شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام

تقي الدين الفاسي d. 832 AH
88

شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام

شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢١هـ

د چاپ کال

٢٠٠٠م

ژانرونه

تاريخ
أحاديث تقتضي امتناع هذه الأمور بالمدينة النبوية، لكن لمكة في ذلك على المدينة مزية من ثلاثة أوجه: الأول: وجوب الجزاء في صيد مكة بالإجماع بخلاف المدينة ففيه خلاف. الثاني: وجوب الجزاء في شجر مكة عند الشافعي وابن حنبل رحمهما الله. الثالث: أنه لم يقل أحد من علماء الأمة فيما علمت بعدم تملك لقطة المدينة. ولمكة أيضا أحكام تخصها، وأحكام تشاركها المدينة فيها. فمن الأحكام التي تخص مكة: أن الصلاة فيها تضاعف على الصلاة في غيرها، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. ومنها: تضاعف ثواب القربات بها، الحديث عن ابن عباس ﵄ يأتي ذكره إن شاء الله تعالى. ومنها: تضاعف السيئة بها، كما قال مجاهد، وأحمد بن حنبل فيما حكاه عنهما المحب الطبري في "القرى"١، ومثل ذلك نقل عن غيرهما، والصحيح من مذهب العلماء أن السيئة بمكة كغيرها، والله أعلم. ومنها: أن الإنسان يؤاخذ بهمه بالسيئة بمكة وإن كان نائيا عنها، كما هو مقتضي الحديث الذي رويناه في مسند الإمام أحمد بن حنبل من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ ولفطه في المسند حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شعبة، عن السدي أنه سمع عبد الله ﵁ قال شعبة: ورفعه لي ولا أرفعه للمنقول في قوله ﷿: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥] قال: لو أن رجلا هم فيه بإلحاد، وهو بعدن أبين٢ لأذاقه الله عذابا أليما ... انتهى. ووجه اختصاص مكة بهذا الحكم: أن غيرها من البلاد إذا هم الإنسان فيها بسيئة لا يؤاخذ بها إلا إذا عملها، كما هو مقتضى حديث ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه ﷿ في كتابه الحسنات والسيئات: "وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة" وهذا الحديث في الصحيحين، وهو بظهره يقتضي عموم البلاد في هذا الحكم، فيدخل في ذلك مكة، ولكن حديث ابن مسعود ﵁ المشار إليه يخصها، والله أعلم. وكنت غفلت عن ذكر هذه الخصوصية، فكتب إلى بعض علماء عصرنا ممن وقف على بعض هذ الكتاب يذكرها لي، ونص ما كتبه إلي: رأيت مختصر مولانا لأخبار

١ القرى "ص: ٦٥٩". ٢ عدن أبين: هي جزيرة باليمن أقام بها "أبين" رجل من حمير.

1 / 92