کمونیزم او انسانیت په اسلامي شریعت کې
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
ژانرونه
وكان على الدوام متقلبا مبتئسا حقودا، لا يزال في تصرفه عرضة لتأثير سوء الهضم والانتفاخ وهياج الصفراء، وكان موسوسا
3
يغلو كجميع الموسوسين في الشعور بمتاعبه الجسدية، وكما كان يعتمد في الطعام الذي لا ينتظم فيه على الاستعانة بالتوابل والأبازير والمخللات وبيض السمك المملح وما إليها، كان يستعين بأمثال ذلك في عمله وعلاقاته بغيره، ولا يخفى أن الأكل السيئ عامل سيء وزميل سيء في الوقت نفسه، فإما أن يحجم عن الأكل أو يفرط فيه، وإما أن يكسل عن العمل أو يرهق نفسه فيه بما لا يطيقه، وإما أن ينقبض عن معاشرة الناس أو يتخذ له صديقا من فلان وعلان وبدران وزيدان، هؤلاء على الدوام متطرفون لا تحتمل معداتهم ولا رءوسهم ولا أرواحهم
4
مفاجأة الاختلاف، وكذلك كان «كارل ماركس» في صباه عاجزا عن المثابرة على دراسة ترشحه لعمل يعينه على مطالب العيش. وأصبح في كهولته عاجزا عن المثابرة على جهد من الجهود العقلية يتكفل بغذاء الشخصية كلها، فلم تكن له صناعة ولا مكتب ولا شاغل منتظم ولا وسيلة من وسائل المعيشة، وما من شيء لديه إلا وهو موكول إلى المصادفة والارتجال والاضطراب، وبدلا من الانتظام في سماع المحاضرات في أثناء دراسته ليستعد بذلك للعمل المنتظم راح يحشو معدته بأخلاط التوابل الفلسفية والأدبية، وتعاورته على الدوام قلة الصبر على رياضة النفس وضعف الإحساس بالنظام ونقص القدرة على الموازنة بين المورد والمصروف، وكانت تنقضي الشهور ولا ينشط لكتابة سطر واحد، ثم يقذف بكل قواه على عمل جسيم كأعمال المردة والجبابرة، فيسلخ الليالي والأيام ملتهما بالمطالعة مكتبات كاملة، راصا من حوله أكداسا من القصاصات، مالئا بالتعليق والتدوين كراسات فوق كراسات، تاركا خلفه آكاما من الكتابة المخطوطة يبدؤها ويهملها، ولا ينتهي منها إلى نتيجة ولا محصول». •••
على هذه الصورة يتمثل «كارل ماركس» كاتب يدين بالمادية الثنائية وبالتفسير الاقتصادي للتاريخ، ثم يمضي في سرد هذه العيوب في إمام مذهبه ليقول: «إنه قد استمد من الضعف قوة، واستخرج من النقص تعويضا يغطي عليه.»
ونعتقد أن الكاتب لم يكن ليسترسل في تصوير إمامه على هذه الصورة، لو أمكنه أن يسكت عن الجانب المهم منها وهو عجزه عن العمل المنتج ونزوعه إلى هدم ما يبنيه بيديه. ولكن الكاتب لا يستطيع أن يدعي ل «كارل ماركس» حبا أشد من حب أبيه، وليس في وسعه أن يمحو الوثائق التي تحتوي فيما احتوته أقوال أبيه عنه وكتاباته إليه، ومنها رسالة يقول فيها «ماركس» الأب: «إن بعض الناس ينامون ملء عيونهم إلا أن يستدعيهم السرور إلى سهر الليل كله أو بعضه، على حين يقضي ولدي الموهوب الذكي «كارل» جملة لياليه مرهقا جسده وعقله في دراسة لا لذة فيها، معرضا عن جميع الملهيات في طلب المشكلات الغامضة؛ ليهدم غدا ما بناه اليوم، ويرى بعد ذلك كله أنه أضاع ما لديه، ولم يستفد شيئا مما لدى الناس.»
5
أما هذا الخلل الملازم ل «كارل» من مطلع حياته فله عند «أوتو روهل» تعليلات كثيرة، منها مرض الكبد المتأصل واعتلال بنيته اعتلالا ينبئ عن وهن أصيل في التركيب، ومنها انتسابه إلى الملة اليهودية في بلاد تنظر إلى هذه النسبة كأنها وصمة اجتماعية، ومنها آفة الولادة الأولى، أو ما ينتاب تربية الولد الأول من عوارض التدليل والانفراد. ويفتتح «روهل» فصله عن «ماركس» الرجل بتزكية المذهب المادي في تفسير حالة الفرد وتفسير أحوال الجماعات على السواء، فيقول مبتدئا بتقرير هذه العقيدة: «وإذا كان التفسير المادي للتاريخ كما هو في الحق أصدق تفسير لمجرى الحوادث التاريخية، فمن الواجب ألا يصدق على الجماعات التي تتولى تنفيذ تلك الحوادث وحسب، بل ينبغي أن يصدق كذلك على الأفراد الذين تتجسم فيهم ظواهرها، إلا أن تطبيق التفسير المادي للتاريخ بالنسبة للجماعات مهمة من مهام الدراسات الاجتماعية. بخلاف تطبيقه على الأفراد فإنه مهمة من مهام الدراسات النفسية.»
وخلاصة المقارنة بين حالة «كارل ماركس» وحالة البيئة التي نشأ فيها أن «كارل ماركس» الفرد لا يعنينا بمعزل عن آرائه الاجتماعية وعن الظواهر التي عملت على إخراج تلك الآراء.
ناپیژندل شوی مخ