الأحاديث التي في الكتب؟ مع تقدم الكليني ومن لا يحضره الفقيه عليه وهو يعلم أن تلك الأحاديث منقولة نقلا صحيحا عن الأصول الثابتة عن الأئمة (عليهم السلام) ويعتذر المرتضى (رحمه الله) عن عدم العمل بها بأنها أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا. وكيف جاز لابن أبي عقيل وابن الجنيد مع تقدمهما على السيد المرتضى وقرب وجود تلك الأصول في زمانهما أن يفتوا بخلاف المشهور من الأحاديث في مواضع عديدة؟ فلولا أنهم جميعا لم يظهر عندهم صحتها لما جاز لهم أن يحكموا بخلاف مدلولها. ولا يقال: إنهم كانوا يحكمون على ما يخالفهم بالتقية حتى تحمل عليها.
وثانيها: إن الشيخ وابن بابويه والمفيد في مواضع عديدة تخالف فتواهم ما أوردوه من الحديث ويصرحون بضعف الحديث. ويذكر الشيخ (رحمه الله) ضعف راويه [رواية خ ل] بشيء لا مزيد عليه وأن ذلك علة ضعفه، وتارة يرده بالإرسال وأ نه غير معلوم الاستناد إلى الإمام، فكيف يجامع هذا ما ألزمه به المصنف بأن كل ما في كتابيه من الأحاديث معترف بصحتها وثبوتها وأ نها كلها منقولة من أصول صحيحة مقطوعة الثبوت عن الأئمة (عليهم السلام) والشيخ (رحمه الله) ينادي بخلاف ذلك؟
وثالثها: إنه قد وقع التصريح من النبي والأئمة (عليهم السلام) بما يقتضي كثرة الكذب في الأحاديث عليهم.
ورابعها: إن الكشي والنجاشي وغيرهما ما كان يخفى عليهم حال الأصول وصحتها، وليست الأحاديث التي نقلت إلا منها، فأي حاجة بعد ذلك إلى التعرض لرجال سندها بمدح أو قدح والقدح غيبة ما أجازوها هنا إلا للضرورة، وما الحاجة إلى ذكر السند في الأحاديث إلى المعصوم إذا كان أخذها من الأصول يغني عن ذلك؟ والاعتذار عنه بأن القصد بذلك التبرك لو تم كان التنبيه عليه واجبا في أغلب مواضعه خوفا من التباسه بالضعيف، كما وقع واحتيج في معرفة الصحيح والضعيف منه إلى كتب الرجال، فكانوا في غنية عن هذا التكلف والإقدام على القدح في الناس بما لا عذر يوجبه، خصوصا الشيخ (رحمه الله) على دعوى المصنف التي قدمناها.
وخامسها: إن السيد المرتضى والشيخ المفيد - رحمهما الله تعالى - كانا في عصر واحد
مخ ۳۴