ثم ما يدرينا أن تكون هذه الأجسام التي لا نجد لها محركات من خارج إنما تتحرك وتفعل (1) عن (2) محرك من خارج لا ندركه ولا نصل اليه ، بل عساه أن يكون مفارقا غير محسوس ، أو عساه أن يكون (3) محسوس الذات (4) غير محسوس التأثير أى غير محسوس النسبة (5) التي بينه وبين المنفعل عنه ، الدالة (6) على أنها (7) موجبة (8) له ، كمن (9) لم ير المغناطيس (10) يجذب الحديد حسا أو لم يعرف عقلا أنه جاذب للحديد ، إذ ذلك (11) كالمتعذر إدراكه بطلب العقل (12) فإذا رأى الحديد يتحرك إليه لم يبعد أن يظن أنه متحرك إليه (13) عن ذاته على أنه (14) من الظاهر أن المحرك لا يصح أن يكون جسما بما هو جسم ، إنما يحرك بقوة فيه . لكنا نضع وضعا يتسلمه الطبيعى ويبرهن عليه الإلهى أن الأجسام المتحركة هذه (15) الحركات إنما تتحرك عن قوى فيها (16) هي مبادئ حركاتها وأفعالها ، فمنها قوة تحرك وتغير ويصدر عنها الفعل على نهج واحد من غير إرادة وقوة ، كذلك مع إرادة وقوة متفننة التحريك والفعل من غير إرادة قوة متفننة الفعل والتحريك (17) مع إرادة وكذلك القسمة في جانب السكون فالأول من الأقسام (18) كما للحجر في هبوطه ووقوفه (19) في الوسط ، ويسمى طبيعية (20). والثاني كما للشمس في دورانها عند محصلى الفلاسفة ويسمى نفسا فلكية (21). والثالث كما للنباتات (22) في تكونها ونشوها ووقوفها (23) إذ (24) تتحرك لا بالإرادة حركات إلى جهات شتى تفريعا وتشعيبا للأصول وتعريضا وتطويلا وتسمى نفسا نباتية. والرابع كما للحيوان ويسمى نفسا حيوانية وربما قيل اسم الطبيعة على كل قوة يصدر عنها فعلها. بلا إرادة فتسمى النفس النباتية طبيعة (25) وربما قيل طبيعة (26) لكل ما يصدر عنه فعله من غير روية (27) واختيار حتى يكون العنكبوت إنما يشبك (28) بالطباع (29) وكذلك ما يشبههه (30) من الحيوانات. لكن الطبيعة التي بها الأجسام الطبيعية طبيعية والتي نريد أن نفحص عنها هاهنا هى الطبيعة (31) بالمعنى الأول.
وما أعجب ما قيل (32) إن الباحث عن إثباتها من حقه (33) أن يهزأ به وأظن (34) أن المراد بذلك أن الباحث عن إثباتها
مخ ۳۰