فصاحت به المرأة: لا تفضحنا (ثم ملتفته إلي) ... أكرر العذر وربنا يكرمك، لا عمل له، يمضي على باب الله فيطعمه المحسنون، وأنا لا مورد لي إلا الملاليم التي تجيئني من بيع النابت. - في الطلب أنكم أسرة كريمة أناخ عليها الدهر؟ - كنا كذلك، وضاع كل شيء.
ونشجت باكية فقال الشاب الأبله: تريد أن تعتدي على أمي يا حمار.
لم ألتفت إليه، ولم أتأثر بالدموع من طول ما خالطت الأسر التي أناخ عليها الدهر، قلت: أعطني فكرة عن حياتك السابقة.
قالت وهي تجفف دموعها بطرف شالها الرث: كان أبي بياع حلاوة طحينية وكان زوجي موظفا. - اسمه ووظيفته؟
ترددت ترددا لم يغب عني بحكم خبرتي ثم قالت: مضى زمن طويل. - لا بأس، أخبريني. - كان موظف بدار الكتب. - اسمه من فضلك؟ - ترددت مرة أخرى ثم قالت: غريب عدنان. - أين كان مسكنك؟ - في باب الخلق، لا أذكر رقمه. ولكن كانت بأسفله صيدلية.
ثم بصوت مليء بالأسى: صحتي تسوء يوما بعد يوم، ارحموني يرحمكم الله.
فصاح ابنها وهو يشير نحوي: هذا الرجل لص، رأيت بدلته على رجل ديوث.
غادرت المكان مسرعا فبلغت شارع السد بباب الشعرية ونظرات النساء ما زالت راسبة في أعماقي. دلتني الزيارة على مراجعي. هناك شيخ حارة السد، دار الكتب، وبيت باب الخلق. وملت إلى دكان شيخ الحارة فوجدته لحسن الحظ جالسا إلى مكتبه القديم تحت صورة الملك. سلمت عليه ثم قدمت إليه بطاقة العمل فرحب بي فقلت: تفضل علي بما تعلم عن ست وجدية جلال المقيمة بالربع 21 بحارة السد.
فقال بعدم اكتراث: علمي عنها قليل، لكنها على حياء بخلاف بقية السكان. - أهي أصلا من سكان الربع؟ - لا ... أقامت فيه منذ سنوات، وهي لولا ابنها المعتوه ...
فقاطعته باسما: عرفته، من أين له هذا القدر المخيف من الدهن؟ - يأكل في كل مكان ، ولكن فيه شيء لله! - تؤمن بذلك؟ - واسمع، منذ شهر رأيته يبول في وسط الطريق فزجرته فدعا علي، أتعرف ماذا أصابني؟ - خير إن شاء الله؟ - أبدا، أصبت في نفسي الأسبوع بفتق ... ولكن هل تنوي الوزارة مدها بإعانة؟ - ربما. - جميع جاراتها على مثل حالها من الفقر. - للأسف الوزارة تقصر المعونة على الأسر التي أناخ عليها الدهر، أما الفقراء فهيهات أن يشبعهم إلا وزارة أوقاف أمريكا! •••
ناپیژندل شوی مخ