162

شعر و فکر: د ادب او فلسفې په هکله مطالعات

شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة

ژانرونه

كما يتبين مما قلناه أن ماهية الزمان لا توضحها التصورات الشائعة عنه، وأن الجمع بينه وبين الوجود ربما يقربنا منه، فالوجود كما عرفناه حضور أو هو بالأحرى إتاحة الحضور.

ونحن لا نكاد نذكر الحضور حتى نذكر معه الماضي والمستقبل، أي المتقدم والمتأخر بالقياس للآن.

غير أننا إذا أردنا أن نفهم الزمان من جهة الحاضر، فلا بد أن يكون هذا الحاضر هو «الآن» الذي يختلف عن آن الماضي الذي لم يعد له وجود، وآن المستقبل الذي لم يأت بعد. وإذا كنا لم نتعود على النظر إلى الزمان من جهة «حضور» الحاضر، فالواقع أننا نتصور الزمان - أي وحدة الحاضر والماضي والمستقبل - على أساس «الآن». وقديما قال أرسطو إن «الآن» هو ما يكون من الزمان أو يحضر فيه. أما الماضي والمستقبل فهما شيء لا وجود له

23 - صحيح أنهما ليسا عدما، بل هما وجود أو حضور ينقصه شيء نصفه بأنه هو «الآن» التي لم يبق لها وجود، و«الآن» التي لم تأت بعد.

وبهذا يبدو «الزمان» سلسلة من الآنات المتتابعة، بحيث لا نكاد نذكر إحداها، حتى يبتلعها لتوه ويطاردها على الفور.

هذا «الزمان» هو الذي يقصده كانط بقوله: «إنه ذو بعد واحد فحسب.»

24

وهو الزمان الذي يتألف من آنات متعاقبة، ونعرفه جميعا عندما نخضعه للقياس والحساب، وعندما نتطلع للساعة، ساعة الحائط أو ساعة اليد، ونراقب عقاربها قبل أن نقول مثلا: الساعة الآن الخامسة وعشر دقائق. نقول «الآن»، ونعني بها الوقت أو الزمن، ولكننا لن نعثر على الزمن نفسه مهما قلبنا في الساعة، وفحصنا آلاتها وفتشنا بين عقاربها! بل لن نلمس له أثرا مهما حاولنا أن ندقق النظر في أجهزة قياسه الحديثة التي تسمى «بالكرونومترات». ولعلنا أن نبتعد عن جوهره الحق كلما أمعنا في هذا البحث.

أين الزمان إذا؟! أهو موجود؟ أله مكان يحل فيه؟ أهو وعاء يضم الآنات والمكان الذي شبهه أرسطو بوعاء يسع العالم؟!

من الواضح أن الزمان ليس عدما. فكلنا يذكر اسمه، ويشعر بخطاه. فلنجرب أن ننظر إليه من جهة «الوجود» الذي وصفناه بالحاضر أو الحضور. ولنعلم أن حضور هذا الحاضر مختلف كل الاختلاف عن حضور الأبد، بحيث لا يمكن أن يفهم هذا ابتداء من الآن، بل تفهم الآن وتحدد ابتداء منه.

ناپیژندل شوی مخ