد بن اسحق فقال جالسته منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من اهل المدينة ولا يقولون فيه شيئا وسئل ابو زرعة عنه فقال صدوق وقال ابو حاتم يكتب حديثه وقال عاصم بن عمر بن قتادة لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن اسحق وقال ابو زرعة قد اجمع الكبراء من اهل العلم على الاخذ عنه منهم سفيان وشعبة وابن عيينة والحماد وابن المبارك وابراهيم بن سعد واختبره اهل الحديث فراؤه صدوقا وقال ابن نمير كان يرمي بالقدر وكان ابعد الناس منه وقال ابراهيم الحربي حدثني مصعب كانوا يطعنون علي ابن اسحق بشيء من غير جنس الحديث وقال يزيد بن هارون لو سود أحد في الحديث لسود محمد بن اسحق وقال شعبة انه امير المومنين في الحديث كذا نقله ابن سيد الناس ونقل عن جماعة اخرى أيضا التوثيق ثم اجاب عن جرح المجرحين أما عن ترك القطان ويحيى بن سعيد واضطرار حماد فبانه لامر رمى به من غير جنس الحديث واما عن قول عبد الله بن احمد فبانه لما انس منه التسامح في غير السنن التي هي جل عمله من المغازي والسير طرد الباب فيه واما عن رواية الميموني فبانه قد روى ابو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قلت ليحيى بن معين وذكرت له الحجة محمد بن اسحق منهم فقال كان ثقة انما الحجة عبيد الله بن عمرو مالك بن انس واما عن قول مالك فبانه كان لامر وقع بينهما ثم نقل عن أبي حاتم انه قال في كتاب الثقات تكلم فيه رجلان هشام ومالك فاما هشام فانكر سماعه من فاطمة وهو ليس مما يجرح به الانسان في الحديث وذلك أن التابعين كالاسود وعلقمة سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليه بل سمعوا صوتها وكذلك ابن اسحق كان يسمع من فاطمة بالستر واما مالك فانه لم يكن بالحجاز اعلم بانساب الناس وايامهم من ابن اسحق وكان ابن اسحق يزعم أن مالكا من موالي ذي اصبح وكان مالك يزعم انه من انفسها فوقع بينهما لذلك مفاوضة فلما صنف مالك الموطا قال ابن اسحق ائيتوني به فانا بيطاره فقال مالك هذا دجال من الدجاجلة انتهى كلامه ثم نقل ابن سيد الناس جروحا آخر فيه واجاب عنها واحدا فواحدا وممن رجح توثيقه الذهبي حيث قال في الاشف محمد بن اسحق بن يسار ابو بكر ويقال ابو عبد الله المطلبي المدني الإمام صاحب المغازي راى انسا وروى عن عطاء وطبقته وعنه شعبة والحمادان والسفيانان ويونس بن بكير وخلق وكان من بحور العلم صدوق وله غرائب في سعة ما روى واختلف في الاحتجاج وحديثه فوق الحسن وقد صححه جماعة مات سنة احدى وخمسين ومائة وقيل اثنين وخمسين انتهى كلامه وان شئت زيادة التفصيل في توثيق محمد ابن اسحق فارجع إلى رسالتي امام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام وتعليقه المسمى بغيث الغمام والملقب بتعليق الفوائد العظام الوجه الثاني أن في سند أبي داود وغيره الراوي عن محمد بن جعفر الوليد بن كثير المخزومي المدني وهو مجروح فانه رمى برأي الخوارج كما صرح به ابن حجر في تقريب التهذيب وجوابه انه ثقة كما قال الذهبي في الكاشف الوليد بن كثير المخزومي المدني عن سعيد بن أبي هند والاعرج وعنه ابن عيينة وابو اسامة ثقة انتهى ومجرد رميه برأي الخوارج لا يضر فان روايات اهل الاهواء مقبولة إذا لم تكن فيهم داعية إلى البدعة على الاشهر المختار للاكثر كما صرح به ابن الصلاح في مقدمته الوجه الثالث أن محمد بن اسحق بن يسار مدلس كما نص عليه برهان الدين ابراهيم بن محمد ابن خليل الحلبي سبط ابن العجمي في كتابه التبيين لاسماء المدلسين وكذا ابو اسامة حماد بن اسامة كما نقله ابن حجر في تهذيب التهذيب عن ابن سعد انه قال ابو اسامة كان ثقة مامونا كثير الحديث يدلس انتهى وقد تقرر في موضعه أن عنعنة المدلس غير مقبولة كما بسطته في ظفر الاماني في المختصر المنسوب إلى الجرجاني فلا يقبل حديث القلتين من روايتهما لكونها معنعنة وجوابه أن هذا الخلل يخبر بكثرة المتابعات والشواهد الوجه الرابع أن جماعة من اجلة المحدثين قد حكموا على هذا الحديث بالضعف كما قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق قال اشافعي إذا كان الماء قلتين لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغير لقوله عليه السلام إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا وليس له فيه حجة لانه قد ضعفه جماعة من المحدثين حتى قال البيهقي من الشافعية الحديث غير قوي وقد تركه الغزالي والروياني مع شدة اتباعهما للشافعي نضعفه انتهى وفي البناية حديث القلتين ضعفه ابن عبد البر وابو بكر بن العربي وقال ابو بكر في التمهيد في القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت الاثر لان حديث القلتين قد تكلم فيه جماعة من اهل العلم بالنقل ولانه لا يوقف على حقيقة مبلغهما في اثر ثابت ولا اجماع ولو كان حتما ثابتا لما منعوه ثم انهم يقولون إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة تنجس القلتان وليس في حديثهم ذلك وانما جاء في مطلق الماء انتهى وفي فتح القدير ممن ضعفه الحافظ ابن عبد البر والقاضي اسمعيل بن اسحق وابو بكر بن العربي المالكيون وفي البدائع عن علي بن المديني لا يثبت حديث القلتين فوجب العدول عنه انتهى وفي البحر الرائق قد بالغ الحافظ عالم العرب ابو العباس بن تيمية في تضعيفه وقال يشبه أن يكون الوليد بن كثير غلط في رفع الحديث وغزوه إلى ابن عمر فانه دائما يفتي الناس ويحدثهم عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي رواه معروف عند اهل المدينة وغيرهم لا سيما سالم بن عبد الله ونافع مولاه وهذا لم يروه عنه لا سالم ولا نافع ولا عمل به أحد من علماء المدينة ولا البصرة ولا اهل الشام ولا اهل الكوفة واطال رح الكلام بما لا يحتمله هذا الموضع انتهى والجواب عنه أن مدار الصحة والضعف على الاسانيد ورواة هذا الحديث اكثرهم ثقات ومن تكلم فيه من رواته قد وقع فيه أيضا التعديل والجرح المبهم غير مقبول عند المحدثين والا فكم من احاديث صحيحة استند بها اصحاب المذاهب الاربعة مروية في كتب الصحاح يلزم أن ترد لوقوع أقوال الجرح في رواتها والتزم ذلك مما يهدم بنيان الفقه وقد حكم بوقة هذا الحديث جمع من النقاد فقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في باب البول في الماء الدائم قد تقدم قول من لا يعتبر إلا التغير وعدمه وهو قوي لكن الفصل بالقلتين اقوى لصحة الحديث فيه انتهى وقال أيضا في بلوغ المرام في احاديث الاحكام صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم انتهى وفي البحر الرائق صححه ابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وجماعة من اهل الحديث انتهى وفي المحلى شرح الموطا صححه ابن خزيمة وابن حبان والدار قطني وقال ابن معين جيد وقال البيهقي موصول صحيح وقال المنذري اسناده جيدا لا غبار عليه انتهى الوجه الخامس لو كان الحديث صحيحا لاخرجه الشيخان البخاري ومسلم فاذا لم يخرجاه كان ذلك حكما منهما على عدم قبوله وجوابه انه انما لم يخرجاه لاضطراب وقع في اسناده كما ذكره الحاكم وابن حجر وغيرهما الوجه السادس أن الحديث لا يخلو عن اضطراب في سنده ومتنه كما بسطه ابن دقيق العيد قال الزيلعي في تخريج احاديث الهداية قد اجاد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في كتاب الإمام جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف الفاظه واطال في ذلك اطالة تلخص منها تضعيفه له فلذلك اضرب عن ذكره في كتاب الالمام مع شدة احتياجه إليه انتهى ثم ذكر الزيلعي قدرا صالحا ملخصا من كلامه وقد ذكرت قدرا منه في شرح المختصر المنسوب إلى الجرجاني في اصول الحديث المسمى بظفر الاماني في بحث المضطرب فليرجع إليه وانا اذكر ههنا قدرا ملخصا ضروريا فاعلم سناده من ثلث روايات احدها رواية الوليد بن كثير وقد اختلف فيه فروى جماعة منهم اسحق ب راهويه واحمد بن جعفر الوكيعي وابو بكر بن أبي شيبة وابو عبيدة ومحمد بن عبادة وحاجب بن سليمان وهناد بن السري والحسين بن حريث ومحمد بن العلاء وغيرهم عن أبي اسامة عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر قال له الحافظ ابو مسعود الرازي وعثمان بن أبي شيبة من رواية أبي داود وعبد الله بن الزبير الحميدي ومحمد بن حسان وغيرهم وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر قاله الدار قطني وقد اختلف الحفاظ في هذا الاختلاف بين محمد بن جعفر ومحمد بن عباد بن جعفر فمنهم من ذهب إلى الترجيح فقال عن أبي داود انه لما ذكر عن محمد بن عباد قال هو الصواب وذكر عبد الحرم بن أبي حاتم في كتاب العلل عن ابيه انه قال محمد بن عباد بن جعفر ثقة ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة والحديث عن محمد بن جعفر اشبه وجمع الدار قطني بين الروايتين فقال لما اختلف على أبي اسامة في اسناده احببنا أن نعلم الصواب في ذلك فوجدنا شعيب بن ايوب قد رواه عن أبي اسامة عن الوليد على الوجهين جميعا عن محمد بن جعفر بن الزبير ثم اتبعه عن محمد بن عباد فصح القولان جميعا عن أبي اسامة وصح أن الوليد رواه عنهما جميعا واخرج البيهقي عن اسمعيل بن قتيبة عن أبي بكر وعثمان بن أبي شيبة باسنادهما عن محمد بن عباد ابن جعفر على خلاف رواية أبي داود عن عثمان بن أبي شيبة وذكر رواية اخرى من جهة أبي العباس محمد بن يعقوب عن احمد ابن عبد الحميد فيها ذكر محمد بن جعفر بن الزبير على خلاف رواية الدار قطني عن احمد بن محمد بن سعيد عن احمد بن عبد الحميد واخرج عن أبي عبد الله بن مبشر الواسطي حدثنا شعيب بن ايوب حدثنا ابو اسامة الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله عن ابيه وههنا اختلاف آخر وهو انه وقع في بعض الروايات في آخر السند عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابيه وفي بعضها عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن ابيه وحكى البيهقي في كتاب المعرفة عن اسحق بن راهويه انه قال غلط ابو اسامة في عبد الله بن عبد الله بن عمر وانما هو عبيد الله بن عبد الله واستدل بمارواه عن عيسى بن يونس عن الوليد عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وذكر ابن منذة أن رواية عيسى اشبه لانه رواه عبد الله بن المبارك وغيره عن محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابيه مثل رواية عيسى عن الوليد فهذا اسناد صحيح على شرط مسلم في عبيد الله ومحمد بن جعفر ومحمد بن اسحق وروى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله فهذا محمد بن اسحق وافق عيسى في ذكر محمد بن جعفر وعبيد الله ووافق رواية حماد وغيره عن عاصم في ذكر عبيد الله فثبت هذا الحديث باتفاق اهل المدينة والكوفة والبصرة على حديث عبيد الله وباتفاق محمد بن اسحق والوليد عن روايتهما عن محمد بن جعفر فعبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر مقبولان باجماعهم في كتبهم وكذلك محمد بن جعفر ومحمد بن عباد بن جعفر والوليد بن كثير في كتاب مسلم وابي داود والنسائي وعاصم يعتبر بحديثه ومحمد بن اسحق اخرج عنه مسلم وابو داود والنسائي وعاصم بن المنذر استشهد به البخاري في كتابه في موضع وقال شعبة محمد بن اسحق امير المومنين في الحديث وقال عبد الله بن المبارك محمد بن اسحق ثقة ثقة ثقة انتهى كلام ابن مندة قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد كان ابا عبد الله بن مندة حكم بالصحة على شرط مسلم من جهة الرواة واعرض عن كثرة الاختلاف فيها والاضطراب ولعل مسلما تركه لذلك وحكى البيهقي في كتاب المعرفة عن شيخه أبي عبد الله الحافظ انه كان يقول الحديث محفوظ عنهما جميعا يعني عن عبد الله وعبيد الله قال ابن أبي حاتم سالت ابا زرعة عن حديث محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله ورواه الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر فقال ابن اسحق ليس يمكن أن يقضي له قلت له ما حال محمد بن جعفر قال صدوق والرواية الثانية رواية محمد بن اسحق فاخرج هناد وحماد بن سلمة ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون وابن المبارك وغيرهم من طريقه إلى ابن عمر انه سئل النبي صلى الله عليه على اله وسلم عن الماء ينوبه السباع والدواب الحديث ورواه عبيد الل بن محمد بن عائشة عن حماد عن محمد بن اسحق بسنده وقال فيه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن الماء يكون في الفلاة ويرده السباع والكلاة رواه البيهق وقال كذا قال السباع والكلاب وهو غريب وكذلك قال موسى بن اسمعيل عن حماد بن سلمة وقال اسمعيل بن عياش عن محمد بن اسحق الكلاب والدواب الرواية الثالثة رواية حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر واختلف في اسناده ومتنها أما الاسناد فرواه موسى بن اسمعيل عن حماد عن عاصم عن عبيد الله عن ابيه مرفوعا ورواه اسمعيل بن علية عن عاصم عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفا واما الاختلاف في المتن فان يزيد بن هارون رواه عنه الحسن بن محمد الصباح عن حماد عن عاصم قال دخلت مع عبيد الله بستانا فيه ماء فيه جلد بعير ميت فتوضأ فقلت اتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت فحدثني عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال إذا بلغ الماء قلتين أو ثلثا لم ينجسه شيء اخرجه الدار قطني وعبد بن حميد واسحق ابن راهويه في مسنديهما قال الدار قطني وكذلك رواه ابراهيم بن الحجاج وكامل بن طلحة عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد قالوا فيه إذا بلغ الماء قلتين أو ثلثا ورواية ابراهيم عند الحاكم في مستدركه وقال الحاكم ورواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ عن حماد لم يقولوا فيه ثلثا وروى وكيع عن حماد أيضا لفظة أو ثلثا وهو عند ابن ماجة وقال الدار قطني رواه عفان بن مسلم ويعقوب بن اسحق الحضرمي وبشر بن السري والعلاء بن عبد الجبار المكي وموسى بن اسمعيل وغيرهم عن حماد بهذا الاسناد وقالوا فيه إذا كان الماء قلتين لم ينجس ولم يقولوا أو ثلثا ومن الاختلاف في المتن انه روى الدار قطني في سننه وابن عدي في الكامل والعقيلي في الضعفاء عن القاسم بن عبد الله العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم إذا بلغ الماء اربعين قلة فانه لا يمل الخبث قال الدار قطني كذا رواه القاسم العمري ووهم في اسناده وكان ضعفا كثير الخطا وخالفه روح بن القاسم سفيان الثوري ومعمر رووه عن عبد الله بن عمر موقوفا ورواه ايوب السختياني عن محمد بن المنكدر من قوله لم يجاوز به ثم روى الدار قطني باسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر قال إذا بلغ الماء اربعين قلة لم ينجسه شيء ثم اخرجه رواية سفيان من جهة وكيع وابي نعيم عنه عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر قال إذا بلغ الماء اربعين قلة لم ينجسه شيء واخرج أيضا رواية معمر من جهة عبد الرزاق عن غير واحد عنه وروى الدار قطني أيضا من جهة بشر بن السري عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن ابيه قال إذا كان الماء قدر اربعين قلة لم يمل خبثا قال الدار قطني كذا قال وروى غير واحد عن أبي هريرة فقالوا اربعين قربا ومنهم من قال اربعين دلوا واجيب عن وجه الاضطراب في المتن بانه انما يورث الضعف إذا تساوت الروايتان المختلفتان واما إذا ترجحت احدها بقوة حفظ راويها تز طول صحبته للمروي عنه أو نحو ذلك من وجوه الترجيح فلا يقد الاضطراب في شيء بل العبرة ح للراجح كما تقرر في الاصول وههنا رواية اربعين ورواية أو ثلثا لا تساوي رواية القلتين فان رواته ثقات ورواتهما ضعفاء مجروحون فيكون لها الاعتبار لهما المسلك الثاني مسلك الاجمال وهو أن القلة الواردة في الحديث لم يبين لنا في هذه الاثار ما مقدارها فقد يجوز أن يكون المراد قلتين من فلان