القريبة من الشيء هى الهيولى والصورة ، ولا واسطة بينهما وبين الشيء ، بل هما علتاه (1)، على أنهما جزءان يقومانه بلا واسطة ، وإن اختلف تقويم كل واحدة (2) منهما ، وكان (3) هذا علة غير العلة التي هى ذاك.
لكنه ربما عرض أن كانت المادة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (4)، والصورة علة بواسطة وبغير واسطة معا من وجهين (5). أما المادة ، فإذا كان المركب ليس نوعا ، بل صنفا ، وكانت الصورة لا التي تخص (6) باسم الصورة ، بل هيئة عرضية ، فحينئذ تكون المادة مقومة لذات ذلك العرض الذي يقوم ذلك الصنف من حيث (7) هو صنف ، فتكون علة ما للعلة. لكن وإن كان كذلك فمن حيث المادة جزء من المركب وعلة مادية فلا واسطة (8) بينهما ، وأما الصورة ، فإذا كانت الصورة صورة (9) حقيقية ومن مقولة الجوهر وكانت تقوم المادة بالفعل والمادة علة للمركب ، فتكون هذه الصورة علة لعلة المركب. لكنه وإن كان كذلك فمن حيث الصورة جزء من المركب وعلة صورية فلا واسطة بينهما. فالمادة إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة مادية للمركب ، والصورة ، إذا كانت علة علة المركب فليس من حيث هى علة صورية للمركب. وقد يتفق أن تكون ماهية الفاعل والصورة والغاية ماهية واحدة ، فتكون هى التي تعرض لها إما (10) أن تكون فاعلا (11) وصورة وغاية فإن في الأب (12) مبدأ لتكون الصورة الإنسانية من النطفة وليس ذلك كل شيء من الأب ، بل صورته (13) الإنسانية ، وليس الحاصل في النطفة إلا الصورة الإنسانية ، وليست الغاية التي تتحرك إليها النطفة إلا (14) الصورة الإنسانية ، لكنها من حيث تقوم مع المادة (15) نوع الإنسان (16) فهى صورة ، ومن حيث تنتهى إليها حركة (17) النطفة فهى غاية ، ومن حيث يبتدئ منه (18) تركيبها (19) فاعلة. فإذا (20) قيست إلى المادة والمركب كانت صورة. وإذا قيست إلى الحركة كانت غاية مرة وفاعلة مرة ، إما غاية فباعتبار انتهاء الحركة وهى الصورة التي في الابن ، وإما فاعلة فباعتبار ابتداء الحركة وهى الصورة التي في الأب.
مخ ۵۴