شعر و فکر: د ادب او فلسفې په هکله مطالعات
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
ژانرونه
يقول: فكروا ما شئتم وفيما شئتم، ولكن أطيعوا!) إن في كل هذا تقييدا للحرية. فأي هذه القيود يقف عقبة في سبيل التنوير؟ وأيها لا يعرقله وإنما يسانده؟ أجيب على هذه الأسئلة بقولي: إن الاستخدام العلني العام للعقل
7
ينبغي أن يبقى حرا في كل الأوقات، وهو وحده القادر على نشر التنوير بين الناس، أما استعمال العقل استعمالا خاصا، فيجوز في أحيان كثيرة أن يقيد تقييدا شديدا، دون أن يؤدي هذا بالضرورة إلى إعاقة تقدم التنوير بصورة خطيرة. ولكني أقصد باستعمال الإنسان لعقله الخاص، ذلك النوع الذي يمارسه العالم قبل جمهور قرائه. وأما الاستعمال الخاص للعقل، فأعني به حق هذا العالم في استعماله في منصب يشغله أو وظيفة عهد إليه القيام بها في المجتمع المدني. والواقع أن هنالك بعض الأعمال المتصلة بالصالح العام للمجتمع يتطلب تدبيرها نوعا من الآلية التي تفرض على بعض أعضاء هذا المجتمع أن يكونوا في سلوكهم سلبيين، حتى يتسنى للحكومة - من خلال الإجماع الذي تصطنعه اصطناعا - أن توجههم نحو تحقيق الأهداف العامة، أو تمنعهم على أقل تقدير من تدمير هذه الأهداف. ومن الطبيعي ألا يسمح في هذا المجال بالتفكير (العقلي المستقل)؛ إذ إن الطاعة هنا واجبة. فإذا ما نظر هذا الجزء من أجزاء الآلة إلى نفسه باعتباره عضوا في مجتمع، وإذا توسع في هذه النظرة، فاعتبر نفسه عضوا في المجتمع العالمي بأسره، واتخذ صفة العالم الذي يتجه بكتاباته التي تحمل رأيه الخاص إلى الجمهور، فإن في إمكانه في هذه الحالة أن يفكر تفكيرا حرا مستقلا دون أن يكون في هذا إضرار بالأعمال التي أسند إليه القيام بها، وحكمت عليه وظيفته من هذه الناحية أن يكون سلبيا إلى حد ما. ولو أن أحد الضباط العاملين عمد إلى إثارة الجدل حول الهدف من أمر صدر إليه من رئيسه، وحول المنفعة التي يمكن أن تترتب على هذا الأمر لكان في ذلك الضرر أشد الضرر؛ لأن الواجب سيحتم عليه الطاعة. ومع ذلك فلا يصح - إن كان من العلماء الملمين بالأمور - أن يحرم من حقه المشروع في إبداء ملاحظاته على الأخطاء التي تقع في الخدمة العسكرية، وأن يعرض هذه الملاحظات على جمهوره ليحكم عليها. وليس من حق المواطن أن يمتنع عن سداد الضرائب المفروضة عليه، بل إنه ليستحق العقاب لو تعمد توجيه الانتقادات إلى هذا النوع من الضرائب الذي ينبغي عليه تسديده باعتبار ذلك فضيحة يمكن أن تتسبب في خلق متاعب عامة. ومع ذلك فإن هذا المواطن نفسه لن يخل بواجبات المواطن إذا ما استغل حقه كعالم في التعبير علنا عن رأيه في خروج هذه الضرائب عن الحدود المعقولة، أو مجافاتها للعدالة. وقل مثل هذا عن رجل الدين الذي يفرض عليه واجبه أن يجعل عظاته لتلاميذه والمؤمنين من أتباع ملته على مذهب الكنيسة
8
التي عين في خدمتها بناء على هذا الشرط.
أما من حيث هو عالم فله الحرية الكاملة، بل عليه واجب نشر أفكاره - التي وصل إليها بعد فحص دقيق وبنية خالصة - عن الأخطاء التي يرى أنها لحقت بالمذهب، كما يقضي عليه الواجب كذلك بأن يعرض على الجمهور اقتراحاته لإصلاح أمور العقيدة والكنيسة. وليس في هذا أي شيء يمكن أن يكون عبئا على ضميره؛ لأن ما يعلمه بحكم منصبه كقائم بأعمال الكنيسة إنما يقدمه باعتباره شيئا لا سلطان له عليه ولا حرية له في تعليمه حسب ما يتراءى له؛ إذ إنه يتولى تقديمه للناس نزولا على التعليمات، وباسم جهة أخرى عينته لهذا الغرض. سوف يقول: إن كنيستنا تعلم هذا أو ذاك، وهذه هي الأدلة والبراهين التي تعتمد عليها. ثم إنه يستخلص للمؤمنين من جماعته كل فائدة عملية يمكنه استخلاصها من التعاليم التي قد لا يكون مقتنعا بها تمام الاقتناع، ومع ذلك يبذل كل ما في وسعه لكي يقدمها لهم؛ إذ ليس من المستحيل أن تكون منطوية على حقيقة كامنة، وليس من المستبعد في كل الأحوال أن تكون خالية مما يناقض الدين في صميمه. فلو خالجه الظن بأن فيها ما يتناقض مع الدين لما أمكنه أن يؤدي عمله بضمير مستريح، ولتحتم عليه عندئذ أن يعتزله. وإذن فاستخدام معلم الدين المعين في هذه الوظيفة لعقله قبل جماعته المؤمنة ليس سوى استخدام خاص؛ لأن هذه الجماعة تظل على الدوام جماعة عائلية مهما زاد عدد أعضائها، ولهذا الاعتبار لا يكون رجل الدين، بوصفه قسا، حرا في تصرفاته، ولا ينبغي له أن يكون كذلك ما دام ينفذ تكليفا عهد به إليه من جهة أخرى. أما بصفته عالما يتحدث من خلال كتاباته إلى الجمهور الحقيقي، أي إلى العالم كله، أي بصفته رجل دين يستخدم عقله بصورة علنية عامة، فإنه يتمتع بحرية كاملة ولا يقيده أي قيد في استعمال عقله الخاص والتعبير عن شخصيته. ذلك أن تحويل الأوصياء على الشعب (في أمور دينه) إلى قصر يحتاجون بدورهم إلى فرض الوصاية عليهم، إنما هو تناقض سخيف، يمكن أن يؤدي إلى سلسلة لا نهاية لها من التناقضات السخيفة.
