والطبيعة تقال على وجه جزئى ، وتقال على وجه كلى. فالتى (1) تقال على وجه جزئى هى الطبيعة الخاصة بشخص شخص (2)، والطبيعة التي تقال على وجه (3) كلى فربما كانت كلية بحسب (4) نوع ، وربما كانت كلية على الإطلاق ، وكلاهما لا وجود لهما في الأعيان ذواتا قائمة إلا في التصور ، بل لا وجود إلا للجزئى (5). أما أحدهما فهو ما تعقله من مبدأ مقتضى (6) التدبير الواجب في استحفاظ نوع نوع (7)، والثاني ما نعقله من مبدأ مقتضى (8) التدبير الواجب في استحفاظ الكل على نظامه.
وقد ظن بعضهم أن كل واحد (9) منهما قوة موجودة ، أما الأولى فسارية في أشخاص النوع ، وأما الأخرى (10) فسارية في الكل. وظن بعضهم أن كل واحد منهما هو (11) في ذاته وفيضانه عن المبدأ الأول واحد ومنقسم (12) بانقسام الكل ويختلف (13) في القوابل. وليس من هذا شيء يجب أن يصغى إليه ، فإنه (14) لا وجود إلا للقوى المختلفة التي في القوابل ولم تكن البتة متحدة ثم انقسمت. نعم لها نسبة إلى شيء واحد ، والنسبة إلى الشيء الواحد الذي هو المبدأ لا يرفع الاختلاف الذاتى عن الأشياء ولا يقوم المنسوبات (15) مجردة بأنفسها ، بل لا وجود للطبيعة (16) بهذا المعنى لا في ذات المبدأ الأول ، فإنه من المحال أن يكون في ذاته شيء (17) غير (18) ذاته كما تعلم بعد ، ولا في طريق السلوك إلى الأشياء كأنه فائض ، لكنه (19) بعد لم يصل ولا له وجود في الأشياء متحدا بلا اختلاف ، بل طبيعة كل شيء (20) آخر بالنوع أو بالنوع أو بالعدد. ولا أيضا ما يمثلونه من شروق الشمس كذلك ، فإن الشمس لا ينفصل (21) عنها شيء يقوم واحدا لا جسم ولا عرض ، بل إنما يحدث شعاعها (22) في القابل ويحدث (23) في كل قابل آخر بالعدد وليس لذلك الشعاع وجود في غير القابل ، ولا هو (24) من جملة شعاع جوهر الشمس قد انحدر منه إلى المواد فغشيها. نعم لو لم يختلف القابل وكان واحدا ، لكان الأثر واحد بحسبه (25) حينئذ ، ويتبين (26) لك تحقيق هذا كله في غير هذه الصناعة.
مخ ۳۹