محاضرات عن الشیخ عبد القادر المغربي
محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي
ژانرونه
فأنتم ترون أن المغربي ظل وفيا لفكرته في وجوب التعريب، وقد دافع عن ذلك دفاعا مجيدا في كتابه المشار إليه، وفي بحوثه العديدة التي نشرها في مجلة مجمع دمشق وفصلها في بحوثه في مجلة مجمع القاهرة. (2) عثرات اللسان في اللغة
هو كتيب لطيف يمت بصلة قوية إلى الكتاب السابق، بحث فيه عن عثرات الكتاب والخطباء في اللغة، وأصل هذا الكتاب محاضرة كان ألقاها المغربي في ردهة مجمع دمشق بعنوان «عثرات الأفمام» في 1 شباط (فبراير) 1944، ناقش فيها الأغلاط اللغوية التي يظهر خطؤها حين النطق بها. وهي لو كتبتها الأقلام لما كان بين خطئها وصوابها من فرق، وقد قسم المؤلف هذه الأغلاط إلى عشرة أصناف «فالكلمة يكون أولها مفتوحا في فصيح اللغة فيضمه الناس أو يكسرونه، أو مكسورا فيضمونه أو يفتحونه، أو يكون وسطها متحركا فيسكنونه، أو ساكنا فيحركونه، أو مشددا فيخففونه، أو مخففا فيشددونه كل ذلك يفصلونه على خلاف الفصيح المعروف لدى أهل اللسان».
4
وقد اهتم المغربي بهذه الناحية اهتماما شديدا فجمع أكثر من ثلاثمائة كلمة تعثر بها الأفمام وتلفظها لفظا خاطئا، فصنفها تصنيفا دقيقا، عمد من ورائه إلى إحياء اللغة الفصيحة وتطهيرها من العامية المبتذلة واستعمال الكلمات الصحيحة مكانها.
وقد ذكر في صدر كتابه ملاحظة لطيفة بين فيها أن الكلمات اللغوية قسمان: قسم سماه «الكلمات الأدبية»، وهي التي تستعمل في الخطابة والكتابة والتأليف، وقسم سماه «الكلمات اليومية»، وهي التي تستعمل في لغة الحياة العامة في البيت والشارع ومجالات الأنس والسمر. وإنه قصر بحثه في كتابه هذا على الكلمات اليومية. ولا بأس أن أورد عليكم طرفا من مباحث ذلك الكتاب لتعرفوا طريقة الشيخ ومقدار حرصه على اللغة العربية وعنايته بحمايتها قال: يقولون «حلويات» مجموعة الأطعمة الحلوة، يفتحون اللام ويكسرون الواو ويشددون الياء خطأ كأنها جمع حلوية، ولا يوجد في كلام العرب حلوية، وإنما «حلويات» جمع «حلوى» بالألف المقصورة، فالواجب أن تلفظ بفتح الحاء وسكون اللام وفتح الياء من دون تشديد، وإذا جعلناها جمعا لحلواء بالألف الممدودة زدنا ألفا بعد الواو في الجمع، فنقول «حلويات»، والياء مخففة أيضا إلا أن يدعي مدع بأن «حلويات» المشددة الياء نسبة إلى «حلو»، فيقال فيه «حلوي» وجمعه «حلويات»، فيكون خطأ العامة فيه فتح الحاء واللام وصوابه ضم الحاء وسكون اللام.
وقال «حمارة الحر صبارة البرد»؛ أي شدتهما، يشددون ميم «حمارة» وباء «صبارة» ويخففون راءهما، وهو خطأ من فعلهم والصواب العكس؛ أي تخفيف الميم والباء وتشديد الراء فيهما، وقيل بجواز ما قالوا.
5
هذا نمط من مباحث «عثرات اللسان» وللمغربي مباحث ومقالات عديدة نشرها في مجلات مجامع مصر والشام والعراق كلها تنطق عن تعمقه في مباحث اللغة، وتبين حرصه الشديد على حمايتها من عبث العابثين.
وله في مباحث اللغة دراسات طويلة وآراء صائبة في القضايا اللغوية لا يتسع المجال للإفاضة فيها، فمن ذلك رأيه في أن كثيرا من الكلمات الرباعية والخماسية يمكن إرجاعه إلى كلمتين ثلاثيتين بسهولة، فقد تبين أن تكون تلكم الكلمات في لغة العرب إنما كان بوساطة ما سماه «الاشتقاق النحتي»، فكلمة «دحرج» منحوتة من «دحره فجرى»، وكلمة «هرول» من «هرب وولى» و«خرمش» من «خرم وشوه» وما إلى ذلك من المباحث التي تدل على عمق تفكير وسعة اطلاع، ولقد عرف فضله في هذا الباب المرحوم الشيخ محمد عبد المطلب الشاعر المصري الفحل، فقال فيه من قصيدة بمدحه عام 1909م، ويعتذر عن عدم تمكنه من توديعه حين مغادرته مصر إلى الشام :
فهل مبلغ أشواق مصر وأهلها
ناپیژندل شوی مخ