ونقل السيد علي بن طاووس (رحمه الله) في رسالته لولده عن الشيخ الجليل العارف بعلوم كثيرة سعيد بن هبة الله القطب الراوندي: أنه وقع الخلاف بين السيد والشيخ المفيد في خمس وتسعين مسألة من مسائل الأصول، وقال: لو استوفيت الخلاف بينهما لطال الكلام (2) ومن المعلوم: أن هذا الاختلاف لا يصلح له سبب إلا اختلاف الحديث، ولو كانت كلها صحيحة وكل حكم من أصول وفروع فيها دلالة عليه - كما يقوله المصنف - لم يجز منهم هذا الاختلاف، وإنما نشأ غالبا من رد السيد أخبار الآحاد وعمل المفيد بها (رحمهما الله).
وسادسها: إن العلامة ومن تأخر عنه ما كان عندهم إهمال الأحاديث ولا للعمل بها (3) وفي كتبهم وتأليفاتهم كل مسألة يوجد الحديث فيها أوردوه وتكلموا في دلالته وصحته وضعفه، فكيف ينسبهم المصنف إلى تخريب الدين والجهالة والغفلة عن العمل بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)؟
وسابعها: إن المصنف حمل بعض الأحاديث المخالفة بظاهرها لما هو المعلوم الثابت من مذهب الشيعة على مدلول ظاهرها وتكلم على القائل بخلاف ذلك، والحال أنه لا يخفى أن القرآن والحديث مصدرهما والحكمة فيهما أمر واحد، فكما وقع في القرآن ما يخالف بظاهره العقل والنقل واعتقاد الشيعة، مثل قوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) و (استوى على العرش) (من يهدى الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) فلا يبعد في الحكمة أن يقع في الحديث مثل ذلك، لأن كلا منهما المراد به الهداية والخطاب للناس عاما. وليس في ذلك إخلال بالهداية والحكمة بعد قوله سبحانه: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) فكما أولنا ظواهر القرآن بما يوافق العقل والمذهب كذلك الحديث لأنه إذا جاز في الأقوى جاز فيما دونه بطريق أولى. ولو اعتبر معتبر لوجد جميع ما وقع في القرآن من مواد الاشتباه في الأفعال والآجال
مخ ۳۵