لكن بعد ذلك يجوز خفاء بعضها، لعدم وجود نص صريح به، ويمكن استخراج حكمه من أصول الشريعة بالاستنباط والاجتهاد، وأثبتوا ذلك بنقلهم تعدد أهل الفتوى في زمانه (صلى الله عليه وآله) مثل الخلفاء الأربعة وعبد الله بن العباس وغيرهم، وتجويز الاجتهاد للرسل الذي كان يرسلهم للجهات، وبقوله تعالى: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) وذلك أن اثنين من الصحابة قطع أحدهما من نخل المشركين الجيد والآخر الرديء، والأول أراد غيظ المشركين بقطع الجيد، والثاني أراد بقاه لنفع الرسول (صلى الله عليه وآله) فلما سألهم الرسول عن ذلك كان هذا جوابهم وأذن الله لهم في ذلك وكان اجتهادهم.
وأما أصحابنا فإنهم بعد انقضاء الزمن الطويل واندراس الكتب المعتمدة في الرواية ولم يجدوا في أغلب الأحكام إلا أخبار الآحاد مع عدم وفائها بأحكام الفروع في الدلالة صريحا ولا فحوى، احتاجوا أيضا إلى طريقة الاجتهاد والاستنباط بحيث لا يخرج فتواهم عن موافقة حديث الأئمة وأصولهم المعتمدة ولابد من الرجوع إلى قواعدها بنوع من الاستدلال.
ودعوى أن كل مسألة من الفروع يمكن استفادة حكمها من نص الحديث بخصوصها فمما يشهد بتعذره الوجدان، ودعوى المصنف ذلك مكابرة في العيان عند الإنصاف.
مخ ۱۰۰