کمونیزم او انسانیت په اسلامي شریعت کې

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
79

کمونیزم او انسانیت په اسلامي شریعت کې

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

ژانرونه

وخصلة أخرى من خصال الشيوعية ينبغي أن نلتفت إليها، كلما تكلم القوم عن الحتم التاريخي، وحاولوا أن يسحبوه إلى الحاضر أو إلى المستقبل.

فالحتم التاريخي لا يظهر من حودث الماضي وأحكامه المتسلسلة من أدواره المتعاقبة، ولكنه يظهر كلما قامت في طريق الغرض عقبة تمنع نفاذه أو تعوقه إلى حين.

وإنكار الحقوق الفردية على هذا القياس لم يكن حتما لزاما في سوابق التاريخ، وإنما أصبح حتما تاريخيا يوم وقفت الملكية الفردية، والمنافسة الفردية، والكفايات الفردية، عقبة أو عقبات في طريق النفاذ، إن الحرية الديمقراطية لا تنكر منع الجور والشطط وتحريم المنافسة التي تضر بسلامة الأفراد، والحرية الديمقراطية، لا تنكر أن تتدخل الدولة في شئون الملكية الفردية إذا وجب ذلك لمكافحة وباء، أو تخفيف غلاء، أو دفع غارة من الأعداء.

والحرية الديمقراطية لم تنقض قواعدها حين أصدرت القوانين التي تحرم زيادة ساعات العمل على عشر في النهار. ولكن صدور هذه القوانين لتنفيذها على الأنوال في البيوت، قد كان من المستحيل في ظل الديمقراطية أو ظل الشيوعية أو ظل الاستبداد، إذ من اليسير أن تراقب المصنع الذي يعمل فيه ألف عامل؛ لتمنع زيادة العمل على عشر ساعات، وليس من اليسير أن تراقب ألف عامل متفرقين في البيوت؛ لتفرض على كل منهم أن يعمل في اليوم عشر ساعات ولا يزيد.

وكثيرا ما تسمع من أعداء الحرية الديمقراطية من يسألك: أكان من نعم التنافس الحر أن يساق الأطفال دون العاشرة إلى العمل الشاق بالليل والنهار؟! يسألون هذا السؤال وينسون أن التنافس هنا تنافس العمال فيما بينهم، وتنافس المصانع فيما بينها على السواء، ويسألونه وينسون أن الحرية الديمقراطية بطبيعتها لا تنكر تحريم الإرهاق والشطط بالتشريع الصارم كلما دعت الحاجة، ولكن لا الحرية الديمقراطية، ولا الشيوعية، ولا الاستبداد المطلق، ولا حكومة من الحكومات، تستطيع أن تنفذ قانونا غير قابل للتنفيذ. وليس تقديس التنافس الضار هو الذي حال دون إصدار القوانين التي تحرم زيادة العمل على الطاقة، ولكن هذه القوانين لم تصدر قبل عهد المصانع الحافلة بالعمال؛ لأن تنفيذها على البيوت، وعلى الآلات اليدوية المتفرقة شيء غير ممكن في الواقع أيا كان السلطان المشرف على الصناعات.

فالحرية الديمقراطية لم تكن تمنع الإصلاح بتحريم الشطط في التنافس الذي يريد المتنافسون أنفسهم أن يحرموه، إلا أن هذا الإصلاح لا يوافق غرض الماديين التاريخيين، وليس على منهجهم أن تبقى الملكية الخاصة مشروعة في القوانين. ولهذا يظهر الحتم التاريخي فجأة لإنكار الحقوق الفردية والحرية الفردية والكفايات الفردية، ولا موجب لظهوره من سياق التاريخ، وإنما الموجب الوحيد لظهوره أنه الوسيلة إلى تحقيق الغرض المنشود. •••

هذا الحتم التاريخي المنجم على حسب الغرض، هو مصدر الآراء التي رتبت للفرد مكانته في مذهب الماديين التاريخيين، وفرضت له نصيبه من الحرية ومن الفضل في خدمة المجتمع، أو تنفيذ برامج الإصلاح، وهو نصيب تضاءل مع الزمن في أقوال فلاسفة المذهب قبل أن يتضاءل في أعمال التطبيق؛ لأن ما قالوه في عهد «كارل ماركس» عن حرية الفرد لم يزل يتضاءل ويتضاءل، حتى أصبحت الحرية الفردية على ألسنتهم وصمة تعاب، وتدعو إلى الاتهام بإنكار حق الجماعة في أن تصنع بالفرد ما تشاء.

والمشهور عن «كارل ماركس» أنه ثائر جامح يصدم العالم الواقع بما يزعجه ولا يبالي مغبة هذا الإزعاج، إلا أنه إذا امتحن بحيلته في إزجاء القول عن مكانة الفرد، كان وصف الماكر الحذور أليق به من وصف الثائر الجموح، فلم يكتب في مؤلفاته كلمة واحدة تشير من بعيد إلى الخطر على الحرية الفردية من مذهبه في الاجتماع، وما كان في وسعه أن ينبس بكلمة في هذا المعنى، ثم يطمع في مستمع واحد يصغي إليه بين صيحات الحرية التي ملأت أجواء القرن التاسع عشر، وكانت تذهب بالناس إلى الأنفة من طاعة القانون وطاعة الحكومة على وضع من الأوضاع، فراجت بينهم دعوة الفوضوية والنقابية، وراجت بينهم دعوة الشيوعية نفسها؛ لأنها وعدت الأمم أن تنتهي بها إلى عصر تذبل فيه الحكومات حتى تزول، ومن لم يذهب إلى هذا المدى في الأنفة من الطاعة، فلا مطمع في إصغائه إلى مذهب يحدثه عن الاستبداد، ويجعل حرية الفرد نافلة من النوافل، أو مظهرا كاذبا يخفي وراءه قسوة الضرورة التي لا تحفل بالحريات ولا بالأفراد.

كان «ماركس» وأتباعه يترنمون بالحرية الفردية في موكب الديمقراطية، وكانوا يشهرون بالسلطة الفردية، فلا يصدمون أحدا؛ لأن سلطة الفرد كانت هي الخطر الأعظم على الحرية الفردية في تلك الآونة، ولم ترد الإشارة إلى دكتاتورية الصعاليك

1

ناپیژندل شوی مخ