هجركما كما ذكروه ويحتمل أن يكونا قلتين اريد بها قلة الرجل وهي قامته فاريد إذا كان الماء قامتين لم يحمل نجسا لكثرته فان قالوا الن الخبر على ظاهره والقلال هي قلال الحجاز المعروفة قيل لهم فاذا كان الخبر على ظاهره فانه يبغي أن يكون الماء إذا بلغ ذلك المقدار لا تضره النجاسة وان غيرت طعمه أو لونه أو ريحه كذا ذكره الطحاوي في شرح معاني الاثار واجيب بانه قد ورد في رواية الشافعي أن المراد بالقلة قلة هجر وكانت متعارفة في بلاد الحجاز واورد عليه بان كل ما ورد في تعينها مقدوح كما ذكره الزيلعي نقلا عن ابن دقيق العيد أن الاضطراب في معناه انه قيل أن القلة اسم مشترك يطلق على الجرة وعلى القربة وعلى راس الجبل وروى الشافعي في تفسيرها حديثا فقال في سنده اخبرني مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريح باسناده لا يحضرني ذكره أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا وقال في الحديث بقلال هجر قال ابن جريح وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين وشيئا قال الشافعي فالاحتياط أن يجعل القلة قربتين ونصفا فاذا كان الماء خمس قرب كبار بقرب الحجاز لم يحمل خبثا إلا أن يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون وهذا فيه امران احدهما أن سنده منقطع ومن لم يحضره مجهول والثاني أن قوله في الحديث بقلان هجر يوهم أن هذا من قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وليس كذلك فروى الدار قطني من حديث اب بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري عن أبي حميد عن حجاج عن ابن جريح قال اخبرني محمد بن يحيى فذكره وقال فيه قال محمد قلت ليحيى بن عقيل أي قلال قال قال هجر قال محمد قرأيت قلال هجر فاظن كل لة تسع قربتين لي فيه رفع الكلمة ولو كان مرسلا لان يحيى بن عقيل ليس بصحابي وقد روى ابن عدي في الكامل من حديث المغيرة بن سقلاب عن محمد بن اسحق عن نافع عن ابن عمر مروفوعا إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء قال ابن عدي قوله في متنه من قلال هجر غير محفوظ لم يكن مؤتمنا على حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وروى ابن عدي أيضا من حديث المغيرة عن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء والقلة اربعة اصع انتهى كلام الزيلعي ملخصا واجيب عنه بان رواية الشافعي وان كانت منقطعة لكنه من ارباب الجرح والتعديل فروايته معتمدة وعليها اعتمد اصحاب وفيه أن رواية من لا يروي إلا عن ثقة وان كان يعدل الراوي لكنه إذا ذكر المروي عنه واما إذا قال باسنا لا يحضرني فلا يكون تعديلا للحديث لعدم العلم بحاله المسلك الثالث مسلك التاويل وهو ما ذكره جمع من الحنفية منهم شمس الاية السرخسي وصاحب الهداية وغيرهما أن معنى قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يحمل خبثا انه لضعفه لا يقدر على حمل النجاسة بل ينجس كما يقال فلان لا يحمل الف رطل أي لا يقوى على حمله ويضعف عنه وفيه بحث من وجهين نقلهما صاحب البحر عن شرح المهذب للنووي احدهما انه ثبت في رواية صحيحة لابي داود إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس فتحمل الرواية الاخرى عليها فقد قال العلماء احسن تفسير غريب الحديث أن يفسر بما جاء في راية اخرى لذلك الحديث وثانيهما انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم جعل القلتين حدا فلو كان المعنى كما ذكره هذا القائل لكان التقييد بذلك باطلا فان ما دون القلتين يساوي القلتين في هذا ووجه ثالث نقله العيني عن النووي وهو أن الضعف عن الحمل انما يكون في الاجسام كقولنا فلان لا يحمل الخبثة أي لعجز عن حملها واما في المعاني فمعناه لا يقبله واجاب عنه على القارئ في المرقاة عن الوجه الأول بانه يحتمل أن تكون الرواية بالمعنى الذي فهمه الصحابي بمقتضى رأيه وفهمه وفيه وهن ظاهر فان الاحتمال غير مسموع عند ارباب البصيرة انتهى المسلك الرابع مسلك النسخ بحديث النهي عن البول في الماء الراكد هو ثابت في الصحيحين وغيره من رواية أبي هريرة واسلامه متاخر وحديث القلتين من روايات ابن عمر واسلامه متقدم والمتقدم ينسخ المتاخر كذا في البحر وفيه ضعف ظاهر فان النسخ لا يصار إليه إلا عند تصريح النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم به أو تصريح الصحابي بانه كان آخر الامرين أو نحو ذلك مما ثبت في الاصول واما بمجرد تقدم اسلام راوي حديث وتاخر راوي حديث آخر في الإسلام فلا يثبت النسخ بل الجمع اخرى والعمل بالحديثن اولى وهو ههنا ممكن بان يمل النهي عن البول في الماء الراكد على المتنزه لا على تنجس الماء كما لا يخفى على منهل ادنى تدبر المسلك الخامس مسلك المعارضة باحاديث قوية كحديث النهي عن البول في الماء الراكد وحديث النهي عن غمس اليد ي الاناء واثار الصحابة في نزح ماء المياه عند وقوع النجاسات وحديث الماء طهور لا ينجسه شيء وغير ذلك وفيه أيضا ضعف ظاهر فان الجمع بين هذه الاحاديث وبين حديث القلتين ممكن بطرق كثيرة قد مر نبذ منها وسياتي بعضها المسلك السادس ملك مخالفة الاجماع وهو انه ورد برواية صحيحة انه وقع زنجي في بير زمزم فافتى ابن الزبير بنزح مائه كله وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم يكره أحد فكان اجماعا سكوتيا على تنجس ما فوق القلتين بالنجاسات كذا ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات شرح المشكوة وغيره وفيه أيضا وهن ظاهر فان بعد تسليم صحة تلك الرواية على ما سياتي بسطها أن شاء الله تعالى الجمع ممكن بان يحمل ذلك الفتوى على الاحتياط ونحو ذلك وليسفه دلالة واضحة على التنجس هذا تلخيص ما جرى الكلام في حديث القلتين من الجانبين وهو مبحث طويل الذيل مظانه الكتب المبسوطة وكلما ازداد الممعن فيه نظرا ازداد تفكرا وتحيرا والذي يظهر بعد ادارة النظر من الجوانب هو أن نفس الحديث صحيح سالم عن المعارضة ومخالفة الاجماع وعن النسخ والتاويل وغير ذلك وغاية ما يه هو اجمال معنى القلة وتعينها ولذا قال الطحاوي على ما نقله عنه على القارئ خبر القلتين صحيح واسناده ثابت وانما تركناه لانا لا نعلم ما القلتان انتهى فان ثبت برواية معتمدة تعيينها انتهى الكلام وتم المرام واما الذين اعتبروا التحديد بالخلوص وهم اصحابنا الحنفية فافترقوا على مسالك الأول الخلوص بالتحريك وهو انه كان الماء بحيث لا يتحرك بتحريك جانب منه جانب آخر فهو كير والا فهو قليل وتعيينه مفوض إلى رأي المبتلى وقد ذهب إليه الإمام ابو حنيفة واصحابه وعليه جمع من محققي اصحابنا فقد روى الإمام محمد في الموطا عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم الحارث التيمي عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيه عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فانا نرد على السباع وترد علينا ثم قال محمد إذا كان الحوض عظيما أن حركت ناحية لم تتحرك الناحية الاخرى لم يفسد ذلك الماء ما ولغ فيه من سبع ولا ما فيه من قذر إلا أن يغلب على ريحه أو طعمه فاذا كان حوضا صغيرا أن تحركت منه ناحية تحركت الناحية الاخرى فولغ فيه السباع أو وقع فيه القذر فلا يتوضأ منه إلا ترى أن عمر بن الخطاب كره أن يخبره ونهاه عن ذلك وهذا كله قول أبي حنيفة انتهى وفي فتح القدير قال ابو حنيفة في ظاهر الرواية يعتبر فيه اكبر رأي المبتلى به أن غلب على ظنه انه بحيث تصل النجاسة إلى الجانب الاخر لا يجوز الوضوء به والا جازو عنه اعتباره بالتحريك على ما هو مذكور في الكتاب أي الهداية بالاغتسال أو بالوضوء أو باليد روايات والاول اصح عند جماعة منهم الكرخي وصاحب الغاية والينابيع وغيرهم وهو الاليق باصل أبي حنيفة اعني عدم تحكم بتقدير في ما لم يرد فيه تقدير شرعي والتفويض فيه إلى رأي المبتلى بناء على ما عدم صحة ثبوت تقديره شرعا والتقدير بعشر وثمان في ثمان واثني عشر في اثني عشر وترجيح الأول اخذا من حريم البير غير منقول عن الايمة الثلث وقال شمس الايمة المذهب الظاهر هو التحري والتفويض إلى رأي المبتلى من غير حكم بالتقدير فان غلب على الظن وصولها لم يتنجس وهذا هو الاصح انتهى كلام شمس الايمة وما نقل عن محمد حين سئل عنه أي عن الكبير أن كان مثل مسجدي هذا فكبير فقيس حين قام فكان اثنى عشر في مثلها في راية وثمانيا في ثمان في اخرى لا يستلزم تقديره به إلا في نظيره وهو لا يلزم غيره وهذا لانه لما وجب كونه لما استكثره المبتلى فاستكثا؟؟ واحدا لا يلزم بل يختلف باختلاف ما يقع في قلب كل وليس هذا من الامور التي يجب فيها على العامي تقليد المجتهد ثم رأيت التصريح بان محمدا رجع عن هذا قال الحاكم قال ابو عصمة كان محمد بن الحسن يوقت في ذلك عشرة في عشرة ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وقال لا اوقت شيئا اتهى وقال صاحب البحر في رسالته الخير الباقي في جواز الوضوء من الفساقي قال ابو حنيفة في ظاهر الرواية عنه يعتبر فيه اكبر رأي المبتلى به أن غلب على ظنه انه بحيث تصل النجاسة إلى الجانب الاخر لا يجوز الوضوء والاجاز وممن نص عليه انه ظاهر المذهب شمس الايمة السرخسي في المبسوط وقال انه الاصح وقال الإمام الرازي في احكام القران في سورة الفرقان أن مذهب اصحابنا أن كل ماء تيقنا فيه جزء من النجاسة أو غلب في الظن ذلك لا يجوز الوضوء منه سواء كان جاريا أو لا وقال الإمام ابو الحسن الكرخي ما كان من المياه في الغدير أو في مستنقع من الارض وقع فيه نجاسة نظر المستعمل في ذلك فان كان في غالب رأيه أن النجاسة لم تختلط بجميعه لكثرته يتوضأ من الجانب الذي هو طاهر عنده في غالب رأيه في اصابة الطاهر منه وقال ركن الإسلام ابو الفضل عبد الرحمن الكرماني في الايضاح اختلفت الرويات في تحديد الكثير والظاهر عند محمد انه عشر في عشر والصحيح عن أبي حنيفة انه لم يوقت في ذلك بشيء وانما هو موكول إلى غلبة الظن في خلوص النجاسة وقال القاضي الاسبيجاب في شرح مختصر الطحاوي ثم الحد الفاصل بين القليل والكثير عند اصحابنا هو الخلوص ولم يفسر في راواية الاصول وسئل محمد عن حد الحوض فقال مقدار مسجدي فذرعوه فوجدوه ثمان في ثمان وخارجه عشرا في عشر ثم رجع محمد إلى قول أبي حنيفة وقال لا اوقت شيئا وفي معراج الدراية الصحيح عن أبي حنيفة انه لم يقدر في ذلك شيئا وانما قال هو موكول إلى غلبة الظن في خلوص النجاسة من طرف إلى طرف وهذا اقرب إلى التحقيق لان المعتبر عدم وصول النجاسة وغلبة الظن في ذلك تجري مجرى اليقين في وجوب العمل وفي الغابة ظاهر الرواية عن أبي حنيفة اعتباره بغلبة الظن وهو الاصح وفي الينابيع هو الصحيح وبه اخذ الكرخي انتهى ملخصا وفي الهداية الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الاخر إذا وقعت نجاسة في أحد جوانبه جاز الوضوء من الجانب الاخر لان الظاهر أن النجاسة لا تصل إليه إذا اثر التحريك في السراية فوق النجاسة ثم عن أبي حنيفة انه يعتبر التحريك بالاغتسال وهو قول أبي يوسف وعنه بالتحريك باليد وعن محمد بالتوضي انتهى وفي النهاية قال علماؤنا الثلثة إذا كان الماء بحيث يخلص أي يصل بعضه إلى بعض كان قليلا واذا كان بحيث لا يخلص كان كثيرا لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه كالماء الجاري لكن اختلفوا بعد هذا انه باي بب يعرف خلوص النجاسة إلى الجانب الاخر فقد اتفقت الرواية عن علمائنا الثلثة أن الخلوص يعتبر بالتحريك انتهى وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي اعلم أن اصابنا اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من يعتبر بالتحركي ومنهم من يعتبر بالمساحة وظاهر المذهب أن يعتبر بالتحريك وهو قول المتقدمين منهم حتى قال في البدائع والمحيط اتفقت الروايات عن اصحابنا المتقدمين انه يعتبر بالتحريك وهو أن يرتفع وينخفض من ساعته لا بعد المكث انتهى وفي العناية اعلم أن اصحابنا اتفقوا على أن الماء إذا خلص بعضه أي وصل بعضه إلى بعض كان قليلا واذا لم يخلص كان كثيرا لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير لونه أو طعمه وريحه كالماء الجاري ثم اختلفوا في ما يعرف به الخلوص فذهب المتقدمون إلى انه يعرف بالتحريك انتهى وهكذا في كثير من الكتب المعتبرة فعلم من هذا أن اعتبار العشر في العشر ونحو ذلك ليس مذهب ايمتنا ولا مذهب قدماء اصحابنا وانما هو من اختيارات المتاخرين تسهيلا والدليل لهذا المذهب الذي هو المعتمد في مذهبنا من وجوه اوردها صاحب البحر حيث قال استدل ابو حنيفة على ما ذكره الرازي في احكام القران بقوله تعالى ويحرم عليهم لخبائث والنجاسات لا محالة من الخبائث فحرمها الله تعالى تحريما مبهما ولم يفرق بين حالة اختلاطها وانفراها بالماء فوجد تحريم استعمال كل ما تيقنا فيه جزء من النجاسة ويكون جهة الخطر من النجاسة اولى من جهة الاباحة لان الاصل انه إذا اجتمع المحرم والمبيح قدم المحرم ويدل عليه من السنة قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم إلا يبولن احدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه من الجنابة وفي لفظ آخر ولا يغتسل فيه من جنابة ومعلوم أن البول القليل في الماء الكثير لا يغير لونه ولا طعمه ولا رائحته ويدل أيضا قوله عليه الصلوة والسلام إذا استيقظ احدكم من منامه فليغسل يده ثلثا قبل أن يدخلها الاناء فانه لا يدري اين باتت يده فامر بغسل اليد احتياطا من نجاسة اصابته من موضع الاستنجاء ومعلوم انها لا تغير الماء ولولا انها مفسدة عند التحقيق لما كان للامر بالاحتياط معنى وحكم النب صلى الله عليه وعلى اله وسلم بنجاسته بولوغ الكلب بقوله طهورا اناء احدكم إذا ولغ فهي الكلب أن يغسل سبعا وهو لا يغير هذا كلام الرازي فالحاصل انه حيث غلب على الظن وجود نجاسة في الماء لا يجوز استعماله لهذه الدلائل لا فرق بين أن يكون قلتين أو اكثر أو اقل تغير اولا وهذا هو مذهب أبي حنيفة والتقدير بشيء دون شيء لا بد فيه من نص ولم يوجد اتهى وي البحر أيضا قول النووي حدنا ما حده رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الذي اوجب الله طاعته وحرم مخالفته وحد الحنفية مخالف حده صلى الله عليه وعلى اله وسلم مدفوع بان ما استدللتم به ضعيف وما صرنا إليه يشهد له الشرع فقد قدمنا الاحاديث الواردة في ذلك واما العقل فانه إذا لم يتيقن بعدم النجاسة إلى الجانب الاخر أو يغلب على ظننا والظن كاليقين فقد استعملنا الماء الذي فيه نجاسة يقينا وابو حنيفة لم يقدر ذلك بشيء بل اعتبر غلبة ظن المكلف فهذا دليل عقلي مؤيد بالاحاديث الصحيحة المتقدمة فكان العمل به متعينا انتهى اقول وبالله التوفيق ومنه الوصول إلى التحقيق هذه الدلائل كلها غير مفيدة أما الاستدلال باية ويحرم الخبائث فلان الحلة والحرمة غالبا يستعملان في الماكولات ولذا فسر المفسرون الخبائث بالميتة والدم والخنزير وامثال ذلك فالمعنى يحل لهم اكل الطيبات ويحرم اكل الخبائث فاذن لا تفيد الاية إلا حرمة النجاسة المخلوطة بالماء اكلا لا حرمة مطلق استعمالها ولئن سلمنا أن المراد تحريم استعمال مطلق النجاسة فلا يفيد أيضا إذا الماء سيال بالطبع مغير لما اختلط به إلى نفسه إذا غلب عليه فاذا وقعت النجاسة في ماء ولم يغلب ريحه أو لونه أو طعمه أو ريحه عليه حصل العلم بان تلك النجسة فيه قد تغيرت إلى طبيعة الماء الغالب ولم تبق نجاسة وخبيثة فينبغي أن يجوز الوضوء ح سواء تحرك جانب منه بتحريك جانب منه أو لم يتحرك بخلاف ما إذا غلب ريحه أو طعمه أو لونه فانه ح يعلم مغلوبية الماء وبقاء النجاسة على حالها فلا يجوز الوضوء ح واما الاستدلال بحديث لا يبولن فلانه بعد تسليم دلالته على التحريم والتنجس انما يفيد تنجس الماء الدائم بالبول في الجملة لا على تنجس كل مائه ولو حمل على الكلية للزم تنجس الحوض الغدير أيضا بالبول ولا قائل به وكذا الاستدلال بحديث الاستيقاظ فانه لا