واعلم أن الفكر النطقى ممنو بهذه القوة، وهو من غريرة هذه القوة فى شغل شاغل، فإنه إذا استعملها فى صورة ما استعمالا موجها نحو غرض ما انتقلت بسرعة إلى شىء آخر لا يناسبه ومنه إلى ثالث وأنست النفس أول ما ابتدأت عنه حتى تحوج النفس إلى التذكر فازعة إلى التحليل بالعكس حتى تعود إلى المبدأ، وإذا اتفق فى حال اليقظة أن أدرك النفس شيئا أو فى حال النوم أن اتصلت بالملكوت اتصالا على ما سنصفه بعد وصفا فإن هذه القوة إن مكنتها بسكونها أو بانقهارها من حسن الاستثبات ولم تغلبها مقصرة عليها زمان الاستثبات لما يلوح لها من تخيلاتها تمكنت تلك الصورة من الذكر تمكنا جيدا على وجهه وصورته، فلم تحتج إن كان يقظة إلى التذكر وإن كان نوما إلى تعبير وإن كان وحيا إلى تأويل، فإن التعبير والتأويل هاهنا يذهب مذهب التذكر، فإن لم تستثبت النفس ما رأته من ذلك فى قوة الذكر على ما ينبغى بل كانت القوة المتخيلة توازى كل مفرد من المرئى فى النوم بخيال مفرد أو مركب أو توازى مركبا من المرئى فى النوم بخيال مفرد أو مركب فلا تزال تحاذى ما ترى هناك بمحاكاة مؤلفة من صور ومعان كان استثبات النفس فى ذاتها لما يراها أضعف من استثبات المصورة والمتذكرة لما يورده التخيل فلم يثبت فى الذكر ما أرى من الملكوت وثبت ما حوكى به،
ويتفق كثيرا أن يكون ما يرى من الملكوت شيئا كالرأس وكالابتداء فيستولى التخيل على النفس استيلاء يصرفها عن استتمام ما تراه وتنتقل بعده انتقالا بعد انتقال لا تحاكى بتلك الانتقالات شيئا مما يرى من الملكوت إذ ذلك قد انقطع، فيكون هذا ضربا من الرؤيا إنما موضع العبارة منه شىء طفيف وباقيه أضغاث أحلام، فما كان من الرؤيا من الجنس الذى السلطان فيه للتخيل فإنه يحتاج إلى عبارة ضرورة،
مخ ۱۷۶