فتجاهلته حتى كرر السؤال، فسألته بدورها: لماذا تسأل؟ - حديث دار في المقهى حول بنت جميلة له. - زوجت له بنتين وبقيت الصغرى وداد، صغيرة ولكنها أجمل البنات.
فقال مخفيا انفعاله: ذاك ما قيل عنها. - قل لمن يتحدث إن الطائر قد حلق في السماء. - السماء؟! - ما زال الأمر سرا، ولكني الوحيدة من غير الأسرة التي تعرف أن معلمك الديناري خطبها منذ أسبوع! - حقا؟! - حظها السعيد، لا أهمية للسن ولا لكثرة الزوجات! ابعد إن كنت فكرت في القرب.
إذن قد خطبها الرجل قبل أن يكلفه بالبحث عنها. ولكن هل يغير ذلك من موقعه من المهمة؟ عليه ألا يضيع وقته وأن ينسى ما سمع.
6
قبع في مجلسه عند قدمي المعلم وراح يدلك ساقيه. الرجل يرتاح لذلك وهو يجيده. مهما يكن من أمر العاقبة فهو اليوم ألصق الجميع به. غير أنه لا يستطيع أن يقرأ وجهه. ألا ما أكبر الفارق بينه وبين البنت، في العمر والحجم وكل شيء. والرجل صامت يضن بالسؤال، فعليه هو أن يتكلم. قال: عثرت على البنت المنشودة يا معلم.
بعد هنيهة صمت، قال الرجل: انطق. - الاسم وداد، كريمة عم طناحي، بالدور الثاني من عمارة ريحان القديمة. - ألم تفتك فرصة؟ - نعم. - هل فطن أحد إلى مسعاك؟ - كلا. - الكتمان في صالحك أنت. - حرصت عليه، بحسن تقديري. - إنك معجب بنفسك. - فتورد وجهه الأسمر حياء، تفاءل بالصمت، ثم تساءل: انتهت المهمة يا معلمي؟
فقال الرجل بلا مبالاة: الآن عليك بمغازلتها!
كأنما تلقى ضربة على نافوخه. هتف: مغازلتها؟!
قال الرجل ببرود: مع السلامة.
في الخارج لم يسمع صوتا رغم الضوضاء، لم ير أحدا رغم الزحام، لم يلق بالا إلى متربص. المهمة تتعقد والمخاوف تتجسد والأشباح تتخايل. ها هو يحمل أمرا من معلمه بمغازلة خطيبة معلمه. وهو مطالب بإبلاغه بالنتيجة. هيهات أن تؤاتيه الشجاعة على الكذب. أهي طريقة لاختيار الرجل الثاني حقا أم الأمر عبث في عبث؟ الليل تتكاثف ظلمته وتتوارى نجومه وراء السحب.
ناپیژندل شوی مخ