بعضها ولا يقبل البعض الآخر؛ وذلك معروف واضح لمن اطلع على كتب الرجال. والأصحاب قد اطلعوا على الصحيح منها وغيره ونبهوا عليه في كتب الرجال وأجهدوا أنفسهم في تحقيق ذلك لعلمهم بأنها قد امتزج صحيحها بضعيفها، فلو كانت كلها صحيحة متواترة كما قاله المصنف ما كان أغناهم عن هذا الغناء! لأ نها كلها مأخوذة من أصول ثابتة صحيحة عن الأئمة (عليهم السلام) على مدعى المصنف. وكيف جاز له أن ينسب إلى العلامة الحلي (رحمه الله) اعتقاد أن معظم تلك الأحاديث الممهدة بتلك الأصول غير صحيحة؟ ومن أين علم أن جميع ما ورد عنهم (عليهم السلام) سواء كان صحيحا أو سقيما قد أمروا بإثباته وكتابته وقد صح عنهم تأملهم وتأوههم ممن يأخذ الحديث عنهم ويتأوله له بحسب مراده وهواه؛ وقد شاع الاختلاف بين الرواة في زمانهم في الأحاديث والكذب عنهم في القدح في حق بعض الرواة من الأمور الفاحشة التي لا يتحمل الصدق في بعضها، فكيف بعد هذا يدعي مدع أن جميع ما يسند إليهم من الأحاديث من قبل ومن بعد يكونون قد أمروا بإثباتها مع أن فيها ما يقطع بخروجه عن مذهب الشيعة والثابت عنهم منزه عن الاختلاف والتضاد وحكمه حكم المتواتر، وقد صرحوا بأنه لا يصح فيه الاختلاف. وسيأتي أن الشيخ (رحمه الله) ضعف بعض الأحاديث من كتابيه وعلل ضعفها بضعف راويها، أو إسناده الرواية إلى غير معلوم أنه الإمام، أو أنه مخالف للإجماع، فكيف يجامع هذا القول أنه أخذ كتابيه من أصول صحيحة كلها ثابتة عن الأئمة (عليهم السلام)؟ كما يقوله المصنف ويلزم الشيخ وأمثاله بشيء ينادون بنفيه عنهم.
* هذا من عظيم الافتراء على العلامة (رحمه الله) إنه يقول ذلك بقول مطلق! وأين وجد ما ادعاه عليه من التزامه لمخالفة الأخبار المتواترة في أصول أو فروع؟ والعلامة أعرف منه بالأخبار وأوسع اطلاعا في جميع العلوم والآثار. والمباحث الأصولية أغلبها مشتركة بيننا وبين العامة وأغلب أدلتها العقل، والحق منها ظاهر على مذهب الشيعة.
مخ ۳۱