الفصل التاسع والأربعون
منظر هائل
فأدركت أنه يخشى التصريح لقلة ثقته بها؛ لأن ملامحها بعيدة جدا عن ملامح العرب فقالت: «لا تخف يا شاب فإنك تخاطب امرأة لا تحب غير العرب، ولكن حديثك أدهشني فكيف تقول إنك ربيت في بلاد البلغار، ثم تقول إنك ولدت في طليطلة والمسافة بين البلدين بعيدة جدا، أظنك واهما فيما تقول، أو لعل الذي أنبأك بمولدك قد خدعك أو كذب عليك؟»
فقال: «إني على ثقة من ذلك؛ لأني عشت في طليطلة بضع سنوات، ولا أزال أذكر بعض مناظرها كأنها خيال.»
قالت بلهفة: «أتذكر مناظر طليطلة؟ ما الذي تذكره منها؟»
قال: «أذكر قصرها الكبير على نهر التاج وحوله الحدائق، وأذكر حديقة ذلك القصر؛ لأني كثيرا ما كنت ألعب فيها مع بعض الرفاق على ضفاف ذلك النهر.»
قالت وفي وجهها معنى لو رآه لعلم أنها بغتت لذكر طليطلة وقصرها، وأنها كانت تغالب عواطفها لئلا يظهر ذلك في وجهها: «فأنت إذن من أبناء ذلك القصر وما الذي تذكره أيضا؟»
قال: «لا أذكر غير ذلك القصر؛ لأني أخرجت من طليطلة وأنا طفل، ولولا ما شهدته من الأمور المخيفة لم تبق صورته في ذهني، قالت: «وما الذي شهدت فأخافك وأنت طفل؟»
قال: «شهدت مقتل أمير الأندلس.»
قالت: «ألا تتذكر اسمه؟»
ناپیژندل شوی مخ