يدل على تنجس الماء في الجملة لا على الكلية فلا ينتهض هذا وامثاله إلا الزاما على من قال بالطهارة مطلقا لا تحقيقا لمذهب أبي حنيفة وكذا حديث ولوغ الكلب وامثاله واما شهادة العقل فتعارضه شهادة اخرى وهي ما مر من كون الماء مغير إلى نفسه وبالجملة فهذه الدلائل لا تثبت التحديد بالتحريك واما التحديد بالقلتين فقد ثبت من كلام الشارع بنفسه وكذا التحديد بالتغير وعدمه ثابت من كلام الشارع ومؤيد بشهادة العقل أيضا فالقياسات القلية والاستنباطات الفقهية من الايات المبهمة والاحاديث المطلقة لا تعارض هذه التحديدات المصرحة والذي اظن أن هذه الاخبار لم تصل إلى الإمام أبي حنيفةاو وصلته وحملها على معنى لاح له والا لقال بها حتما ولم يحتج إلى الاستنباط قطعا وكقوة دليل الشافعية والمالكية في هذا الباب جوز اصحابنا تقليدهم في ذلك بل قد قلدهم ابو يوسف في بعض الوقايع مع كونه مجتهد أو ق صرحوا بان المجتهد يحرم عليه لتقليد كما في الطريقة المحمدية وشرحها الحديقة الندية وقد جوز ايمتنا الحنفية الاخذ في باب الطهارة بمذهب الغير ولو كان الاخذ بعد صدور الفعل منه فاسدا في مذهبه كما حكى أن ابا يوسف اغتسل ليوم الجمعة وصلى بالناس اماما ببغداد فوجدوا في البير الذي اغتسل من مائه فارة ميتة فاخبر بذلك فقال ناخذ بقول اخواننا من اهل المدينة تمسكا بالحديث المروي عن النبي عليه الصلوة والسلام انه قال إذا بلغ الماء قلتين لا يحمل خبثا كذا في التاتارخانية وغيرها ولعل حرمة التقليد للمجتهد مقيدة بما إذا لم ين ما قلده حكما قويا موافقا للقياس داخلا في ظاهر النص فاذا كان حكما ضعيفا مخالفا للقياس غير داخل في ظاهر النص ليحرم تقليد المجتهد فيه لمجتهد اخر وهذه المسألة الحليم فيها قوى لأن عدم التغير بواقع النجاسة دليل على بقاء الطهارة موافق للقياس داخل في ظاهرة النص وهو حديث القلتين انتهى كلامهما ملخصا المسلك الثاني الخلوص بالتكدر نقله صاحب النهاية عن محمد بن سلام انه قال أن كان بحال لو اغتسل فيه يتكدر الجانب الذي اغتسل فيه بسبب الاغتسال ووصلت الكدرة إلى الجانب الاخر فهو مما يخلص بعضه إلى بعض وان لم يصل فهو مما لا يخلص المسلك الثالث الخلوص بالصبغ نقله صاحب النهاية عن الشيخ اسمعيل الزاهدي عن عيسى السمر قندي عن أبي حفص الكبير صاحب محمد انه قال يلقى زعفران في جانب منه فان اثر الزعفران في الجانب الاخر كان مما يخلص بعضه إلى بعض وان لم يوثر فهو مما لا يخلص واما الذين قالوا بالمساحة وهو طائفة من اصحابنا فافترقوا أيضا على مسالك الأول انه إذا كان ثمانيا في ثمان فهو كثير والا فقليل وهو قول محمد بن سلمة على ما ذكره العيني الثاني انه إذا كان اثنى عشر في اثنى عشر فهو كثير وهو مع ما قله ماخوذ من قول محمد فانه لما سئل عن ذلك فقال إذا كان مثل مسجدي هذا فمسحوه من داخله فوجدوه ثمانيا في ثمان ومن خارجه فكان اثنى عشر في عشر كذا ذكره العيني الثالث خمسة عشر في خمسة عشر نسبة إلى العيني إلى عبد الله بن المبارك وابي مطيع البلخي ونسبه صاحب التاتارخانية إلى اكثر مشائخ بلغ الرابع عشرين في عشر نسبه العيني إلى أبي مطيع الخامس سبعة في سبعة نسه الزاهدي في المجتبى إلى احمد بن حرب السادس إذا كان الحوض عشرا في عشر فهو كثير وإلا فهو قليل وهو مختار كثير من أصحابنا ومعتمدهم عليه أفتى كثير من المرجحين وساق اكثر المتاخرين كلامهم في تصانيفهم عليه حتى اشتهر انه مذهب بالإمام أبي حنيفة وصاحبيه وقد عرفت انه ليس كذلك فممن اختاره صاحب الهداية حيث قال بعضهم قدروه بالمساحة عشرا في عشر بذراع الكرباس توسعة للأمر على الناس وعليه الفتوى انتهى وفي فتاوى قاضيخان عامة المشائخ قوال أن كان عشرا في عشر فهو كبير انتهى وفي جامع الرموز عن النوال به نأخذ انتهى وفي غنية المستملى عامة المتأخرين سهلوا الأمر واختاروا ما اختاره أبو سليمان الجوزجاني وهو ما ذكره المصنف بقوله الحوض إذا كان عشرا في عشرا انتهى وفي العناية بقول أبي سليمان الجوزجاني اخذ عامة المشائخ انتهى وفي مختارات النوازل قال عامة المشائخ وهو عشر ف يعشر بذراع الكرباس وعليه الفتوى انتهى وفي الخلاصة الحوض الكبير مقدر بعشرة اذرع في عشرة اذرع وصورته أن يكون من كل جانب من جوانب الحوض عشرة اذرع وحول الماء أربعون ذرعا وجه الماء مائة ذراع هذا في الطول والعرض واما العمق ان كان بحيث لا ينحسر بالاغتراف فهذا القدر يكفي وعليه الفتوى هذا اذا كان الحوض مدورا انتهى وفي التاتارخانية عامة المشائخ اخذوا بقول ابي سليمان وقالوا اذا كان عشرا في عشر فهو كثير وفي شرح الطحاوي وعليه الفتوى انتهى وهكذا في كثير من الكتب المعتبرة واعترض على هذه المسالك بوجهين احدهما ان هذه التحديدات غير مستندة الى اصل شرعي يعتمد عليه ونصب المقدرات بالرأي لا يجوز واجاب عنه الشارح بان للعشر اصلا من حديث الحريم وسيجيء ماله وما عليه وقال العيني في البناية حديث بير بضاعة يصلح ان يكون استنادا في التقدير بالعشر في العشر وبيان ذلك ان محمدا لما سئل عن ذلك قال ان كان مقدار مسجدي فهو كثير فلما قاسوه وجدوه ثمانيا في ثمان من داخله وعشرا في عشر من خارجه وقيل اثنى عشر في عشر وكان وسع بير بضاعة ثمانيا في ثمان والدليل عليه ما قال ابو داود قدرت بير بضاعة بردائي ثم ذرعته فاذا عرضها ستة اذرع فاذا كان عرضها ستة اذرع يكون طولها اكثر منها لان الغالب ان الطول يكون امد من العرض فان اضيف ما في الطول من الزيادة الى العرض يكون مقدار الثمانية او اكثر لان منشأ ذلك على التقدير لا على التحرير فاخذ محمد من هذا ولكن اعتبر خارج مسجده للاحتياط في باب العبادات انتهى ملخصا اقول فيه بحث اما او لا فلان زيادة الطول لم يبين مقدارها انها كم كانت حتى يتبين من ذلك انه بعد ضمها الى العرض يحصل ثمان في ثمان ومجرد الاحتمال لا يكون اصلا للتحديد واما ثانيا لان القائلين بالعشر يقولون انه ان نقص منه لا يجوز الوضوء منه وبير بضاعة بعد ضم الطول الى العرض يبلغ ثمانيا في ثمان فيبطل مذهب العشر واما ثالثا فلان اصحابنا يقولون ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انما اجاز الوضوء من بير بضاعة مع وقوع النجاسات فيه لانه كان جاريا كما مر تفصيله فكونه ثمانيا في ثمان او عشرا في عشر لا يثبت تحديد الحوض مطلقا به نعم لو لم يكن جاريا وكان تجويز الوضوء لهذه المساحة لكان لهذا المعنى وجها البتة والحق الذي يختاره كل منصف ان يقال هذه التحديدات ليست الزامية بمعنى ان لا يجوز الوضوء بدونها بل لما فوض ابو حنيفة الامر في ذلك الى رأي المبتلى اختلفوا في تفسير ذلك فمنهم من ذهب رأيه الى ان ذلك انما يكون في العشر وفي العشر ومنهم من ذهب رأيه الى ان ذلك انما يكون في ثمان في ثمان وهكذا فكل واحد من الاقوال تفسير للاجمال الذي اختاره الامام فلا باس لو لم يخرج لهذه التحديدات اصل شرعي لكن يشكل على هذا انه لو كان كذلك لما كان لاختيارهم العشر في العشر وترجيحه معنى لانه ليس بتقديره لازم بل رأي المبتلى فالمبتلى الاخر ان رأي غير ذلك وسعه ذلك الا ان يقال من حدد بالعشر وترجيحه معنى لانه ليس بتقديره لازم بل رأي المبتلى فالمبتلى الاخر ان رأي غير ذلك وسعه ذلك الا ان يقال من حدد بالعشر لم يحدد الزاما بل برأيه وهو غير لازم على غيره قطعا لكن الفقهاء ظنوا انه تحديد الزامي فاختاروه ورجحوه عمموه فهذا من اختلاطات الفقهاء لا من صنيع المحددين وثانيهما ان هذه التحديدات مخالفة لمذهب صاحب المذهب فلا يعتبر بها قال صاحب البحر في الخير الباقي اماما اختاره كثير من مشائخنا المتاخرين بل عامتهم كما نقله قاضيخان من اعتبار العشر في العشر فقد علمت ؟؟ ليس مذهب اصحابنا الثلثة وان محمدا ان كان قدر به لكن رجع عنه كما نقله الايمة الثقات المتقدمون اللذين هم اعلم بمذاهب اصحابه او لما كان المذهب التفويض الى رأي المبتلى وكان الرأي يختلف بل من الناس من لا رأي له اعتبر المتاخرون العشر في العشر توسعة وتيسيرا على من رأي له ولكنه لا يعمل الا بما صح من المذهب يدل عليه ما ذكره الامام الزاهدي في القنية معلما بعلامة النون قيل لابي نصر وقعت عندنا اربع كتب كتاب ابراهيم بن رستم وادب القاضي عن الخصاف وكتاب المجرد والنوادر من جهة هشام هل يجوز لنا ان ؟؟ منها فقال ما صح عن اصحابنا فذلك علم مجتبى مرغوب فيه مرضي به فاما الفتوى فاني لا ارى لاحد ان يفتي بشيء لا يفهمه ولا يتحمل اثقال الناس فان كانت مسائل قد اشتهرت وظهرت عن اصحابنا رجوت ان يسع الاعتماد عليها في النوازل وعلى تقدير عدم رجوع محمد عن هذا التقدير فما قدر به لا يستلزم تقديره به الا في نظره وهو لا يلزم غيره انتهى ومثله في البحر فقال صاحب النهر متعقبا عليه انت خبير بان اعتبار العشر اضبط ولا سيما في حق من لا رأي له من العوام فلذا اختاره الايمة الاعلام وقوله في البحر ان لا يعمل الا بما صح عن الامام او لم يصح عنه اعتبار العشر بل ولا عن محمد ممنوع بانه لو كان كما قال لما ساغ لهم الخروج عن ذلك المقال انتهى اقول كون العشر اضبط مما لا ينازع فيه لكن الكلام في انه ليس له اصل شرعا ولا هو موافق لمذهب صاحب المذهب فكيف يفتي به والمنع الذي اورده مدفوع بان نقله رجوع محمد وان مذهب الايمة الثلثة التفويض من غير توقيت قدماء اصحابنا وهم اعلم بمذهبهم من الذين افتوا بالعشر بل بعض من افتى بالعشر صرح بانه قول سليمان الجوزجاني كما مر ذكره فان قلت قد قرروا في اداب المفتي ان عليه اتباع ما صححوه ورجحوه وفي ما نحن فيه رجحوا العشر فيكون الاعتماد عليه قلت هذا اذا كان ما صححوه ورجحوه موافقا لدليل شرعي او لم يعلم مذهب صاحب المذهب مخالفا له اما اذا لم يكن ما رجحوه مستندا الى دليل شرعي وكان مخالفا لما هو منقول صريحا عن صاحب المذهب بنقل الثقات فالظاهر انه لا اعتبار ح لترجيحهم على ان جمعا من ارباب الترجيح قد رجحوا مذهب التفويض ايضا فاختلف الترجيح واذا كان هكذا فالطاهر اعتبار الترجيح الذي يكون موافقا لمذهب صاحب المذهب كما لا يخفى هذا وخلاصة الكلام في هذا المقام ان في طهارة الماء وتنجسه لعلماء الامة اثنى عشر مذهبا الاول مذهب الظاهرية والثاني مذهب المالكية والثالث مذهب الشافعية والرابع مذهب التحديد بالتحريك والخامس التحديد بالتحريك والخامس التحديد بالكدرة والسادس التحديد ؟؟ والسابع السبع في السبع والثامن من الثمانية في الثمانية والتاسع عشرين في عشر او في عشر والعاشر العشر في العشر والحادي عشر خمسة عشر في خمسة عشر والثاني عشر اثنا عشر في اثنى عشر وان قسم الرابع الى ثلثة اقسام باعتبار ثلث روايات التحريك باليد والتحريك بالغسل والتحريك بالوضوء يكون المجموع اربعة عشر مذهبا احد عشر منها للحنفية والثلثة لغيرهم والمفهوم من الغنية ان مذهب لتحديد بالتحريك غير مذهب التفويض الى رأي المبتلي فانه قال الحد الفاصل بين القليل والكثير التحقيق انه مفوض الى رأي المبتلى به غير مقدر بشيء ان غلب على ظنه وصول النجاسة الى جانب لا يجوز الوضوء ولا جاز وهو الاصح عند جماعة منهم الكرخي وصاحب الغاية والينابيع وغيرهم وهو الاليق باصل الامام من عدم التحكم بتقدير في ما لم يرد فيه تقدير شرعي وكثير من المشائخ جعل الحد الفاصل عدم تحرك احد الطرفين بحركة الطرف الاخر انتهى ملخصا فانه صريح في ان مذهب الامام وهو محض التفويض واعتبار التحريك من تخريجات المشائخ ؟؟ يزاد واحد ويكون المجموع خمسة عشر لكن هذا مخالف لعامة الكتب المعتمدة على ما مرت عباراتها فان المفهوم منها ان مذهب التفويض والتحريك متحد وانما الاختلاف في العبارة وان سئلت الترجيح في هذه المذاهب يقال لك اضعفها مذهب الظاهرية واقواها مذهب المالكية ثم مذهب الشافعية ثم مذهب اصحابنا الحنفية والمرجح من اقوال اصحابنا عند المحققين هو القول بالتفويض والمعتبر عند عامة المشائخ هو العشر في العشر ولعل تحقيق هذا المبحث بهذا النمط لا توجد في مطاوي الكتب الكبار فضلا عن الصغار ولله الحمد على ذلك كله ولنذكر ما يتعلق بالعشر في العشر الذي هو مختار العامة عشر اذرع في عشر اذرع ولا ينحسر ارضه بالغرف وتبعهم المصنف فنقول الحوض لا يخلو اما ان يكون مربعا بان تتساوى اضلاعه الاربعة او غيره فان كان مربعا فقد اتفقوا على ان المعتبر في مساحته ان يكون كل ضلع منه عشرة اذرع ليكون حول الماء اربعين ذراعا ووجه الماء مائة ذراع لما تقرر في علم المساحة ان مساحة المربع تكون بضرب ضلع واحد في نفسه فاذا كان الضلع الواحد عشرة ذراع وضربناه في نفسه حصل مائة فهو مساحة المربع واختلفوا في مقامين الاول في تحدي الذراع اختلف فيه على اقوال ثلثة الاول ان المعتبر ذراع المساحة وافتى به جمع منهم قاضيخان حيث قال في فتاواه يعتبر فيه ذراع المساحة لا ذراع الكرباس هو الصحيح لان ذراع المساحة بالممسوحات اليق هو الصحيح انتهى ومقدار هذا الذراع على ما في فتح القدير سبع قبضات فوق كل قبضة اصبع قائمة وهكذا في التاتارخانية نقلا عن الفتاوى الغياثية والصيرفية وهكذا في كثير من الكتب المعتمدة والمراد بالاصبع القائمة الابهام كما صرح به في غاية البيان والمراد بالقبضة اربعة اصابع مضمومة كما نقله ابن عابدين عن النوح الافندي وفي جامع الرموز هي سبع قبضات واصبع قائمة في كل مرة كما في الولوا لجى وفي المرة السابعة كما مر في الكرمان او اصبع موضوعة في كل مرة كما في سير المضمرات انتهى القول الثاني ان المعتبر ذراع الكرباس وهو مختار صاحب الهداية وفي مختارات النوازل كما مر ذكره ونقل صاحب البحر عن التجنيس المختار ذراع الكرباس انتهى وفي خزانة المفتين لا يعتبر فيه ذراع المساحةبل ذراع الكرباس هو المختار انتهى ونقل في التاتارخانية عن الخلاصة عليه الفتوى ومقدار هذا الذراع على ما في كثير من الكتب ست قبضات من دون قيام اصبع وفي الولوالجى انه سبع قبضات بدون قيام الاصبع كذا في البحر والمذكور في فتح القدير هو الاول والثاني ذكره في العناية والظهيرية وغيرهما القول الثالث ان المعتبر ذراع كل زمان ومان واختاره صاحب البزازبة حيث قال الكبير عشر في عشر ولو مدورا فثمانية واربعون بذراع الكرباس وهو اقصر من ذراع المساحة باصبع قائمة وكلاهما سبع قبضات والاصح ذراع كل مكان وزمان تيسيرا على الناس انتهى وفي التاتارخانية عن المحيط الاصح ان يقال يعتبر في كل زمان ومكان ذراعهم انتهى ومثله في الكافي وشرح النقاية لالياس زاده وقال صاحب الغنية هذا عجيب وبعيد فان المقصود من هذا التقدير حصول غلبة الظن بعدم خلوص النجاسة والحاق هذا القدر بالماء الجاري وهذا امر لا يختلف باختلاف الازمنة والامكنة انتهى قلت احسن هذه الاقوال هو القول الاول اذ لا يعتبر في المساحة ذراع غيرها كما لا يعتبر في الكرباس ذراع المساحة كيف لا وقد صححه فقيه النفس قاضيخان وتصحيحه مقدم على تصحيح غيره كما نقله الحموي في حواشي الاشباه وابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية عن العلامة قاسم المقام الثاني في مقدار العمق فيه اقوال ذكرها الزاهدي في المجتبى الاول انه ما لم يبلغ الكعب فليس بمعتبر قاله البردوي الثاني ان كان مقدار شبر فهو كثير وما قل منه قليل الثالث ان كان ذراعا فهو كثر والا فهو قليل الرابع ان انحسر ارض الحوض أي انكشف بالغرف أي اخذ الماء بالكفين ثم اتصل فهو قليل وان لم ينحسر فهو كثير وهو رواية ابي يوسف عن ابي حنيفة كما في الغنية وهو اختيار الفقيه ابي جعفر الهندواني كما في البناية واختاره صاحب الهداية وقال هو الصحيح وتبعه المصنف وغيره من المعتمدين وفي التاتارخانية عن الخلاصة هو الصحيح وعن الظهيرية عليه الفتوى الخامس ما في غاية البيان انه اذا كان زائدا على عرض الدرهم الكبير فهو كثير السادس ما في التاتارخانية عن كتاب المعلى انه ينبغي ان يكون عمقه قدر ذراعين وهذا على قول من يعتبر التحريك بالاغتسال لان على قوله ينبغي ان يكون الماء بحال يتاتى فيه