وإن كانت الأمور الطبيعية تشترك فى مبادئ أول تعم جميعها ، وهى التي تكون مبادئ لموضوعها المشترك ولأحوالها المشتركة لا محالة ، فلا يكون إثبات (1) هذه المبادئ إن كانت محتاجة إلى الإثبات على (2) صناعة الطبيعيين كما علم فى الفن المكتوب فى علم البرهان ، بل على (3) صناعة أخرى. وأما قبول وجودها وضعا ، وتصور ماهيتها تحقيقا فيكون على الطبيعى.
وأيضا إن كانت الأمور الطبيعية ذوات مبادئ عامة لجميعها ، وذوات مبادئ أخص منها ، يكون مثلا لجنس من أجناسها ، مثل مبادئ النامية (4) منها ذوات (5) مبادئ أخص من الأخص تكون مثلا لنوع من أنواعها مثل مبادئ النوع الإنسانى منها ، وكانت (6) أيضا ذوات عوارض ذاتية عامة لجميعها ، وأخرى عامة لجنس ، وأخرى عامة لنوع. فإن وجه التعليم والتعلم العقلى فيها (7) أن يبتدأ (8) بما هو أهم ، ونسلك إلى ما هو أخص. لأنك تعلم أن الجنس (9) جزء حد النوع ، فتعرف الجنس بحب أن يكون أقدم من تعرف النوع لأن المعرفة بجزء الحد قبل المعرفة بالحد ، وتصوره قبل الوقوف على المحدود. وإذ (10) كنا نعنى (11) بالحد ما يحقق ماهية المحدود ، فإذا كان كذلك فالمبادئ التي للأمور العامة بحب أن تعرف (12) أولا حتى تعرف الأمور العامة ، والأمور العامة يجب أن تعرف أولا حتى تعرف الأمور الخاصة.
فيجب أن نبتدئ فى التعليم من المبادئ التي للأمور العامة ، إذ الأمور العامة ، أعرف عند عقولنا ، وإن لم تكن أعرف عند الطبيعة ، أى لم تكن الأمور المقصودة فى الطباع لتتمة (13) الوجود بذاتها. فإن المقصود فى الطبيعة ليس أن يوجد حيوان مطلقا (14) ولا جسم مطلقا (15)، بل أن توجد طبائع النوعيات ، والطبيعة النوعية إذا وجدت فى الأعيان كان (16) شخصا ما.
فالمقصود إذن أن توجد طبائع النوعيات أشخاصا ما فى الأعيان ، وليس المقصود هو الشخص العين إلا فى الطبيعة الجزئية الخاصة بذلك الشخص. ولو كان المقصود هنا الشخص العين ، لكان الوجود ينتقص (17) نظامه بفساده وعدمه ، كما لو كان المقصود هو الطبيعة العامة والجنسية (18)، لكان الوجود والنظام يتم بوجوده (19) (20)
مخ ۸