متغيرا هو (1) غير كونه مستكملا. والمفهوم من كونه حادثا وكائنا هو غير المفهوم من كليهما جميعا. فإن المفهوم من كونه متغيرا هو (2) أنه كان بصفة حاصلة بطلت (3) وحدثت له صفة أخرى فيكون هناك شىء ثابت هو المتغير وحالة كانت موجودة فعدمت وحالة كانت معدومة فوجدت.
فبين أنه لا بد له من حيث هو متغير من أن يكون له أمر قابل لما تغير عنه ولما تغير (4) إليه ، وصورة حاصلة وعدم لها كان مع الصورة الزائلة ، كالثوب الذي اسود (5) والبياض والسواد ، وقد كان السواد معدوما إذ (6) كان البياض موجودا. والمفهوم من كونه مستكملا ، هو أن يحدث له أمر لم يكن فيه من غير زوال شىء عنه مثل الساكن يتحرك ، فإنه حين ما كان ساكنا لم يكن إلا عادما للحركة التي هى موجودة له بالإمكان والقوة فلما تحرك لم يزل منه شىء إلا العدم فقط ، ومثل اللوح الساذج كتب فيه. والمستكمل لا بد أن يكون له ذات وجدت ناقصة ، ثم كملت ، وأمر حصل فيه وعدم تقدمه ، فإن العدم شرط فى أن يكون الشىء متغيرا أو مستكملا ، فإنه لو لم يكن هناك عدم لاستحال أن يكون مستكملا أو متغيرا بل كان يكون الكمال والصورة حاصلة له دائما. فإذن المتغير والمستكمل يحتاج إلى أن يكون قبله عدم حتى يتحقق كونه متغيرا أو مستكملا. والعدم ليس يحتاج (7) فى أن يكون عدما إلى أن يحصل تغير أو استكمال. فرفع العدم (8) يوجب رفع المتغير
والمستكمل من حيث هو متغير ومستكمل ورفع المتغير والمستكمل لا يوجب رفع العدم. فالعدم من هذا الوجه أقدم ، فهو مبدأ إن كان كل ما كان (9) لا بد من وجوده أى وجود كان ليوجد شىء آخر من غير انعكاس مبدأ وإن كان ذلك لا يكفى فى كون الشىء مبدأ. ولا يكون المبدأ كل ما لا بد من وجوده للأمر (10) أى وجود (11) كان ، بل ما لا بد من وجوده مع الأمر الذي هو له (12) مبدأ من غير تقدم ولا تأخر. فليس العدم مبدأ (13)، ولا فائدة لنا فى أن نناقش فى التسمية ، فلنستعمل بدل المبدأ المحتاج إليه من غير انعكاس ، فنجد القابل للتغير والاستكمال ونجد العدم ونجد (14) الصورة كلها ، محتاجا إليه (15) فى أن يكون الجسم متغيرا أو مستكملا. وهذا يتضح لنا بأدنى تأمل.
والمفهوم من كون الجسم كائنا وحادثا يضطرنا إلى إثبات أمر حدث وإلى عدم سبق. وأما أن (16) هذا الحادث وهذا الكائن هل يحتاج إلى (17) أن يتقدم كونه وحدوثه وجود جوهر كان مقارنا لعدم الصورة الكائنة
مخ ۱۷