الاغتسال السابع ما في التاتارخانية ايضا عن المحيط ان بعضهم قالوا لو حرك وجه الماء فلم يتكدر وجه الارض فهو كثير الثامن ما فيها ايضا عن الشيخ محمد بن الفضل انه قال قدر مشائخنا العمق باربعةاصابع مفتوحة التاسع ما في البناية عن الكاشاني انه قال الصحيح انه اذا اخذ الماء وجه الارض يكفي العاشر انه لا تقدير فيه بل يفوض على رأي المبتلى وهو ظاهر الرواية كما في فتح القدير والبناية بقى ما اذا لم يكن الحوض مربعا بل يكون مدورا او مثلثا او غير ذلك فح اتفقوا على انه يلزم ان يكون بحيث اذا ربع صار عشرة في عشرة واختلفت عباراتهم في الحوض المدور ففي الخلاصة والبزازية يعتبر ان يكون حول الماء ثمانية واربعين وقال صاحب التاتارخانية هذا اقصى ما قالوه فيه فكان احوط وقيل تقديره ستة وثلثون ذراعا وفي الظهيرية والملتقط هو الصحيح وفي الفتاوى الكبرى اربعة واربعون وفي فتح القدير المختار ستة واربعون وفي الحساب يكتفي باقل منها بكسر النسبة لكن يفتي بستة واربعين كيلا يتعسر رعاية الكسر والكل تحكمات غير لازمة انما الصحيح ما قدمناه من عدم التحكم بتقدير معين انتهى فهذه اقوال خمسة وللبرجندي في شرح النقاية تحقق تقيس به تتقارب الاقوال حيث قال تحقيق الكلام ههنا متوقف على ثلث مقدمات هي ان مربع وتر القائمة في مثلث يساوي مربعي ضلعيها وان محيط الدائرة ازيد منثلثة امثال قطرها بسبع قطرها وانه اذا كانت مساحة دائرة معلومة وقسمت باحد عشر قسما متساوية وزيد ثلثة اقسام منها على مجموع المساحة واخذ جذر المجموع يكون قطر الدائرة وكل ذلك مبرهن في علم الهندسة والحساب فنقول اذا كان كل من ضلعي الحوض المربع عشر اذرع كان مجموع مربعي الضلعين مائتين وجذرهما اربعة عشر وعشر ونصف عشر تقريبا وهو مقدار الخط الواصل بين الزاويتين المتقابلتين وهو اطول الامتدادات الممكنة في الحوض المربع المذكور لما ذكرنا في المقدمة الاولى فاعتبر في الفتاوى الكبرى ان يكون قطر الحوض المدور مساويا لاطول الامتدادات المفروضة في الحوض المربع ليمكن وقوع حوض مربع بالشرط المذكور داخل الحوض المدور المذكور ولا يكون البعد بين جزأين متقابلين من محيط المدور في شيء من المواضع اقصر من اطول امتدادات المربع فيكون محيط الحوض المدور ثلثة امثال ذلك وسبعه اعني اربعا واربعين ذراعا واربعة اعشار وثلثي عشر لما ذكرناه في المقدمة الثانية ولما كان الكسر الزائد اقل من النصف اسقطه من الاعتبار كما هو قاعدة اهل الحساب فاعتبر لذلك محيط الحوض المدور اربعا واربعين ذراعا وصاحب الخلاصة اعتبر ايضا ما اعتبر في الفتاوى الكبرى لكنه لم يتدلق في الحساب فاخذ الكسر الزائد واحدا اللاحتباط فاخذ الامتداد لاطول خمسة عشر ذراعا فاذا اعتبرناه قطرا يكون المحيط سبعا واربعين ذراعا وسبع ذراع فلذلك اعتبر المحيط ثمانيا واربعين تتميما للكسر والقاضي ظهير الدين اعتبر ان تكون مساحة الحوض المدور مساوية لمساحة المربع فيكون الماء الواقع فيه مساويا للماء الواقع في المربع فنقول لما كانت المساحة مائة قسمناها باحد عشر قسما كان كل قسم تسعة وجزء من احد عشر جزءا او حذره يكون احد عشر وخمسا ونصف سدس تقريبا وهو قطر دائرة مساحتها مائة لما ذكرنا في المقدمة الثالثة وثلثة امثاله مع سبعة اعني محيط الحوض المدور يكون خمسا وثلثين ذراعا ونصف ذراع الانصف عشر فاعتبروا هذا الكسر الزائد واحدا واخذوا محيطه ستا وثلثين انتهى كلامه وللشرنبلالي رسالة في هذه المسألة سماها الزهر النضير على الحوض المستدير ولخص ذلك في حواشيه على ؟؟ وملخص كلامه على ما نقله الدمياطي في تعليق الانوار على الدر المختار ان طريق مساحة المدور ان تضرب نصف قطره في نصف دورة فاذا كان المدور ستة وثلثين يكون المجموع مائة ذراع واربعة اخماس ذراع اذ قطر ستة وثلين احد عشر ذراعا وخمس ذراع ونصف القطر خمسة ونصف وعشر فتضربه في نصف ستة وثلثين وهو ثمانية عشر تبلغ مائة ذراع واربعة اخماس ذراع وذلك لان بسطا الخمسة والنصف والعشر ستة وخمسين لدخول النصف في العشر وزيادة واحد ثم تضرب ستة وخمسين في ثمانية عشر فيخرج الف وثمانية فتقسمها على مخرج الكسر وهو عشرة فبقسمة الف على عشرة يخرج مائة وبقسمة ثمانية على عشرة يخرج اربعة اخماس كما في السراج الوهاج وفي السراج الوهاج ايضا فان كان الحوض مثلثا فانه يعتبر ان يكون كل جانب منه خمسة عشر ذراعا وخمس ذراع حتى تبلغ مساحته مائة ذراع بان تضرب احد جوانبه في نفسه فما صح اخذت ثلثه وعشره بيانه ان تضرب خمسة عشر وخمسا في نفسه يكون مائتين واحدى وثلثين وجزأ من خمسة وعشرين جزأ من ذراع فثلثه بالتقريب سبعة وسبعون ذراعا وعشرة على التقريب ثلثة وعشرون فذلك مائة ذراع او شيء قليل لا يبلغ عشرة اذرع انتهى فروع حوض اعلاه عشر في عشر واسفله اقل منه جاز فيه الوضوء ويعتبر فيه وجه الماء فان قل ماؤه وانتهى الى موضع هو اقل من عشر في عشر لا يجوز فيه التوضي كذا في فتاوى قاضيخان وفيه ايضا خندق طوله مائة ذراع او اكثر في عرض ذراعين قال عامة المشائخ لا يجوز فيه الوضوء وقال بعضهم يجوز اذا كان ماء الخندق كثيرا بحيث لو بسط يكون عشرا في عشر وفيه ايضا الماء الطاهر اذا كان في موضع هو عشر في عشر وقعت فيه نجاسة ثم اجتمع ذلك الماء في مكان هو اقل من عشر في عشر يكون طاهرا ولو ان الماء في مكان ضيق هو اقل وقعت فيه نجاسة ثم انبسط ذلك الموضع وصار عشرا في عشر كان نجسا لان العبرة لوقت وقوع النجاسة وفيه ايضا حوض اعلاه ضيق واسفله عشر في عشر وقعت فيه نجاسة فتنجس اعلاه ثم انتهى الى موضع هو عشرة في عشرة يصير طاهر ويجعل كان النجاسة وقعت فيه للحال وقال بعضهم لا يطهر بمنزلة الماء القليل اذا وقعت فيه نجاسة ثم انبسط وصار عشرا في عشر وينبغي ان يكون الجواب على التفصيل فان كان الماء الذي تنجس في اعلى الحوض اكثر من الماء الذي في اسفله ووقع الماء النجس في الاسفل جملة كان نجسا ويصير النجس غالبا على الطاهر في وقت واحد فان وقع الماء النجس في الاسفل على التدريج كان طاهرا كالغدير اليابس اذا كان فيه نجاسات وموضع دخول الماء طاهر واجتمع الماء في مكان طاهر هو عشر في عشر ثم تعدى بعد ذلك الى موضع النجاسة وفي الخلاصة اذا كان الحوض له طول عمق وليس له عرض كانها وبلغ ان كان بحال لو جمع صار عشرا في عشر يجوز التوضي به وهذا قول ابي سليمان الجوزجاني وبه اخذ الفقيه ابو الليث وعليه اعتماد الصدر الشهيد وقال ابو بكر الطرحاني لا يجوز وان كان من ههنا الى سمر قند وفي البزازية غدير كبير يروث فيه الدواب شتاء ثم يجتمع فيه الماء صيفا فكله نجس الا اذا اجتمع الماء فيه او لا في موضع طاهر حتى يبلغ عشرا في عشر ثم تعدى الى موضع الغدير وفي المنية وشرحها الغنية لو كان ماء الحوض عشرا في عشر فنزل حتى صار سبعا في سبع فوقعت النجاسة فيه يتنجس لان المعتبر وقت الوقوع فان امتلأ بعد ذلك صار نجسا ايضا وقيل لا يصير نجسا والاول اصح وفي المجتبى عن شرح صدر القضاة بير اذا لم يكن عريضا وعمق مائها عشرة لا يحكم بنجاستها في الاصح ومثله في التمرتاشي والايضاح والمبتغي وعزاه في القنية الى شرح صدر القضاة وجمع التفاريق وهو متوغل في الاغراب مخالف لما اطلق جمهور الاصحاب كذا في رد المحتار عن شرح الوهبانية وفي فتح القدير لو كان له عمق بلا سعة ولو بسط بلغ عشرا في عشر اختلف فيه منهم من صحح جعله كثيرا والاوجه خلافه لان مدار الكثرة عند ابي حنيفة على تحكيم الرأي في عدم خلوص النجاسة الى الجانب الاخروعند تقارب الجوانب لا شك في غلبة الخلوص اليه والاستعمال بقع من السطح لا من العمق وبهذا يظهر ضعف ما اختاره في الاختيار لانه اذا لم يكن له عرض فأقرب الامور الحكم بوصول النجاسة الى الجانب الاخر من عرضه وبه خالف حكم الكثير اذ ليس حكم الكثير تنجس الجانب الاخر بسقوطها في مقابله وانت اذا حققت الاصل الذي بيناه قبلت ما وافقه وتركت ماخالفه وفي الحديقة الندية ذكر في القنية وجامع الفتاوى فحكمه حكم الماء الجاري فان كانت النجاسة مرئية لا يتوضأ من موضع النجاسة معزيا الى شرح صدر القضاة ان البير اذا كان عمقها عشرا في عشر فصاعدا لا يتنجس بوقوع النجاسة فيها في اصح الاقوال واستغربه ابن وهبان وبسط الكلام فيه ابن الشحنة وصاحب البحر لمخالفته ما اطلقه جمهور الاصحاب والحاصل انه لو ثبت لهدم كثير من مسائل الاصحاب المذكورة في كتبهم وفي التاتارخانية اذا توضأ من غدير وعلى جميع وجه الماء جغراوه فقد قيل انه ان كان بحيث يتحرك الماء يجوز الوضوء نه وفيها ايضا اذا توضأ من حوض نجد ماؤه الا انه رقيق يتكسر بتحريك الماء جاز الوضوء وان كان الجمد على وجه الماء قطعا قطعا انه كان كثيرا لا يتحرك بتحريك الماء لا يجوز التوضي به وان كان قليلا يجوز وفيها ايضا وقعت واقعة في بخارا وصورتها ماء المطر مر على النجاسات فاجتمع بعد ذلك ودخل في حوض كبير وماء المطر كان اكثير من ماء الحوض فاتفقت اجوبة المفتين على ان ماء الحوض لا يتنجس لان جميع ماء المطر لا يتصل بماء الحوض دفعة واحدة وانما يتصل بدفعات مختلفة فكل دفعة يتصل بماء الحوض فماء الحوض غالب عليها فلا يتنجس ماء الحوض بها هذا وباقي الفروع مبسوطة في الفتاوى فليرجع اليها قوله فحكمه حكم الماء الجاري الفاء اما تعليله للاستثناء الواقع في كلام المصنف فالمعنى اذا كان عشرة في عشرة جاز الوضوء منه وان وقع فيه نجس لان حكمه حكم الجاري فكما ان الجاري لا يتنجس بوقوع نجس فيه ما لم يتغير طعمه او ريحه او لونه كذلك هذا الحوض واما تفريعية على الاستثناء المذكور يعني اذا جاز الوضوء من عشرة في عشرة فيكون كالماء الجاري وهذا التشبيه ليس في جميع الوجوه بل في عدم تنجسه الا بالتغير وجواز الوضوء منه حالة وقوع النجس فان بينهما فرقا ايضا من بعض الوجوه وهو ان للجريان اثرا في تطهير ما جرى علي فانه اذا كان موضع نجسا وجرى عليه الماء فالارض طاهر وكذا الارض على ما مر بسط ذلك عند شرح قول المصنف بماء جار واما العشر في العشر فهو لا يطهر الموضع الذي تنجس قبل كونه عشرا في عشر بل يتنجس وهو لان الماء ياتي اليه تدريجا فكل ما اتصل الماء به وهو قليل تنجس ثم وثم الى ان صار عشرا في عشر فيكون الكل نجسا كذا ف الظهيرية وفي التاتارخانية عن الينابع هو الاصح وطريق تطهير الحوض المملوء ماء ان يخرج ماؤه من جانب اخر وان قل فانه ح يصير كلجاري وقيل لا حتى يخرج قدر ما فيه وقيل حتى يخرج ثلثة مثاله وصحح الاول في المحيط وغيره كذا في البحر وفي الخلاصة الحوض الصغير اذا تنجس فدخل الماء من جانب وخرج من جانب اخر فيه اقاويل قال الصدر الشهيد المختار انه يطهر وان لم يخرج قدر ما فيه وكذا البير فلو امتلأ الحوض من جانب الشط على وجه الجريان حتى بلغ المشجرة تطهر انتهى وفي البحر عبارة كثير منهم في هذه المسألة تفيد ان الحكم بطهارة الحوض انما هو اذا كان الخروج حالة الدخول وهو كذلك في ما يظهر لانه ح يكون معنى الجاري ثم كلامهم يشير الى ان الخارج منه نجس قبل الحكم على الحوض بالطهارة وهو كذلك كما في شرح منية المصلي انتهى وقال ابن عابدين في رد المحتار لا يلزم ان يكون الحوض ممتلئا ماء نجسا ما حققه في الحلية وذكر فها ان الخارج من الحوض نجس اقول هو ظاهر على القولين الاخيرين لانه قبل خروج المل او ثلثة امثال لم يحكم بطهارة الحوض فيظهر كون الخارج نجسا واما على قول المختار فقد حكم بالطهارة بمجرد الخروج فيكون الخارج طاهرا تامل م رأيت في الظهيرية ونصه الصحيح انه يطهر وان لم يخرج مثل ما فيه وان رفع انسان من ذلك الماء الذي خرج وتوضأ به جاز فلله الحمد انتهى قوله فان كانت النجاسة مرئية الخ الظاهر ان الفاء للتفريع فح يرد عليه ما اورده الفاضل الاسفرائيني من ان الماء الجاري اذا كان ما يلاقي النجاسة منه اكثر مما يلاقيه جاز الوضوء في اسفله واذا كان حكم الحوض حكم الجاري فينبغي ان يكون الحكم فيه ايضا مثله لا ما ذكره وحاصل المسألة ان النجاسة الواقعة في الحوض لا يخلو اما ان تكون مرئية كالعذرة والدم او غير مرئية كالبول وغير ذلك فان كانت مرئية لا يتوضأ من موضع لنجاسة بل يتوضأ من جانب اخر وان كانت النجاسة غير مرئية يتوضأ من الجانب الذي وقعت فيه النجاسة ايضا لانه بمنزلة الماء الجاري والجواب في الماء الجاري على هذا الوجه من انه اذا كانت النجاسة مرئية يتوضأ من الجانب الاخر وفي غير المرئية يتوضأ من جميع الجوانب هذا قول مشائخنا بخارا واما مشائخ العراق فقالوا لا فرق بين النجاسة المرئية وغيرها في انه لا يتوضأ من ذلك الجانب بل من الجانب الاخر كذا في الذخيرة وفتاوى قاضيخان وغيرهما ويعلم منه ان تنج موضع الوقوع في النجاسة المرئية اتفاقي وانما الاختلاف في غير المرئية فمنهم من جعله كالمرئية لاتحادهما في التنجيس ومنهم من فرق مستندا بان غير المرئية لكونه سيالا لا يستقر في موضعه فيقع الشك في تنجسه بخلاف المرئية وقد صرح بهذا جمع منهم صاحب غاية البيان حيث قال في المرئية يتنجس موضع الوقوع بالاتفاق وفي غير المرئية كذلك ايضا عند مشائخنا العراقين اما عند مشائخ بلخ وبخارى فيجوز التوضي من موضع الوقوع انتهى ومنهم صاحب الخلاصة حيث قال وهل يتنجس موضع الوقوع فنقول النجاسة على نوعين مرئية وغير مرئية والمرئية كالعذرة والجيفة وغير المرئية كقطرة خمر ففي المرئية يتنجس موضع وقوع النجاسة بالاجماع ويترك من موضع النجاسة قدر الحوض الصغير واما في غير المرئية فعند مشائخ العراق كذلك وعند مشائخ بلخ وبخارى يجوز التوضي من موضع وقوع النجاسة انتهى لكن المفهوم من كثير من الكتب المعتمدة ان في المرئية ايضا خلافا وان المفتي به هو عدم تنجس موضع الوقوع مطلقا قال الزاهدي في المجتبى الفتوى على الجواز من جميع الجوانب انتهى وفي التاتارخانية عن الغياثية المختار عند مشائخنا انه يتوضأ من موقعها ومن أي موضع شاء انتهى فهاتان العبارتان تدلان لاطلاقهما على ان المختار في المرئية ايضا عدم تنجس موضع الوقوع وفي الهداية قوله أي القدوري في الكتاب جاز الوضوء من الجانب الاخر اشارة الى انه ينجس موضع الوقوع وعن ابي يوسف انه لا يتنجس الا بظهور النجاسة فيه كالماء الجاري انتهى هذا ايضا باطلاقه يدل على ان عند ابي يوسف لا يتنجس موضع الوقوع الا بالتغير سواء كان في المرئية وغيرها كيف لا وقد جعله كالجاري والمعتبر فيه عنده وجود الاثر لا تيقن الوقوع كما سبق تفصيله في شرح قول المصنف وبماء جار وبه صرح ابن الهمام حيث قال قوله اشارة الخ على هذا صاحب المبسوط والبدائع وجعله شارح الكنز الاصح ومشائخ بخارى وبلخ قالوا في غير المرئية يتوضأ من جانب الوقوع وفي المرئية لا وعن ابي يوسف انه كالجاري لا يتنجس الا بالتغير وهو الذي يبغي تصحيحه فينبغي عدم الفرق بين المرئية وغيرها لان الدليل انما يقتضي عند الكثرة عدم التنجس الا بالتغير من غير فصل انتهى وقال ابن امير حاج في الحلية يشهد له ما في سنن ابن ماجة عن جابر قال انتهيت الى غدير فاذا فيه حمار ميت فكففنا عنه حتى انتهى الينا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان الماء لا ينجسه شيء فاستقينا واروينا وحملنا انتهى فظهر ان في المسألة ثلثة اقوال احدها ما ذكره الشارح وهو مشرب مشائخ بخارا ونقل في التاتارخانية عن الزاد انه الاصح وثانيها تنجس موضع الوقوع مطلقا سواء كانت النجاسة مرئية او غيرها وهو مذهب مشائخ العراق وثالثها عدم التنجس مطلقا ما لم يظهر الاثر وهو مختار ابن الهمام ويويده ما ذكرنا في بحث الماء الجاري ان كثيرا منهم افتوا بعدم تنجس الجاري الا بظهور الاثر ولا عبرة لتيقن وقوع النجاسة وعدمه فاذا كان العشر في العشر كالجاري يكون حكه كذلك فافهم فان المقام مما تزلزلت فيه الاقلام بل من الجانب الاخر وان كانت غير مرئية يتوضأ من جميع الجوانب وكذا من موضع غسالته قال محى السنة التقدير بعشر في عشر لا يرجع الى اصل شرعي يعتمد عليه اقول اصل المسألة ان الغدير العظيم الذي لا يتحرك قوله