127

شیطان وعظ

الشيطان يعظ

ژانرونه

فسألته: ألممت بنشاطي رغم البعد؟ - بفضل الصحف، شذرات من الأنباء عن رحلات ومعارك مع اليساريين، وتخيلت الباقي. - دعني أقرأ لك أفكارك، قلت لقد غرق في جمع المال وعبادته، نسي ولا شك أيامنا الماضية، وانحدر إلى الأمية وهو لا يدري!

فضحك وقد تورد وجهه حياء ثم قال مجاملا في الغالب: أثرت إعجابي ولكنه إعجاب لم يخل من أسف!

فتساءل وفيق: ألا يستحق الإعجاب الخالص من يصبح مليونيرا في أقل من خمس سنوات؟

هز رأسه هزة غامضة فقلت من فوري: لست غبيا كما تعلم، دعني أقرأ أفكارك مرة أخرى على ضوء فلسفتك، قلت عني لذاتك أنني ضيعت حياتي في سبيل استيراد سلع كمالية عاقبتها الحتمية تخريب الاقتصاد الوطني وخدمة الطبقة الجديدة وتعذيب عامة الشعب، ولا يمثل هذا الاستيراد إلا مزيدا من الاستعباد بخلاف العمل الإنتاجي الذي يمثل الضرورة والتحرير معا، أليس كذلك يا جلال؟

فضحك وجهه بلا صوت وركبه حرج الموافقة الصامت. عند ذاك هتف وفيق متناسيا أصول المجاملة: هذا ما يردده المخربون!

فقلت ملطفا من وقع كلامه: ليسوا وحدهم، صبرا، لكن اللوم لا يقع علينا بقدر ما يقع على من أذنوا بذلك.

فقال جلال وكأنما يستثقل نفسه: دعنا من التفصيلات، اعتبر - إذا شئت - رأيي حلما خياليا، من الناس من يأنس إلى الأحلام ليتزود بقوة يواجه بها قسوة الواقع، إنما أردت أن أهون لك من شأن الحياة التي انقطعت عنها وأزين لك الحياة التي حبست فيها، فهي ليست شرا خالصا كما قد تتوهم، ما هي إلا مرحلة عابرة إن شاء الله، ويمكن أن تجد فيها من المسرات الشيء الكثير.

فشكرت له مودته، ثم خضنا معا - باتفاق شعوري خفي لنتفادى من حدة وفيق - ذكريات مشتركة قديمة، فشرقنا وغربنا في متعة صافية ساعة نادرة من الزمان.

7

خلفت الزيارة وراءها رجة. قالت أفكار: لم أفهم كلمة واحدة مما قال هذا الرجل.

ناپیژندل شوی مخ