بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الشبهة السابعة
يسمى القرآن والدة المسيح ﵇ باسم (أخت هارون) [١٩: ٢٨]، ولعل محمدًا ﷺ خلط بين مريم أم المسيح ومريم أخرى كانت أختًا لهارون، الذى كان أخًا لموسى ﵇ ومعاصرًا له، ولا يوجد مثل هذا التناقض فى الكتاب المقدس.
الجواب:
يتحدث القرآن الكريم عن مريم أم المسيح ﵉ باسم (أخت هارون)، وذلك فى سورة مريم، فيقول مخاطبًا إياها فى الآية ٢٨: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا) وليس لهذه التسمية ذكر فى الإنجيل..
بل الثابت - فى القرآن والأناجيل - أن مريم هى ابنة عمران (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها) [التحريم ٢٨] ..
وعمران هذا هو من نسل داود ﵇ أى من سبط ونسل يهوذا، وليس من سبط ونسل هارون (سبط اللاويين) .. فكيف دعاها القرآن (أخت هارون)؟ ..
هذا هو التساؤل والاعتراض الذى يورده البعض شبهة على القرآن الكريم..
والحقيقة، التى تُفهم من السياق القرآنى، أن تسمية مريم بـ (أخت هارون)، ليست تسمية قرآنية، وإنما هى حكاية لما قاله قومها لها، وما خاطبوها ونادوها به عندما حملت بعيسى ﵇، عندما استنكروا ذلك الحمل، واتهموها فى عرضها وشرفها وعفافها.. فقالوا لها: (يا مريم لقد جئت شيئًا فريًا. يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا) [مريم: ٢٧، ٢٨] ..
فلماذا نسبها قومها إلى هارون؟
يختلف المفسرون فى التعليل.. فمنهم من يقول: إن هارون - المشار إليه - كان رجلًا فاسقًا، اشتهر فسقه، فنسبها قومها إليه، إعلانًا عن إدانتهم لها..
ومن المفسرين من يقولون: إن هارون هذا كان رجلًا صالحًا مشهورًا بالصلاح والعفة.. فنسبها قومها إليه سخرية منها، وتهكمًا عليها، وتعريضًا بما فعلت، واستهزاء بدعواها الصلاح والتقوى والتبتل فى العبادة، بينما هى - فى زعمهم - قد حملت سفاحًا.
وقيل: إنه كان لها أخ من أبيها اسمه هارون، وكان من عباد وصلحاء بنى إسرائيل، فنسبوها إليه.. واسم هارون من الأسماء الشائعة فى بنى إسرائيل.. [انظر فى ذلك قصص الأنبياء ص ٣٨٣، ٢٨٤، والقرطبى ج ١١ ص ١٠٠، ١٠١، والكشاف ج ٢ ص ٥٠٨] ..
والشاهد من كل ذلك أن هذه التسمية لمريم بـ (أخت هارن) ليست خبرًا قرآنيًا، وإنما هى حكاية من القرآن الكريم لما قاله قومها.. وهذه الاحتمالات التى ذكرها المفسرون تعليلًا لهذه التسمية هى اجتهادات مستندة إلى تراث من التاريخ والقصص والمأثورات.
السابق التالي
1 / 8