نقول إن أول ما يجب أن نتكلم فيه إثبات وجود الشىء الذى يسمى نفسا، ثم نتكلم فيما يتبع ذلك، فنقول إنا قد نشاهد أجساما تحس وتتحرك بالإرادة، بل نشاهد أجساما تغتذى وتنمو وتولد المثل وليس ذلك لها لجسميتها فبقى أن تكون فى ذواتها مبادىء لذلك غير جسميتها والشىء الذى يصدر عنه هذه الأفعال وبالجملة كل ما يكون مبدأ لصدور أفاعيل ليست على وتيرة واحدة عادمة للإرادة فإنا نسميه نفسا، وهذه اللفظة إسم لهذا الشىء لا من حيث جوهره ولكن من جهة إضافة ما له أى من جهة ما هو مبدأ لهذه الأفاعيل، ونحن نطلب جوهره والمقولة التى يقع فيها من بعد، ولكنا الآن إنما أثبتنا وجود شىء هو مبدأ لما ذكرنا وأثبتنا وجود شى، من جهة ما له عرض ما، ونحتاج أن نتوصل من هذا العارض الذى له إلى أن تحقق ذاته لنعرف ماهيته، كانا قد عرفنا أن لشىء يتحرك محركا ما. ولسنا نعلم من ذلك أن ذات هذا المحرك ما هو، فنقول: إذا كانت الأشياء، التى نرى أن النفس موجودة لها، أجساما، وإنما يتم وجودها من حيث هى نبات وحيوان بوجود هذا الشىء لها، فهذا الشىء جزء من قوامها، وأجزاء القوام كما علمت فى مواضع هى قسمان جزء يكون به الشىء هو ما هو بالفعل، وجزء يكون به الشىء هو ما هو بالقوة وهو بمترلة الموضوع، فإن كانت النفس من القسم الثانى ولا شك أن البدن من ذلك القسم فالحيوان والنبات لا يتم حيوانا ولا نباتا بالبدن ولا بالنفس، فيحتاج إلى كمال آخر هو المبدأ بالفعل لما قلنا فذلك هو النفس وهو الذى كلامنا فيه، بل ينبغى أن يكون النفس هو ما به يكون النبات والحيوان بالفعل نباتا وحيوانا، فإن كان جسما أيضا فالجسم صورته ما قلنا، وإن كان جسما بصورة ما فلا يكون هو من حيث من حيث هو جسم ذلك المبدأ، بل يكون كونه مبدأ من جهة تلك الصورة، ويكون صدور تلك الأحوال عن تلك الصورة بذاتها وإن كان يتوسط هذا الجسم فيكون المبدأ الأول تلك الصورة، ويكون أول فعله بوساطة هذا الجسم ويكون هذا الجسم جزأ من جسم الحيوان لكنه أول جزء يتعلق به المبدأ، وليس هو بما هو جسم إلا من جملة الموضوع،
مخ ۵