بل من الجانب الاخر اختلف القائلون بتنجس موضع الوقوع في مقدار التنحي على ما في الذخيرة وغيرها على اقوال احدها انه يحرك الماء بيده مقدار ما يحتاج اليه عند الوضوء فان تحركت النجاسة لم يستعمل من ذلك الموضع وان لم تتحرك يستعمله وثانيها انه يتنجس حول النجاسة مقدار حوض صغير وما وراءه طاهر وثالثها انه يتحرى فان وقع تحريه على ان النجاسة لم يخلص الى هذا الموضع يتوضأ منه ونقل في التاتارخانية عن الغياثية ان المختار هو الاول وفي البحر عن شرح المنية بعد القول الثالث انه اصح ورابعها انه ان كان الموضع الذي يتوضأ منه من النجاسة قدر عشرة اذرع واكثر يجوز وان اقل لا ذكره في الخلاصة والظهيرية قوله وكذا من موضع غسالته أي يجوز الوضوء من موضع وقعت فيه غسالته وذكر في الذخيرة انه اذا غسل وجهه في الماء فسقط غسالته في الحوض فرفع الماء من موضع الوقوع قبل التحريك قالوا على قول ابي يوسف لا يجوز ما لم يحرك الماء لان الذي فيه ماء مستعمل والما المستعمل نجس عنده الى هذا كان يميل القاضي ابو جعفر الاستر وشنى وغيره من مشائخ بخارا اخذ بالجواز وجعله كالماء الجاري قالوا بجواز الوضوء من موضع الوقوع في غير المرئية والماء المستعمل ان كان نجسا فهو غير مرئي فكيف يقولون ههنا بعدم الجواز واما ثانيا فلان الماء المستعمل وان كان نجسا عند ابي يوسف لكن المعتبر عنده في الجاري ومن يحدو حذوه هو التغير لا مطلق الوقوع فكيف يحكم بعدم الجواز على قياس قوله واما ثالثا فلان المختار في الماء المستعمل عندهم هو انه طاهر غير طهور كما هو مذهب محمد فكيف يجوزون ههنا اختيار غير المفتي به فالصحيح ان جواز الوضوء من موضع وقوع الغسالة يكون اتفاقيا اما على ماهو المختار من انه طاهر فظاهر واما على رواية نجاسته فلانه غير مرئية او انه لا يورث التغير نعم ينبغي على قول العراقيين عدم الجوازان اختاروا رواية النجاسة وقد صرح قاضيخان في فتاواه بان الجواز في الغسالة اجماعي حيث قال اجمعوا على انه لو توضأ انسان في الحوض الكبير او اغتسل كان لغيره ان يغتسل في موضع الاغتسال انتهى قوله قال محي السنة هو ابو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي صاحب كتاب المصابيح ومعالم التنزيل وشرح السنة وغيرها توفي سنة عشر وخمسمائة وقد ذكرنا ترجمته في المقدمة فلتراجع قوله الى اصل شرعي معتمد عليه يريد ان التقدير لا مدخل فيه للرأي بل لا بد ان يكون له اصل شرعي والتقدير الذي ذكره الحنفية لعدم سراية النجاسة اي العشر في العشر ليس له اصل شرعي معتمد عليه بحيث لا يكون مزيفا ولا يكون مقدوحا وبهذا التقرير يندفع ما اعترض عليه الشارح من ان له اصلا من حديث الحريم فان محي السنة لا ينكر مطلق وجود الاصل الشرعي بل وجود الاصل المعتمد عليه والاصل الذي ذكره الشارح مقدوحا بوجوه كما ستعرف وكذا الاصل الذي ذكره العيني في البناية وشرح معاني الاثار وشرح الكنز كما مر ذكره قوله اقول اصل المسألة الخ لما كان تقدير العشر بالعشر مذكورا في المتون المعتبرة وقد اشتهر ان المتون موضوعة لنقل مذهب الامام ابي حنيفة فكان مظنة ان يتوهم ان هذا التقدير هو المذهب عند الامام واعتراض البغوي وارد على اصل المذهب اراد دفعه بما توضيحه ان اصل المسألة الذي ذهب اليه صاحب المذهب هو ان الغدير أي الحوض العظيم الذي لا يتحرك احد طرفيه بتحريك الطرف الاخر لا يتنجس بوقوع النجاسة بل اذا وقعت فيه النجاسة يجوز الوضوء من الجانب الاخر وانما لم يجز من ذلك الجانب لتيقن وقوع النجاسة هناك بخلاف غيره من الجوانب فانه يقع الشك في سراية النجاسة اليه لبعده عن موقع الوقوع والشك لا عبرة له في حكم النجاسة احد طرفيه بتحريك الطرف الاخر اذا وقعت النجاسة في احد جوانبه جاز الوضوء من الجانب الاخر ثم قدر هذا بعشر في عشر وانما قدر به بناء على قوله عليه السلام من حفر بيرا فله حولها اربعون ذراعا فيكون له حريمها من كل جانب عشرة ففهم من ثم قدر هذا أي الحوض العيم الذي يكون به1ه الصفة من جانب المتاخرين بعشر لان هذا القدر لا يسري فيه النجاسة من جانب منه الى جانب اخر فالتقدير انما هو مذهب المتاخرين وليس اصل المذهب فايراد البغوي ان كان واردا فانما يرد على المتاخرين لا على المذهب فظهر ان في كلام الشارح اشارات الاولى ان التقدير ليس مذهب القدماء من اصحابنا وانما اعتبره المتاخرون واليه اشار صاحب الهداية حيث قال توسعة للناس كما مر والثانية ان ما اشتهر من ان المتون موضوعة لنقل مذهب الامام فهو حم اكثري لا كلي فانهم اختاروا في هذا المقام غير مذهبه ونظائره كثيرة والثالثة ان ايراد البغوي لو صح فانما يبطل به مذهب المتاخرين لا اصل المذهب ولعلك تفطنت من ههنا ان من ادعى ان التقدير بعشر مذهب الامام فقد افترى عليه وخالف الحنفية لتصريحهم بانه لي كذلل فاحفظ هذا فانه من سوانح الوقت قوله وانما قدر به الخ يريد ان هذا التقدير الذي اخترعه المتاخرون له اصل شرعي وهو حديث الحريم وهو ما اخرجه احمد في مسنده عن هشيم عن عوف عن رجل عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حريم البير اربعون ذراعا من جوانبها كلها لا عطان الابل والغنم وابن السيل واول شارب ولا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلاء وفي كتاب الخراج للامام ابي يوسف ر ح سئلت عن حريم ما احتفر من الابار والقنى والعيون للحرث والماشية فاذا احتفر رجل بيرا في مفازة في غير حق مسلم ولا معاهد كان له مما حولها اربعون ذراعا اذا كانت للماشية فان كانت لناضح فلها من الحريم ستون ذراعا فان كانت لعين فلها من الحريم خمسمائة ذراع وتفسير بير الناضح انها التي يسقى فيها الزرع بالابل وبير العطن هي بير الماشية التي يسقى الرجل منها للماشية ولا يسقى منها للزرع قال ابو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الزهري قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بير الناضح ستون ذراعا قال وحدثنا اسمعيل بن مسلم عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من احتفر بيرا كان له مما حولها اربعون ذراعا عطنا للماشية قال وحدثنا اشعث بن سوار عن الشعبي انه قال حريم البير اربعون ذراعا من ههنا وههنا وههنا وههنا لا يدخل احد في حريمه ولا في مائة انتهى وروى ابن ماجة عن عبد الوهاب ابن عطاء حدثنا اسمعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من حفر بيرا فله اربعون ذراعا عطنا للماشية واخرجه ايضا عن محمد بن عبد الله المثنى عن اسمعيل به سند او متنا وقال الزيلعي في نصب الراية ذكره ابن الجوزي في التحقيق بالسند الاول فقط وضعفه فقال عبد الوهاب قال الرازي كان يكذب وقال النسائي والعقيلي متروك قال في التنقيح هذا الذي فعله ابن الجوزي من اقبح الاشياء لان ابن ماجة اخرجه من رواية اثنين ثم انه وهم فيه فان عبد الوهاب هذا هو الخفاف وهو صدوق من رجال مسلم والذي نقل فيه ابن الجوزي هو ابن الضحاك وهو متاخر عن الخفاف مع ان الخفاف لم يتفرد به عن اسمعيل فقد اخرجه ابن ماجة ايضا عن ابن المثنى عن اسمعيل ولكن يكفي في ضعف الحديث اسمعيل بن مسلم قلت صرح بنسبة الخفاف اسحق بن راهويه في مسنده فقال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن اسمعيل بن مسلم به ومن طريق اسحق رواه الطبراني في معجمه واما تضعيفه باسمعيل بن مسلم فقد تابعه اشعث كما اخرجه الطبراني عن اشعث عن الحسن عن عبد الله بن مغفل انتهى كلام الزيلعي ففهم هذا انه اذا اراد اخر ان يحفر في حريمها بيرا يمنع منه لانه ينجذب الماء اليها وينقص الماء في البير الاولى وان اراد ان يحفر بير بالوعة يمنع ايضا السراية النجاسة الى البير الاولى وتنجيس مائها ولا يمنع في ما وراء الحريم وهو عشرة في عشرة فعلم ان الشرع اعتبر العشر في العشر في عدم سراية النجاسة قوله ففهم من هذا الخ أي فهم من هذا الحديث انه اذا حفر رجل بيرا واراد اخر ان يحفر في حريمها وهو عشرة من كل جانب يمنع منه لانه لقربه ينجذب الماء من البير الاولى الى بيره فينقص ماء البير الاولى فلصاحب البير الاولى ان يمنعه من ذلك ويهدم ما حفر الثاني وكذلك لو شاء الثاني ان يبني في ذلك الموضع بناء او يزرع فيه زرعا او يحدث فيه شيئا كان للاول ان يمنعه من ذلك كله وما عطب في البير الاولى فلا ضمان عليه ما عطب من عمل الثاني فهو ضامن لانه احدثه في غير ملكه كذا في كتاب اخراج للامام ابي يوسف قوله بير بالوعة البالوعة والبلاعة والبلوعة بتشديد اللام بير تحفر ضيقه الراس لماء المطر وغيره يعني اذا اراد اخر ان يحفر بيرا لماء المطر وسيلان الميزاب والقاء لنجاسات ونحو ذلك في حريم البير الاولى لا يسعه ذلك لانه يودي الى تنجيس ماء الاولى لسراية النجاسة من الثانية الى الاولى في هذا القدر قوله وهو عشرة في عشرة أي الحريم وهو عبراة عن ما حول الشيء من حقوقه ومرافقه سمي بذلك لانه محرم من غير مالكه ان يستبد بالاتفاق وبه كذا في المصباح المنير واختلف العلماء في مقدار حريم البير لماشية فمذهب الشافعي ومالك ان حريم البير ما لابد لها منه وبه قال القاضي وابو الخطاب الحنبليان ومذهب احمد خمسة وعشرون ذراعا واستدل له ابن الجوزي بما رواه الدار قطني عن محمد بن يوسف حدثنا اسحق بن ابي حمزة حدثنا يحيى حدثنا هارون بن عبد الرحمن عن ابراهيم بن علية عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حريم البير البدي خمسة وعشرون ذراعا وحريم البير العادية خمسون ذرعا والمراد من البدي الذي احدث في الاسلام والعادي بتشديد الياء ما كان قديما وقال الدار قطني الصحيح انه مرسل عن ابن المسيب ومن اسند فقد وهم وقال صاحب التنقيح محمد بن يوسف وضع نحوا من ستين نسخة ووضع من الاحاديث المسندة ما لا يضبط كذا في نصب الراية والبناية وغيرهما واما اصحابنا فافترقوا في ذلك فقال بعضهم انه من كل جانب عشرة كما ذكره الشارح وقال بعضهم اربعون من كل جانب وهو ظاهر رواية الشعبي الذي ذكرناه من كتاب الخراج وهو الصحيح كما في الهداية وغيرها وقال بعضهم يختلف ذلك باختلاف الارض فمن ارض يكفي لصلابته فيه العشرة ومن ارض لا يكفي لرخاوته فيه اربعون ايضا والتحديد الوارد بعشرة او باربعين انما هو باعتبار ارض الحجاز هذا وسنكر الى تحقيق هذه المسألة في موضعه ان شاء الله وعليه التوكل وبه الاستعانة قوله فعلم الخ حاصل الاستدلال انه فهم من حديث الحريم ان حفر البير او بير البالوعة في مقدار عشرة اذرع من البير الاولى جائز وما ذلك الا لسراية الماء والنجاسة الى هذا المقدار فعلم منه ان الشرع اعتبر العشر في العشر في عدم سراية النجاسة حيث اعتبر الحريم عشرة اذرع من كل جانب فلذلك قدر الفقهاء الحوض بالعشر في العشر فاذا كان هذا القدر لم تسر النجاسة من جانب منه الى جانب واورد على هذا الدليل بوجوه احدها ما نقله صاحب البحر عن يعقوب باشا ان قوام الارض اضعاف قوام الماء فقياسه عليها في مقدار عدم السراية غير مستقيم وثانيها ما ذكره صاحب البرح ان المختار والمعتمدة في البعد بين البالوعة والبير نفوذ الرائحة ان تغير لونه او ريحه او طعمه يتنجس والا فلا هكذا في الخلاصة وفتاوى قاضيخان وغيرهما وصرح في التاتارخانية ان اعتبار العشر في العشر على اعتبار حال اراضيهم الجواب يختلف باختلاف صلابة الارض ورخاوتها وثالثها ما نقله صاحب البحر عن شرح النقاية للشمني ان حريم البير اربعون ذراعا من كل جانب على حتى لو كانت النجاسة تسري يحكم بالمنع ثم المتاخرون وسعوا الامر على الناس وجوزوا الوضوء في جميع جوانبه القول الاصح وكونه عشرة من كل جانب انما هو قول البعض فلا يتم الجواب على القول الصحيح واجب اخي حلبي في ذخيرة العقبى بان لنا كفاية في المرجوع الى الاصل الشرعي على قول بعضهم بصحة كون الحريم عشرا في عشر ولا حاجة فيه الى كونه اصح الاقوال على ان قول المصنف في كتاب احياء الموات من كل جانب في الاصح صريح في صحة الاخر فح يصح ان يقال انه اصل شرعي يعتمد عليه وايضا المتبادر من ظاهر قوله عليه السلام من حفر بيرا فله من حولها اربعون ذراعا كونه عشرة من كل جانب انتهى اقول هذا كله اوهن من نسج العنكبوت اما ما ذكره من حديث الكفاية فلانه اذا كان كون الحريم عشرا غيرا صح ومعتمد عندهم يكون حمل حديث الحريم على هذا المعنى مرجوحا عندهم فكيف يجوز الاخذ به في باب الحوض والافتياء عليه اذ الافتاء بالمرجوح غير جائز كم صرحوا به وايضا لم ينكر البغوي وجود الاصل مطلقا بل وجود اصل معتمد عليه وقد صح ذلك لان حديث الحريم وان كان اصلا فهو اصل المذهب مرجوح فليس باصل معتمد عليه واما ما ذكره في العلاوة فلان كثيرا من المعتمدين منهم صاحب الهداية جعلوه صحيحا ومقابله الغلط فيكون كون الحريم عشرة غلطا فكيف يكون ما يفيده اصلا معتمدا عليه واما ما ذكره من حديث التبادر فمعارض بتصريح ورد في رواية الشعبي ورابعها ما اورده الاضل التفتازاني من ان مقتضى حديث الحريم ان يكون الحوض اكثر من عشر في عشر حتى يتصور بين النجاسة ومحل الطهارة هذا القدر وذلك لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم جعل الحريم عشرة فمنع من التصرف في هذا المقدار واجاز لما ورائه حتى لو حفر احد بيرا في انتهاء عشرة اذرع منع من ذلك ولو حفر في ابتداء الحادي عشر جوز ذلك فمقتضاه ان تسري النجاسة الى انتهاء العشر ولا يذهب الى ما ورائها فيلزم ان يكون الحوض اكثر من عشر في عشر ولو بقليل وهو خلاف ما ادعوه واجاب عنه الفاضل الا سفرائيني بان الشرع اعتبر العشر في العشر مانعا عن سراية النجاسة في شيء من اجزاء العشر والا فلا شبهة انه تسري النجاسة الى اقرب موضع الى ماء البير الاولى فيسري منه الى الماء اقول لا يخفى ما فيه من الوهن فانه الشرع انما اعتبر ما زاد على العشر في العشر في عدم سراية النجاسة الى شيء من اجزاء العشر لا العشر في العشر كما لا يخفى وخامسها انا لو سلمنا جميع ما ذكرتم فنقول هذا الاصل للتحديد انما هو استنباطي وقياسي والتجديد بالقلتين او بالتغير صريحي ومن المعلوم ان الصريح مقم على ما ليس بصريح فافهمه فانه م سوانح الوقت وسادسها ما اشار اليه الاسفرائيني من انه يلزم على هذا تخصيص النص بالقياس حيث قال اشكال محى السنة قوي لانه ورد الماء طهور لا ينجسه شيء الا ما غير طعمه او لونه او ريحه والشافعية خصوه بالقلتين والجاري لحديث القلتين فتخصيصهم يرجع الى اصل يعتد به واما التخصيص بعشر في عشر بهذه المقدمات فتخصيص النص بما لا يعتد به انتهى قوله حتى لو كانت الخ ظاهره انه لو علم ان النجاسة تسري في العشر في العشر ايضا يحكم بمنع التوضي منه لتيقن تنجسه وهذا مخالف لما صرحوا به من ان العشر في العشر كالماء الجاري ونه لا تسري النجاسة في هذا المقدار الا ان يقال هذا امر فرضي ولا وقوعي على ما تشهد به كلمة لو الموضوعة للفرض فافهمه فانه من سوالح الوقت قوله تم المتاخرون الخ يريد انه وقع في اصل المسألة الذي هو التفويض بالتحريك زيادتان احدهما التقدير بعشر في عشر وثانيتهما التوسعة على الناس بافتاء جواز الوضوء من جميع جوانبه حتى من موضع الوقوع قال الفاضل الاسفرائيني ينبغي ان يقيد ذلك بما ذا لم تكن النجاسة مرئية لئلا يخالف كلام المتن انتهى اقول بل ينبغي ان لا يقيد بذلك لان المتاخرين جوزوا الوضوء من جميع جوانبه حتى من موضع الوقوع مطلقا مرئية كانت النجاسة او غير مرئية كما مر تفصيله وهو المستنبط من مسائل الامام ابي يوسف وتفريعاته فافهم م ولا بماء استعمل لقرية او رفع حدث ش اعلم ان في الماء المستعمل اختلافات الاول في انه باي شيء يصير مستعملا فعند ابي حنيفة وابي يوسف بازالة الحدث قال ولا بماء استعمل الخ أي لا يجوز الوضوء ولا الغسل بماء مستعمل وهل يجوز ازالة النجاسات الحقيقية به فيه خلاف فمنهم من جوزه ومنهم من لم يجوزه والذي يقتضيه النظر ان على رواية النجاسة لا يجوز لان النجس لا يطهر النجس واما على رواية محمد