12
ويقول: إنا نظن أننا نرى أشياء ثابتة، والحال أنها في حالة التغير والمصير، فمعارفنا إذن ناقصة وفارغة، والحياة نفسها باطلة ولا غاية لها.
وهذا العدم في الأشياء الأرضية يذكرنا بتعليم بودا، ولقد أسهب هرقليط فيه حتى أطلق عليه لأجله اسم «الباكي أو المنتحب».
ثم ظهر أمبيدقلوس (سنة 450ق.م)، وكان طبيبا فاجتهد في التوفيق بين كينونة الآلياويين وصيرورة هرقليط، والذي يزيد اعتباره عندنا كونه الأب الأول لمذهب دارون، وللوصول إلى هذا الغرض اعتبر الصيرورة عبارة عن تجديد ما كان؛ أي إنه ضرب من ضروب الكينونة. وقد زاد على العناصر الثلاثة الموجودة: النار والماء والهواء عنصرا رابعا وهو التراب، وعلى ذلك فهو صاحب العناصر الأربعة التي دامت زمانا طويلا في العلم، وتسميتها عناصر أرسطو خطأ؛ لأن أرسطو لم يضعها، وإنما أثبتها في فلسفته، وقد أضاف إليها الجوهر الخامس، وهو عنصر أثيري أرق منها، وربما كان على رأيه سبب الظواهر الروحية.
وأمبيدوقل كهرقليط يعتبر العالم أزليا وغير مخلوق.
ثم قال: «إن جميع العناصر المتجمعة كرة واحدة بالشوق الذي فيها كانت في أول الأمر ساكنة، ثم حصل التنافر والانقسام اللذان يضادهما الشوق؛ وهذا هو سبب التجاذب والتدافع اللذين كونا العالم فيما بعد.»
وبعد أن تكون العالم يقول: «إن الأرض والعالم العضوي تكونا شيئا فشيئا الأكمل من الأنقص، وربما كان في هذا النمو صور غير قياسية أو غير منتظمة، لا طاقة لها على الثبات على ما هي عليه، فتخلصت من هذه الموانع ونالت تركيبا أنسب.»
وهو يعتقد تحول المادة؛ لأنه يقول: «إن العناصر المركب منها الإنسان ربما كانت قد مرت بسائر المركبات الممكنة.»
ويعتقد أيضا مفارقة الأنفس ، وينسب ذلك إلى غاية معنوية ترجع النفس فيها إلى الحالة الأولى من الراحة والشوق أو الحب.
على أن أهم الفلاسفة لتاريخ الفلسفة المادية قبل سقراط، هم أصحاب القول بالجواهر الفردة وأعظمهم لوسيب ودموقريط، وأصل دموقريط من القاطنة اليونانية في أبدير حيث ولد سنة 450ق.م.
ناپیژندل شوی مخ