فإن كل غاية أوجل الغايات يلزم ضرورة فى مادة ، ولكن العلة المحركة ترتاد (1) المادة وتجعلها بحيث تتصل بالضرورة (2) التي فيها إن كانت بما (3) هو الغاية المقصودة ، تأمل ذلك فى الصناعات كلها. ونقول لهم أيضا وليس (4) إذا كانت الحركة غاية وللفعل غاية وجب أن يكون لكل غاية غاية (5). وأن لا تقف المسألة عن لم ، فإن الغاية فى الحقيقة تكون (6) مقصودة لذاتها وسائر الأشياء يقصد لها وما يقصد لأجل شيء آخر ، فحرى أن يسأل عنه باللم المقتضى (7) للجواب بالغاية. وأما ما يقصد لذاته ، فإنه لا يليق به السؤال عن أنه لم قصد ، ولهذا لا يقال لم طلبت الصحة ، ولم طلبت الخيرية ، ولم هربت عن المرض ، ولم نفرت عن الشر. ولو كانت الحركة والإمالة (8) تقتضى الغاية لأنها موجودة أو لأنها غاية ، لكان يجب أن تكون لكل غاية غاية (9)، لكنها تقتضى ذلك من حيث هناك زوال وتجدد صادر عن سبب طبيعى أو إرادى. وليس يجب أن يتعجب من أن الحرارة تفعل لإحراق (10) شيء بل حقا أن الحرارة تفعل لتحرق وتفنى المحترق (11) ويحيله إلى مشاكلتها أو مشاكلة (12) الجوهر الذي فيها (13). إنما (14) يكون الاتفاق والغاية العرضية فى مثل أن يحرق ثوب فقير وذلك (15) ليس له بغاية (16) ذاتية ، فإنها (17) ليست (18) يحرقه لأجل أنه ثوب فقير ولا فى النار هذه القوة المحرقة لأجل هذا الشأن ، بل لكى يحيل ما يماسه إلى جوهرها (19)، ولكى (20) يحل ما يكون بحال وتقعد ما يكون بحال. وقد اتفق الآن أن ماسها (21) هذا الثوب فلفعل النار فى الطبيعة غاية ، وإن لم يكن مصادفتها (22) هذا المشتعل (23) إلا بالعرض ، ووجود الغاية بالعرض لا يمنع وجود الغاية بالذات ، بل الغاية بالذات متقدمة على الغاية بالعرض (24) (25).

فبين من هذا كله أن المادة لأجل الصورة ، وأنها (26) تتوخى لتحصل ، فتحصل فيها الصورة ، وليست الصورة

مخ ۷۴