ولكن ألا يحق لجماعة من رجال الدين كالمجمع الكنسي أو الطبقة الجليلة (كما يسميها الهولنديون)
9
أن تلتزم فيما بينها بمذهب ثابت يخول لها أن تفرض على كل واحد من أعضائها، ومن ثم على الشعب، وصاية عليا مستديمة تجعلهم يرسخونها إلى الأبد؟ أجيب على هذا السؤال فأقول: إن هذا لأمر مستحيل تمام الاستحالة. فمثل هذا التعاقد الذي يهدف إلى القضاء قضاء مبرما على كل محاولة لمواصلة تنوير الجنس البشري لا بد أن يكون تعاقدا باطلا كل البطلان، مهما أيدته أعلى السلطات، وأقرته المجالس الشعبية، وروجته لجان السلام. فلا يجوز لعصر من العصور أن يجمع على التآمر على العصر اللاحق، بحيث يزج به في وضع يستحيل عليه فيه أن يوسع معارفه (وبخاصة الملحة منها)، وينقيها من الأخطاء، وأن يتقدم بوجه عام على طريق التنوير. إن ذلك لو حدث لكان جريمة ترتكب ضد الطبيعة البشرية التي تقوم ماهيتها الأصلية على هذا التقدم، وسيكون من حق الأجيال التالية أن تدين تلك القرارات التي اتخذها قوم ليسوا من أهل الاختصاص، وتعدوا فيها حدودهم بصورة آثمة. والواقع أن محك النظر في كل قانون يقرر على شعب من الشعوب يتمثل في هذا السؤال: هل يمكن أن يفرض الشعب على نفسه مثل هذا القانون؟ قد يكون هذا أمرا ممكنا، في انتظار قانون أفضل ولفترة محدودة بغية الأخذ بنظام معين، وذلك بأن يترك لكل مواطن، وبخاصة لرجل الدين بوصفه أحد العلماء، أي عن طريق مؤلفاته، حرية إبداء ملاحظاته عن عيوب النظام السابق، بحيث يستمر النظام المأخوذ به ساريا إلى أن يبلغ التبصر بهذه الأمور عند الرأي العام حد التأييد والإقرار، فتجمع الأصوات (وإن خرج البعض على هذا الإجماع) على التقدم باقتراح إلى العرش، فيكون في ذلك ما يعوق أولئك الذين يرون الإبقاء على القديم عن التمسك برأيهم. أما الاتفاق على مفهوم ديني ثابت لا يسمح لأحد بانتقاده علنا، حتى لو اقتصر ذلك على فترة تبلغ عمر إنسان واحد، والقضاء بذلك على مرحلة من مراحل تطور البشرية، وتقدمها نحو أوضاع أحسن، وجعلها مرحلة عقيمة، وبالتالي ضارة بالأجيال التالية، فذلك أمر غير جائز على الإطلاق. ربما كان لفرد واحد من الناس أن يؤجل التنوير فيما يتصل بشخصه، ولفترة مؤقتة فحسب، وفيما يلزمه العلم به ، أما أن يتخلى عنه تماما سواء بالنسبة لشخصه أو بالنسبة للأجيال القادمة، فذلك معناه انتهاك الحقوق المقدسة للبشرية ووطؤها بالأقدام. وما لا يجوز أن يقرره شعب على نفسه لا يجوز بالأولى أن يقرره ملك على شعبه. ذلك أن هيبته التشريعية إنما تقوم على أن الإرادة الشعبية في مجموعها تتحد في إرادته. وإذا كان حريصا على أن يكون كل إصلاح حقيقي أو مزعوم متجانسا مع النظام المدني، فما عليه إلا أن يدع رعاياه يفعلون ما يجدونه ضروريا لخلاص أرواحهم، إن هذا أمر لا شأن له به، وإنما شأنه أن يحول دون أن يتجرأ مواطن على منع مواطن آخر بالقوة من أن يعمل على تحقيق خلاصه الروحي بقدر ما في طاقته. وإن صاحب الجلالة ليسيء إلى نفسه بتدخله في هذه الأمور، وذلك بأن يضع المؤلفات التي يشرح رعاياه آراءهم فيها تحت رقابة الحكومة، سواء استند في هذا على رأيه السامي الخاص به، فعرض نفسه للوم وفقا للمثل القائل بأن القيصر ليس فوق النحاة،
10
ناپیژندل شوی مخ