* أما إن جميع ما تحتاج إليه الأمة في التكليف قد ورد حكمه من الله - سبحانه وتعالى - فلا شك فيه. وأما إن ذلك مخزون عند الأئمة (عليهم السلام) فإن كان المراد به أنه معلوم عندهم فهو حق.
وإن كان المراد به أن النبي خصهم بعلمه دون غيرهم فهذا لا يجوز فيما يحتاج التكليف إليه، لأ نه مرسول إلى تبليغ الناس كافة، فكيف يجوز إخفاؤه عنهم. نعم، بعض ما لا يتوقف عليه التكليف من الأسرار والحكم اختصهم بها - صلوات الله عليهم - وأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن جميع ما يشتبه بعد تبليغه أو ينسى يجب على الأئمة الرجوع إلى كتاب الله وعترته فيه.
وأما القرآن فإنما أنزل هدى ورحمة للعالمين، والأحكام التي تضمنها الظاهر منها التي لا يتحمل الشك لا ريب في فهم المقصود منه. وأما المحكم والمتشابه فقد رد الله سبحانه علمه إلى أهل الذكر والعلماء، ولا شك أن الأئمة (عليهم السلام) أهل ذلك.
وأما قوله: إنه لا يجوز استنباط الأحكام من ظواهر الكتاب ولا ظواهر السنن النبوية ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر فمسلم إن خفي علم ذلك على غيرهم ولكن أمكن استفادته منهم (عليهم السلام) صريحا، وأما إذا لم يمكن ذلك بأن لا يوجد من آثارهم نص صريح يعتمد عليه في مسألة بعد تمام التفحص والاجتهاد، فما الذي يمنع من استنباط الحكم فيها من أصول وقواعد ترجع إليهم (عليهم السلام) ولا تخرج عن مذهبهم بالقوة التي جعلوا حصولها العمدة في الهداية إلى الصواب؟
لأ نها إنما يكون عطية من الله سبحانه وموهبة إلهية تحصل بعد تحقق الاجتهاد، مصداقا لقوله تعالى:
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) فلا تحصل إلا لمن أراد الله إيصاله إلى الحق والصواب.
والمصنف - سامحه الله - أولا ينقل عن القدماء أشياء بمجرد الدعوى من غير برهان،
مخ ۱۰۵