من أول نظرة أدركت أنه مهزوز الشخصية ولكني توفرت بكل همة للتفتيش. وبوجه خاص الملابس. وفي الحمام رأيت بدلة بيضاء منقوعة في طشت غسيل. وبفحص الزارير وجدت زرارا ناقصا. وبمضاهاته بالزرار الذي عثرت عليه في حجرة استقبال البطراوي وجدته مطابقا. اقتحمني شعور بالفوز: متى نقعت هذه البدلة؟ - أمس. - ترى هل خامره شك؟! - تنقص زرارا. - ربما. - مثل هذا الزرار.
وأريته الزرار. قطب في عصبية وقال: توجد آلاف منها في السوق، وهي نفس زراير بدلتي الأخرى! - هذا حق، وقد وجدت هذا الزرار وراء مقعد عصمت البطراوي.
فتساءل بحدة: هل تتهمني ؟ - معاذ الله، متى بدأت صداقتك مع ابن القتيل؟ - منذ عشرة أعوام. - عرفت القتيل؟ - قدمني إليه. - ولكنك كنت تعرفه من قبل؟ - ماذا تعني؟ - كل الناس كانت تعرفه. - طبعا.
لعلك كنت من المعجبين به؟ - كلا. - صديقك يعرف ذلك؟ - نعم. - إذن كنت من أعدائه؟ - أجل! - قلت عنه مرة إنه المدرسة التي تخرج فيها كل من استبد بهذا الشعب أو نكل به. - من قال ذلك؟ - لنا تحرياتنا. - على أي حال فهذا رأيي حقا.
وتساءلت مصطنعا الثقة في نبرتي: هل رأيت الرجل صباح اليوم؟
تردد لحظات ثم قال: نعم، على مبعدة غير قصيرة من كازينو الشاطئ ... صافحته، سايرته أمتارا ثم استأذنت منصرفا إلى طريقي. - رآك أناس من رجال الكازينو؟ - ربما.
وقلت مغامرا: ورآك بواب العمارة؟
فقال بحدة: غير ممكن، لقد تركته قبل ذلك بمسافة طويلة!
تمنيت أن يسهو فيقع فيقول مثلا إن البواب لم يكن موجودا، ولكنه فيما بدا لي حاذق أو صادق. والحق - ورغم كل شيء - قوي الشك فيه عندي. سألته: مضت ساعتان أو أكثر بين مقابلتك للرجل وذهابك إلى النادي، كيف مضيتهما؟ - عادة أتسكع، وأحب مشاهدة صيد السمك. - في ذلك الوقت قتل البطراوي ...
فقال بحنق: ليرحمه الله. - كيف فسرت الجريمة لدى علمك بها؟ - لم أجد سببا واحدا يبررها. - ألم يخطر ببالك أن يكون وراءها سرقة؟ - قطب قليلا ثم قال: السرقة لا تحدث عادة في النهار. - القتل نفسه حدث ... - فلم يحر جوابا، فقلت: إذن اتجه تفكيرك نحو السياسة! - لم أقل ذلك، ولا هو بمعقول. - لماذا؟ - لا يفكر أحد في اغتيال سياسي معتزل. - حتى لدى من عاش دهرا وهو يحلم بقتله؟ - من هذا؟ - كثيرون جدا تمنوا ذلك.
ناپیژندل شوی مخ