کمونیزم او انسانیت په اسلامي شریعت کې
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
ژانرونه
4
لإقناع شبانها بصلاح هذا اليوم دون غيره لإجازة الأسبوع.
ولم يحدث هذا التحول منذ عشرين سنة إلا بعد حبوط العقيدة الماركسية في دور التعليم وفي الأندية والمعاهد والمجتمعات التي أقيمت لنشر الإلحاد وصرف الناشئة عن التربية الدينية، فحرمت الدولة في السنوات الأولى تعليم الدين للتلاميذ الصغار، وأوجبت تعليم المذهب الماركسي للطلاب المتقدمين في الدراسة، وأرسلت المبشرين إلى الأقاليم يسفهون الأديان جميعا وينعتونها بنعوت الجهل والخداع والاستغلال، وتجسم في حملات هؤلاء المبشرين غباء الغبي وجحود الجاحد مجتمعين، فإنه من المفهوم أن يلحد الملحد؛ لأنه عرف الدين الذي مرق منه وعرف الإلحاد كما تراءى لعقله، وأما الإلحاد المفروض على من لا يعرفه ولا يعرف الدين، فذلك هو غباء التقليد الأعمى في الجحود وفي الدين.
وقد كان دعاة الإلحاد ممن جمعوا الغباوتين فتدينوا وهم يجهلون، وألحدوا وهم لا يعلمون، وروت صحيفة «العصبة الملحدة» في عددها الثاني سنة 1939 أن مبشرا «إلحاديا» ألقى محاضرة على جماعة من الكيميين فخلط بين الترك والإيرانيين، وعقد المقارنة بين المسيحية والملة الكاثوليكية الرومانية كأنهما ديانتان منفصلتان، وعقبت الصحيفة على ذلك محذرة من اختيار هؤلاء المبشرين من زمرة الأميين وأشباه الأميين. وقد نشرت «صحيفة المعلمين» في عددها الثالث والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1938 أن التلاميذ الذين أبعدوا كل الإبعاد من تعليم الكنيسة هم أشد تلاميذهم تعلقا بالتمائم والتعاويذ، وأكثرهم اقتناء للأحجية والرقى التي يتوسلون بها إلى النجاح. وقالت صحيفة «برافدا» في عددها العشرين من أغسطس سنة 1939: إن بعضهم يحسب أن الجيل الجديد يرفض الخرافات، وهو في الواقع يتعلق بها ويصدقها، وقالت صحيفة «المعلمين» التي سبقت الإشارة إليها في أعداد متفرقة في سنة 1937 إلى سنة 1939 أن الشبان يحتالون بالتمائم؛ لاستهواء قلوب معشوقاتهم، وإن عاملا كتب إلى الصحيفة يسألها أن ترشده إلى «ساحر» أمين يستشيره فيما يعنيه. •••
وعلى هذا النحو حار دليل الوحي الماركسي عند أول موضع قدم، وضلت العقيدة الراسخة الخالدة قبل أن تفارق باب المحراب، وهي هي العقيدة الراسخة الخالدة التي لا يجوز أن تتزعزع، ولا يسمح لعقيدة أو فكرة غيرها أن تفسر شيئا من أسرار الماضي وخبايا المستقبل في مسائل الدين على الخصوص، واضطر سدنة المحراب أن يخرجوا للوحي المنزل ترجمة بعد ترجمة ليصححوا خطأه لا ليهتدوا بهديه في مسالك الغيب المحجوب، ووجب عليهم أن يفسحوا الطريق للديانة التي سموها أفيون الشعوب وقالوا عنها: إنها وضعت لتخدير المساكين وترويض المتمردين، فإذا هي على الطرف الآخر ثورة جائحة من المساكين والمتمردين على طغيان أصحاب الأموال والعروش.
ومن سخرية القدر أن تبتلى العقيدة الماركسية بالتحريف والتبديل في بضع سنوات، فلا تدري كيف تعلل ما أصابها كما عللت ما أصاب جميع المبادئ التي انحرفت عن سوائها بعلتها الوحيدة التي لا تدري علة سواها، وهي أن المجتمع يسخر المبادئ ويطوعها لخدمة رءوس المال؛ كي يستديم لها الربح الفائض والسيادة الغالبة، فإذا لم يكن هناك استغلال ورءوس أموال، فلا موضع لتحريف المبادئ عن سوائها ولا متسع في العقل والضمير لغير الفلسفة الماركسية على استقامتها.
وقد منيت عقيدة العقائد بالتحريف والتزييف بين أناس يكفرون برأس المال كما يكفرون بالاستغلال، ولم ينقض من الأبد الطويل الذي سنطبق عليه فلسفة الماركسيين أكثر من عشر سنين عند ابتداء ذلك التحريف والتزييف. فإذا تواضعنا بالأبد الأبيد، فهبطنا به إلى مليون سنة، فإلى أين يا ترى ينتهي التغيير بالعقيدة الراسخة الخالدة التي لا تقبل التغيير في المدى الطويل بله المدى القصير.
وجاء الامتحان الأول للعقيدة الراسخة الخالدة أيام الحرب العالمية الثانية، فنادى الكفار بالوطنية وبالدين أنها حرب الغيرة الوطنية، وأن المجاهدين أحرار في العقيدة الدينية التي يسرونها أو يعلنونها، ولم يكن جيل القيصرية هو الذي ألجأهم إلى التمسح بالوطنية أو بالحمية الدينية فيقال: إنه قديم شبوا عليه وشابوا، فلا مندوحة عنه في إبان المحنة الداهمة، بل كان الجنود المقاتلون في الصدمة الأولى من جيل بين العشرين والأربعين، أكبرهم لم يزد على الثالثة عشرة عند قيام الدولة الشيوعية، وتسعة أعشارهم على الأقل لم يتعلموا حرفا في غير مدارسها، ولم يستمعوا كلمة من غير دعائها. ولا تفسير لاستفزازهم بنخوة الوطن وحمية الدين، إلا أنه إفلاس للمذهب المادي في تكوين المجتمع وغرس الأخلاق في نفوس لم يزاحمه عليها مزاحم من المهد إلى مقتبل الشباب. •••
وبعد هذا فصل عن تفسير الفلسفة المادية للعقائد الدينية لم نرد به تفسير الأديان ولا الموازنة بينها، ولكننا نؤدي ما أردناه به حين نتبين قصور تلك الفلسفة عن تفسير نشأة الدين في المجتمع وفي النفس البشرية، بالقياس إلى الفرائض الاجتماعية العامة كفرائض الشريعة وفرائض العرف والعادة وفرائض الأخلاق والآداب، وأوضح ما يكون القصور في هذه الفلسفة، حيث تعرض لسريرة الإنسان وعوامل الحياة الاجتماعية، التي لا تحيط بها كلمة «المال» أو كلمة الإنتاج.
وقد عرضنا في ختامه لتطبيق التفسير المادي على الأديان الكتابية، فتناولنا الكلام على اليهودية وعلى المسيحية ولم نعرض بعد للإسلام؛ لأننا سنخصه بفصل مستقل يدعونا إليه أمران، أولهما: أننا نحن مطالبون قبل غيرنا ببيان الحقيقة عن الإسلام في هذا الموضوع، والآخر: أن الإسلام يدحض الفلسفة الماركسية عن نشأة الدين في كل رأي ذهبت إليه، ولا يدحضها في معرض الكلام على رأي منها أو رأيين، ولهذا يهم الباحث المستقل بيان وجهته؛ لأنها تحتمل تفصيلا في البحث، لا يحتمله بيان الحقيقة عن سائر الأديان.
ناپیژندل شوی مخ