وأما الذى يحتاج أن يعبر وأن يتأول فهو ما لم ينسب إلى شىء من هذه الجملة، فيعلم أنه قد وقع من سبب خارج وأن له دلالة ما، فلذلك لا يصح فى الأكثر رؤيا الشاعر والكذاب والشرير والسكران والمريض والمغموم ومن غلب عليه سوء مزاج أو فكر، ولذلك أيضا إنما يصح من الرؤيا فى أكثر الأمر ما كان فى وقت السحر لأن الخواطر كلها تكون فى هذا الوقت ساكنة وحركات الأشباح تكون قد هدأت، وإذا كانت القوة المتخيلة فى النوم فى مثل هذا الوقت غير مشغولة بالبدن ولا مقطوعة عن الحافظة والمصورة بل متمكنة منهما فبالحرى أن تحسن خدمتها للنفس فى ذلك لأنها تحتاج لا محالة فيما يرد عليها من ذلك أن ترتسم صورته فى هذه القوى ارتساما صالحا إما هى أنفسها وإما محاكياتها، ويجب أن يعلم أن أصح الناس أحلاما أعدلهم أمزجة، فإن اليابس المزاج وإن كان يحفظ جيدا فإنه لا يقبل جيدا، والرطب المزاج وإن كان يقبل سريعا فإنه يترك سريعا فيكون كأنه لم يقبل، ولا يحفظ جيدا والحار المزاج متشوش الحركات، والبارد المزاج بليد، وأصحهم من اعتاد الصدق، فإن عادة الكذب والأفكار الفاسدة تجعل الخيال ردىء الحركات غير مطاوع لتسديد النطق، بل يكون حاله حال خيال من فسد مزاجه إلى تشويش،
مخ ۱۸۱