339

Sheikh Saad Al-Breik's Lessons

دروس الشيخ سعد البريك

ژانرونه

ضروب أخرى من الكذب
ومن ضروب الكذب وخبيث أنواعه، تلك الكلمات التي يطلقها الكاذبون غير جريئين على الصراحة، ورمي المكذوب عليه صراحة، ولكن يلجئون إلى إثارة الشبهات والشكوك حول هذا الذي يكذب عليه، حتى تجتمع من الأحوال، ومختلف المواقف المرتبة على نسقٍ معين، ما يجعلون السامع ينطق به -أي: ينطق بالكذب- أو يعقد على الكذبة التي هابوا وخافوا من النطق بها صراحة.
إنه لا يجوز أن نكذب على أحد، حتى على أعدائنا من ذوي المذاهب الضالة والملل المنحرفة، ولو كان عدوًا إلا ما استثني بالدليل، من الكذب حال الحرب والمعركة، أما الكذب والافتراء حتى على ذوي الأهواء والمذاهب الضالة فإنه لا يجوز، فما بالك بمن يشاركوننا في الإسلام والإيمان والإصلاح، إنه لا يجوز أن نكذب، ولماذا نكذب وعندنا من الحق والدليل ما يكفي لهتك أستار الأعداء ونبذ أخبارهم، دون اللجوء إلى الافتراء.
ومن أنواع الكذب الذي يسري على عقول كثير من المسلمين، ذكر بعض الحقائق وإخفاء بعضها الآخر، فترى الكذوب يسمعك من الرواية فصولًا لا تدع للسامع مجالًا ينجو فيه من تغير حاله ورأيه على المكذوب عليه، ولو أن السامع أسمع الواقعة كلها، لانقلب السامع مؤيدًا ونصيرًا ومعينًا، وللكاذب عدوًا.
ولكن يا عباد الله! إذا زلت العقول عن المنهج، وعن الدليل، وعن الحق، ومالت إلى الهوى، فلا تسأل عن الهلكة: ﴿فإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص:٥٠] إن كثيرًا من الذين يكذب عليهم، لو أسمعوا الحقائق على جملتها وتفاصيلها، لانقلب السامع مؤيدًا ونصيرًا للمكذوب عليه، بل وانقلب السامع معينًا لمن جاء الكاذب يتزلف بعرضه، أو يسعى في إفساد سمعته، أو كما يقال إحراق أوراقه.
روى الإمام أحمد وأبو داود بسندٍ صحيح، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: قال ﷺ: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره، ومن مات وعليه دين، فليس بالدينار والدرهم، ولكن بالحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه، لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال، حتى يخرج مما قال وليس بخارج) ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور:١٥ - ١٦].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

23 / 5