عن ابي حنيفة انه طاهر غير طهور فيجوز لان ازالة النجاسات الحقيقية مطلق الماء والماء المستعمل ليس بماء مطلق بل ماء مقيد كذا حققه صاحب واستعماله الذي يخرجه عن طهوريته يكون بامرين على ما ذكره الجمهور احدهما ان يعمل لاجل قربة وهي بالضم عبارة عن فعل ما يثاب عليه بعد معرفة من يتقرب اليه به وان لم تتوقف على نية واما الطاعة فهي فعل ما يثاب عليه توقف على نية او لا عرف ما يفعله لاجله او لا والعبادة ما يثاب على فعله ويتوقف على نية فنحو الصلوات الخمس والصوم والزكوة والحج وغيرها من كل ما يتوقف على النية قربة وطاعة وعبادة وقراءة القران والوقف والعتق والصدقة ونحوها مما لا يتوقف على نية قربة وطاعة لا عبادة والنظر المودي الى معرفة الله طاعة لا قربة ولا عبادة كذا نقل الحموي في حواشي الاشباه عن شيخ الاسلام زكريا الانصاري والشافعي وقال وقواعد مذهبنا لا تاباه وقال الحموي ايضا قبيل هذا القرب جمع قربة وهي ما كان معظم المقصود منه رجاء الثواب من الله تعالى وقيل القربة ما يصير به المتقرب مثوبا وقيل هي الطاعة وليس بصحيح فقد يكون الشيء طاعة ولا يكون قربة انتهى والمراد به في كلام المصنف وامثاله نفس الثواب اطلاقا لاسم الفعل على اثره لا الفعل اذ لا معنى لاستعمال الماء لاجل الفعل نعم من قال في قربة يراد به الفعل كمما هو ظاهر فالحاصل ان الذي استعمل لغرض تحصيل الثواب اعم من ان يرتفع به الحدث كالوضوء المنوي او لم يرتفع كالوضوء على الوضوء يكون ماء مستعملا لا يجوز استعماله في التطهير وثانيهما ان يستعمل لرفع حدث سواء حصل به الثواب او لم يحصل واعترض على المصنف بان حق العبارة ان يقول لي قربة او رفع حدث لان الاستعمال لرفع حدث لا ينفك عن النية فلا يشمل رفع الحدث بغير نية واجاب عنه اكثر الناظرين بان اللام في قوله للوقت لا للغرض واقول لا حاجة اليه بل لو حمل على الغرض على ما هو المتبادر لم يضر ايضا اذ الغرض قد يستعمل في ما يترتب على الشيء وان لم يتصور قبله ويقال له العاقبة ايضا كما قيل في قول الشاعر ب قليل عمر نافي داردنيا+ ومرجعنا الى دار الثواب+ له ملك ينادي كل يوم+ لدوا للموت وابنوا للخراب+ مع انه لا يستقيم جعل اللام للوقت اذ ليس الاستعمال في وقت رفع الحدث فان رفعه انما يكون بعده لا في وقته والحاصل ان الماء الذي استعمل الغرض تحصيل الثواب اعم من ان يرتفع الحدث به كالوضوء المنوي او لم يرتفع والذي استعمل لرفع الحدث أي ترتب على استعماله زوال الحدث نوي به ذلك او لم ينو ماء مستعمل لا يجوز الوضوء والغسل به ولعلك تفطنت من ههنا ان كلمة او في كلام المصنف لمنع الخلو لا لمنع الجمع وان بين قصد القربة ورفع الحدث عموما وخصوصا من وجه فاذا توضأ وضوء منويا اجتمعا واذا توضأ وضوء غير منوي وجد الثاني دون الاول واذا توضأ المتوضي للتجديد وجد الاول دون الثاني قوله اختلافات في الماء المستعمل مباحث بيان سببه وبه يعرف حقيقته وبيان وقته وبيان صفته وبيان حكمه وفي كل منها اختلافات بين ايمتنا وغيرهم اما الثلثة الاول فقد ذكرها الشارح مقدما الاول لكونه معرفا للحقيقة ومعرف الحقيقة مقدم على ما عداه وموسطا الثاني لتوقفه على الاول ومؤخرا الثالث لتاخر الصفة عن الموصوف واما الرابع فقد ذكره المصنف ويعلم الاختلاف فيه من الاختلاف في الثالث لانه مبتنى عليه وايضا بنية القربة فاذا توضأ المحدث وضوء غير منوي يصير مستعملا ولو توضأ غير المحدث وضوء منويا يصير مستعملا ايضا وعند محمد بالثاني فقط قوله وايضا بنية القربة أي بكل من الامرين اجتمعا او تفرقا وذلك لان الاستعمال بانتقال نجاسة الاثام الى الماء المستعمل وانها تزال بالقرب واسقاط الفرض موثر ايضا لان الحدث الحكمي اغلظ من النجاسة العينية فيثبت الفساد بالامرين كذا في الهداية والبناية وفي فتح القدير لو ادخل يده او رجله في البير لا يفسده ولو دخل الجنب في البير غير اليد والرجل من الجسد افسده لان الحاجة فيهما وقولنا من الجسد يفيد الاستعمال بادخال بعض عضو وهو يوافق المروي عن ابي يوسف انه اذا ادخل راسه في الاناء وابتل بعض راسه انه يصير به مستعملا واما على الرواية المعروفة عنه انه لا يصير مستعملا قال في الخلاصة هذا بناء على ان الماء بماذا يصير مستعملا فقال ابو حنيفة وابو يوسف اذا ازيل به حدث او تقرب به ومعنى هذا ان الحدث لا يرتفع عن بعض عضو حتى لو كان فيه لمعة فهو بحدثه ورفعه هو المفيد للاستعمال او القربة ثم هذا كله يشكل على قول المشائخ ان الحدث لا يتجزى رفعا كما لا يتجزى ثبوتا والمخلص بتحقيق الحق في ذلك وهو ان تتبع الروايات يفيد ان صيرورة الماء مستعملا باحد امور ثلثة رفع الحدث تقربا او غير تقرب والتقرب سواء كان معه رفع حدث او لا وسقوط الغرض عن العضو وعليه تجري فروع ادخال اليد والرجل في الماء القليل لا لحاجة ولا تلازم بين سقوط الفرض وارتفاع الحدث فسقوط الفرض عن اليد مثلا يقتضي ان لا تجب اعادة غسلها مع بقية الاعضاء ويكون ارتفاع الحدث موقوفا على غسل الباقي وسقوط الفرض هو الاصل في الاستعمال لما عرف ان اصله مال الزكوة والثابت فيه ليس الا سقوط الفرض حيث جعل به دنسا شرعا والمفيد لاعتبار الاسقاط موثرا فيه صريح التعليل المنقول من لفظ ابي حنيفة في كتاب الحسن من قوله لانه سقط فرضه عنه انتهى كلامه وهو تحقيق شريف يعرف منه ان جمهور الفقهاء قد ضيقوا العطن في هذا المبحث ولم يذكروا ما هو الاصل وهو اسقاط الفرض وذكروا رفع الحدث وهو لا يتحقق الا في ضمن القربة او اسقاط الفرض فلو ذكروهما وحذفوه لكان احسن واشمل الا ان يبني كلامهم على التلازم بين سقوط الفرض ورتفاع الحدث لكنه غير مسلم لا عقلا ولا نقلا فافهم قوله فاذا توضأ الخ تفريع على ما ذكر من ان سبب الاستعمال عند ابي حنيفة وابي يوسف ازالة الحدث ونية القربة اجتمعا او تفرقا ففي الصورة الاولى يعني ما اذا توضأ المحدث وضوء غير منوي وجد ازالة الحدث دون القربة لان وجود الثواب منوط بالنية ورفع الحدث لا يتوقف عليه كما مر في مبحثه وفي الصورة الثانية يعني اذا توضأ غير المحدث وضوء منويا وجد القربة بسبب النية دون رفع الحدث ففي الصورتين يصير المتوضي مستعملا للماء بالكسر والماء مستعملا بالفتح فالضمير في قوله يصير مستعملا في الموضعين ان كان راجعا الى المتوضي قرأ المستعمل بكسر الميم وان كان راجعا الى الماء قرأ بفتح الميم ولم يذكر صورة الاجتماع لظهوره مما ذكر فانه اذا كان وضوء المحدث الغير المنوي موجبا للاستعمال كان وضوءه المنوي موجبا له بالطريق الاولى فتقييد وضوء لمحدث بالغير المنوي ليس باحترازي واما تقييد وضوء غير المحدث بالمنوي فهو احترازي اذ وضوء غير المحدث الغير المنوي لا يكون موجبا لاستعمال الماء اذ لا قربة هناك ولا رفع للحدث قوله وعند محمد بالثاني فقط أي بنية القربة كان معها رفعا لحدث ام لا لان الاستعمال انما يكون بانتقام الانام اليه وهو انما يكون بالقربة سواء كان معه رفع الحدث او لم يكن فيكون هو الناط للاستعمال هكذا ذكره صاحب المحيط والخلاصة وقاضيخان وغيرهم وذكر صاحب البحر ان هذا الخلاف انما استنبطه ابو بكر للرازي من مسألة الجنب اذا انغمس في البير لطلب الدلو فانه قال محمد انه طاهر والماء ايضا طاهر وطهور لعد اقامة القربة وان وجد معه رفع الحدث وقال شمس الايمة السرخسي التعليل لمحمد بعدم اقامة القربة ليس بقوي وعند الشافعي بازالة الحدث لكن ازالة الحدث لا يتحقق الا بنية القربة عنده بناء على اشتراط النية في الوضوء لانه غير موي عنه والصحيح عنده ان ازالة الحدث بالماء مفسدة له الا عند الضرورة كالجنب يدخل البير لطلب الدلو ومن شرط القربة عنده استدل بمسألة البير وجوابه انه انما لم يصر مستعملا للضرورة لا لان الماء لا يصير مستعملا بازالة الحدث فصار كما لو ادخل الجنب او الحائض او المحدث يده في الاناء لا يصير مستعملا للضرورة والقياس ان يصير مستعملا عندهم لازالة الحدث ولكن سقط للحاجة وقال القدوري كان شيخنا ابو عبد الله الجرجاني يقول الصحيح عندي من مذهب اصحابنا ان ازالة الحدث كما قال للماء فلا معنى لهذا الخلاف كذا في البناية وفي البحر الرائق صرح في البدائع بان الخلاف لم ينقل عنهم نصا وانما مسائلهم تدل عليه وكذا في المحيط لكن قال هذا الخلاف صحيح والذي يدل على صحة الخلاف ما نقله في المحيط والخلاصة وكثير من الكتب وعزاه الهندي الى صلوة الاثر لمحمد ان الرجل اذا اخذ الماء فغمسه وهو جنب ولا يريد المضمضة اجزاه ولا يصير مستعملا عند محمد لعدم قصد القربة وان زال الحدث عن الفم لكن يقال من جهة شمس الايمة ان محمدا انما لم يقل بالاستعمال لضرورة انتهى وفي فتح القدير الذي نعقله ان كلا من التقرب الماحي للسيئات والاسقاط مؤثر في التغير الا ترى انه انفرد وصف التقرب في صدقة التطوع واثر التغير حتى حرم على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم رأينا الاثر عند ثبوت وصف الاسقاط له اشد فحرم على قرابة الناصرة له فعرفنا ان كلا منهما اثر تغيرا شرعيا وبهذا يبعد قول محمد انه التقرب فقط الا ان يمنع كون هذا مذهبه كما قال شمس الايمة انتهى ومثله في شرح الكنز للزيلعي وغيره قوله وعند الشافعي وكذا عند زفر استند بان مجرد القربة لا يدنس بل الاسقاط الا ترى ان المال لا يتدنس لمجرد التقرب ولذا جاز دفع صدقة التطوع الى الهاشمي واجيب عنه بان كلا مهما مؤثر ولذلك لم يجز صدقة التطوع على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كذا في فتح القدير وغيره قوله لكن الخ دفع لما يتوهم ان قول الشافعي يعم ما اذا نوى وما اذا لم ينو بانه ليس كذلك لان النية عنده شرط في صحة الوضوء والغسل فلا يتحقق زوال الحدث عنده الا بالقربة نعم عند زفر يتحقق التعميم فلو توضأ محدث بنية القربة صار مستعملا بالاجماع ولو توضأ المتوضي للتبرد لا يصير مستعملا بالاجماع ولو توضأ المحدث للتبرد صار مستعملا عندهما وعند زفر خلافا لمحمد لعدم قصد القربة وكذا عند الشافعي لعدم زوال الحدث عنده بغير نية ولو توضأ المتوضي بقصد القربة صار مستعملا عند الثلثة خلافا لزفر والشافعي كذا في البناية فروع الجنب والحائض اذا ادخل يده للاغتراف او وقع الكوز في الحب فادخل يده ي الحب الى المرفق لاخراج الكوز لا يصير مستعملا بخلاف ما اذا ادخل يده في الاناء او رجله للتبرد فانه يصير مستعملا لانعدام الضرورة كذا في الخلاصة وذكره الخلاف وتعليله بانعدام الضرورة يرشد الى ان عدم الفساد في صورة ادخال اليد للاغتراف ونحوه انما هو للضرورة والا فمقتضى مذهب ابي حنيفة ان يفسد لوجود سقوط الغرض وصرح به في فتح القدير حيث قال لو ادخل المحدث او الجنب او الحائض التي طهرت اليد في الماء للاغتراف لا يصير مستعملا للضرورة وقد ورد حديث عائشة في اغتسالها معه صلى الله عليه وسلم من إناء واحد بخلاف ما لو ادخل المحدث رجله او راسه حيث يفسد الماء لعدم الضرورة وكذا ما في كتاب الحسن عن ابي حنيفة ان غمس جنب او غير متوضئ يده الى المرفقين او ادى رجليه في اجانة لم يجز الوضوء منه لانه سقط فرضه عنه وذلك لان الضرورة لم تتحقق في ادخال المرفقين حتى لو تحققت بان وقع الكوز في الحب لا يصير مستعملا انتهى وفيه ايضا ما ذكر في الخلاصة من كونه مستعملا بالادخال للتبرد محله مااذا كان متطهرا فلا اذ لابد عند عدم ارتفاع الحدث من نية القربة لثبوت الاستعمال انتهى ولو اخذ الماء بفمه لا يريد به المضمضة لا يصير مستعملا عند محمد وكذا لو اخذ بفية وغسل اعضائه بذلك وقال ابو يوسف لا يبقى طهورا وهو الصحيح ولو نوى المضمضة ثم نفخ في الثوب لا ينجسه كذا في الخلاصة وفيه ايضا الجنب اذا ادخل يده في الاناء انما لا يصير مستعملا اذا لم يرد غسله بل اراد رفع الماء فان اراد غسله ان كان اصبعا او اكثر دون الكف لا يتنجس الماء وان ادخل الكف يريد غسلها يتنجس هذا على قول ابي يوسف وهو احدى الروايتين عن ابي حنيفة انتهى ولو ادخل بعض جسده سوى اليد او راسه فابتل بعضه فسد والمعروف عن الثاني عدم الفساد ما لم يصر عضوا تاما والفساد هو الظاهر كذا في البزازية وفيها ايضا المحدث البالغ اذا غسسل غير اعضاء وضوئه او اناء او ثوبا طاهر الا يفسد الماء ولو ادخل صبي يده في الاناء ان علم طهارة يده بان كان له رقيب يحفظه او غسل يده فهو طاهر وان علم نجاستها فهو نجس وان شك فالمستحب ان يتوضأ بغيره لقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك والمختاران وضوء الصبي العاقل مستعمل وغير العاقل لا ولو غسل البالغ يده من الطعام او للطعام صار مستعملا وان من والوسخ او غسلت من العجين لا لاقامة السنة في الاول دون الثاني انتهى وفي فتاوى قاضيخان كذا لو اغتسل للاحرام او للاسلام او للوضوء على الوضوء وصلوة الجمعة وصلوة العيد وليلة عرفة وليلة القدر وكذا اذا اغتسلت المرأة للحيض والنفاس او غسل ميتا ثم اغتسل فان الماء يصير مستعملا في هذه الوجوه لاقامة القربة وفي فتح القدير بتعليم الوضوء اذا لم يرد سوى مجرد التعليم لا يستعمل انتهى ونقله صاحب البحر عن المبتغى وقال لا يخفى ان التعليم قربة فاذا اقصد اقامة القربة ينبغي ان يصير الماء مستعملا كغسل اليد م الطعام فانه لم يرد به الصلوة بل اقامة القربة كما لا يخفى ويؤيده ما في شرح النقاية ان القربة ما تعلق به حكم شرعي وهو استحقاق الثواب ولا شك ان في التعليم ثوابا وقد يجاب منه بان هذا الماء لم يستعمل لقربة لان القربة ليست بسبب استعاله انما هي بسبب تعليمه وهو بالقول يستغنى عن هذا الفعل بخلاف غسل اليدين للطعام فان القرية فيه لا تحصل الا بالاستعمال فافترقا انتهى وفي النهر الفائق مقتضى كلامهم اختصاص ذلك بالفريضة وينبغي انها لو توضأت لتهجد عادة لها او صلوة ضحى وجلست في مصلاها ان يصير مستعملا ولم اره لهم وفي البحر عن المحيط لو وصلت شعر ادمي الى ذوابتها فغسلت ذلك الشعر الواصل لم يصر الماء مستعملا ولو غسل راس انسان مقتول قد بان منه صار الماء مستعملا لان الراس اذا وجد مع البدن صلى فيكون بمنزلة البدن والشعر لا يضم مع البدن فبالانفصال لم يبق له حكم البدن فلا تكون غسالته مستعملا قال الولوالجى في فتاواه هذه الفرق ياتي على المرواية المختارة ان شعر الادمي ليس بنجس الماء انتهى وفي البحر عن الظهيرية غسالة الميت نجسة كذا اطلق محمد في الاصل والاصح انه اذا لم يكن على بدنه نجاسة يصير الماء مستعملا ولا يكون نجسا الا ان محمدا انما اطلق لان غسالته لا تخلو عن النجاسة غالبا انتهى وفي فتح القدير بوضوء الحائض يصير مستعملا لان وضوءها مستحب انتهى ونقله صاحب البحر عن المبتغى وقال لا يخفى انه لا يصير مستعملا الا اذا قصدت الاتيان بالمستحب وفي البدائع لو زاد على الثلث فان اراد بالزيادة ابتداء الوضوء صار مستعملا وان اراد الزيادة على الوضوء الاول اختلف المشائخ فيه انتهى قال صاحب البحر فيه كلام قدمنا في بحث تثليث الغسل فانه يقتضي ان الوضوء لا يكون قربة الا اذا اختلف المجلس فح يكون الماء مستعملا اما اذا اتحد المجلس فانه لا يكون مستعملا انتهى وفي المنية وشرحها لو ادخل الجنب يده في حوض الحمام لطلب القصعة وليس على يده نجاسة حقيقية يتنجس ماء الحوض عند ابي حنيفة بناء على رواية كون الماء المستعمل نجسا لان الحوض صار مستعملا بزوال الحدث من يده وعندهما الماء طاهر ومطهرا ما عند ابي يوسف فلان الحدث لم يسقط به لعدم الصب وهو شرط عنده في طهارة العضو واما عند محمد فلان الحدث وان زال لكن بزوال الحدث لا يصير مستعملا ما لم يكن فيه نية والاختلاف الثاني في انه متى يصير مستعملا ففي الهداية انه كما زال من العضو صار مستعملا والاختلاف الثالث القربة انتهى قال في الغنية المذكور في الفتاوى انه ان ادخل الجنب يده للاغتراف او لرفع الكوز لا يصير مستعملا للضرورة ولم يذكروا خلافا وهو الاصح انتهى وفي المنية ايضا لو ادخل الكفار او الصبيان ايديهم لا يتنجس اذا لم يكن على ايديهم نجاسة حقيقية قال صاحب الغنية هذا في الصبيان مسلم لانه لي عليهم حدث فيزول ولم ينووا الوضوء واما ي الكفار فغير مسلم لانهم يزول عنهم الحدث حتى لو اغتسل الافر او توضأ ثم اسلم لم تلزمه اعادة ذل انتهى قوله ي انه متى يصير مستعملا يعني في أي وقت يعي له حكم الاستعمال اختلفوا فيه على قولين بعد ما اتفقوا على انه لا يعطي له حكمه ما دام على العضو احدهما انه انما يصير مستملا اذا زايل البدن واستقر في مكان وهو مذهب سفيان الثوري وابراهيم النخعي وبعض مشائخ بلخ وهو اختيار الطحاوي وبه كان يفتي ظهير الدين المرغيناني كذا في البناية وممن اختاره من اصحابنا الصدر الشهيد حيث قال في شرح الجامع الصغير انما ياخذ الما حكم الاستعمال اذا زايل عن العو واجتمع ثفي مكان واحدا ما دام على العضو فلا ياخذ حكم الاستعمال وكذا اذا لم يجتمع في مكان بان زايله عن البدن متلاشيا او متقاطرا انتهى واختاره صاحب الخلاصة حيث قال المختار ما ذكرنا انه لا يصير مستعملا ما لم يستقر في مكان ويسكن عن التحرك انتهى وفي غاية البيان ان مختار فخر الاسلام البزدوي وغيره في شروح الجامع الصغير اجتماعه في مكان بعد المزايلة وفي ما اختاره صاحب الهداية حرج عظيم انتهى ونسب ابن الهمام في فتح القدير هذا الول الى كثير من المشائخ والقول الثاني انه بمجرد زواله عن العضو يصير مستعملا استقر او لم يستقر هذا في الوضوء وفي الغسل ما لم يزل عن جميع البدن لا يكون مستعملا لان كل البدن في الغسل كعضو واحد صرح به في المحيط وغيره وهذا القول نسبه ابن الهمام الى المحققين وقال صاحب المحيط هو مذهب اصحابنا واختاره صاحب الهداية حيث قال في مختارات النوازل الصحيح انه اذا زال عن العضو ياخذ حكم الاستعمال حتى لو توضأ واحد وامسك اخر يده تحت ذراعيه لا يجوز وقيل ما لم يجتمع في موضع حتى لو اصاب ثوبه متلاشيا من الهواء لا يحكم بحكم الاستعمال انتهى وقال في الهداية الصحيح انه كما زال العضو صار مستعملا لان سقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال للضرورة ولا ضرورة بعده انتهى واكتفى بذكره الشارح ؟؟ الى عدم الاعتداد بالقول الاخر لا لان الطرف الاخر ليس من اصحابنا كما ذكره الفاضل الاسفرائيني لما عرفت ان الطرف الاخر قد اختاره كثير من اصحابنا ايضا والكاف في قوله كما زال للمفاجاة كما تقول كما خرجت من البيت رأيت زيدا أي فاجاءت ساعة خروجي ساعة رؤية زيد أي يصير الماء مستعملا مفاجاة وقت زواله عن العضو من غير توقف على الاستقرار كذا في النهاية وغيرها وذكر العيني في البناية ان النحاة ذكروا ان الكاف اذا كان بعدها ما الكافة يكون لها ثلثة معان احدها تشبيه مضمون جملة لمضمون الاخرى والثاني ان تكون بمعنى لعل حكاه سيبويه عن العرب في قولهم انتظرني كما اتيك أي لعل اتيك والثالث ان تكون بمعنى قران الفعلين في الوجود نحو ادخل كما يسلم الامام وكما قام زيد قعد عمر والكاف ههنا من هذا القبيل ولم ار احدا منهم قال ان الكاف يكون للمفاجاة وان كان معناها قريبا مما ذكرنا انتهى ملخصا واعترض على صاحب الهداية بان نفي الضرورة غير صحيح لتعذر صون الثياب عنه واجيب عنه كما في حواشي الجونفوري وغيره ان صون الثيان عنه غير واجب لان الماء المستعمل طاهر فاما من قال انه نجس اعتبر الحرج واستدل اصحاب هذا القول بما روي عن الايمة ان المحدث اذا غسل ذراعيه فامسك انسان يديه تحت ذراعيه وغسلهما بذلك الماء لا يجوز وكذا المحدث اذا غسل عضوا فقبل ان يجتمع في المكان غسل به عضوا اخر لا يجوز الا على قول ابي مطيع البلخي كذا في فتاوى قاضيخان واستدل اصحاب القول في حكمه فعند ابي حنيفة هو نجس نجاسة غليظة الاول بمسائل منها اذا توضأ او اغتسل وبقى في يده لمعة فاخذ البلة منها وغسل اللمعة يجوز ومنها انه لو بقي في كفه بلة فمسح بها راسه يجوز ومنها انه لو مسح اعضاءه بالمنديل فابتل جازت الصلوة معه ومنها انه لو تقاطر الماء من اعضائه على ثيابه وفحش لا يمنع جواز الصلوة واجاب اصحاب القول الثاني عن الاول والثاني بان الفرض تادى بما جرى على العضو لا بما بقي من البلة فهو ليس بمستعمل وعن الثالث والرابع بانه لدفع الحرج والضرورة كذا في البناية قوله في حكم هذا لا يخلو عن مسامحة لان الحكم حقيقة هو ما يترتب عليه وما ذكر من النجاسة والطهارة من صفاته فهذا الاختلاف انما هو في صفته واما الاختلاف في الحكم فهو انه يجوز به الوضوء عند مالك والشافعي ولا يجوز عند اصحابنا وهل يجوز عندنا غسل شيء من النجاسات به فقال بعضهم لا يجوز وذكر في النهاية انه يطهر الانجاس في ما روي محمد عن ابي حنيفة وبه اخذ مشائخ العراق كذا في التاتارخانية ومثله في المجتبى والبناية وغيرهما ومن حكمه انه يكره شربه وجاز الانتفاع به وبالماء النجس في بل الطين وسقي الدواب كما في الخلاصة قال صاحب البحر كراهة الشرب على رواية الطهارة اما على رواية النجاسة فحرام وقال ايضا الماء المستعمل على قول القائلين بنجاسته نجاسته عينية عند البعض حتى لا يجوز الانتفاع به بوجه ما وعند البعض نجاسته بالمجاورة حتى يجوز الانتفاع به بسائر الوجوه سوى الشرب لان هذا ماء ازيلت به النجاسة الحكمية فصار كماء ازيل به النجاسة الحقيقية ووجه الاول ان المجاورة انما تكون بانتقال شيء من عين النجاسة ولم توجد حقيقة الا انه يتنجس الماء بالاغتسال شرعا فيكون نجسا عينا كذا ذكره الامام صاحب الهداية في التنجيس ولم يرجح لكن تاخيره وجه الاول يفيد ترجيحه كما هو عادته في الهداية انتهى الا ان يقال لما كان الاختلاف في الحكم متفرعا على الاختلاف في الصفة اطلق الشارح الحكم على الصفة فاحفظه فانه من سوانح الوقت قوله فعند ابي حنيفة الخ تفصيل المقام ان الماء المستعمل على ثلثة اقسام احدها ما استعمل في غسل الاعيان الطاهرة كغسالة الحبوب والبقول والثياب الطاهرة والقدور والثمار والقصاع وما اشبهها وهو طاهر بالاتفاق كما في التاتارخانية عن فتاوى الحجة وثانيها ما استعمل في ازالة النجاسات الحقيقية كماء الاستنجاء وغسالة الثياب والاعضاء النجسة وهو نجس اتفاقا ما لم يعط للمغسول حكم الطهارة وبعد ذلك هو طاهر كما في الغنية وغيرها وثالثها ما استعمل في ازالة الاحداث الحكمية او تادية القربة واختلفوا في صفته في طهوريته وفي طهارته اما الاختلاف في الطهورية فذهب اصحابنا باجمعهم الى انه غير طهور وهو الاصح من مذهب الشافعي واحمد كما في رحمة الامة في اختلاف الايمة وذهب مالك الى انه طهور كما في المنح الوفية شرح المقدمة العزية الماء المستعمل في الضوء والغسل طهور يكره استعماله مع وجود غيره انتهى ومثله في مختصر الخليل وغيرهما من كتب اصحابه وهو قول الزهري والاوزاعي في اشهر الروايتين عنهما وابي ثور وداود وقال ابن المنذر روى عن علي وابن عمر وابي امامة والحسن وعطاء ومكحول والنخعي انهم قالوا في نسي مسح راسه فوجد في لحيته بللا يكفيه مسحه بذلك وهذا يدل على انهم يرون المستعمل مطهرا وبه اقول كذا في البناية واختلف اصحاب الشافعي فيه فحكم عيسى بن ابان انه طهور وقال النووي في المهذب الصحيح انه ليس بطهور من اصحابنا من لم يثبت رواية عيسى وقال المحاملي قول من يرد قول عيسى ليس بشيء لانه ثقة وان كان مخالفا وقال بعضهم عيسى ثقة لا يتهم في ما يحكيه ففي المسألة قولان وقال صاحب الحاوي نصه في الكتب القديمة والجديدة وما نقله جميع اصحابه سماعا ورواة انه غير هو وحكى عيسى بن ابان في الخلاف عن الشافعي انه طهور وقال ابو ثور سألت الشافعي عنه فتوقف وقال ابو اسحق وابو حامد فيه قولان وقال ابن ؟؟ وابو علي وابن ابي هريرة ليس بطهور قطعا وهذا اصح لان عيسى كان ثقة فيحكي ما يحكيه اهل الخلاف ولم يلق الشافعي ليحكيه سماعا كذا في البناية وههنا قول ثالث وهو انه كان المستعمل متوضيا فهو طهور وان كان محدثا فهو طاهر غير طهور نسبه صاحب صاحب الهداية الى زفر وقال وهو احد قول الشافعي واستدل القائلون بالطهور بوجوه منها ما ذكره صاحب الهداية بقوله هما أي مالك والشافعي يقولان الطهور ما يطهر غير مرة بعد اخرى كالقطوع انتهى يعني الله تعالى قال وانزلنا من السماء ماء طهورا والطهور اسم لما يتطهر ه مرة بعد اخرى كالقطوع اسم لما يقطع به مرة بعد اخرى فيفيد ذلك ان الماء يطهر مرة بعد ما استعمل وطهر مرة بعد اخرى فيكون المستعمل طهورا واجيب عنه على ما في شروح الهداية وغيرها بوجوده احدها انا لا نسلم انه فعول بمعنى المبالغة بل هو مصدر بمعنى الطهارة وصف الماء به للمبالغة كما في حديث لا صلوة الا بطهور أي بطهارة وحدي مفتاح الصلوة الطهور أي الطهارة وثانيها انه اسم ما يتطهر به كالسحور اسم لما يتسحر به فليس فيه ما يدل على انه مطهر مرة بعد اخرى ولا فيه مبالغة وثالثها انا لو سلمنا انه فعول للمبالغة لكنه مشتق من طهر اللازم فيكون معناه البليغ في الطهارة وقياسه على القطوع غير صحيح لان الصيغة اذا اخذت من اللازم كانت للمبالغة والتكثير في الفاعل ولا يتعلق به المفعول البتة وان كان الفعل متعديا كالقطوع كان التايد في مفعوله وقد يناقش في بانه قد يستعمل اللازم بمعنى المتعدي ومنه حدي الصعيد الطيب طهور المسلم فان المعنى فيه ليس الا التطهير واذا كان هذا هكذا صح قياسه على القطوع هذا وقد مر نبذ مما يتعلق بهذا المبحث في بدء بحث المياه فليتذكر ومنها انه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه توضأ فمسح راسه ببلل لحيته وهذا نص في طهورية الماء المستعمل واجاب عنه العيني في البناية بانه حديث ضعيف فانه فيه عبد الله بن محمد ابن عقيل ولا يحتج بروايته اذا لم يخالفه غيره فكيف وقد عارضته الروايات الصحيحة منها ما رواه مسلم وابو داود وغيرهما عن عبد اله بن زيد انه رأى النبي عليه الصلوة والسلام توضأ فذكر كيفية الوضوء الى ان قال ومسح راسه بماء غير فضل يديه وعلى تقدير صحته فبدن المتوضي كعضو واحد ويجوز نقل البلة من موضع الى اخر ومنها ما رو انه عليه الصلوة والسلام مسح بماء فضل في يديه وقد مر هذا الحديث مع تأويله وما عليه في شرح قول الشارح او بللا باقيا في اليد فتذكره ومنها ما رواى ابن عباس انه عليه السلام غتسل فنظر لمعة من بدنه لم يصبها الماء فامر يده عله واجاب عنه العيني بانه حديث ضعيف ؟؟ البيهقي والدار قطني وعلى تقدير صحته يجاب عنه بمثل ما مر ومنها ان ما لاقى طاهر يبقى مطهرا كما لو غسل ثوبه والجواب عنه ان في غسل الثوب لم يد فرض ولا اقيمت قربة بخلاف الوضوء والغسل فان فيهما وامثالهما يزال الحدث او تقام القربة ولكل منهما اثر في تغير الماء ومنها ان ما ادى به الفرض مرة لا يمنع ان يؤدي به ثانيا ما يجوز للجماعة ان يتيمموا من موضع واحد وجوابه على ما في البناية ان المستعمل ما تعلق بالعضو والارض ليست كالماء فلا تقبل صفة الاستعمال والذين قالوا انه غير طهور استندوا بوجوه احدها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه احتاجوا في مواطن من اسفارهم الكثيرة الى الماء وولم يجمع المستعمل لاستعماله مرة اخرى فان قيل تركوه لانه لا يجتمع مننه شيء فالجواب ان هذا غير مسلم وان سلم في الوضوء لا يسلم في الغسل فان قلت لا يلزم من عدم جمعه منع الطهارة وانهم لم يجمعوا ايضا للشرب والطبخ والعجن والتبرد ونحوها قلت ان ترك جمعه للشرب ونحوه للاستقذار فان النفوس تكرهه بالطبع وان كان في نفسه طاهرا واما التطهر مرة ثانية فليس فيه استقذار فتركه مع الحاجة الشديدة يدل على امتناعه كذا في البر الرائق وثانيها ما في الهداية وحواشيها ان الماء الذي ازيل به حدث او اقيمت قربة ق شابه الصدقة فانه ايضا مطهر لقوله تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها واقيمت به قرؤبة ايضا وقد جعل في الشرع من الاوساخ لتدانسه باسقاط الفرض به فحرم على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قرابته الناصرة له فكذلك الماء المستعمل اذا اقمت به قربة او ازيل به حدث تدنس بالنجاسة الحكمية وانتقص من مرتبته فخرج من ووصف الطهورية وان بقى على طهارته وفيه اشكال وهو ان من شرط القياس تعدية عين حكم الاصل من غير تغير وههنا حكم الفرع غير حكم الاصل اذا الاصل يتغير صفته بمعنى انه لا يحل للغني والهاشمي والفرع يتغير بمعنى انه لا يبقى مطهر فالقياس ههنا غير مستقيم وثالثها ان الماء المزال به الحدث الحكمي له شبه بالمستعمل في ازالة النجاسة الحقيقية من حيث انه تزال به نجاسة وان كانت حكمية وشبه بغسالة الاشياء الطاهرة من حيث انه لاقى محالا طاهرة فوفرنا حظ الشبهين وقلنا انه طاهر غير طهور ورابعها ان اعضاء المستعمل وان كانت طاهرة من النجاسة الحقيقية لكنها متدنسة بالنجاسة الحكمية وهي الذنوب والخطيئات والماء يطهر عنها اذا استعمله على الوجه المشروع وقد ورد في الاحاديث ان الذنوب تخرج مع القطرات وتسيل معها فتطهر الاعضاء وح فيكون الماء مخالطا بالنجاسات الحكمية فان لم يعطله حكم النجاسة فلا اقل من ان لا يبقى مطهرا من النجاسة الحكمية كيف لا والمطهر من الاحداث انما يكون ما لم يخالط به والماء المستعمل مخلوط فيكف يكون مطهرا وخامسها حديث لا تغتسلوا احدكم في الماء الدائم وهو جنب فانه ورد في صحيح مسلم قال الاوي يا ابا هريرة كيف نفعل قال ناوله تناولا قال ابن حجر في فتح الباري فدل على الن المنع لئلا يصير مستعملا فيمتنع على الغير الانتفاع به والصحابي اعلم بمورد الخطاب من غيره وهذا من اقوى الادلة على ان المستعمل غير طهو رانتهى واما الاختلاف في الطهارة فهو ان من عدا اصحابنا من الشافعية والمالكية والحنابلة وغيرهم كلهم قالوا بطهارته كما في البناية به أي بطهارته قال احمد وه الصحيح من مذهب الشافعي وهو روياة عن مالك ولم يذكر ابن المنذر عنه غير ذلك وقال النووي هو قول الجمهور السلف واختلف انتهى واما اصحابنا فتفرقوا في ذلك على ثلة اقوال الاول انه طاهر غير طهور كقول الجمهور وهو مذهب محمد وبه اخذ مشائخ العراق ورواه زفر عنابي حنيفة وقال في المحيط هو الاشهر الاقيس وقال في المفيد هو الصحيح وقال الاسبيجابي عليه الفتوى كذا في البناية وفي العناية انه المختار للفتوى لعموم البلوى انتهى وفي مختارات النوازل عليه الفتوى انتهى وفي السراجية الماء المستعمل في رواية محمد عن ابي حنيفة طاهر وعليه الفتوى انتهى وف يالمنية به اخذ اكثر المشائخ انتهى وفي الغنية هو ظاهر عليه الفتوى انتهى وقال صاحب الخلاصة اما على قول محمد وهو قول ابي حنيفة والصحيح انه مع محمد انه طاهر وعليه الفتوى انتهى وفي البزازية الصحيح ان الامام مع محمد في الطهارة المستعمل وعليه الفتوى انتهى ومثله في كثير من الكتب المعتمدة ونقل صاحب البحر عن فتاوى الولوالجى والتجنيس ان الفتوى على روايةمحمد لعموم لبلوى الا في الجنب انتهى القول الثاني انه نجس نجاسة غليظة وهو مذهب الحسن بن زياد وقد رواه عن ابي حنيفة كذا في شروح المنية وغيرها القول الثالث انه نجس نجاسة خفيفة يعفى منه قدر ربع الثوب وهو مذهب ابي يوسف وقد واه عن ابي حنيفة وهو احسن من القول بالتغليظ فان للبلوى تاثيرا في تخفيف النجاسة ومعنى البلوى ظاهر في الماء المستعمل مع انه مختلف فيه فلذلك خف حكمه كذا نقله صاحب البحر عن مبسوط السرخسي وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري حكى الشافعي في الام عن محمد بن الحسن ان ابا يوسف رحع عنه ثم رجع اليه بعد شهرين انتهى وذكر صاحب البحر انه روى عن ابي يوسف ان المستعمل ان كان محدثا او جنبا فهو نجس وان كان طاهرا فالماء طاهر اما الذين قالوا بطهارته فاستندوا في ذلك بما اخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث جابر قال مرضت فاتاني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعودني وابو بكر فوجداني قد اغمي علي فتوضأ النبي صلى الله وعند ابي يوسف نجس نجاسة خفيفة وعند محمد طاهر غير طهور عليه وعلى اله وسلم ثم صب وضوءه على فافقت