10
الصباح يفتتح يوما مفعما بالمعاناة. ما زال البرد قارسا والرياح عاصفة. وتنظر من وراء زجاج النافذة المغلقة فترى الطريق ممتدا حتى المنعطف، لا شجرة به، الريح تنشر الزبالة فوق أديمه، وجه الطوار متشقق متعدد الفجوات، والناس يترنحون هنا وهناك. لقد انصرفوا جميعا، وعنايات تعمل في المطبخ، وهي تفكر في المواجهة التي ستتم بينها وبين أبنائها منفردين، إنها الكآبة والحرج. وكانت بدأت بالبنت فقالت لها بحزم حاد: حذار أن تذعني لأحدهم، كفى ما كان، وسنجد لمشكلتك الحل المناسب ...
من آن لآخر جعلت تراقبها وهي منهمكة في عملها. ترى ماذا يدور في رأسها؟ تبدو خالية البال كأن الموت لا يتهددها. بل أخذت النضارة تلوح في وجهها الأسمر ووجنتيها البضتين. كما رثت لها حنقت عليها. مأساتها مأساة من يواجهن الحياة بلا مال ولا علم. وتذكرت ضيقها إزاء الغلاء المتصاعد وكيف تهبط أسرتها درجة بعد درجة. إنها تلبي طلبات الأبناء بنسبة لا تزيد عن خمسين في المائة، ولولا جديتهم وتسلط روح العمل عليهم لانفجرت أزمات وأزمات.
وهي تمر بالبنت قالت هذه: ستي.
فتوقفت متسائلة، فتساءلت البنت: هل تريدين أن أذهب؟
فقالت بعصبية: لم أقل ذلك قط.
فتمتمت: أشعر بأني غير مرغوب في ... - انتبهي لعملك ونفذي ما أوصيتك به.
اتجهت إليها بكل جسمها وقالت بصوت منخفض: عرضوا على أمي أن أعمل في شقة مفروشة!
يا لها من مفاجأة. تساءلت في استنكار: ألا تفهمين ما يعنيه ذلك؟!
فقالت بصراحة لم تتوقعها: لن يكون أسوأ مما أنا فيه، ويمكنني أن أقتصر على السهر في الشقة!
ناپیژندل شوی مخ