وهو أصلٌ في إبطال الحِيَل، وبه احتجَّ البخاريُّ على ذلك (^١)، فإن من أراد أن يعامل الرجلَ معاملةً يُعطيه فيها ألفًا بألف وخمس مئة إلى أجلٍ، فأقرضه تسع مئة وباعه ثوبًا بست مئة يساوي مئة، إنما نوى بإقراضِه التسع مئة تحصيلَ ما ربحه في الثوب، وإنما نوى بالستِّ مئة التي أظهر أنها ثمن أن أكثرها ربح التسع مئة، فلا يكون له من عمله إلا ما نواه بقول النبي ﷺ.
وهذا مقصودٌ فاسد غير جائز، فإذا كان إنما باع الثوب بستّ مئة مثلًا؛ لأن الخمس مئة ربح التسع مئة التي أعطاه أياها دراهم، فهذا مقصودٌ محرم، فيكون مهدرًا، فلا تترتَّب عليه أحكام البيع الصالح والقرض، كما أن مُهاجِر أُم قيس ليس له من أحكام الهجرة الشرعية شيءٌ. وكذا المحلل إنما نوى أن يطلِّق المرأة لتحلَّ للأول، ولم ينو أن يتخذها زوجة، فلا تكون له بزوجة، فلا تحلُّ له ولا للأوَّل، وهذا ظاهر.
الوجه (١٥٠/ أ) السادس: ما روى سفيان بن حسين وسعيد بن بشير، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال: "من أدْخَلَ فرسًا بين فرسينِ وهو لا يأْمَنُ أنْ يَسْبِق فليسَ بقمارٍ، وإن أَمِنَ أنْ يَسْبِق فهو قِمار" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (^٢).
_________
(^١) في الصحيح رقم (٦٩٥٣) كتاب الحِيل، بابٌ في ترك الحيل، وأنّ لكل امرئٍ ما نوى في الأيمان وغيرها. ثم ساق الحديث.
(^٢) أخرجه أحمد: (١٦/ ٣٢٧ رقم ١٠٥٥٧)، وأبو داود رقم (٢٥٧٩)، وابن =
1 / 39