وفي صحيح البخاري عن ابي حنيفة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاني بوضوء فتوضأ فجعل الناس ياخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به قال ابن حجر في فتح الباري كانهم اقتسموا الماء الذي فضل عنه ويحتمل ان يكونوا تناولوا ما سال من اعضائه انتهى وفي صحيح البخاري ايضا عن المسور بن محرمة قال اذا توضأ النبي صلى اله عليه وعلى اله وسلم كادوا يقتلون على وضوئه وفيه ايضا عن السائب بن يزيد قال ذهبت بي خالتي الى النبي عليه الصلوة والسلام فقالت ان ابن اختي وقع فمسح رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم راسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه قال القسطلاني في ارشاد الساري أي من المتقاطر من اعضائه الشريفة انتهى فهذه الاخبار وامثالها تدل على طهارة الماء المستعمل والا لم يكن للتبرك التمسح ونحو ذلك معنى وقال شمس الايمة السرخسي في شرح سير الكبير في بات السلاح عن ابي جحيفة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في فية حراء من ادم يعني يوم فتح مكة ورأيت بلالا ادخل وضوئه اليه ثم اخرجه بهريفه فرأيت الناس يبتدرونه فمن اصاب منه شيئا تمسح به ومن لم يصب اخذ من بلل يد صاحبه فتمسح به وبه استدل محمد على طهارة الماء المستعمل لانهم كانوا يتبركون به ولا تبرك بما هو نجس فلو كان نجسا لانكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابو حنيفة يعتذر ويقول لم ينقل انه بلغ رسول الله صلى الله وعلى اله وسلم وانما يستقيم الاحتجاج ان لو بلغه فلو ينكر عليهم انتهى كلامه واعترض على الاستدلال بهذه الاخبار على ما نقله صاحب البحر عن العلامة الهندي ان شيئا منها لا يصلح للمدعي لان الذي تمسحوا به ليس هو المتساقط من اعضائه فانه يجوز ان يكون ماء فاضلا من وضوئه فان بعض الروايات الصحيحة فجعل الناس ياخذون من فضل وضوئه فيمتسحون به وفي لفظ النسائي في هذا الحديث فاخرج بلال فضل وضئه فابتدره الناس وكذا حديث جابر وغيره فانه ان جعل الوضوء اسما لمطلق الماء فلا دلالة فيه على طهارة الماء المستعمل وان اريد به فضل مائه الذي توضأ ببعضه فلا دلالة فيه ايضا وان جعل اسما للماء المعد للوضوء فكذلك ايضا فمع هذه الاحتمالات لا يحصل المقصود وقال الفاضل الهروي للمانع ان يحمله على التداوي او على انه من خواصه صلى الله عليه وعلى اله وسم فان قيل كل نجس حرام وقد ورد انه لا شفاء في الحرام اقول التداوي بالحرام اذا تيقن الشفاء به جائز فان قيل الخصائص لا تثبت الا بدليل قعي يفيد القطع او غلبة الظن كما صرح به المحققون اقول دليله ان الاستعمال بانتقال النجاسة والاثام وانه عليه السلام معصوم من الذنوب وقد ذهب جماعة من العلماء الى طهارة فضلاته انتهى كلامه اقول هذا كله غير مسموع اما حديث التداوي فلانه وان صح حمل بعض الاخبار عليه لكن حمل كلها عليه متعسر بل متعذر ومجرد الاحتمال لا يسمع او اما حديث الاختصاص لانه لا يثبت بالقياس والدليل العقلي ما لم يدل عليه الخبر النقلي والانبياء وان كانوا معصومين عن الصغائر والكبائر لكن ليسوا معصومين عن الزلات وعن الغفلة والسهو كما هو مقرر في موضعه وهذا القدر يكفي في تنجيس الغسالة واستدل ابن الهمام في فتح القدير على الطهارة بان المعلوم من جهة الشارع ان الالة التي تسقط الفرض وتقام بها الفريضة تتدنس واما الحكم بنجاسة العين شرعا فلا وذلك لان اصله مال الزكوة تدنس باسقاط الزكوة حتى جعل من الاوساخ فحرم على من شرف بقرابة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل مع هذا الى النجاسة حتى لو صلى حامل دارهم الزكوة صحت فكذا يجب ان الماء ان يتغير على وجه لا يصل الى التنجس وهو يسلب الطهورية الا ان يقوم فه دليل يخصه غير هذا القياس فان قيل قد وجدناه فان الخطايا تخرج مع الماء وهي قاذورات ينتج من الشكل الثالث بعض القاذورات تخرج مع الماء وبذلك ينجس أما الصغرى فلقوله عليه الصلاة والسلام إذا توضأ المؤمن خرجت خطاياه من جميع بدنه حتى تخرج من تحت اظفاره وأما الكبرى فلقوله عليه الصلاة والسلام من ابتلى منكم بشيء من هذه القاذورات فليستر بستر الله فالجواب منع ان اطلاق القاذورات على الخطايا حقيقي اما لغة فظاهر وأما شرعا فلجواز صلاة من ابتلى بها عقيب وضوئه إذا لم تكن من النواقض بدون غسل بدنه انتهى كلامه وقد يستدل على الطهارة بان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن بعدهم كانوا يتوضؤن والماء يتقاطرون على ثيابهم ولم يبلغنا ان احدا منهم بالغ في حفظ الثياب او غسلها ولا يخفى عليك ان من قال بالنجاسة قال بعفو القطرات ومواضع الحاجات كما مر فهذا الاستدلال لا يقوم حجة عليه واستدل القائلون بالنجاسة بوجوه منها ؟؟ واجمعوا على ان المسافر اذا خاف العطش ومعه ماء حل له التيمم فلو كان ماء الوضوء طاهر لجاز له ان يتوضأ ويجمع غسالته للشرب وفيه ابحاث سيأتي ذكرها ومنها أنه لو كان طاهر ؟؟ غسالة الوضوء لانه تضييع واسراف مع انهم اجمعوا على جواز إراقته وفيه ما ذكره الفاضل إلا ؟؟ من انه منقوض بالاجماع على جواز اراقته غسالة المتبرد مع انه طاهر إجماعا ومنها أنه لو كان طاهر لجاز التوضي في المسجد مع ان المنقول عن الأئمة خلاف وفيه أنا لا نسلم عدم جوازه عند من قال بالطهارة ولو سلمنا فنقول ذلك للاستعذار والكراهة لا للنجاسة كما ينهى عن اسقاط المخاط والبلغم في المسجد مع عدم ننجسهما وقد مرت هذه المسألة في بحث مكروهات الوضوء فلتراجع ومنها انه قد ورد في احاديث الغسل انه عليه الصلاة والسلام كان يؤخر غسل رجليه في الاغتسال وما ذلك إلا لكون الماء المستعمل المجتمع في موضعه نجسا فإنه لو كان طاهرا لما كان للتاخير معنى وفيه ان التأخير لاجل الاحتراز عن التلوث بالطين ونحوه كما مر بسطه في مبحثه ومنها ما ذكره في الهداية وغيره من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يبولن احدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة وجده الاستدلال به ان النبي عليه السلام سوى بين النجاسة الحكمية وبين الحقيقية فإنه كما نهى عن البول كذلك نهى عن الاغتسال فعلم من ذلك ان الاغتسال ينجس الماء الراكد كما ينجسه البول فيه ونوقش فيه بوجوه أحدهما ما ذكره النووي وابن الهمام وغيرهما من انه يحتمل انه نهى لما فيه من إخراج الماء من ان يكون مطهرا باختلاط غير المطهر فيه فيستعمله من لا علم بذلك في رفع الحدث وأجيب عنه كما في البحر عن البدائع بأن الماء القليل إنما يخرج عن كونه مطهر باختلاط غير المطهر به إذا كان ذلك غالبا عليه كماء الورد واللبن فأما إذا كان مغلوبا فلا وههنا الماء المستعمل ما يلاقي البدن وهو أقل من غير المستعمل فكيف يخرج به عن كونه مطهرا فأما ملاقات النجس الطاهر توجب تنجيسه وان لم يغلب على الطاهر فظهران النهي عن الاغتسال في الماء الراكد إنما هو مخافة تنجيسه لا مخافة تسلب طهوريته وثانيها انه إنما نهى عن الاغتسال لأن أعضاء الجنب لا تخلو من النجاسة الحقيقية وذا يوجب التنجيس وأجيب عنه كما في البحر عن البدائع أيضا ان الحديث مطلق فيجب العمل بإطلاقه مع ان النهي عن الاغتسال ينصرف الى الاغتسال المسنون والمسنون إزالة النجاسة قبله على ان النهي عن النجاسة الحقيقية قد استفيد من قوله لا يبولن فوجب حمل النهي عن الاغتسال على أمر آخر صيانة لكلام الشارع عن الإعادة الخالية عن الإفادة وثالثها ان ؟؟ في التكلم لا يدل على قران الحكم كما تقرر في علم الأصول فلا يلزم من كون النهي عن البول لأجل التنجيس كون النهي عن الاغتسال أيضا لذلك وأجيب عنه كما في معراج الدراية وغيره بأن مطلق النهي للتحريم خصوصا اذا كان مؤكدا بنون التأكيد وهو إنما يتصور إذا كان الاغتسال منجسا كما ان التبول فيه منجس فمن هذه الجهة يعلم ان العلة في كلا النهيين واحد لا من جهة القران اللفظي أقول فيه أنه لا يلزم من تأكيد النهي ان لا يعطف عليه نهي آخر غير مؤكد لاحتمال ان يكون لأحدهما في التأكيد معنى ليس في الآخر فالنهي عن البول يحتمل أن يكون للتحريم والنهي عن الغسل وهو غير مؤكد بالنون للتنزيه هذا في الروايات التي عطف فيها النهي عن الاغتسال على النهي عن البول وأما في الروايات التي ورد فيها النهي عن الاغتسال مجرد فالاحتمال فيه أقوى وقد مر ذكرها بأجمعها في شرح قوله ولا بماء راكد وقع فيه نجس فليتذكر ومنها ان الله تعالى قال بعد أمر الوضوء والتيمم ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم فدال طلاق التطهير على ثبوت النجاسة في أعضاء الوضوء ودال الحكم بزوالها بعد التوضي على انتقالها الى الماء فوجب الحكم بالنجاسة كذا نقله صاحب البحر عن الكفاية أقول النجاسة في أعضاء الوضوء قبل التوضي ليست إلا حكمية لا حقيقية فانتقالها مع الماء إنما يورث خبث الماء حكما لا حقيقة وهو لا يفيد إلا عدم طهورية الماء إلا كونه نجسا كالنجاسات الحقيقية كيف والمحل الذي زال منه النجس لم يكن كالنجاسات الحقيقية فكيف يكون هذا المزيل مثلها ومنها القياس على غسالة النجاسة الحقيقية ذكره في الهداية وغيره وتحريره على ما في فتح القديران معنى النجس الحقيقي ليس الا كون النجاسة موصوفها الجسم المحسوس المستقل غير المكلف لا ان وصف النجاسة حقيقي لا يقوم إلا بجسم كذلك وفي غيره مجازيل معناه الحقيقي واحد في ذلك الجسم وفي الحدث وذلك لأنه ليس المتحقق واحد في ذلك الجسم وفي الحدث وذلك لأنه ليس المتحقق لنا من معناها سوى أنها اعتبار شرعي منع الشارع من قربان الصلوة والسجود حال قيامه لمن قام به الى غاية استعمال الماء فيه فإذا استعمله قطع ذلك لاعتبار كل ذلك ابتلاء للطاعة فأما ان هناك وصفا حقيقيا عقليا أو محسوسا فلا ومن ادعاه لا يقدر على اثباته غير الدعوى ويدل على أنه اعتباري اختلافه باختلاف الشرائع الا ترى ان الخمر محكوم بنجاسته في شريعتنا وبطهارته في غيرها فعلم أنها ليست سوى اعتبار شرعي الزم معه كذا إلى غاية كذا وفي هذا لا تفاوت بين الدم والحدث فإنه أيضا ليس إلا نفس ذلك الاعتبار فظهران المؤثر هو نفس وصف النجاسة وهو مشترك في الأصل والفرع فيثبت مثل حكم الأصل وهو نجاسة الماء المستعمل فيه في الفرع وهو المستعمل في الحدث فيكون نجسا فإن قيل لو تم ما ذكر كان للبلوى تأثيرا في اسقاط حكمه فالجواب ان الضرورة لا تعد وحكمها محلها والبلوى إنما هي في الثياب فيسقط اعتبار نجاسة ثوب المتوضي ويبقى حرمة شريه والطبخ منه وغسل الثوب منه ونجاسة من يصيبه أنتهى أقول هذا تحريم حسن لا مزيد عليه يندفع به ما يقال أن القياس على الحقيقي مع الفارق لكونه أقوى من الحكمى وكذا ما يقال من أن ماء الحقيقي يزول به عين النجاسة ولا كذلك الحكمى فإنه مجرد اعتبار شرعي وكذا ما يقال أن كان الأصل ههنا غسالة النجاسة الغليظة فالدليل لا يتم إلا إذا اثبت كون الحدث نجاسة غليظة وإذ ليس فليس وان كان الاصل غسالة النجاسة الحقيقية مطلقا فلا وجه لظهوران المستعمل في الخفيفة لا يصير نجسا مغلظا وذلك لان الحكمى الحقيقي سيان في ان الحكم بالنجاسة أمر شرعي والاصل ههنا هو غسالة النجاسة الغليظة وكون الحدث نجسا مغلظا أمر ظاهر الا ترى أنه شدد في ذلك وحكم بغسل الاعضاء المعينة أو كل البدن ومن قال بالتخفيف أعتبر الاختلاف كما مر لكن القائل ان يقول هذا إنما يجري في ماء أزيل به حدث لا في ما أقيمت به قربة أو اسقط به فرض من غير زوال حدث فالتقريب غير تام وان يقول هذا يقتضي ان لا يجوز صلوة حامل محدث أجنب كما لا يجوز صلوة حامل نجس حقيقي وهو خلاف المعقول والمنقول وبالجملة فدلائل النجاسة كلها مقدوحة لا يقوم واحد منها حجة لا يقوم واحد منها حجة وكذلك أعرض عنه الفقهاء وصحح رواية الطهارة وافتوا عليها وأن زعم ان دلائل الطهارة كذلك ؟؟ بإن ليس كذلك فقد ارتفع كل من الايرادات الواردة على دلائل النجاسة ليست كذلك وبعد التسليم نقول الطهارة هي الاصل في الاشياء وعند مالك والشافعي في قوله القديم هو طاهر مطهر ونحن نقول لو كان طاهرا مطهرا لجاز في السفر الوضوء به ثم الشرب منه وعند مالك والشافعي في قوله القديم هو طاهر ونحن نقول لو كان طاهرا مطهر لجاز في السفر الوضوء به ثم الشرب منه لم خصوصا في المياه كما تقرر في موضعه فهي لا تحتاج الى دليل والنجاسة أمر زائد يحتاج الى دليل ؟؟ فما لم يقم اكتفى بالطهارة والعجب من صاحب البحر حيث يميل كلامه الى ترجح القول بالنجاسة ولا يتأمل في ما يرد عليه ولسنا نحتاج الى ترجيحه بعد ما ظهر لنا أن الصحة كون الامام مع محمد كما ذكره في البزازية وغيره على ما ذكره ولنعم ما نقله عبد الوهاب الشعراني في الميزان في توجيه رواية النجاسة عن شيخ على الخواص أنه قال مدارك الامام أبي حنيفة دقيقة لا يطلع عليها إلا أهل الكشف من أكابر الاولياء وكان الامام ابو حنيفة إذا رأى ماء الميضاة يعرف سائر الذنوب التي فيه من الكبائر والصغائر فلذا جعل ماء الطهارة ذا تطهر به المكلف له ثلثه أحوال أحدها أنه كالنجاسة المغلظة احتياطا لاحتمال أن يكون ارتكب صغيرة والثالث أنه طاهر في نفسه غير مطهر ولغيره لاحتمال أن يكون المكلف أرتكب مكروها أو خلاف الاولى فإن ذلك ليس ذنبا حقيقة لجواز إرتكاب في الجملة وفهم جماعة من مقلد بيان هذه الثلثة أقوال في حال واحد أنها أحوال ما ذكرنا بحسب حصر الذنوب الشرعية في ثلثة أقسام ولا يخلو غالب المكلفين أن يرتكب واحدا مها إلا نادرا انتهى كلام فهذا الكلام يعرفك ان القول بالنجاسة أمر كشفي وقع من الامام في بعض الأحوال لا أمر شرعي يفتي به في جميع الاحوال قوله في قوله القديم قيد به لان فيه أقوال والقول الجديد هو أن طاهر غير طهور كما صرح به الحافظ ابن حجر وهو الصحيح المعتمد عند الشافعية والمراد بقوله القديم أينما كان ما يوجد في كتبه التي صنفها حين أقامته بالعراق وما روى تلامذته هناك وبقول الجديد ما يوجد في كتبه التي صنفها بعد ما دخل مصر وما روى تلامذته هناك كذا يفهم من كلام النووي في تهذيب الاسماء واللغات قوله ونحن نقول الخ اختلفت النسخ ففي بعضها هكذا ونحن نقول لو كان طاهر لجاز في السفر الوضوء به ثم الشرب منه ولم يقل احد بذلك وفي بعضها لو كان طاهرا مطهر لجاز في السفر الوضوء به الخ أما على النسخة الاولى فمعناه على ما قال الفاضل التفتازاني لو كان طاهرا ينبغي أن يتوضأ بأصل الماء ثم يجمع غسالته للشرب وإذا لم يجز ذل لا للكرامة كان ذلك للنجاسة فالضمير في قوله الوضوء به راجع الى ذات الماء المستعمل انتهى ونحوه قول اخي جلبي معنى كلامه أنه لو كان الماء المستعمل طاهرا لجاز في السفر الوضوء بالماء المطلق ثم الشرب منه بعد استعماله وتوهم تفكيك الضمير مدفوع بأن المطلق المقيد واحد بالذات والاختلاف العارض من وصف الاطلاق والتقييد اعتباري انتهى وعلى هذا معنى قوله لم يقل به أحد أي لم يقل لجواز الشرب من الماء المستعمل احدا ولم يقل لجواز التوضي ثم الشرب منه أحد بل جوزا التيمم في وقت خوف العطش ويرد على الشارح بناء على هذا المعنى ايرادات أحدها أن مبنى التيمم على الرفاهية وفي جمع الماء على هذا الوجه بأن يتوضأ ويجمع الغسالة والقطرات نوع حرج والحرج مدفوع فمن هذه الجهة لم يحكموا لخائف العطش ان يتوضأ ويجمع غسالته للشرب لا من جهة نجاسة الماء المستعمل وثانيها أن الحكم بعدم تجويز أحد شرب المستعمل خطأ فقد جوزه القائلون بالطهارة وأخذ ذلك من الاحاديث النبوية كما مر بسطها وثالثها أنا سلمنا أنه لم يقل به أحد فنقول إنما ذلك لكون الماء المستعمل مضرا بالطبع لا للنجاسة وكثير من الاشياء نهينا عن أكلها وشربها للمضرة فلا دلالة له على النجاسة ورابعها أنه يجوز أن يكون ذلك لقوة الشبهة في طهارته حتى خرج من حد الوضوء الى حيز الخفاء وخامسها أنهم حكموا بجواز التيمم لخوف عطش حيوان محترم كدابة الرجل مع أن شرب الغسالة ليس محرما على الدابة فعلم انه ليس ذلك ص 403
مخ ۴۱۰